١٠‏/٠٥‏/٢٠٢٠، ٦:٤٧ م

الغرب المؤمن بالقریة العالمیة أصبح یفتش عن السعادة في الإسلام/ کورونا أوجد زلزالاً أممياً

الغرب المؤمن بالقریة العالمیة أصبح یفتش عن السعادة في الإسلام/ کورونا أوجد زلزالاً أممياً

أكد العلماء والأكاديميون المشاركون في ندوة "كورونا؛ القرية الكونية والقرآنية الآمنة" عبر الفضاء الافتراضي في بيروت أن جائحة كورونا التي تشهدها العالم منذ ثلاثة أشهر أوجدت زلزالاً أممیاً في شتی مجالات الحیاة مؤكدين أن الغرب المؤمن بالقریة العالمیة أصبح یفتش عن السعادة خارجة قریته وفي الإسلام.

وأفادت وكالة مهر للأنباء، أنه نظمت المستشارية الثقافية الايرانية لدى لبنان ندوتها الفكرية الرابعة التي أقيمت ضمن سلسلة "جدليات كورونية" عبر الفضاء الافتراضي تحت عنوان "كورونا؛ القرية الكونية والقرية الآمنة الآمنة" (مقاربة فكرية حول مفهوم القرية الآمنة بعد تصدع مفهوم القرية الكونية ونظريات نهاية التأريخ وصدام الحضارات إثر التداعيات التي ولدتها جائحة كورونا).

وأقيمت الندوة عصر أمس الجمعة 8 إبریل الجاری عبر تطبيق Zoom Cloud Meeting، وشارك في النسخة الرابعة من الندوة كلّ من: الكاتب والباحث المغربي الدكتور ادريس هاني للحديث عن "كورونا ومصير القرية الكونية العالمية ـ نهاية التأريخ وصدام الحضارات؛ ما الذي يغير ـ"، والأستاذ في الحوزة العلمية في قم المقدسة للتطرّق إلى "أزمة الهوية العالمية في ظل جائحة كورونا وسقوط نظريات المدارس الوضعية"، وعضو المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى ورئيس جمعية الفتوى الاسلامية في لبنان الشيخ الدكتور "زياد عبد الصاحب" الذي تحدّث عن "القرية الآمنة وشريعة رب العالمين"، بالإضافة إلى الباحث الاسلامي والأستاذ الجامعي الشيخ الدكتور "محمد شقير" متكلّماً عن "إنهيار القرية الكونية والطريق الثالث".


 
وفي بداية الندوة، ألقى المستشار الثقافي الايراني لدى لبنان "الدكتور عباس خامه يار" محاضرته بعنوان "كورونا؛ العولمة والقرية الكونية" جاء فيها:

"بسم ‌الله الرحمن الرحيم

منذ الأيام الأولى لوصول الضيف غير المرغوب به ، غردتُ بأن "تبعات جائحة كورونا العالمية وعدم قدرة العالم على إدارتها ستستمر مع عواقب وخيمة على الاقتصاد والعلوم والثقافة والبيئة وأسلوب الحياة وحتى مستقبل الفكر البشري". "وواصلت القول إنّ "كوكبنا سيكون مختلفًا بشكل واضح ما قبل وبعد كورونا."

 ولكن اليوم، بعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر على انتشاره، لم يكن بوسع أحد أن يتخيل أن عواقبه الجَمّة ستكون سريعة وساحقة لدرجة أن العالم الغربي المليئ بالمطالبات سوف يكون عرضةً بشكلٍ ساحقٍ إلى هذا الحد! لقد اكتشف كل من المُنظّرين والباحثين هذه الظاهرة من زاوية، ولكن المهم هو تأثير كورونا على النظام النيوليبرالي وعولمته وتمزق القناع عن الوجه الحقيقي لهذه المدرسة الفكرية وما يُسمّى بالنظام الدولي الحديث، و القرية الكونية المعبّر عنها بمصطلح العولمة.
 
وأكثر من أي شيء آخر، تمكنت كورونا من ضرب ما يسمّى بالحضارة الناشئة و الحديثة، و استهدافها بدقةٍ وبقوة استثنائية وذكاء هائل و إبداع مبتكر. أعاد هذا الحدث إلى السطح، نظريات "نهاية التاريخ والإنسان الأخير" لفرانسيس فوكوياما و "صراع الحضارات" الذي ألقاه صموئيل هنتنغتون، وهو نظرة غربية استعلائية علی البشرية جمعاء، ونتيجة لانهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991 و الشغف الذي حصل بعد ذلك. لقد شوهت مفاهيم مثل الديمقراطية، وحقوق الإنسان، و التكنولوجية المتفوقة التي بَنى الغرب ادعاءاته عليها، وكشفت المفاهيم غير الواقعية لهذه المدارس ورؤيتها الخادعة للإنسان و عرضتها بشكل مخزٍ جداً.

ولقد ضربت كورونا عمق القاعدة الفولاذية علی ما يبدو والهيكل الفكري والسياسي والاقتصادي والمالي للقرية العالمية بطريقة تستغرق الكثير، للعودة إلى وضعها الأصلي.
 
وكشفت حرب كورونا العالمية عن ضعف نظام العولمة والاحتكار النيوليبرالي والمؤسسات التابعة له، في كافة المجالات و منها الصحة والعلاج والخدمات، و فضحت أخلاقياتها، و وحشيّتها، و عدم تقيّد وكلائها في مختلف الأبعاد، و درجة الحقد التاريخي و الخبث و العنصرية وتفوقها على نظرائها،و لقد استطاعت الكشف عن مدی الفراغ في الهياكل والمنظمات والمؤسسات الرسمية الدولية الرفيعة المستوى وتمزيق القناع عن وجوههم الزائفة. 

وأظهر هذا الوباء وجود مرضٍ متجذّرٍ في النسيج العقلي وخللٍ عميقٍ في النظام الرأسمالي اللاإنساني ، وهو أكثر خطورة ورعباً بكثير من فيروس الكورونا نفسه. على غرار قطيع من الأغنام الذي وضَعه الغربيون في جدول أعمالهم لمرضى القلب المصابين بكورونا ، و لكي ينتشر الفيروس إلى معظم الناس في المجتمع ، و يتم إرسال المسنين الذين لا يستطيعون دفع تكاليف العلاج والذين يعتبرون عبئًا على المجتمع، إلى القبور؛ حتی يبقی الأصغر سناً والأكثر قدرة، على قيد الحياة و ينجو من المرض و يحصل لديهم المناعة، لكي يكونوا قادرين على تحريك العجلة الاقتصادية الرأسمالية؛ فماذا يعني هذا ؟ غير أنه يكون قانون الغابات و قانوناً ضد البشرية في صراع البقاء الحديث من وجهة نظر داروين؟ وهو معروض أيضًا بأبشع صوَره اليوم. و أظهر الداروينية الاجتماعية الحديثة التي تُذكّرنا بأيديولوجية هتلر العنصرية و قتله للمتخلفين عقليًا و إبادته للطبقات الاجتماعية وغير المنتجة في المجتمع بوحشية. وهذه المشاهد تذكّرنا بالسياسات التي يُسمّيها فوكو "إدارة الموت". المشاهد التي تستعرض أمام أعيننا كل يوم، ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه بأقبح وجه.

