وكالة مهر للأنباء: يحمل شهر رمضان هذا العام في طياته مشهدين متعاكسين داخل مدينة القدس، يمثلان إرادتين متناقضتين تسعيان لرسم مستقبل المدينة المقدسة:
المشهد الأول هو تحضير الاستيطان الصهيوني لأكبر عملية اقتحام لباحات المسجد الأقصى، بدعوة من جماعات المعبد التهويدية يوم 28 رمضان، بذريعة "يوم القدس العبري" أو ذكرى "استكمال احتلال القدس"، تعبيراً عن إرادة صهيونية تهويدية عارمة تسعى إلى طمس هوية القدس الإسلامية العربية لحساب خلق "أورشليم" التلمودية الصهيونية. وفي السياق ذاته، تحويل البلدة القديمة، بأحيائها العربية المسيحية والإسلامية، إلى مدينة "داوود" التلمودية الاستيطانية اليهودية، كمقدمة لبناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى.
المشهد الآخر هو إحياء الفلسطينيين والمسلمين في أرجاء العالم، ومعهم كل الأحرار، يوم القدس العالمي في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان؛ ذلك اليوم الذي أطلق نداءه الأول الإمام الخميني (رحمة الله) في السابع من آب/أغسطس 1979، بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران مباشرة، تأكيداً لموقع القدس الجوهري في قلوب كلّ المسلمين في أرجاء المعمورة، وفي عقولهم وأفعالهم.
تشهد مدينة القدس في حقيقة الأمر صراعاً يومياً، وعلى مستويات مختلفة، بين إرادة الباطل الصهيونية التي تسعى إلى تهويد المدينة المقدسة وطمس هويتها الحضارية الفلسطينية والعربية والإسلامية منذ احتلال المدينة في العام 1967، وإرادة الحق الفلسطيني العربي الإسلامي المتجذر في تاريخ القدس، والذي تشهد له حجارة المدينة المقدسة وأبنيتها العتيقة.
وفي هذا الصدد أجرت وكالة مهر للأنباء حوارا صحفيا مع النائبة السابقة في البرلمان التونسي والقيادية مباركة البراهمي، عن أهمية هذه الذكرى وتأثيرها على الصراع بين الحق والباطل. واتى نص الحوار على الشكل التالي:
1. مع هرولة بعض الدول العربية للتطبیع مع الكيان الصهيوني ما هو اهمية احياء يوم القدس العالمي؟
تتسارع بعض الانظمة العربية هذه الفترة لتنفيذ الأجندة الأمريكية والصهيونية في التطبيع مع دولة الكيان الصهيوني ،وهي أنظمة تستمدّ شرعيتها وتستقي دعمها من الدوائر الاستعمارية على حساب شعوبها وقضايا أمّتها.
وبالمقابل ففي كل سنة تتجدّدُ الدعوة للإنتصار للقدس ولعموم فلسطين في يوم القدس العالمي الذي يكسر الحصار مجددا عن الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة وهي مناسبة لتذكير ان الشعب الفلسطيني ليس وحده رغم حصار النظام الرسمي العربي ،وأن أحرار الإنسانية جميعا يقفون في صفه.
2. بما ان وراء جر الدول العربية الى التطبيع تقف الولايات الامريكية، ماذا على الشعوب المسلمة في مقاطعة الامريكان و النهوض ضد هذه الدولة الظالمة؟
وراء التطبيع تقف أمريكا ومن ورائها الحركة الصهيونية العالمية والتطبيع أجندة تنفذها أدوات عربية رخيصة من أنظمة ومنظمات وجمعيات وتنشط الحركة التطبيعيّة سرّا وعلانية في شكل انشطة ثقافية ورياضية وسياسية واكاديمية وغيرها
وراء التطبيع تقف أمريكا ومن ورائها الحركة الصهيونية العالمية والتطبيع أجندة تنفذها أدوات عربية رخيصة من أنظمة ومنظمات وجمعيات وتنشط الحركة التطبيعيّة سرّا وعلانية في شكل انشطة ثقافية ورياضية وسياسية واكاديمية وغيرها.. إلّا أحرار أمتنا امتلكوا من اليقظة ما يجعلهم يفضحون هذا التواطؤ ويمنعون كل الفعاليات والأنشطة التي يتشاركون فيها مع العدوّ،، والحركة المناهضة للتطبيع تنتشر في كل أنحاء العالم وقد استطعنا في تونس ان نوقف عديد الفعاليات التطبيعيّة وطرد من نظّمها.
إنّ القدس في ضمير ووجدان الأحرار في الامتين العربية والإسلامية وفي ضمائر أحرار العالم وفلسطين حاضرة في كل المناسبات التي تتعلق بنضال شعبها الأبيّ البطل مثل يوم الأرض ويوم الأسير وذكرى العودة (15 أيار /مايو) وغيرها.
3. ما اهمية حضور الشعوب في السوح ضد الكيان ودفاعا عن المقدسات؟ هل قدمنا شيئا خلال هذه السنوات برايكم؟
رغم حصار النظام الرسمي العربي ورغم التوجيه الإعلامي إلى غير قضايا الأمة المصيرية، فإنّ الشعوب لازالت تقاوم على جبهات مختلفة، من بوابة الثقافة والإعلام الملتزم إلى نضال التيارات السياسية الوطنية التي لم تنخرط في التطبيع ولا في دعمه وصولا الى تأطير الجيل الجديد لمواصلة المشوار.
كما تنشط حركات المقاطعة اقتصاديةً وسياسية وثقافية وفي كل مجال يمكن فيه إرباك مصالح العدو.
4. قد نبانا الامام الخامنئي قبل عدة سنوات بان اسرائيل لن ترى ال ٢٥ عام المقبلة، كيف سيتم هذا الامر و هل يمكننا ان نقدم وقت زوال اسرائيل ؟ هل ترى مؤشرات لزوالهم؟
بناءًا على معطيات سياسية و ميدانية بالأساس، نبّأنا القائد الخامنئي أن إسرائيل لن ترى ال25 سنة القادمة.
فكل اختبارات المواجهة الأخيرة مع دولة الاحتلال وخاصة في سنة 2000 ثم في 2006 بلبنان أثبتت أنّ إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت كما عبر عن ذلك سماحة السيد حسن نصرالله.
لقد تعودت إسرائيل على الانظمة العربية الخاضعة الخانعة التي لا هدف لها سواء البقاء ولو على جماجم شعوبها.. اليوم ومع محور المقاومة الذي تقوده الجمهورية الإسلامية ،فُتحت أبواب المواجهة على مِصراعيها وذاقت إسرائيل مرارة الهزيمة والذّلة، وشعر المسلمون بالكرامة التي افتقدوها لعقود طويلة.
إن امتلاك التكنولوجيا العسكرية المتقدمة للجمهورية الإسلامية ونقلها للفصائل المقاومة في فلسطين ولبنان وتأثير ذلك على أدائها في استهداف العدوّ او في الدفاع عن نفسها هو أكبر مؤشر على أن زوال هذا الكيان الإجرامي هو مسألة وقت فقط ناهيك ان الإرادة الصلبة لاصحاب الحق لا تلين ولا تنكسر.
5. لقد اسمى الامام الخميني رضوان الله تعالى عليه اسرائيل بغدة سرطانية. ماذا علينا وقد انتشرت هذه الغدة في ارجاء البلاد و العالم بشكل القاعدة و داعش و ...؟
لقد كان الامام الخميني رحمه الله موفقا في اختيار لفظ "الغدة السرطانية" التي وصف بها كيان دولة العدوّ نظرا لخبثه وانتشاره السريع وتجديد أدوات الهجوم والتغلغل في الجسد العربي والإسلامي.
إسرائيل تجدد أدواتها الخبيثة كل فترة، فمن الإعتماد على تاريخ مزور إلى الدعم الكبير من الدول الغربية وصولا الى العنف والمذابح والتنكيل الذي ألحقه بالشعب الفلسطيني على مرّ العقود
إن إسرائيل تجدد أدواتها الخبيثة كل فترة، فمن الإعتماد على تاريخ مزور إلى الدعم الكبير من الدول الغربية وصولا الى العنف والمذابح والتنكيل الذي ألحقه بالشعب الفلسطيني على مرّ العقود... هاهو اليوم يطوّر أدواته باستخدام التطرف الديني الذي نشرته الحركة الوهابية وما انجبته من مجاميع الإخوان المسلمين والتكفيريين الذين جندتهم في تنظيمات مسلحة أعلنت الحروب والخراب في المنطقة وخاصة في الدول رفضت التوقيع على سلام معها... فظهرت القاعدة ثم داعش وجيش النصرة والجيش الحرّ وجند الشام وجند الخلافة وغيرها من الفصائل الإرهابية التي تتستر مرة باسم الإسلام ومرة باسم الديمقراطية لتخريب دول المنطقة وإلهائها في حروب تضمن فقط أمن إسرائيل واستقرارها ونماءها وازدهارها.
6. هل ستحصل الدول المطبعة على نتائج رابحة من خلال عملية التطبيع؟
اما الدول التي سارت في ركاب التطبيع فإنها في الحقيقة ليست سوى أدوات تنفيذ رخيصة، تفقد احترام شعوبها اولا ثم احترام بقية شعوب العالم.. ولا يمكن لهذه الانظمة المطبعة ان تفرض التطبيع على شعوبها.
اكثر من أربعين عاما والعلم الصهيوني يرفرف في سماء مصر، والشعب المصري يؤمن ان إسرائيل هي العدوّ الأول لمصر وكذلك الشعب الأردني بعد اتفاقية وادي عربة، والشعب الفلسطيني بعد كل الاتفاقيات واللقاءات والتوقيعات، لازال الشعب الفلسطيني يقاوم بالحجارة والسكين وبالدهس والطعن وبكل الوسائل المتاحة.
ستزول إسرائيل رغم كيد النظام الرسمي العربي ومؤامراته، وستزول إسرائيل لان المقاومة موجودة، تتطوّر وتتقدّم وتنتصر. "إن ينصركم الله فلا غالب لكم" صدق الله العظيم.
/انتهى/
تعليقك