٠٥‏/٠٦‏/٢٠٢٥، ٥:١٣ م

الإعلامية بثينة عليق: الإمام الخميني أسس لمشروع عالمي في وجه الهيمنة

الإعلامية بثينة عليق: الإمام الخميني أسس لمشروع عالمي في وجه الهيمنة

أوضحت الإعلامية، الأستاذة بثينة عليق، أن الثورة الإسلامية الإيرانية أعادت ترتيب سلّم القيم في المنطقة والعالم، وأن فكر الإمام الخميني بعث الحياة في مشروع الإسلام المحمدي الأصيل، ورسّخ خطًا عالميًا لمناهضة الهيمنة.

وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: شعارات عدة رفعت ونادت بها الثورة الاسلامية المباركة ولعل اهمها بما يحمله من مضامين وقيم هو "لا شرقية ولا غربية" شعارات ومبادىء اينعت وانتجت دولة مقتدرة قادرة مرتكزة على الاسلام المحمدي الاصيل.

ويقول الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم بمناسبة ذكرى رحيل الإمام الخميني (قده) “إننا نعيش إشعاعات نور الإسلام المحمدي الأصيل، ونعيش الإيمان والطهر والأخلاق ورفض الظلم والاحتلال والتبعية”.

حول رحيل الامام الخميني (قده) وكيف عزز مفهوم حركات التحرر، أجرت مراسلتنا الأستاذة، وردة سعد، حواراً صحفياً مع الإعلامية البارزة، الأستاذة بثينة عليق، وجاء نص الحوار على النحو التالي:


"لا شرقية ولا غربية" كان من أهم الشعارات التي نادت بها الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني. ورأى فيها البعض طرحًا مثاليًا لا يمكن تطبيقه. فهل كان يعني هذا الشعار عند الإمام الانعزال والقطيعة مع كل العالم، وهل نجح الإمام الراحل والقيادة الإيرانية بقيادة الإمام الخامنئي بإقامة هذا النموذج الإسلامي المميز؟

لقد طرح الإمام الخميني هذا الشعار في مرحلة انقسم فيها العالم بين معسكرين: أحدهما تقوده الولايات المتحدة الأميركية، والآخر يقوده الاتحاد السوفياتي. وكانت الأنظمة العربية والإسلامية منحازة لأحد المعسكرين من دون أن ينعكس هذا الانحياز على مصالح هذه الدول وشعوبها، وهو ما دفع مجموعة من دول العالم الثالث إلى تأسيس مجموعة عُرفت بدول عدم الانحياز، التي كان لمصر عبد الناصر دور أساسي فيها.

لذلك، فإن شعار "لا شرقية ولا غربية" لم يكن أبدًا في سياق عزل إيران، إنما أتى منسجمًا مع تيار عالمي تشكّل في مرحلة ستينيات القرن الماضي، على خلفية إدراكه أن مصالح الشعوب لا تتحقق بالانحياز إلى أحد المعسكرين، بل من خلال استيفاء شروط الاستقلال الحقيقي للدول.

من هنا، كان الشعار الذي أطلقه الإمام الخميني حلقة من سلسلة شعارات تحولت إلى قرارات وإجراءات ساهمت في نقل إيران من موقع التبعية والارتهان للولايات المتحدة الأميركية إلى موقع الاستقلال والسيادة الحقيقيين من جهة، وجعلت إيران نموذجًا رائدًا في هذا المجال على المستوى العالمي.

هذا المسار الذي أسّسه الإمام الخميني، أكمله الإمام الخامنئي. وقد استطاعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية بقيادته الرشيدة ورؤيته الاستراتيجية أن تتخطى الكثير من التحديات والصعوبات والمؤامرات، وأن تبني نموذجها الذي يجمع الكثير من عناصر الاقتدار على مختلف المستويات، والذي يمكن اعتباره مثالًا تستطيع أن تقتدي به الكثير من دول العالم، وهو يجمع بين الاستقلالية والحفاظ على مصالح الشعب وثرواته، وفي الوقت نفسه، بناء عناصر القوة البشرية والعلمية والتقنية والتسليحية."

مدّت إيران بقيادتها الثورية يدها لدعم حركات التحرر العربية، وساعدت حركات المقاومة، خصوصًا في فلسطين والدول المجاورة لها. فما هي الرؤية التي استندت إليها إيران لتبني هذه الاستراتيجية، وما هي النتائج التي أسفرت عنها في دعم قوى المواجهة مع المشروع الصهيوني الاستكباري في المنطقة؟

إيران بلد يقوم على ثلاثية المبادئ والاستراتيجيات والسياسات. وقد وضع الإمام الخميني، منذ انتصار الثورة الإسلامية، مسألة دعم حركات التحرر والشعوب المستضعفة في مصاف المبادئ، ما جعل تخلّي إيران عنها بمثابة انقلاب على نفسها وصورتها ودورها وحقيقتها.

وقد استطاعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، من خلال هذا الدعم، أن تعيد التوازن الاستراتيجي إلى منطقتنا، بعد أن أدى خروج مصر من الصراع العربي - الإسرائيلي وتوقيعها لاتفاقية كامب ديفيد إلى خلل كبير في موازين القوى لمصلحة العدو الإسرائيلي. فيما بعد، أدى الدعم الإيراني لحركات المقاومة إلى إحداث توازن بعد مؤتمر مدريد وتوقيع اتفاقيتي أوسلو ووادي عربة.

لقد منعت حركات المقاومة المدعومة من إيران سقوط المنطقة بالكامل أمام العدو الإسرائيلي في فترة التسعينيات، وأمام الأميركيين بعد غزو العراق في العام ٢٠٠٣.

وإذا دخلنا في التفاصيل أكثر، فمن المؤكد أن إنجاز التحرير في لبنان في العام ٢٠٠٠، وانتصار المقاومة اللبنانية في العام ٢٠٠٦، وصمود غزة أمام الحروب المتعاقبة التي شنها العدو على القطاع المحاصر، كل هذه الإنجازات ما كانت لتتحقق لولا الدعم الإيراني. كما أن صمود المقاومة اللبنانية خلال الحرب الأخيرة ما كان ليحصل لولا هذا الدعم.

تكفي الإشارة إلى دور الشهيد القائد الحاج قاسم سليماني في مختلف الميادين العراقية واليمنية والسورية والفلسطينية واللبنانية وغيرها، لمعرفة التأثير الاستراتيجي الكبير على المنطقة الذي أحدثه الدعم الإيراني لحركات التحرر.

طبعًا، الصراع لا يزال مستمرًا، والتحديات تتعاظم، ولكن مما لا شك فيه أن الدعم الإيراني مستمر أيضًا، وهو يساهم بإحداث التحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة."

وصفت الثورة الإسلامية في إيران بأنها واحدة من أعظم الثورات في العالم، إلى جانب الثورة الفرنسية والثورة البلشفية في روسيا، نظرًا لأثرها في تغيير القيم ومفاهيم الصراع في العالم. فما هو الأثر الذي يمكن الحديث عنه للثورة الإسلامية على الصعيد الدولي، وما الذي ستذكره الأجيال عن الإمام الخميني كشخصية تاريخية مؤثرة؟

كما ذكرنا قبل قليل، الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي اليوم نموذج للدولة المستقلة والمقتدرة، القادرة على تحقيق التنمية البشرية والعلمية والاجتماعية، معتمدة على قواها الذاتية، وعلى الرغم من الحصار المفروض عليها منذ عقود.

إيران دولة قوية، قادرة على الوقوف باقتدار وثقة وندية أمام كل دول منظومة الهيمنة الغربية، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية. وقد أدّت هذه الاستقلالية النادرة في منطقتنا إلى أن تعزّز إيران كدولة لها ثقلها الاستراتيجي بما يتناسب مع موقعها الجيوسياسي المهم، ولها دورها الفاعل والمؤثر في محيطها وعلى المستوى العالمي.

هذا على المستوى السياسي، أما على المستوى القيمي، فلا شك أن الثورة الإسلامية استطاعت أن تخلق سُلّم أولويات قيمي مختلف عن الذي ساد في المنطقة والعالم، وعلى رأس هذه القيم دعم المستضعفين في العالم في وجه الاستكبار العالمي، وإعادة الاعتبار للفكر الإسلامي لدى المسلمين، وإظهار مبادئ الإسلام المحمدي الأصيل، وتحويل الدين إلى قوة محرّكة ومؤثرة وفاعلة، سواء على مستوى الأفراد أو في الحياة العامة والسياسية والاقتصادية.

كل هذه الإنجازات يعود الفضل فيها إلى الإمام الخميني، الذي يُعتبر من أعظم شخصيات القرن العشرين، ومن بين أكثرهم تأثيرًا في مسار تاريخ المنطقة.
هكذا سيذكر التاريخ هذا الإمام العظيم، الشجاع، الثابت، صاحب البصيرة والرؤية الثاقبة، والذي بعث الحياة في مشروع الإسلام المحمدي الأصيل، وأسس لانبعاث جديد للمشروع الحضاري الإسلامي، ورسم بدقة غير مسبوقة شكل الصراع في العالم اليوم بين المستكبرين من جهة والمستضعفين من جهة أخرى، ما أسس لجبهة تضم كل أحرار العالم، على اختلاف أديانهم وأوطانهم وأعراقهم ولغاتهم، في مواجهة مشروع الهيمنة الغربية الذي أرهق البشرية بالحروب والاحتلال والسيطرة على مقدرات الشعوب والأرض."

/انتهى/

رمز الخبر 1958883

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha