٢٦‏/٠٧‏/٢٠٠٤، ٧:٤٢ م

تحليل سياسي

العراق وازمة الاعلام العربي

هدد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري مؤخرا باغلاق مكتبي قناتي الجزيرة والعربية بتهمة تشجيع الارهاب في العراق.

واصدرت الحكومة العراقية المؤقتة عقب تصريح زيباري قرارا بمنع مراسلي هاتين القناتين من حضور المؤتمرات الصحفية لمدة اسبوعين.
وللاسف فان موضوع الاعلام في العالم العربي هو موضوع معقد ومثير للجدل, فالحكومات العربية في القرن الحادي والعشرين مازالت تحكم شعوبها بافكار مرحلة الجاهلية العربية ولم تتكيف بعد مع التطورات العالمية وثورة المعلومات.
فقادة اغلب الدول العربية بالرغم من تطورحركة حرية المعلومات لا يرغبون في ان تطلع شعوبهم على الاحداث التي تقع في انحاء العالم, ولهذا السبب فانهم يحاولون منع شعوبهم من معرفة ما يجري خلف الكواليس في بلدانهم.
ان ظاهرة القنوات الفضائية ظاهرة جديدة يمكن اعتبارها جزءا من منجزات ثورة المعلومات في هذا العصر.
ومن هذا المنطلق لايمكن احتواء امواج هذه القنوات الاخبارية ولكن يمكن الاستفادة المناسبة منها عن طريق الحنكة والتدبير.
ان تاسيس قناة الجزيرة الاخبارية كانت ظاهرة جديدة في العالم العربي وبعبارة اخرى تعد ثورة في توسيع نطاق المعلومات في المشرق.
فقبل تاسيس هذه القناة كان موضوع الاعلام في العالم العربي محدودا بالاذاعات والقنوات التلفزيونية الارضية والتي تتم ادارة معظمها من قبل الحكومات.
ومع تطور تكنولوجيا الاتصالات ظهرت تاثير القنوات الفضائية اكثر من ذي قبل بحيث ان الدول العربية اضطرت الى القبول بحقيقة انه يجب التأقلم مع الواقع الجديد للاتصالات.
ومع ان لكل من القنوات العربية الفضائية سياستها الخاصة التي تعتمدها ولكن على اي حال لايمكن انكار تاثيرها في التغطية السريعة للاحداث.
وفي هذا المجال فان استعراضا سريعا لعدد المراسلين الذين قتلوا في اماكن مختلفة اثناء تاديتهم عملهم المهني يبين اهمية رسالة الاعلام في عالمنا المعاصر.
ولكن موقف بعض الدول العربية ومن بينها الحكومة العراقية المؤقتة في سياق منع نشاط القنوات الاخبارية فانه يتعارض مع روح الديمقراطية الذي تحاول تطبيقه في العراق.
ان حظر نشاط اية قناة اخبارية هو اسوأ اسلوب يمكن ان تتخذه حكومة ما, لان مثل هذا التعامل قد اعطى نتائج عكسية بالنسبة لهذه الحكومات على مدى العقود الماضية.
ان اسلوب حل هذه المشكلة ليس في اغلاق مكتب الوسيلة الاعلامية بل بالاستفادة الصحيحة من وسائل الاعلام هذه , لان الدولة اذا منعت مراسل احدى الوسائل الاعلامية من عمله فان هذا المراسل سيضطر بشكل طبيعي من اجل اداء عمله للتوجه الى الجماعات المعارضة لهذا النوع من الحكومات.
ومن هذا المنطلق فان على الحكومة العراقية قبل ان تغلق مكاتب القنوات الاخبارية ان تتصدى لظاهرة الارهاب البغيضة وتسعى الى ايجاد آليات لمنع وقوع الاعمال الارهابية.
ان الشعوب في الوقت الحاضر متعطشة لمعرفة الاحداث المتعلقة مباشرة بمصيرهم , وان وسائل الاعلام العالمية ليست مهمتها تلميع صورة الحكومات كما كان الاسلوب المتبع قبل نصف قرن.
وعلى اي حال فان اغلاق مكاتب القنوات الاخبارية لايخدم مصلحة الحكومة العراقية المؤقتة , بل ان معالجة الامر يطلب من الحكومة العراقية ايجاد الوسائل المطلوبة للتعامل مع هذه القنوات بدقة ومرونة , لان صداقة مسؤولي الحكومة العراقية المؤقتة مع المراسلين افضل بكثير من معاداتهم./انتهى/

حسن هاني زاده - الخبير في الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء






رمز الخبر 98244

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha