في حوار اجرته وكالة مهر للأنباء مع الباحث والخبير السياسي هادي افقهي تحدث فيه عن الأسباب والحوافز التي تجعل نظام الجمهورية الإسلامية في إيران عرضة للعدائية لدى بعض الأنظمة العربية ، التي لا تمارس الديمقراطية و ليس لأراء الشعب دورا فيها ولا تدخلا في تحديد مصيره وتعيين الحاكم ، كبعض الدول العربية والتي يتناقل زمام الحكم فيها عن طريق الوراثة او الحكم العائلي او الحكم القبلي.
وأكمل افقهي قائلا أنه من الطبيعي أن نرى تلك الأنظمة ترتعد فرائصها عندما يطرح موضوع الديمقراطية وحقوق الشعب في ممارسة حرياته ، كحرية الرأي وحرية التفكير والتعبير والقلم والحقوق الإجتماعية والحقوق المدنية والمواطنة وغيرها، مشيرا الى ردة فعل بعض الأنظمة العربية ، كالنظام البحريني او النظام السعودي ، حينما ترتفع أصواتا مطالبة بحقوقها المشروعة في ممارسة حرياتها وتقرير مصيرها حيث تلاقي تعاملا تعسفيا وقمعيا من قبل تلك الأنظمة.
واوضح المحلل السياسي أن هناك مخاوف لدى الأنظمة المذكورة من أن تصبح ايران نموذجا ومثالا لنظام متطور يتمتع بديمقراطية اسلامية او دينية.
واشار افقهي الى نوع آخر من الأنظمة العربية وهي الأنظمة الجمهورية التي اعتبرها منفتحة اكثر بحيث تمارس فيها الديمقراطية ضمن مساحة اوسع والشعب لديه حصة في إختيار رئيس الجمهور من خلال التصويت المباشر او عبر التصويت البرلماني كما هو موجود في العراق والجزائر وليبيا ودول اخرى. معتبرا أن المشكلة في هذه الانظمة هي انها تعاني من نوع من الفردية والهيمنة الحزبية او الطائفية.
واضاف افقهي رغم وجود العدائية لدى بعض الدول العربية تجاه ايران ، لكن هناك ايضا دول عربية تعترف بأن النظام الحاكم في ايران هو نظام ديمقراطي يتمتع بالنزاهة إعتبارا أن هناك مفاصل وآليات تتيح للشعب اختيار رئيس الجمهورية واعضاء البرلمان واعضاء البلديات وحتى القائد او المرشد الأعلى يتم تعيينه عبر مجلس خبراء القيادة معتبرا أن هذا ما يجعل نظام الجمهورية الاسلامية في إيران ، يتميز عن باقي الأنظمة العربية بحيث يدفع تلك الأنظمة لإتخاذ مواقف محددة ، سلبية او ايجابية من النظام الإيراني ، فضلا عن العوامل السياسية التي تحدد من تلك المواقف.
وتطرق هادي افقهي الى أسباب استمرارية نظام الجمهورية الإسلامية في إيران بالرغم من كل المؤامرات التي يواجهها والحروب والعقوبات الإقتصادية التي تمارس ضد هذا النظام والمساعي في ايجاد قطبية في المجتمع الإيراني من خلال بعض العوامل الداخلية والخارجية عن طريق الطابور الخامس ، حيث اعتبر أن السبب الرئيسي هو شعور الشعب الإيراني بمسؤولية كبيرة حيال نظام الجمهورية الإسلامية سيما أن هذا النظام قائم على اساس اصوات الشعب والشعب هو من ثار وأسس له وشارك فيه بدمائه وامواله ، لذلك لازالت تدور هذه الطاقات الشعبية في مسار الحفاظ على هذا النظام والحفاظ على معطيات هذا الثورة والحفاظ على ما انتجتها من قيم وتطور وامناء وتوسعة.
واضاف افقهي أنه يجب الاعتراف بأن هناك بعض النواقص وبعض الإنتقادات التي توجه الى الحكومة في إيران وإنه امر طبيعي أن تتعرض كل حكومة لبعض الإنتقادات ، لكن هناك قيم ومبادئ اساسية فوق موضوع الإنتخابات وموضوع أن اي تيار سيفوز في الإنتخابات ، المحافظون او الإصلاحيون.
