١٤‏/٠٩‏/٢٠٢٥، ٧:٢٩ م

نتنياهو يواصل الحرب لإنقاذ موقعه السياسي

نتنياهو يواصل الحرب لإنقاذ موقعه السياسي

أوضحت القيادية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، د.مريم أبو دقة، أنّ استهداف قادة المقاومة بالخارج يهدف لإطالة العدوان، مشيرة إلى أنّ خلافات عميقة داخل كيان الاحتلال تكشف عبثية استمرار الحرب.

وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: تفصلنا أيام قليلة عن الذكرى السنوية الثالثة على العدوان المستمر على قطاع غزّة... ولا يزال نتنياهو يرفض وقف حرب الإبادة على قطاع غزّة، ويتمسّك باستمرارها حتى تحقّق أهدافها المعلنة وغير المعلنة... وبدعم أميركي واضح وبغطاء منها معلناً عن كل اعتداءاتها وجرائمها وهمجيتها وبمكر وخبث؛ وهذه سمة الإدارة الأميركية "الغدر" تمامًا كما فعلت مع الجمهورية الإسلامية عندما كان الوفد المفاوض يتحضّر للذهاب بجولة جديدة بالمفاوضات في سلطنة عمان. وقبل يومين قام العدو الصهيوني بشن عدوان على إيران بالتنسيق والاتفاق مع الإدارة الأميركية...

من ناحية أخرى، أدانت دولة قطر الهجوم "الإسرائيلي" الذي استهدف مقرات سكنية لعدد من أعضاء المكتب السياسي لحركة المقاومة حماس.

إن هذا الكيان المؤقت لا ينفع معه إدانة ولا شجب؛ هذا العدو تخطّى كل الخطوط الحمراء.

أمّا بالنسبة للعملية الأخيرة في القدس المحتلة والتي وقعت في محطة حافلات بالقرب من مستوطنة راموت، والتي يلمس منها المرء كيف أنّ هؤلاء الشباب متجذّرون ومتعلّقون بقضيتهم وبأرضهم وببلدهم ومؤمنون أنّ العدو لا يفهم إلا لغة القوة.

حول هذه العناوين وغيرها، أجرت مراسلتنا، الأستاذة وردة سعد، حواراً صحفياً، مع الدكتورة المناضلة مريم أبو دقة القيادية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وجاء نص الحوار على النحو التالي.

نحن على مشارف العام الثالث للعدوان المستمر على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة أيضًا. لكن العدوان الإسرائيلي أخذ منحى جديدًا بالإعلان عن استهداف قيادات المقاومة في الخارج دون الاهتمام بسيادة الدول التي يقيمون فيها... فما تقييمكم للعدوان الأخير على قطر ومحاولة اغتيال قادة حماس فيها؟ وهل هذا يعني إسقاط أي محاولة لوقف الحرب على غزة؟

شنعم، نحن على مشارف العام الثالث من حرب الإبادة على قطاع غزه، وفي ظل استخدام الاحتلال كل أشكال القتل والإجرام من قصف وتدمير كل شيء وتجويع السكان بحيث لا تترك لأي إنسان أن يعيش؛ إذا لم يمت بالقصف يموت من المرض أو الجوع أو العطش أو القهر... ورغم كل هذه السياسة الهمجية فإن شعبنا الصامد في القطاع، وأمام هذا الصمود الأسطوري ومحاولة الاحتلال من الانتقال من شكل لآخر للقتال ضدّ السكان واستهداف الأطفال والنساء والقصف بالطائرات بسبب عدم تمكّنها من مواجهة المقاتلين، إلا أنّ أهل غزه ثبتوا وصمدوا وتحدّوا الاحتلال، ولم يستطع الاحتلال تسجيل أي من أهدافه المخفية والمعلنة سوى قتل الأطفال والنساء والكبار بالسنّ وتدمير البيوت والأبراج والمستشفيات ومصادر المياه، وحرمانهم من الغذاء والدواء وحصار كامل، واستهداف المؤسسات الإنسانية والأطباء والمسعفين والجامعات والكنائس وخيم النازحين، الخ.

انتقل إلى محاولة استهداف قيادات المقاومة بالخارج؛ وذلك بعد الخلاف بين المستوى العسكري والمستوى السياسي، والذي أكد فيه عبثية استمرار حرب الإبادة، خاصّة بعد تطوّر العمليات النوعية للمقاومة وتكبّدهم العديد من الجنود القتلى. وبالطبع مثل هذه العمليات لاغتيال قيادات المقاومة هدفها الرئيس هو استمرار حرب الإبادة من زاوية، ومن زاوية أخرى قصف أي فرصة لحل عبر التفاوض.

وأيضًا احتياج نتنياهو لمزيد من الوقت حتى يستمر بموقعه، ويحاول بكل الطرق أن يسجّل إنجازًا أمام شعبه، ولم يستطع؛ خاصّة بعد فشل عملية الاستهداف بقطر.

العملية الأخيرة أثارت قلقًا شديدًا في الأوساط الخليجية والدول الحليفة لواشنطن، وهو ما عبّر عنه رئيس وزراء قطر. ما هي أهم الدروس والعبر التي يمكن استخلاصها من استهداف قطر؟ وماذا عن الدور الأميركي ومزاعم الحماية لدول الخليج الفارسي العربية؟

الدرس الأول: لا أمن للعدو الصهيوني، ولا مراهنة أن يكون صديقًا، ولا يمكن الثقة به. الحذر واجب مع كل أشكال السرية لقيادات المقاومة، وأن لا يكشفوا تحركاتهم وأماكن إقامتهم... لا محرمات لهذا العدو ولا خطوط حمر.

لقد أثارت هذه العملية بالتأكيد مخاوف كل دول المنطقة وفي مقدمتها دول الخليج الفارسي؛ خاصّة أنّ قطر يوجد على أرضها أكبر قاعدة أميركية وعلاقات مميّزة مع واشنطن ودور قطر كوسيط أساسي مع مصر وأميركا في عملية التفاوض بين حماس والاحتلال. ورغم ذلك كان للضربة تأثير كبير بفقدان الثقة مع الولايات المتحدة، وأن الاتفاقات الإبراهيمية لا تحمي أي دولة وقّعت عليها.

إضافة أنّ القواعد الأميركية في الوطن العربي تصمت عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن العرب، بل تحمي المصالح الأميركية. وما صرّح به رئيس حكومة الاحتلال حول تشكيل "الشرق الأوسط الجديد" علنًا وذكر كل الدول التي يتضمّنها ذلك — الأردن وفلسطين وسوريا ولبنان والعراق والكويت والسعودية وجزء من مصر، الخ — هذا التصريح واضح وصريح، ومن المفروض أن يثير مخاوف الخليج الفارسي وكل المنطقة."

كلام كثير خرج بشأن آخر حلقات العنف والقتل الأعمى في غزة بالطلب من سكانها المغادرة... هل انصاع الجيش فعلاً لرغبة نتنياهو وعصابة الإجرام التي تحيط به رغم القلق لدى العسكريين وتشكيكهم بنجاح العملية؟ وما هي الأبعاد الحقيقية من وراء هذه الحلقة من العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني منذ نحو سنتين؟

هل استمرار الحرب يؤدي لما يريده الاحتلال "إسرائيل الكبرى"؟ كل ما يقوم به المحتل ويعمل من أجله هو هذا الهدف، وما يجري في الضفة من ضم ومحاولة تفكيك وحصار السلطة الوطنية الفلسطينية والتدمير الشامل والإبادة في غزه ومحاولة شطب الأونروا يعني شطب حق العودة.

استهدافه لسوريا ولبنان واليمن وليس أخيرًا قطر، كل ذلك ليثبت للجميع أنّه حر طليق قوي، لا يوجد من يردعه؛ وبدعم كامل سياسي وعسكري ومالي من الولايات المتحدة وأوروبا، ويعتبر أنّ الوقت الآن مناسب لتحقيق أحلامه الروحية والأيديولوجية لتحقيق أفكاره اللاهوتية. وهذا لا يعني أنّ نتنياهو جريء وقوي، بل بالمقابل هو يتصرّف بدعم كامل من أميركا، وأصلًا دولة الاحتلال خارج إطار القانون الدولي وتعتمد على أنّها خارج الحساب. لكن بسبب الفيتو الأميركي وازدواجية المعايير العالمية ونفاق العالم وعجزه عن محاسبة الكيان الصهيوني، فالاحتلال تجاوز كل الخطوط الحمراء ووجوده كيان محتل هو غير قانوني.

في الأيام الماضية شهدنا عودة للعمليات الفدائية التي ينفّذها شبان فلسطينيون بشكل منفرد، أي دون تخطيط من المنظمات الفلسطينية المعروفة.. والعملية الأخيرة حقّقت نتائج كبيرة وأحرجت الاحتلال... ما الدلالات والدروس التي يمكن استخلاصها من هذه الروح القتالية والمعنوية العالية لدى المقاومين؟

نعم، المستوى العسكري انصاع للمستوى السياسي وبالتحديد لرأي وقرار نتنياهو. وكان هناك محاولات عديدة لتوضيح عدم جدوى استمرار الحرب وضرورة وقفها، إلا أنّ نتنياهو لا يرغب؛ لأنّه يريد مزيدًا من الوقت ومحاولة تحقيق أي إنجاز. حتى وصل الأمر إلى مجاعة لأول مرة في الشرق الأوسط، ومحاولة لاحتلال غزه ووحيم المعركة مع حماس. وحتى اللحظة، رغم كل ما يجري هناك، دخول حذر لمدينة غزه وقصف متواصل وتدمير كل شيء: أبراج، ما تبقّى من المنازل، خيام... وذلك لإجبار الناس للنزول تمهيدًا لتهجيرهم. وبالرغم من ذلك، أغلبية الناس ترى أنّ الموت ينتظرها سواء نزحت أو بقيت، فقرّرت البقاء، والموت في بيوتهم أفضل من تركها.

ويرى الاحتلال مشكلة بما يمثّله كون غزه، رغم الجحيم الذي يعيشونه، والأساس من وراء هذه الحرب العبثية هو تهجير السكان بغزه والضفة، تمهيدًا لقناة بن غوريون لضرب قناة السويس من زاوية، وتسليم غاز غزه ومصر ولبنان وسوريا وتصديره لأوروبا وأميركا؛ ولذلك تقول أميركا: ما يجري هو لحماية الأمن القومي الأميركي.

القضية الأخرى: "الشرق الأوسط الجديد" وبوابته غزه—لا سمح الله—لو سقطت أي إسرائيل كبرى. لذلك المطلوب الآن توحيد كل الجهود لمواجهة هذا المشروع الصهيوني الأميركي الخطير الذي يستهدف السيطرة على موارد منطقتنا العربية والتحكّم بها.

/انتهى/

رمز الخبر 1962676

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha