وكالة مهر للأنباء-محمد مظهري: أكد الرئيس حسن روحاني في كلمته خلال جلسة منح الثقة لوزراء الحكومة الجديدة في مجلس الشورى الاسلامي على أن الاتفاق النووي هو اتفاق متوازن يصب بمصلحة جميع الاطراف، حيث فسح المجال للتعاون بين ايران والمجتمع الدولي، متهماً الجانب الامريكي بالعودة الى لغة التهديد، ومحاولة لعرقلة تنفيذ خطة العمل المشترك الشاملة التي تم ابرامها بين ايران ومجموعة 5+1.
كما وتوعد روحاني بالعودة الى المربع الاول وعهد ما قبل المفاوضات النووية بأسرع وقت في غضون ساعات وأيام وفي ظروف اكثر تطورا في حال لم تكف واشنطن عن انتهاج سياسة فرض العقوبات وتشديد الخناق على طهران سياسياً واقتصادياً.
ان تصريحات حسن روحاني يوم الثلاثاء جعلت وسائل الاعلام تتساءل "هل تعتزم ايران الخروج من الاتفاق النووي او هي مجرد تهديدات لارغام الجانب الامريكي على تقديم تنازلات أكثر؟".
لا يخفى على أحد ان الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب هدد بتمزيق الاتفاق النووي خلال حملته الانتخابية وكذلك لم يبخل جهدا في سبيل اجهاض الاتفاق من خلال توجيه اتهامات جديدة وخلق ذرائع لعدم تنفيذ الاتفاق بشكل كامل.
وفي الحقيقة ايران لم تتخذ قرار الخروج من الاتفاق النووي لحد الآن الا انها قلقة بشأن مستقبل الاتفاق المبرم... ايران جلست الى طاولة المفاوضات لاستعادة حقوقها المشروعة وفي حال عدم التزام الاطراف الاخرى ببنود الاتفاق الذي ينص برفع العقوبات عن ايران وتسهيل التجارة معها سوف لن يبقى امام الجمهورية الاسلامية خيار الا الخروج من الاتفاق.
هذا ووفقاً لخطة العمل المشترك الشاملة تعهدت الادارة الامريكية في عهد الرئيس السابق باراك اوباما بتسهيل التجارة مع ايران وتمهيد الطريق لتحسين العلاقات الاقتصادية مع طهران الا ان حكومة ترامب تسعى الى عرقلة مسار العلاقات التجارية بين ايران والمجتمع الدولي من خلال تهديد مختلف الشركات والمؤسسات ووضع العقوبات الجديدة.
بعد وصول الرئيس حسن روحاني الى سدة الحكم اتخذت الجمهورية الاسلامية سياسة الانفتاح وانتهجت مبدأ جديداً في التعامل مع العالم على اساس مبدأ الاحترام المتبادل وحسن النية مؤكدة على مبدأ العزة والكرامة للشعب الايراني في جميع الاصعدة بينما لم تبد الادارة الامريكية لحد الآن بوادر لاثبات حسن نواياها وجديتها ومصداقيتها في تنفيذ بنود الاتفاق.
في الواقع ان امريكا لا تريد وقف النشاطات النووية الايرانية للاغراض السلمية فحسب وانما تطمع في اخضاع الجمهورية الاسلامية في المنطقة سياسيا واقتصاديا من خلال تحشيد حلفائها الاقليميين لعزل طهران ومحاصرتها ومن هذا المنطلق فان أي تنازل من جانب ايران امام المطامع الامريكية يفسح المجال لطرح مطالب جديدة كما رأينا خلال الفترة الاخيرة كيف حاول الامريكيون توسيع رقعة العقوبات بذريعة الاختبارات الصاروخية في ايران.
أما ايران فلن تقف مكتوفة اليدين امام الاجراءات العدائية التي تمارسها واشنطن وترى من حقها الطبيعي الرد بالمثل واتخاذ اجراءات وعقوبات مماثلة بحق الاشخاص والشركات الامريكية واذا لم تكف امريكا عن سياساتها التوسعية في فرض العقوبات الجديدة التي تعرقل مسار الاتفاق النووي فلابد من اتخاذ قرار حاسم بشأن الانسحاب من الاتفاق الذي ينقضه الطرف الآخر.
رغم جميع التصريحات والتهديدات المتراشقة التي نسمعها من الضفتين نستبعد خروج طهران من الاتفاق الذي تم ابرامه بين اطراف مختلفة طالما تبقى هذه الاطراف ملتمسكة بتعهداتها وهذه هي النقطة التي يجب تسليط الضوء عليها قبل كل شيء.
ان الاتفاق النووي او ما يسمى ب"خطة العمل المشترك الشاملة" ليست مجرد صفقة بين ايران وامريكا بل انه اتفاق متوازن يضم روسيا والصين ودول اوروبية ويصب بمصلحة جميع الاطراف، واذا قررت الادارة الامريكية نكث العهد او اجهاض الاتفاق يجب على ايران اتخاد سياسة ذكية من خلال دراسة مواقف الاطراف الاخرى للاتفاق والتي ليس امامها سوى خيارين: اما ان ترضخ هذه الاطراف للضغوطات الامريكية في فرض العقوبات على ايران وهذا ما نستبعده بالنسبة للصين وروسيا على الاقل، بينما تبقى الدول الاوروبية محتارة بين خيارين: اما اتباع سياسات ترامب او تختار توسيع دائرة التعاون الاقتصادي والتجاري مع ايران. وان عدم مسايرة الدول الاوروبية لامريكا وسياساتها في تضييق الخناق على ايران، سيؤدي الى عزلة واشنطن عالميا وعلى ايران فقط ان تقوم باجراءات مماثلةرلاسيما فرض عقوبات على الجهات الامريكية التي ساهمت وتساهم في تهديد مصالح الشعب الايراني، لكن اي تنازل اوروبي امام الضغوطات الامريكية بشأن اجهاض الاتفاق النووي من خلال وضع قيود على التجارة مع ايران من شأنه قيام طهران بمراجعة التزاماتها في هذا الاتفاق.
على كل حال تبدو ايران جاهزة لمواجهة جميع الاحتمالات ولديها خيارات وسيناريوهات متعددة على اساس سلوك الاطراف الاخرى للاتفاق النووي ورغم انها مصرة ان تبقى ملتزمة بخطة العمل المشترك الشاملة، فانه لا يتوقع بان تبقى طهران ملتزمة الصمت تجاه نكث العهد الامريكي والدعم الاوروبي له.
تعليقك