وأظهر كورونا أن العالم أصغر من قرية بكثير، وبطبيعة الحال، أكثر ضعفاً مما كان يُعتقد سابقاً. إذا كان كورونا إرهابًا بيولوجيًا للدولة، فإن آثاره العالمية الضارة ستمنع مثل هذه الحروب في المستقبل، بمعنىً آخر، سوف يكون نوعاً من الترياق. في مواجهة هذا المرض المنتشر وعدم القدرة على محاربته بشكل مستمر، يجب أن تكون هناك عودة جادة للفلاسفة. من أجل أن تستعيد الكتب حكمتها ورزانتها وأن تتخلّص من الحجر الصحي في كهوفها الحديثة، باسكال وفلسفته الروحية عن القدرة المحدودة للعقل بالمقارنة مع اتساع وانتشار مساحة الإيمان، أيضاً. نعم فعلا! يجب العودة إلى الفلاسفة الوجوديين مثل سورين كيركيغارد، الذين رأوا العقل، أقل شأناً من الإيمان ودعوا إلى "القفزة الإيمانية"، الإيمان الذي لم يستطع العقل التغلب عليه أبداً.

 إنّ ما يحدث اليوم هو النتيجة الطبيعية للعولمة والنظام الرأسمالي المتمرد والحداثة، التي يفتقر إلى القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية. لا تزال كورونا في مهدها، والآن تم إزالة أقنعة النفاق عن مؤسسي ومديري الحداثة الجامحة واحداً تلو الآخر، وتم عرض وجوههم الحقيقية والمُرعبة. يبدو أننا في خضم ولادة عالم جديد. هذا العالم ليس عالم "رعاة البقر" الذي يفرض إرادته على الآخرين بإطلاق النار، ولا العالم الذي تمتلك فيه القوى المهيمنة السيطرة وحدها، ولا العالم الذي يمكن فيه إنكار التراث الإنساني. هذا "العالم الجديد" هو نتاج حرب صعبة وغير متكافئة مع عدو مجهول سيضرب دون أن يُرى، وسيجبر "إمبراطورية الهيمنة" و قريتها الكونية على الاستسلام.

واليوم، أكثر من أي وقت مضى، نحتاج إلى الإيمان الرومانسي لهذه المجموعة من الفلاسفة، مثل كيرك جارد، وبيركسون، وشلايرماخر، الذين اعتقدوا أنّ الحياة البشرية فارغة في غياب الإيمان. ما معنى وأهمية الحياة التي يعبدها العقل ولا يميل إلا إلى العلم ولا يری للروح دوراً في اكتشاف سر الوجود ؟! فيجب علی المفكرين أن ينهضوا بوجه عبثية ما يحدث بناء علی فلسفة ميشيل فوكو حول تفوق "الحرية" على "الصحة"؛ الحرية التي ارتكبت الغرب ما ارتكبت من جرائم باسمها، أو حربًا مدمرة فرضتها على الأمم، أو أراقت دماءً و جرت أنهاراً منها!!! السؤال الأكثر إلحاحاً اليوم هو: ما قيمة الحرية وما تأتي بها ومفهومها،عندما يتم دفع أفواج الناس إلى حُفر المقابر، أو يتركون في جانب الأرصفة وشوارع في واشنطن وروما و باريس ليموتوا؟ و هم محرومون من الحد الأدنى من الخدمات الصحية و العلاجية و الكرامة الإنسانية أيضاً ؟!

إنّ ما يحدث اليوم هو النتيجة الطبيعية للعولمة والنظام الرأسمالي المتمرد و الحداثة، الذي يفتقر إلى القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية. لا تزال كورونا في مهدها، والآن تم إزالة أقنعة النفاق من مؤسسي ومديري الحداثة الجامحة واحدة تلو الأخرى، وتم عرض وجوههم الحقيقية والمُرعبة. يبدو أننا في خضم ولادة عالم جديد. هذا العالم ليس عالم "رعاة البقر " الذي يفرض إرادته على الآخرين بإطلاق النار، ولا العالم الذي تمتلك فيه القوى المهيمنة السيطرة وحدها، ولا العالم الذي يمكن فيه إنكار التراث الإنساني. هذا "العالم الجديد" هو نتاج حرب صعبة وغير متكافئة مع عدو مجهول سيضرب دون أن يُرى، وسيجبر "إمبراطورية الهيمنة" و قريتها الكونية على الاستسلام.

اليوم أكثر من أيّ وقت مضی نحتاج إلی الإيمان بالقرية الآمنة التي أشار القرآن الكريم إليها: «وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ ءَامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ» و لا نكون من الذين كفروا بأنعم الله كما عبّر عنهم القرآن: فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ.

 آمين يا رب العالمين
 
إدریس هانی: إنهیار القریة العالمیة التی یزعمها النظام الرأسمالي هو آت وهم یدرکون ذلك

وبدوره، ألقى الكاتب والباحث المغربي الدكتور ادريس هاني محاضرة بعنوان "كورونا ومصير القرية الكونية العالمية ـ نهاية التأريخ وصدام الحضارات؛ ما الذي يغير" في هذه الندوة وجاء فيها:
 
"هناك مقاربات لبعض فلاسفة الیمین المحافظ الذي هو الآن یقود مصیر الحداثة السیاسیة والإقتصادیة فی العالم ویشکل فلسفة المرکز أو مرکز المراکز فی العالم الیوم وهو أن هناك أمراً واحداً یجمع بین مارکس ونیتشه کلاهما یهدف الی النهایة أي کلاهما یتحدث عن النهایة واحد یتحدث عنها برسم الحتمیة أنه حتما ستنهار الرأسمالیة ونیتشة یتحدث یتوقف الأمر عنده علی الإرادة بناء علی مفهوم الإرادة عن شوبنهاور وکلاهما یتجه نحو المستقبل وأن یکون الرجل الأخیر أو السوبرمن.

و أرید أن أذکر بأمور بالدرایة لأنها منهجیة بالنسبة لی بعضها یتعلق حینما نرید أن نعاقر موضوعاً حساساً الآن أصبح له علاقة حتی بالهواء الذی نتنفسه یقال أنه دعنا من الأفکار المثالیة ولنتنفس هواء الواقع وطبعاً هذه الأمور تصدر من نوایا طیبة ولکنها خطیرة.

وما نحن بصدده هو تفکیك للفلسفات المؤسسة لهذا الطغیان والإستکبار العالمي. ان السیاسة إن لم تمارسها تمارس علیك وأیضا المفاهیم أیضاً ما لم تفهمها وتتفهمها فإنها لن تفهمك وستمارس علیك لأن هذه الفلسفات وهذه الأفکار تتحول الی برامج ثم یأتی منفذوها.

ومشکلة الحداثة کما یقول أحد کبار منظری الیمین المحافظ هي مشکلة وإشکالیة الفسلفة السیاسیة الحدیثة ونجد هذا یتکرر فی کل نصوصهم حتی "هانتینغتون" من غیر کتاب صدام الحضارات : نظام سیاسی فی مجتمع متحضر یتحدث قائلاً: کلما تعصرن المجتمع ساد العنف وهکذا. إذن نتجه نحو قریة غیر آمنة.

أرید أن أقول إننا حینما نضیق عن المفاهیم والأفکار المؤسسة سوف ننظر أو سوف نقع فی نظریة المؤامرة بطریقة ربما لاتخدمنا أبداً لذلك أنا أدعو الی تهذیب فکرة المؤامرة أنا حقیقة أطلع علی کل ما ینتجون من هذا الفکر التآمري وأجد أن بعضهم عندهم قدرة علی التنسیق وطرح المقدمات وهی مقدمات صحیحة ولکن الإستنتاج قد یکون خاطئا ولکن فی نفس الوقت لانستطیع أن نطرح بمعنی أن نترك نظریة المؤامرة لأن العالم قائم علی هذا النوع من الظلم، الظلم الذی غدى فی صلب النظام الدولی.

ولهذا علینا أن نقول أن نظریة المؤامرة نظریة علینا أن ننظر من خلالها دائما بإعتبار أننا نتحدث عن المؤامرة کـ برنامج وهذا البرنامج لایمکننا أن نفهمه الا اذا عاقرنا المفاهیم.

وعندما نتحدث عن الفارابی مثلا نتحدث عن منظومة أخلاقیة ونتحدث عن فلسفة کاملة، نحن فی العالم الإسلامی ندرك تماما أي معنی لهذه العبارة حینما نربطها بالمدرسة العدلیة والقبح والحسن العقلیین وماغیر ذلك إذن نحن لا نعتبرها مسئلة ترتبط بالبراغماتیة التی یعتبرها الیمین المتطرف مسئلة ترتبط بالأساس.

وطبعاً هذا الفکر نابع من صدمة تأریخیة وفی الغالب حین نتابع جیولوجیة الأفکار نجد أن هناك حدثاً مأساویاً یرتبط بجماعة ما وعادة ما یتعلق بجماعة یهودیة وطبعا الیهود بعضهم کان صهیونیاً والبعض لا.

وعندما نتحدث عن القریة نقترب من مفهوم الحضارة فی القرآن والقریة فی القرآن هی القریة الآمنة والقریة الغیرآمنة هی التی لا یمکن أن یکون لها نهایة أی عندما نتحدث عن نهایة التأریخ هی شهادة زور علی تفسیر خاطئ لـ هیجل لأنه تکلم فی الإطار المفهومی العام ولم یقول أن اللیبرالیة لأن النیولیبرالیة حینما تأسست ونحن نتحدث عن مدرسة شیکاغو ولذلك حتی عندما أناقش هانتینغتون فی النموذج الحضاری الذي قدمه بدل نموذج الحرب الباردة والمشکلة أن الحرب الباردة هی لم تنتهی مفاعیلها إنما أسقطت الإتحاد السوفیتی وکان یجب أن تسقط الرأسمالیة أیضا ولکنها خرجت وإستمرت ولکن هذا الإنهیار هو آت وإنهم یعیشون ذلك ویدرکون حالة الجزع لأننا لو درسنا جیدا مفهوم القیم من بنتام وحتی البراغماتیزم الأمریکیة سنجد حتی ما معنی السعادة وهی یعنی "الدیموقراطیة الإله الذی فشل" وهی مفهوم ثوری.

وختم إدریس هانی بالقول هذا یعنی إننا أمام موجبات إنهیار هذه الحضارة وهذه القریة التی سوف تنقلب علی عروشها ولکنهم یریدون أن یهربوا بأکیاس الربح.

لاسعادة الا بالإیمان / الإسلام ضمن الأمن للمسلمین فی آدابه

من جانب آخر، ألقى عضو المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى ورئيس جمعية الفتوى الاسلامية في لبنان الشيخ الدكتور "زياد عبد الصاحب" محاضرة بعنوان "القریة الآمنة وشریعة رب العالمین" في هذه الندوة الالكترونية مؤكداً  فيها:


" الغرب المؤمن بالقریة العالمیة أصبح یفتش عن السعادة خارجة قریته وفي الإسلام. وان فیروس کورونا المستجد أظهر ضعف الغرب، وعلينا أن نعلم جمیعاً بأن العالم بعد کورونا لیس هو العالم قبل کورونا، بمشیة الله إهتز العالم وبإرادة الله الدول التی إهتزت هی الدول الکبری أی الدول التی هي صاحبة العولمة والقطبانیة وهی الدول الکبری.

وکل هذه الدول الکبری والعملاقة لم تستطع فعل شیئا بل عجزت کل العجز أمام هذا الفیروس الذی لایری بالعین المجردة وهذه قدرة الله سبحانه وتعالی.

وهنا إشارة ربانیة ورسالة إلهیة للبشریة کلها لکل أهل الأرض تفید بأنکم اذا ما حصل عندکم الغرور والغطرسة والإستکبار فأنتم ضعفاء أمام قدرة رب العالمین.

وأرید أن أبین فی ناحیة معینة وفی نقطة مرکزة عظمة الإسلام ولنفتخر بدیننا الإسلامی وسنة نبینا (ص) حتی أصبح الغربیون یشعرون أنه البدیل مؤکدا ان إنتشار الإسلام فی الغرب لم یبدأ مع الکورونا إنما بدأ فی الخمسینات وهذه الصحوة الإسلامیة فی الغرب تزید یوما بعد یوم.

وان الغربیین أصبحوا یفتشون عن السعادة الروحیة والنفسیة التی توصلوا الی أنها لا تتحقق الا بالإیمان والغذاء الروحی والغذاء القلبی کما قال تعالی "أَلاَ بِذِکْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ".

وکلنا نری إنتشار الأمراض النفسیة وخاصة فی الغرب حیث تنتشر الأمراض بکثرة ومن هنا أرکز أن الإسلام هو البدیل لأن شریعة رب العالمین هی المعصومة وهی الشریعة السمحة الربانیة والتی ذکرها سیدنا رسول الله (ص).
ومن ناحیة الأمن الصحی لعلکم سمعتم بما نشرته 15 آذار مجلة "نیوزویك" الأمریکیة وهی تعتبر أشهر مجلة أمریکیة من تقریر طبی لدکتور ذکر عظمة رسول الله (ص) عندما تحدث عن الکورونا وعلاج هذا الوباء. فقال أن أخصائي الاوبئة علی المستوی العالمی وذکرهم بالإسم قال إن هؤلاء یوصون بالنظافة وغسل الیدین فیتساءل الکاتب فی المجلة هل هناك من یعرف من أوصی بهذا العلاج قبل هؤلاء الأخصائیین؟ إنه محمد رسول الله (ص) منذ 1400 سنة.

وقال النبی (ص): "إذَا سمِعْتُمْ الطَّاعُونَ بِأَرْضٍ، فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإذَا وقَعَ بِأَرْضٍ، وَأَنْتُمْ فِيهَا، فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا متفقٌ عليهِ" فیقول الکاتب أن ما أشار الیه رسول الله (ص) هو الحجر الصحی.

وفي الإسلام فی أي مناسبة فیها زحمة لدینا الإغتسال وهو عمل محبب علی سبیل المثال قبل صلاة الجمعة یقوم المسلم بالإغتسال وبعد الجنابة یقوم المسلم بالإغتسال وعند صلاة العید یقوم المسلم بالإغتسال وعند أداء مناسك الحج یقوم المسلم بالإغتسال.
المدارس القيمية كالمدارس المنتسبة الى الديانات الالهية تعطي للانسان كرامة ذاتية ومن جانب آخر، ألقى الأستاذ في الحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة، "سماحة الشيخ صادق اخوان" كلمته حول " أزمة الهوية العالمية في ظل جائحة كورونا وسقوط نظريات المدارس الوضعية" جاء فيها:

"حقيقة نحن لما نشاهد المدارس الوضعية خصوصاً في القرون المتأخرة نشاهد أن تعاملها مع حقيقة الانسان وهوية الانسان إنما هو تعامل آلی يعني تتعامل معها كأدوات الانتاج وتتعامل معها باعتبارها أدوات تنفع الفائض الاقتصادي أكثر مما تتعامل مع هويتها على أساس أن لها قيمة ذاتية، وهذا لم یکن الا تحقیراً فاضحاً لهویة الانسان.

ولكن المدارس القيمية كالمدارس المنتسبة الى الديانات الالهية نشاهد أنها تعطي للانسان كرامة ذاتية كما قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ" وكذلك قال "إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً" يعني أنّ الانسان یُمنح الکرامة الذاتیة وبها یصل الی مقام الخلافة الالهية العامة.

اذن اذا قسنا هاتین الرؤیتین فنحن نشاهد نقائص جلیّة بارزة فی  المدارس الوضعیة التی قامت علی اُسس نفعية متبنیة اصالة المادة. هذه و ان کانت ذات جذور تاریخیة ولکنها قد اجتاحت الثقافة الغربیة من بعد الثورة الثقافیة بحیث خیمّت المدرسة التجريبية المحضة کمدرسة فرانسیس بیکن ودیفید هیوم و جون لوک بل حتی غیر المتمحضة فی المادّیة کمدرسة دیکارت و غیره من الفلاسفة الغربیین فی القرون الاربعة المصرمة علی جمیع مساحات الثقافة والتعلیم و المجتمع.

حتى یصل الدور الی  "هيجل" فیعمل انقلابا فی اسلوب التفکیر و طرقه بعرض منطق جدید متفاوت عن المنطق الصوری المتجانس مع البتّیة والیقین و الدلیل والبرهان المتحکم فی حقول العلوم البشریة مذ عشرات القرون.

فالمنطق الجدلی الذی عرضه هیجل قد شیّد ودعم المدرسة المادّیة بفصلها الکامل عن المعنویة و الروحانیّة حتی آل الأمر الی تاسیس المدرسة المارکسیة و الاشتراکیة بواسطة تلامیذه.

و اما مادّیة الاخلاق فالمشهود الیوم أن التفکیر الحاكم علی مجالات الاخلاق الاجتماعی والسیاسی فی العلاقات العامة والدولیة انما متقوّم علی دعم سلطوية قهریة للمجتمع الغربی بثقافاته و وطقوسه و انماط حیاته على جمیع المجتمعات  والثقافات بصورة ماکیافیلية يعني حکومة المدرسة التي تتركز على اصالة النفع الذاتي و انه فی جمیع مجالات الحیوة الغایة تُبَرّر الوسیلة.

ولكن هذه الجائحة التي تشهدها العالم منذ ثلاثة أشهر أوجدت زلزالاً أممیاً في شتی مجالات الحیاة من الاسس النظریة للحضارة المدنیة الی الاسالیب الاجتماعیة فی ادارة المجتمع حتی الوصول الی نمط حیوة المجتمع الغربی بل العالمی.

مهما حاول بعض زعماء الاستكبار العالمي التستُّر علی هذا التحوّل والانقلاب الذی ینبئ عن دق النواقیس للإعلان عن انهیار القیم و المعاییر الغربیة وعدم جدارتها لکی تکون هی الممتازة والأمثل و الأسوة فی المسرح العالمی.

فالفشل الذریع للمدارس و النُخَب الاجتماعیة الغربیة فی مواجهة جائحة کرونا، مع ما کانت تذیع من ادعاءات و مبالغات فی ساحة نمط الحیوة وحلّ الأزمات المادّیة والروحیّة بصورة تکون هی وحدها الجدیرة بالتحکّم و التدخّل فی المدارس والجامعات الأوروبية والأمريكية بل العالمیة .

 فالعالم الیوم یشاهد في ظل هذا الوباء،  أنَّ جمیع هؤلاء يعترفون بحقارةٍ و ذلةٍ وخسّةٍ أنّهم عاجزون عن عرض وَصفة اجتماعیة و اخلاقیة وبرنامج متکامل لمعایشة ومواجهة هذا الوباء ، ولم یکن ذلک الا لجهلهم بحقيقة الهوية البشریة و الانسانیة.

نحن لما نتحدث عن القرية الكونية التي عوضناها بالقریة الآمنة، انما كان الحديث عن العنجرة والسيطرة لفئة خاصة تتوهم بأنها هي مفضلة وممتازة كما يعتقد بعض اليهود بأنهم هم الشعب المختار وما سواهم لم يكونوا الا الخول والعبيد لهم.

 وكذلك نحن اليوم شهدنا أن الامبريالية العالمية في ظل الفلسفة البرجماتية أو النيولیبرالية التي أنقذت في بعض الفترات الرأسمالية الغربية لكي تتحكم وتكون مدعية في مطلع القرن الحادي والعشرين بأنها جدیرة بالتحكّم على العالم كأنها القرية الكونية المصغرة.

 فعلی ضوء ذلک لابد على جميع الحضارات والثقافات ان تنتهي بتمامها وتذوب بأكملها وأن الشعوب جمیعها تنفصل انفصالاً کاملاً وتتبرأ برائةً تامةً عن جميع ما كانت تمتلكه من الثقافات والحضارات لكي تذوب في ما يسمى بالحضارة الغربية.

ولكن اليوم نحن نشاهد أن هذه العنجرة بظهور هذا الوباء وعجز وفشل الثقافة الغربیة فی مقابلتها لا طبیا فحسب بل حتّی اجتماعیاً واخلاقیاً ، بالاخص بعد شیوعها وانتشارها في المجتمع الغربي بصورة واسعة و رهيباً. 

وهذا الوباء قبل أن يصل الى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، قد اجتاح الكثير من الدول الاسلامية والشرقية منها الجمهورية الاسلامية الايرانية، ولكن لم نشهد ولا نسمع بعشر ما شهدنا جزءً قلیلاً و زوایة صغیرةً من التوحش الفضیع و الهمجیة عبر الکلیبات ووسائل الاعلام العالمیة عمّا جری فی تلک المجتمعات الغربیة.

ما الفرق بين المجتمع الاسلامی بل الشرقی والمجتمع الذي يدعي بأنه متحضر وصاحب الحضارة  والثقافة ونمط الحیاة المتمیّز الذی يجب أن تذوب فيه جميع الحضارت والثقافات؟

 لماذا تلك الشعوب الهادئة والمنظمة، والسلمية والمسالمة تنقلب فی طرفة عین الى وحوش کأنّها تصول وتجول فی ساحات القتال والنهب؟

نسأل الله تعالى ببركة هذا الشهر الفضيل أن يعَجِّل في زوال هذه الكارثة الانسانیة بأكملها.

انما العصر الذي نستقبله في ما نعبر عنه بعصر بعد كورونا يكون عصر انهيار القیم و المعاییر والمقاییس المفروضة من قبل الغرب علی العالم فی شتّی مجالاته.

 فلایکون انهیار بحت بل انّما یتقارن هذا الانهیار مع ظهور وبزوغ مدارس جديدة و انما تکون تلک المدارس قيميتاً و تحمل معاییر ومقاییس عقلانیة حکیمة رسالیة.

  تلک المدارس التی في ظلها تتجلّی و تظهر و تتسلط القیم  المعنوية والخلقية، المعايير غير النفعية المتمحورة علی نفع الذات.

نحن الیوم نشاهد بوارق ظهور هذه المدارس والرؤی حتى في المجتمع الغربي، حتى في معاهد البحث العلمي التابعة للجامعات الغربية.

فهناک اصوات قد اعتلت ورسالات قد بدت تلوح معالمها وسماتها انما هي تأتي بمعايير متفاوتة لتحقيق ما عُبِّر عنه بالقرية الآمنة.. انما الذي يليق بهذا العنوان وسيكون آنذاک انما تطوّر هذه القرية الآمنة الى مرحلة البلد الأمين الذي يتوخاه وینتظره العالمون.      

ذلك البلد الامین الذي کان يحلم به ويتنماه كل انسان صاحب نفسية سامیة نزيهة وبشرت به الکتب السماویّة والدیانات السماویة.

ذلك البلد الذی یتمنّی العيش فیه جميع البشرية الذين فطروا على فطرة الله تعالى محققا طموحات وأحلام الانبياء والأوصياء، والمؤمنين والمصلحين وجميع المستضعفين في التاریخ.

حتى تظهر تلك الحضارة التي لانجد فیها أي علامة للظلم ولا الطغيان ولا التميز، لا الازرداء والتحقير بل جميع الناس سوية وعقولهم مكتملة يتبعون فطرتهم ورشدهم وهذا وعد من الله تعالى كما جاء في القرآن الكريم "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ".

وكذلك سبحانه وتعالى وعد انتصار المستضعفین من جیمع الجهات "وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ" ومن ابرز القضایا التی نالها سوط الاستضعاف انما هی الثقافة القیمیة الاخلاقیة و خصوصا ما حصل فی القرن المنصرم من ذمار الثقافات وغزوها و غزوالحضارات عبر شتی الوسائل والاسالیب انطلاقا مما یسمّی بالفن من الهوليوود والبوليوود، وما تبثه من مسلسلات و مسرحیات الفضائیات، و ما ینشر عبر الشبکة العنکبوتیة الانترنت.

  وهدف جمیعها تنجیز غسیل ادمغة النُخَب فی العالم حتى تزول المدارس القيمية والفطرية والانسانية لتتهیء هیمنة المدرسة السلطویة الاستعمارية التي تنهب الثروات. 
 
"الإسلام هو الحل": بدیل حضاری علی المستوی الکونی

وبدوره تحدث في هذه الندوة، الباحث الإسلامی ومدرس الفلسفة في الجامعة اللبنانیة الشیخ "محمد شقیر" حول "إنهیار القریة الکونیة والطریق الثالث" واليكم نص المحاضرة:
 
"موضوع الندوة هو عبارة عن إشارة الی التفکیر بطریقة ثالثة ونحن کـ متدینین وإسلامیین نتحرك بهذا الإتجاه وقد کتبت مقالین فی هذا السیاق الأول حول الرأسمالیة والثانی حول المارکسیة.
 
ولعلنا جمیعا نتفق علی هذه النتیجة الدالة علی إنهیار أطروحة الرأسمالیة بجمیع تعبیراتها وخصوصا فیما یرتبط بالـ نیولیبرالیة التی سخرت أمرین هما "الدیموقراطیة" التی هی أداة من أدوات النیولیبرالیة و"اللیبرالیة" أیضا بمفهومها السیاسی والإجتماعی والفردی التی کانت ومازالت من أدوات النیولیبرالیة.

والحل بعد إنهیار الرأسمالیة لن یکمن فی العودة الی المارکسیة. ولو لدی البعض نوع من الحنین المارکسي.

وهناك الإشتراکیة الدیموقراطیة وهناك الإشتراکیة المارکسیة الأولی طبقت فی بعض الدول الإسکاندینافیة وهي تتماشی مع مفهوم ومعنی العدالة بالمفهوم الدینی والإسلامی.

وهناك الطریق الثالث والحرکات الإسلامیة ترفع شعار الإسلام هو الحل ولکن أعتقد أنه لیس شعار فحسب إنما نحن ننظر له بمثابة بدیل حضاری علی المستوی الکونی وما یرتبط بما تعاني منه العولمة وعلینا أن نقدم أطروحة متکاملة هذه الأطروحة یمکن أن تستجیب للهواجس والأزمات الکبری التی تطرح.

ونحن علی المستوی الفکری الإسلامی لدینا مدارس فکریة وتیارات فکریة متنوعة وأصل الإختلاف بالتأریخ الدینی أمر واضح بما فی ذلك علی المستوی الفکری والثقافی والآیدیولوجی.

وعندما نقول إننا نرید تقدیم طریق بدیل ولدی کتاب طبع بمرکز الحضارة بعنوان "فلسفة العدالة وإشکالیات الدین والدولة والإجتماع الإنسانی" ونحن عندما نرید أن نقدم طریقا ثالثا یجب أن یرتکز علی العدالة کـ قیمة أساسیة تأسیسیة معیاریة مطلقة وأقول إننا اذا أردنا طرح هذا الطریق الثالث علینا العودة الی العدالة دون أن نفارق القیم والأسس الدینیة.

والقرآن الکریم عندما یتحدث عن الرسالات "لَقَد أَرسَلنا رُسُلَنا بِالبَيِّناتِ وَأَنزَلنا مَعَهُمُ الكِتابَ وَالميزانَ لِيَقومَ النّاسُ بِالقِسطِ" ونحن عندما نتحدث عن نهایة التأریخ نحن نشترك مع کل النظریات بأن هنالك نهایة للتأریخ لکن اذا کانت نهایة التأریخ عند "فوکویاما" وغیره هي رأسمالیة أو لیبرالیة فـ نحن نعتقد علی المستوی الدینی بأن نهایة التأریخ هی نهایة خلاصیة وبأن نهایة التأریخ علی المستوی الإسلامی هی نهایة مهدویة.

وقال لکن جوهر هذه النهایة المهدویة هی نهایة عدالتیة تقوم علی أساس العدالة حیث یملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً وأن کل الأطروحات الحضاریة سوف تنتهی الی الإنسداد الحضاری وهذا سیحصل وأن هذا الإنسداد الحضاری بنفسه سوف یمهد الأرضیة علی کافة المستویات بظهور هذه العادات.

و إذن نحن نعتقد أن نهایة التأریخ هي نهایة عدالتیة وأن جوهر الرسالات الدینیة هو جوهر عدالتی والسؤال هو أین نحن من هذا المعنی؟


وعندما نتحدث عن العدالة یقول مشایخنا إن هذه هی الشریعة ونحن جمیعا متشرعون ولکن السؤال هو هل جوهر العدالة کما قدمه الدین یکمن فی الشریعة؟ طبعا الشریعة ربما من تجلی العدالة ولکن جوهر العدالة یکمن فی شئ آخر برأیی یکمن فی البعد المعنوی والأخلاقی والتربوی الذی جاءت به الأدیان. وهنا تظهر ضرورة تعریف الدین بأنه بالدرجة الأولی هو تعریف عدالة وعندما رأیت محوریة العدالة علی المستوی الدینی والإسلامی طبعا أصبح عندي نوع من الشغف الی أن وجدت فی بعض النصوص الدینیة تتحدث عن العدالة هی الإنصاف واردة عن نصوص أهل البیت (ع) ولیست ذلك المقصود لدی الغرب لأنه لم یتعدی المقاربات المادیة. والإنصاف یعنی أن تحب لغیرك ما تحبه لنفسك وأن تکره لغیرك ماتکرهه لنفسك وهذا یعنی حتی أن تکون عادلاً لابد أن تخرج من سلطان "الأنا". اذا أردت أن تصنع العدالة علیك أن تصنع إنسان العدالة وما لم تصنع إنسان العدالة لم تصنع مجتمع العدالة وما لم تصنع مجتمع العدالة لن تستطیع أن تصنع إقتصاد العدالة ولا دولة العدالة ولاتوزیع للثروات من مبدأ العدالة ومهما أردت وضع سیاسات ضریبیة لن تستطیع أن تبلغ العدالة إذن الطریق الثالث یکمن بشکل أساس علی العدالة وأن العدالة التی نتحدث عنها ذات مضمون حضاری هذا تأسیس ولکن عندما تحدد المنطلق برأیی تحقق مبدأ لصناعة منظومة حضاریة تبتنی علی قیمة أساسیة.

وأین هی الأدیان من هذا الأمر؟ بتقدیری الدین یقوم علی هذا المضمون أولا القرآن الکریم عندما یتحدث عن الهدف من إرسال الأنبیاء والنبی محمد (ص) والتزکیة برأیی أن التزکیة هی الأداة التی تقود الی تلك النتیجة. وبرأیی أن الدین یأخذنا الی هذا المعنی إذا ما تخلصنا من هذه العوائق لأن هذه العوائق هی التي تعیق فهمنا من الدین بشکل صح.
 
وبتقدیری إذا إستطعنا أن نفهم دیننا وأن نقدم أیدیولوجیة عدالة وأن نتجاوز طغیان البعد الفقهی والکلامی فی الدین برأیی سوف نسلك الطریق الصحیح لأننا الآن نحاول أن نقدم أنفسنا کـ بدیل حضاری وهذا الخیار البدیل هو خیار أخلاقی یرتکز علی الأخلاق بشکل أساسی وهذا یحتاج الی أن نعید فهم الدین ونعید التوازن بالأبعاد المعرفیة القائمة فی الدین.

وهذا الضعف فی الجانب الأخلاقی والمعنوی علینا أن نقوم بترمیمه وأن نؤسس المنظومة الدینیة علی هذا الأساس واذا إستطعنا أن نعمل هکذا سنکون قادرین علی تقدیم عدالة تقوم علی الأخلاق لیکون هذا المضمون بمثابة تمهید لیوم العدالة المهدویة لأن التمهید للعدالة یجب أن یکون بالعدالة.
 
مداخلات ندوة "كورونا جدليات القرية الكونية والقرية الامنة "

أستاذ الاعلام الدكتور حسن حميّد:
 
 تحيتي لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، شكرا جزيلا للدكتور خضر وشكرا جزيلا للسادة العلماء واساتذة الجامعة جميعا، ولي الشرف بان اكون معكم في هذا الحوار وفي هذا الحديث المهم جدا، استمعت بافاضة حوالي ساعة من الزمن لحضراتكم، ولكني اود ان اقول ببساطة شديدة وربما على نقيض مما سمعناه وربما استثني الدكتور شقير.

 هل نصّدق باننا في قرية كونية؟.هل هذا الامر حقيقي؟ في رأيي ان هذا العالم لم يكن ولا في لحظة من اللحظات قرية كونية. هذه فكرة طوباوية مثالية ، مع الاسف الشديد كلنا نحاول سواء من جهة الاقتصاد او السياسة او من جهة الدين او العلاقات او من الجهة القيميّة ، نحاول ان نجعل هذا العالم قرية كونية.
 
الباحث السیاسی د. ناجي أمهز :

الحديث الذي تفضل به الاساتذة والعلماء الاجلاّء هو ان القرية الكونية بمعنى انه كيف الان نحن نتحدث معك، كأنني قريب منك.وكذلك المقصود منه باالتجارة والصناعة والاقتصاد والسياسة.

الكاتب والروائي الفلسطيني د. حسن حميّد:

و الفكرة الاساسية التي اود ان أؤكد عليها هي ان العالم ليس قرية كونية ، هذه فكرة طوباوية، والا لماذا هذه الحروب في الاقتصاد وفي القيم والاديان ، وهذه المناكفات الموجودة ، والسدود التي تُبنى هنا وهناك. حاول العالم في طرق مختلفة من اجل ان يجعل هذا العالم قرية كونية ، من خلال شيوع العلوم والافكار والكثير من النظريات، يعني حاول الاشتراكيون ان يجعلوا العالم قرية كونية ، من لون واحد وطريقة واحدة، وحاول الرأسماليون ايضا بان يجعلوا هذا العالم قرية كونية.

وفي نظري ان اكبر كاشف بان هذا العالم ليس بقرية كونية هو، هو هذا الحدث الان ، كنا نسميه سابقا بالهواء الاصفر او الطاعون او تسميات مختلفة اخرى ، كما جاء على لسان ابن سينا وغيره من الاطباء ، وحتى من قبل الغربيين عندما تحدثوا عن الطاعون وانه جاء من الشرق ... كيف ان كل بيت يغلق الباب على نفسه وكيف ان كل دولة من الدول مثل ايطاليا " البندقية" وفرنسا و... كانت تنتظر متى تمتلأ مقابر كل ولاية او دولة من هذه الدول الموجودة. الفكرة الاساسية التي اود ان اقولها هي عندما تنزاح هذه القيّم تصير حالة انزياح غير عادية لهذه القيم. ويظن الاخر بآنه هو الذي يتحكّم في العالم ، هو الذي يسيطر. ومادامت فكرة الهيمنة والسيطرة موجودة في اكبر الدول العالمية ، على رأسها الولايات المتحدة الامريكية واوربا التي لاتنظر الى الاخر إلا بوصفه تابعا او ذليلا او هامشيا او من الناس الذين يصطادون" يأخذون المال والصحة و.... ".

 وكل هذه كُشِفَت ... لكن الازمة التي نحن فيها الان وهي كورونا ، حيث كان لدينا سابقا السيدا ، للاسف الشديد اخذت السيدا الملايين من الناس، ومازالت تفتك بهم حتى هذه الساعة ، كل هذه لها علاجات وادوية . ولكن وللاسف الشديد هذه الدول متحكمة بمقادير الشعوب ، " انا اعطيك من اجل ان تكون معي وإلا ليس لك شئ".

وانتم ترون الان هذه الخلافات والمناكفات الغير عادية ، على مستوى دول كبيرة جدا مثل الولايات المتخدة الامريكية والصين مع روسيا. في ايطاليا على سبيل المثال كيف هي هذه الوفيات الهائلة ، ونرى كيف ان احدى الصحفيات الايطاليات جاءت وقدمت لبومبيو هدية تليق به حقيقة حول هذا الامر.

ببساطة شديدة ، هذا هو رأيي وهذا ماقرأته وتعلّمته من كتبهم ، وايضا كوني استاذا جامعيا واديبا.

  كل ماعرفته ان هذا الغربي لايعترف بهذا العالم ولايريده ان يصبح بموازاته ولايريد له ان يعيش حياة طيبة . للاسف الشديد هم الذين اقترفوا اكبر المجازر في العالم ، والامثلة امامكم موجودة،انا بلدي فلسطين تحدث فيه المجازر منذ مئة سنة وحتى هذه الساعة ، انظروا الى ما جدث في جنوب افريقيا ، وما الذي فعله البريطاني في الهند والاوربي والهولندي والبلجيكي بهذا الشعب الذي نسميه بالهنود الحمرفي الولايات المتحدة الامريكية.

د. خضر نبها مقدم الندوة:

 انت فقط تريد ان تقول بانه ليس هناك قرية كونية ، نحن لانريد ان نكون في هذه القرية نحن نحن، وهم هم.

