وكالة مهر للأنباء، وداد زاده بغلاني: انه شهدت الساحة العراقية يوم أمس احداث ما كان احدا ان يتوقع ان العراق سيمر بهذه الظروف، صحيح ان الخلافات كانت موجودة بين القوى السياسية منذ إجراء الانتخابات الأخيرة في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 ولكن في الفترة الاخيرة وبعد اختيار محمد شياع السوداني مرشحا لرئيس الوزراء العراقي من قبل الاطار التنسيقي و بتأييد من قبل معظم الاحزاب السياسية المشاركة في العملية السياسية، فقد كان الجميع يتوقع ان الكتل السياسية استطاعت ان تختار مرشح لمنصب رئاسة الوزراء ومن ثم اختيار رئيسا للجمهورية من قبل الاحزاب الكردية وتشكيل حكومة جديدة وحل مشاكل العراق والخروج من مأزق الانسداد السياسي .
ولكن فجأة أعلن السيد مقتدى الصدر الذي انسحب من البرلمان العراقي قبل فترة، معارضته لترشيح محمد شياع السوداني واقتحم انصاره المنطقة الخضراء والبرلمان العراقي وتحصنوا فيه.
حيث كان من المفترض أن ينعقد البرلمان يوم أمس لاختيار رئيسا للعراق، في خطوة تمهيدية لتكليف شخصية سياسية بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، ويدفع الإطار التنسيقي نحو اختيار محمد شياع السوداني رئيسا للحكومة، وهو الأمر الذي يرفضه الصدر.
لكن على عكس هذه التوقعات فقد انطلقت تظاهرات من قبل التيار الصدري واقتحم هؤلاء المتظاهرون البرلمان العراقي واستمروا في التواجد داخل قاعات البرلمان حتى كتابة هذه السطور، مصرين على البقاء في البرلمان لفترة غير محددة، حيث أدت هذه التطورات السلبية الى أزمة جديدة في العراق بعد ما كان الجميع يتوقع الخروج من الانسداد السياسي واغلاق الباب على الفوضى إثر الجهود التي بذلت من قبل عدد من الجهات السياسية وفي مقدمتها الإطار التنسيقي.
هنا يطرح هذا السؤال في الوقت الراهن وبعد هذه الأزمة الكبيرة الذي مر بها العراق يوم أمس وخاصة في هذا التوقيت أي في شهر محرم الحرام واستعداد العراقيين لاستقبال الملايين من زوار سيد الشهداء الامام الحسين (ع) واحياء مسيرة الأربعين المليونية بمشاركة عشرات الملايين من داخل وخارج العراق، ما هي الحلول لتجنب نار الفتنة التي يريد من خلالها أعداء العراق جر هذا البلد إلى حرب أهلية خاصة بين الشيعة أنفسهم؟
منذ يوم أمس حتى الان خرجت العديد من الشخصيات المهمة في العراق وكذلك في العالم بتصريحات للخروج من هذه الازمة. منها تصريح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي حث جميع الأطراف والجهات الفاعلة على تجاوز خلافاتها وتشكيل حكومة وطنية فعالة- من خلال الحوار السلمي والشامل- قادرة على تلبية مطالب الإصلاح القائمة منذ فترة طويلة، دون مزيد من التأخير.
وكذلك قال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في بيان: "لا بد أن تجلس الكتل السياسية وتتحاور وتتفاهم من أجل العراق والعراقيين ويجب الابتعاد عن لغة التخوين والإقصاء" داعياً "الجميع الى التحلي بالهدوء والصبر والعقلانية وعدم الانجرار إلى التصادم"، مطالباً "المواطنين إلى عدم الاصطدام مع القوى الأمنية واحترام مؤسسات الدولة".
وإزاء هذه التطورات، أعلن رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي تعليق جلسات مجلس النواب بناءً على المستجدات الأخيرة. ودعا الحلبوسي إلى اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المؤسسات والمتظاهرين.
ومن جانبه، دعا الرئيس العراقي برهم صالح، إلى عقد حوار وطني بين الفرقاء السياسيين وتغليب لغة العقل وتقديم المصلحة الوطنية.
وكذلك قال هادي العامري في بيان: "أدعوا مخلصاً اخانا العزيز سماحة السيد مقتدى الصدر الى الحوار الجاد مع الاخوة في الإطار التنسيقي، لإيجاد مخرج لما وصلت اليه العملية السياسية من انسداد سياسي والتفكير بالحلول الممكنة لتجنيب البلاد والعباد اي مخاطر محتملة، فالعراق امانة في اعناق الجميع."
فمن خلال هذه التصريحات يتضح ان كل الاحزاب والكتل السياسية والمسؤولين في العراق وكذلك الأمين العام للأمم المتحدة، يعتقدون أن الحل الوحيد لإنهاء الأزمة في هذا البلد هو يمر عبر اعتماد الحوار بين تيار الصدر والإطار التنسيقي والاتفاق على اختيار مرشح لرئيس الوزراء يتم تأييده من قبل الطرفين.
فلذا يجب ألا يجهل الشعب العراقي الكريم أن أمريكا وحلفاءها الاقليميين يحاولون الاطاحة بالنظام السياسي العراقي برمته منذ أعوام طويلة بعد عام 2003 حتى اليوم، من خلال اثارة الخلافات السياسية وإعادة عقارب الساعة الى الوراء، لإشعال نيران الفتنة في العراق هذه المرة ليس بين السنة والشيعة، بل بين اتباع مذهب واحد.
فالتجارب السابقة علمت الجميع أن اللجوء الى العنف والسلاح يؤدى الى الدمار وخسارة للجميع، فلذا بات الجميع مدعوا اليوم الى التحلي بالروح الوطنية والتضحية والسماح للمؤسسات السيادية بالقيام بواجبها الوطني وفي مقدمتها البرلمان وان لا يصبح هذا المكان السيادي مقرا للاعتصام وانتهاك سيادة البلاد!، خدمة لمشاريع أعداء العراق وشعبه.
/انتهى/
تعليقك