واشار افقهي الى نوع الديمقراطية الممارَسة في الجمهورية الإسلامية والتي اعتبرها غير مستنسخة من الديمقراطية التي موجودة في الغرب والتي لاتتماشى مع ثقافة والتراث والمنهج الإسلامي لدى الشعوب المسلمة في شرق الأوسط مستذكراً ماحدث في بداية الثورة حول تسمية النظام حيث اراد البعض أن يطلقوا عنوان "جمهورية ايران الديمقراطية الإسلامية" ، قائلا : "حينها اعترض الإمام الخميني (قدس سره الشريف) بل استاء متسائلاً :اليس في الإسلام ديمقراطية كي نضيف كلمة الديمقراطية الى عنوان الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟"
واستكمل حديثه قائلا هذا النموذج اصبح ولازال يواجه بعنف من خلال الحرب الناعمة والحرب المباشرة كالتي شنها نظام البعثي البائد في غضون ثمان سنوات ضد إيران وذلك خوفا من أن تسرى مفاهيم هذه الثورة ومبادئها الى باقي الشعوب ولكنهم لم يستطيعوا أن يمنعوا ذلك ، منوها بالتظاهرات العديدة التي حصلت في بعض الدول العربية كمصر وتونس والجزائر حيث ولدت حركة حزب الله في لبنان وحركات جهادية في فلسطين المحتلة وايضا في عصرنا هذا لو اخذنا بعين الإعتبار ما يحصل في البحرين والسعودية واليمن وغيرها ، نرى أن الثورة الإيرانية لها دورا مهما في توعية تلك الشعوب.
وأكد افقهي على أن الشعار الذي اطلقه الإمام الخميني (قدس سره الشريف) تحت عنوان تصدير الثورة ، كان من خلال عرض القيم والمبادئ لهذه الثورة ولم يكن من خلال الدبابات والأسلحة او بآلية الإرهاب وبحجة اقامة حكومة الإستفتاء كالذي تفعله السعودية اليوم ، في البحرين وفي اليمن وفي سوريا. مضيفا "أن الإمام الخميني عرض هذه القيم ورحب بها الكثير من الشعوب وهم يرون الآن بأم اعينهم ما تشهده ايران من تطور على صعيد العلم والتقنية والطب والصناعة والأسلحة بالرغم من وجود العقوبات ، حيث اصبحت ايران الدولة الأولى في الشرق الأوسط والسابعة عشر في العالم من حيث الإنتاج العلمي ".
وفي ما يتعلق بمدى تأثيرالإتفاق النووي على نتائج الإنتخابات قال هادي افقهي أن هناك من ايد وصفق لهذا الإتفاق واعتبره انجازا تأريخيا واستراتيجيا وحقق الكثير وايضا هناك من عارض هذا الاتفاق ومازال ينتقده ويقرئه من الزاوية السلبية. وراى أن السيد روحاني سيستغل هذا الإتفاق ويطرح ايجابياته وقد يغض النظر عن بعض سلبياته او يبررها على اساس أننا مازلنا في بداية المطاف ونحتاج الى المزيد من الوقت لتتبلور نتائج هذا الإنجاز.
وفي شأن الانتخابات الإيرانية والتيارين الأساسيين المعنية في هذا الإنتخابات وهما المبدئي من جهة والإصلاحي من جهة أخرى ، قال افقهي أن هناك العديد من الشخصيات البارزة في معسكر الإصلاحيين ولكن لايوجد شخصية تضاهي السيد روحاني وفي معسكر المحافظين هناك ثلاث تيارات او توجهات محسوبة على هذا التيار ، والتوجه الأكبر يعود للجبهة الشعبية لقوى الثورة التي تسمى بشكل مخفف "جمنا" وهذه الجبهة حسمت امرها واتفقت على السيد ابراهيم رئيسي الذي كان المدعي العام ونائب رئيس القوة القضائية والان هو سادن العتبة الرضوية ، هناك تياران اخران وهما التيار الذي ينتمي اليه احمدي نجاد الذي يطمح بكسب اصوات القرويين والناخبين في المدن الصغرى اعتبارا بان له هناك مؤيدين وقاعدة شعبية ، والجهة الثالثة المنتمية لتيار مبدئي تتمثل في شخصيات مستقلة مثل الدكتور سعيد جليلي الذي انفصل عن التيار الشعبي جمنا وشخصيات اخرى ، وهذه الشخصيات المستقلة لاتتمتع بدعم تيار او مؤسسة معينة./انتهى/
اجرت الحوار: مريم معمارزاده
تعليقك