د. حسن حميّد: هذا صحيح دكتر خضر وانت تعرف في القرن السابع عشركيف  اجتمع الفرتسيون من كل الاتجاهات وحقول المعرفة كلها حتى بما فيها الدين ، اجتمعوا ليقولوا كيف نحافظ على هيبتها في المجتمع الاوربي ، ولم ينظروا الى الاخر . هذا امر، والامر الاخر في عام 1907 ايضا ، في بداية القرن العشرين ، عندما حاولوا وتسائلوا بان لايسمحوا للحضارة بان تنتقل الى اماكن اخرى ، وان يحددوا المخاطر على حضارتهم الاوربية ، ولذلك وجدوا ان الاسلام هو الخطر الاكبر وان الضفة الشرقية للمتوسط هي الاكبرخطرا ، لان هذه المنطقة تتحدث بلغة واحدة ولها دين واحد ومعتقد واحد ولها مشتركات كبيرة وتاريخ واحد ودم واحد... لذلك خافوا من هذا وجاءوا بالكيان الصهيوني وزرعوه في هذه المنطقة.


باختصار شديد، هذه الاشياء الكبيرة التي تحدث في العالم ومنها هذا الوباء او الفيروس كورونا ، هو الذي يقول لنا ببساطة بانه لاتوجد عدالة ، كما تفضّل الاخ الدكتور محمد شقير ، للاسف الشديد ان الحل ربما يكون بالعدالة ولاوجود لحل آخر سوى هذه العدالة ، بعيدا عن هذه الحروب السياسية او الاقتصادية او حروب الجامعات وحتى الحروب الموجودة بين الكتّاب والمثقفين والادباء .

انا ككاتب فلسطيني ، وانت من الجنوب تتحدث عن ارضك . هم لايترجمون لك ، فاين هذه القرية الكونية، اين هذه العلاقات الانسانية ، هذا كله غير موجود، انت تكتب مأساة الشعب الفلسطيني على سبيل المثال ، ااو مايحدث في فنزويلا و بوليفيا و... الخ وفي الكثير من البلدان الافريقية والاسيوية.

 انت تكتب عن قضايا شعبك ، ان لم تكن معهم في تحالف ما، سواء كان هذا التحالف قريبا او بعيدا ، صغيرا او كبيرا، لايحترمونك ابدا.

د. عباس خامه يار المستشار الثقافي الايراني لدى لبنان:

تعليق بسيط: صحيح باننا نواجه مشاكلا وهناك اسس في الاقتصاد والسياسة والثقافة وهناك تباين كبير في مجموعات الشعوب الي تحكم هذا الكوكب، لكن في نفس الوقت هناك الاتصال والتواصل الكبير، لايمنعنا من ان نقول بان هناك قرية كونية متجانسة اعلاميا او من ناحية الاتصال ن ولكن هذه القرية ليست متجانسة من الناحية الاقتصادية والفكرية والطبقية .

د حسن حميّد:

 د. عباس خامه يار انت تعرفني كم احترمك واقدرك واقدر علمك.

صحيح ان هناك قرية كونية من خلال الاتصال والتواصل الاجتماعي ، لكن للاسف الشديد انا انظر الى ماوراء ذلك ، كل هذا من اجل تجميع الكثير من الاخبار عنا والاطلاع على العادات والتقاليد الموجودة هنا وهناك ، من اجل ان يعرفوننا اكثر ، وللاسف هم جمعوا الكثير عنّا.
 
د.ادريس هاني:

إن مفهوم الدولة والسيادة تزلزل في اطار العولمة ، ففي نهاية التسعينيات وبداية الالفين كتبت كتابا حول العولمة وحوارها، لكنني سميته  المفارقة والمعانقة، اننا نتعانق ونتفارق في نفس الوقت، وهنا ابدأ بدرجة الصفر من العولمة ، اعتقد انها بمثابة تأسيس قرية كونية ، مجمّع دولي دارويني ، القوي يأكل فيه الضعيف ، لذلك اقول بانه يوجد تواصل ويوجد معانقة وايضا يوجد مفارقة ، هناك مركز وهناك هامش ، لاينفي في اننا اصبحنا في عالم متقارب متداخل ولكن في نفس الوقت عالم متناقض يقوم على ذات فلسفة التاريخ الهيجلي ، هي نفسها التي قُرِأَت بمستويات مختلفة ، جوهرها صراع من اجل الاعتراف بين السادة والعبيد.

د. حسن حميّد:

لانريد ان نكبّر الغربي ، ان الغربي لم يكن معنا ابدا ، هو المتوحش لايريد الا الخلاص منّا ، الغربي يريد لنا ان نعود مرّة اخرى الى جادات وشوارع باريس ولندن من اجل ان نغسل الطرقات هناك ، وان نغسل المراحيض هناك ن هذا هو الغربي.

د. ادريس هاني:

انا من اكثر الناس حربا ضد الغرب ، العرب والغرب ، السادة والعبيد ، حداثة السادة وحداثة العبيد، وحتى حوار الحضارات داخلة في صراعنا مع هذا الاستكبار وهذه الامبريالية وهذا الاستعباد. نحن جميعا متفقون على فكرة واننا لانختلف في الجوهر.

د. حسن جميّد:

نحن لانريد ان نحارب الغرب ، بل على الغرب ان يحترمنا ، نحن بشر ايضا ، نحن قدّمنا حضارة.

د. عباس خامه يار:

تعقيبا على مداخلتي التي لم استطع اكمالها بسبب انقطاع الاتصال ،اود ان اقول ليس بالضرورةان ننكر وجود القرية الكونية، لكن نستطيع ان نقول، ان القرية الكونية موجودة بحكم هذه الاتصالات المتقاربة، بحكم الاجواء المتقاربة جدا، والفايروس اثبت ذلك بكل ماتملك الكلمة من معنى.

ولكن في نفس الوقت هذه الكرة الارضية ، القرية الكونية في الحقيقة غيلر متجانسة، هي متباينة ، والبعض في الغرب يريد الهيمنة على هذه القرية بصورة كاملة وبنمط فاشي ، هذا ربما يكون لعدم انكار هذه القرية.

د. حسن حميّد:

انا لست مع خلاف مع الدكتور عباس خامه يار ، لانني اعرف ثقافته وتوجهاته، لكن علينا ان نعي بشكل اساسي، علينا كما تقول امهاتنا بان النار لاتحرق الا محلها، علينا ان نحل مشاكلنا وان نكف عن هذا العناق، كما يقول اخي الدكتور ادريس، عناق هذا الذي يعتمر القبعة، هذا الاشقر صاحب العينين الزرقاوين، علينا ان نكف عن ذلك وان نحترم اولادنا قبل ان نحترم اولاد الجيران، نقدم علوم الغرب والتكنلوجيا وما احدثه .. والله والله والله ، اغلب هذه العلوم واغلب هذه النظريات والمخترعات والابداعات اشتغلوها اهلنا ، من ادوارد سعيد الى طارق علي الى.... اسماء من باكستان الى افريقيا ‘ هم الذين اشتغلوا في هذه المخابر.


انتم شاهدوا اليوم كورونا  ، شاهدوا كل الاطباء الذين يتكلمون باللغة العربية ماذا يفعلون في المستشفيات الاوربية ، كيف يقدمون خلاصة افكارهم وخلاصة ابداعاتهم واجتهاداتهم.

د. ادريس هاني:

والغرب الذي نتحدث عنه هو نسق ، لانتحدث عن افراد، انا اعرف حتى من اصدقائي واصدقاء طفولتي، هم الان مندمجون في مراكز البحث عن كورونا في الولايات المتحدة الامريكية، هذا شئ عادي ، ان العقل العربي والعقل المحلي والعقل الاثيوبي .... كلهم يشتغلون داخل هذا النسق ، هذا ما اتحدث عنه هو جدل المفارقة والمعانقة، نحن  في جدل حضاري ، حتى في الصراع نحن نتكامل ويجب ان نتصارح.

