ونوه الأستاذ المشارك في الدراسات الفلسطينية ورئيس مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، في حديث خاص مع وكالة مهر للأنباء، إلى أنه ليس هناك في الحقيقة "صفقة" لأن الصفقة تكون بين طرفين، والأمريكان لم يعرضوا مشروعهم حتى الآن على الطرفين المعنيين. كما لم يعلنوا حتى الآن رسمياً عن مضمون "الصفقة". وبالتالي فما يسمى "صفقة القرن" هو نوع من استخدام الشعارات الزائفة والكلمات الجذابة، لبيع الأوهام، التي تُخفي تحتها محاولة تصفية قضية فلسطين تحت الشروط والمعايير الصهيونية والأمريكية.
ولفت الأستاذ في قضيه فلسطين و رئيس مركز دراسات الزيتونة إلى أن أهداف ما يُسمى بـ"صفقة القرن" تتلخص في الانتقال من مشروع "تسوية" قضية فلسطين بالمفاوضات، إلى محاولة "تصفية" قضية فلسطين من خلال فرض الرؤية الصهيونية من خلال الأمر الواقع، وإسقاط وإنهاء فكرة "حلّ الدولتين"، وإنهاء فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على الضفة الغربية وقطاع غزة؛ والاكتفاء بإعطاء الفلسطينيين ما هو أشبه بالحكم الذاتي (قد يُسمونه دولة!!) تحت السيادة الإسرائيلية. وفي المحصلة يسيطر الصهاينة على القدس، ويُحرم اللاجئون الفلسطينيون من حقّ العودة لأرضهم، ويسيطر الصهاينة على الحدود، مع بقاء المستوطنات الصهيونية، وكذلك التطبيع قبل التسوية: حيث يتم التركيز على تطبيع علاقات العدو الصهيوني مع البلاد العربية، حتى قبل انتهاء المفاوضات مع الفلسطينيين؛ بحيث يترك العرب بعد ذلك الفلسطينيين وحدهم، ليستفرد بهم الصهاينة والأمريكان، وليحاولوا فرض إرادتهم عليهم، وتغيير بوصلة الصراع: فبعد أن كان الصراع في المنطقة ضدّ العدو الصهيوني، يُراد للكيان الصهيوني أن يدخل في تحالفات مع الأنظمة العربية، وأن تتجه بوصلة الصراع لنزاعات داخلية وطائفية في المنطقة، يشترك في تأجيجها العدو الصهيوني، بما في ذلك محاولة توجيه الصراع ضدّ إيران، بحيث تنحرف البوصلة عن العدو الحقيقي للأمة الذي هو العدو الصهيوني.
وأشار إلى أنه "إذا تحققت "صفقة القرن" فأبرز تداعياتها، لا سمح الله، محاولة تصفية القضية الفلسطينية، وإسقاط قوى المقاومة في قطاع غزة وداخل فلسطين وخارجها، والتطبيع مع العدو الصهيوني، وتحول الكيان الصهيوني لـ"شرطي المنطقة"، ومطاردة ومحاربة تيارات "الإسلام السياسي"، والسعي لنشر الفتن والحروب الطائفية والعرقية في المنطقة، واستنزاف ثروات الأمة لصالح الأمريكان والصهاينة".
وبيّن أن الأردن منزعج من عدد من جوانب الصفقة فيما يتعلق بمستقبل القدس وولايته الدينية على المسجد الأقصى، كما يرفض توطين اللاجئين الفلسطينيين وحلّ مشكلة اللاجئين على حسابه. وهو في الوقت نفسه يواجه ضغوطاً كبيرةً لإجباره على الموافقة، غير أنه ما زال مُصرّاً على موقفه.
وأوضح أن صفقة القرن هي مشروع أحادي الجانب لم يأخذ آراء الجانب الفلسطيني بعين الإعتبار حيث لم يتم وضع هذا المشروع بهذه المواصفات في جدول أعمال أمريكا و حلفائها، وقال: "هم يعلمون أن الفلسطينيين يرفضون هذه الصفقة، وحتى أولئك الذين يؤيدون مسار التسوية يرفضونها. ولذلك فهم يسعون لتجاوز الفلسطينيين ومحاولة فرض الصفقة عليهم بالأمر الواقع".
وأكد أن هذه الطريقة الفوقية المستكبرة، تعكس الغرور والعجرفة الصهيونية الأمريكية، وعدم احترام إرادة الشعوب... كما تعكس جهلاً أمريكياً بالشعب الفلسطيني وتاريخه، وبالأمة الإسلامية وتاريخها... فهو شعب مقاوم من أمة مقاومة... تأبى الذل وتضحي بكل ما تملك في سبيل أرضها ودينها وعزتها وكرامتها... ومنذ مائة سنة والشعب الفلسطيني يواصل المقاومة... ولن تستطيع هذه القوى أن تُركّعه... وسينتصر الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية في النهاية بإذن الله.
وذكر أن أفضل حلّ هو أن يقوم مشروع إسلامي نهضوي ووحدوي يُوحد الأمة في مواجهة المشروع الصهيوني؛ وأن يتم دعم الشعب الفلسطيني وإسناده ليصمد على أرضه وليواصل الجهاد، وليكون خط الدفاع الأول عن الأمة ضدّ المشروع الصهيوني. ويجب رفض التطبيع مع العدو، ورفض التسويات السلمية، ورفض التنازل عن أي جزء من فلسطين، ودعم المقاومة، وتعبئة طاقات الأمة وقدراتها نحو تحرير كل فلسطين، واستعادة الأرض والمقدسات./انتهى/
أجرى الحوار: سميه خمار باقي
تعليقك