وعندي نقطة حتى ابين بانني اتوافق مع الشيخ محمد شقير في موضوع العدالة.  اتمنى ان يرى كتابي للاسف قد تم طبع الكتاب ولكنه لم يُنشر كثيرا ، الكتاب هو: حول مفهوم العدالة او فلسفة العدالة من افلاطون الى الامام الرضا "ع" ، هذه التركيبة الزمنية طرحتها لكي ابين مفهومين ، المفهوم الاول: اخلاقنا.

وطبع الكتاب في مركز الحضارة وكان اصل الكتاب هو لقاء نقاشٍ في جامعة المعارف الاسلامية في ايران . والثاني: بالمصادفة فكرة تطورت من خلال ملتقى لجامعة فردوسي وقوّت من خلالها هوغورافية القيم ، بحيث جعلت العدالة هي معيار كل القيم ، حتى انه صرنا نتسائل ، هل هي معيار او هي جزء من القيم.

لان كل قيمة لاتنظبط بقيمة العدالة هي مشكلة. لذلك نحن لدينا تضخّم في القيم لكن هناك فوضى. اذا استقام القول في العدالة ، استقام في القيم كلها ، واستطعنا بالفعل ان نشقّ الطريق السالك ، وهو طريق حقيقي ، وهذا ما اريد ان اؤكد عليه ، اننا لانختلف.

د. ناجي امهز:

والظاهر هناك فهم خاطئ للقرية الكونية، القرية الكونية هي ليست قرية افلاطون الفاضلة ، القرية الكونية هي ان هناك نظام من العالم يحاول ان يسيطر على كل مفاصل هذا العالم ، ومثل ما تفضلتم سعادة المستشار ، قد نكون في مكان ما قادرين ان نبعد عنها ، لكنها موجودة ومفروضة ، مثل هذا التواصل بيننا وبينك ، اليوم في عقوبات تُفرض على الدول بكبسة زر ، مما يدل على ان العالم في سنة 1700 بدأ النظام العالمي بالبحث عن خلق قرية كونية لكي يسيطر عليها وعلى كل مفاصل قوتها واقتصادها والهيمنة على قرارها السياسي والاجتماعي.


المفارقة ان جائحة كورونا اتت لتلتهم هذه القرية الكونية، اتت ودمرّت جميع هذه المفاصل، لان الدول التي عانت من جائحة كورونا بسبب النظام العالمي الذي يسيطر على مفاصل التجارة والصناعة حوّل هذه الدول الى اسيرة تستعطي، حتى الكمامات التي سرقها ترامب هو دليل على فشل النظام الذي هو اليوم على شاكلة القرية الكونية.
اتمنى ان يكون في الحلقة القادمة نقاش مفتوح لمدة خمس دقائق.

الشيخ الدكتور محمد شقير

النقطة الاولى

كنت سألت من فترة هل ان العولمة هي مجرد قدر، ام خيار، بمرحلة ما وصلت إلى استنتاج انها قدر نتيجة تطورات ولكن ببعض المفاصل ولدى بعض دول المركز تحولت إلى خيار، في الوقت الي كانت قدرا عند البعض كانت خيارا عند آخرين، ، بغض النظر عن منسوب كل منهما.
 
النقطة الثانية

موضوع العدالة كقيمة معيارية، نحن نعتبر العدالة كمعيار. في حال تنافت العدالة مع الحرية، العدالة تقدم عليها، انا بتقدري بأكثر من فلسفة غربية، بالتنافي ما بين العدالة والحرية، تقدم الحرية على العدالة وهذا كان من الالتباسات التي أدت إلى تداعيات عديدة.

بالنسبة لسؤالك دكتور خضر حول الشكر، في القرآن الكريم يقول ( وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين)، ما هي العلاقة مع الشكر هنا؟ هذا له علاقة بفهمنا بقيمنا بفلسفتنا، نحن نعتقد ان الشكر.......

عندما يبعث الله لك هداية، ليست هداية دينية بالمعنى الخاص، هداية حضارية، شكر هذه النعمة نعمة الهداية ان تاخذ بها، تفهمها بطريقة صحيحة وتطبقها بطريقة صحيحة، اما في حال لم تفهمها بطريقة صحيحة ولم تطبقها بطريقة صحيحة، فأنت كفرت بها، وبالتالي استحباب الشكر بالنسبة للقرية، له علاقة بمشروع الهداية التي لم يحرمها الله سبحانه وتعالى لأي قوم، ومن خلال هذا نستطيع أن نفهم انه وحتى النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ورسالته، شكرنا لها، ان نفهمها بطريقة صحيحة ونطبقها بطريقة صحيحة، واعتقد ان جوهرها العدالة. 
 
الدكتورة ليلى شمس الدين

بداية اقول ان النقاش كان محتدما جدا، وكانت المداخلات غنية لدرجة لم يكن بالإمكان استيعاب كل الأفكار القيمة التي طرحت على تشعباتها.

هناك يبدو وجود مشكلة اساسية في الاتفاق على المفاهيم، في أربعة أوراق بحثية وفي مداخلات مع بعض الأساتذة الكرام، لم يكن هناك اتفاق على مفاهيم قد تبدو واضحة لنا.

عندما نتكلم عن منظومة فكرية جديدة تربوية، ثقافية، سياسية، اقتصادية،  اعلامية، منظومة متكاملة لكي نصل إلى القرية العادلة الآمنة المركزة على العدالة، نحن يجب بداية ان نتفق على كل هذه المفاهيم.

اريد ان اطرح سؤالا اشكاليا، ماذا ينفع اذا انتقلنا من سياسة قطب واحد يحكم هذا العالم، إلى سياسة قطب آخر يحكم هذا العالم، البحث يجب أن يكون في جوهر هذا القطب، لأننا امام اشكالية كبيرة ترتكز على لا عدالة الحاكمية السائدة في هذا العالم، في كل قطاع العالم.


استوقفني كلام الدكتور إدريس هاني عندما تحدث عن مفهوم سياسة الاذلال، سياسة مفهوم إذلال انفسنا اي بمعنى التقليل من الشأن والإهانة والخضوع، هل نحن في دولنا نتخطى هذا المفهوم اساسا، قبل أن نطرحه ليكون دوليا او عالميا، علينا أن نراجع كل هذه المفاهيم، كل مستويات النظم الموجودة، لنبدأ بأنفسنا.

نحن بحاجة القول بأن تكون كلمة الدكتور الشيخ شقير دعوة مفتوحة إلى المفكرين ورجال الدين  وأصحاب السماحة، لكي يعيدوا التفكير و النظر في المنظومة الدينية القائمة، لكي نتمكن من تقديم نموذج جديد نتفق عليه.

وانا أؤيد ما جاء به سعادة المستشار دكتر خامه يار، هناك بعض الانظمة، هناك بعض الأشخاص، لا يمكننا أن نقول كل الغرب هو ظالم كل الغرب هو مفتري، هناك تمايزات، التعميم دائما لا يجوز، الخوض في هذا الموضوع يحتاج إلى حوار قائم بحد ذاته، واختم بالقول، لن يدعنا احد ان نفعل ما نريد.

أمريكا تقول لنا، صلوا كما شئتم، صوموا كما شئتم، البسوا ما تريدون لكن فكروا بما نحن نريد.

رمز الخبر 1903998

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha