اعلنت الادارة الامريكية عن نقل السفارة الامريكية الى القدس المحتلة بدم بارد، دون أن تبالي برودو الافعال الدولية وغضب الشارع العربي، والسبب قد يكون تخاذل الانظمة العربية بل تحالفهم مع الصهاينة من الامريكيين والاسرائيليين.
بينما انتفض الشباب الفلسطينيون في الضفة الغربية وخرجت بعض المظاهرات في مختلف ارجاء العالم العربي والاسلامي وراح ضحية هذه الاحتجاجات اربعة شهداء فلسطينيين بينهم ابراهيم ابو ثريا الذي أحدث صدى شديدا قضيته بما أنه نال الشهادة بعد ان بترت قدميه خلال مقاومته عدوان الاحتلال الصهيوني عام 2014.
حول هذا الموضوع وما يحمله قرار ترامب من مآلات في مستقبل القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، أجرت وكالة مهر للأنباء مقابلة مع الكاتب الفلسطيني "جهاد أبو عمر"، وفيما يلي نص الحوار:
س: ما هي مكانة القدس لدى المسلمين والمسيحين؟
ج: القدس مدينة السلام والتلاقي والإنفتاح الإنساني.على مر التاريخ كانت لها قدسية خاصة عند المسلمين، لما فيها من مقدسات كالمسجد الأقصى وقبة الصخرة، ومسرى النبي محمد عليه الصلاة والسلام؛ إنها رمز الهوية العربية حيث ان بناتها هم كنعانيون ويبوسيون، وكلاهما من العرب الذين بنوها عام١٨٠٠قبل الميلاد. ثم اكتسبت قدسية مع التاريخ لدى النصارى لما فيها من "مقدسات " لهم وأهمها كنيسة القيامة. إذا فالقدس مدينة جامعة لروح الانسانية وانفتاحية الفكر نحو الخير والمحبة والسلام.
س: يعتبر بعض العرب أن القدس هي مدينة مقدسة لدى اليهود كما ان مكة والمدينة هما مدينتين مقدستين للمسلمين، ما هو تعليقكم؟
ج: أبدا لم تكن القدس يوما لليهود ولن تكون، وما ادعاءاتهم الا باطلة فهم مروا عليها مرارا. حتى ان حكم من يدعون انهم اتباع للنبي سليمان وداوود، فحكمهم للقدس كان ٧٣عاما فقط وهي اقصر فترة حكم لنبي او قوم في تاريخ القدس القديم واللاحق والحديث.
اليهود لم يزوروا في التاريخ فقط بل صنعوا تاريخا كاذبا ليقنعوا الأمم بحقهم بالقدس، ولكنهم فشلوا وسيفشلون دائما .
س: كيف تقيم ردة فعل الشعب الفلسطيني على هذا القرار؟
ج: للأسف الشديد لم تكن ردة فعل الشعب الفلسطيني على قرار ترامب (رغم تحركاته المحدودة وتضحياته التي لا ننكرها ابدا) كما يجب، لأن المطلوب انتفاضة شاملة تقلب الأمور نحو تحرير فلسطين كلها،لا مجرد المطالبة بالتراجع عن القرار؛ لأن هذا القرار معنوي اكثر مما هو واقعي والسبب ان القدس محتلة وما بني على باطل فهو باطل.
إن الشعب الفلسطيني محبط بسبب عدم توفر قيادة مجاهدة مناضلة مكافحة تقوده وتدعمه وتتقدمه في أي مواجهة مع العدو الصهيوني، أضف الى ذلك الواقع العربي الممزق والضعيف والمتآمر والمطبّع مع الصهاينة؛ كل ذلك كان سببا في احباط العزيمة الفلسطينية مرحليا.
اننا نعول ان تكون تجربة المقاومة في لبنان وانتصارها على العدو الصهيوني ومواقفها دافعا من جديد لركب مبادرة شعبية حقيقية نحو النضال وتحرير فلسطين كل فلسطين.
س: هل تعتقد ان الادانات التي خرجت بها بعض الجهات في العالم العربي وخارجه ستؤثر على هذا الاجراء؟
ج: ان ما جرى من احتجاجات في العالم العربي والإسلامي ضد قرار ترامب كان مخيبا للآمال، إذ أن كل ما جرى مجرد احتجاجات محدودة لن تغير على الارض كثيرا. رغم أهمية هذه الاحتجاجات بتسجيل موقف الادانة والرفض، لكن ذلك لا يجعل ترامب ولا الصهاينة يتراجعون او يجنحون نحو ما يسمونه السلام او التسويات لأنهما لا يخضعان الا للمقاومة ومنطق المقاومة.
س: هل يمكن القول أن موقف ترامب قد يؤدي الى تقارب المجموعات الفلسطينية ؟
ج: ان قرار ترامب قد وحد الشعب الفلسطيني على الارض، لكن للأسف فإن التدخلات والضغوطات التي تُمارس من قبل العالم العربي الرجعي على قيادات فتح وحماس تؤخر حدوث مصالحة جدية مؤثرة يمكنها احداث تغيير حقيقي في احداث فوهة في جدار الانقسام القاتل.
بدأت حركة حماس الرجوع الى حضن المقاومة والجمهورية الاسلامية الإيرانية فإن ذلك يعد أملا حقيقيا في عودة حماس الى مربع المقاومة وتغليب المصالح الوطنية على المصالح الحزبية والحركية، ولربما ذلك يقود حماس الى الدخول بمصالحة حقيقية لما تشكله ايران من داعم حقيقي للوحدة الفلسطينية من اجل مقاومة العدو وتحرير الارض والإنسان.
س: ما هو مستقبل الشعب الفلسطيني عامة والقضية الفلسطينية بعد هذا الاجراء؟
ج: ان الشعب الفلسطيني أعلن وصمم بأن القدس لن تكون الا عربية إسلامية ولن يخضع هذا الشعب ابدا للعدو ولا لترامب. انهم منتفضون ضد ذلك ولو كانت الانتفاضة حتى الان محدودة بسبب ما ذكرته سابقا من عدم توفر رؤية جدية فعالة للقيادات الفلسطينية الموجودة حاليا في سدة الحكم والإدارة.
الشعب الفلسطيني مناضل ومضحي ومستعد للجهاد والكفاح بمجرد ان تتوفر له مقومات النضال الحقيقي وحتى المسلح منه، من قيادة جادة وإمكانات ودعم عام .
س: ما هو مستقبل سكان الضفة الغربية والقدس المحتلة من الفلسطينيين تحديدا بعد هذا الاجراء؟
ج: القدس تحت الاحتلال وشعبها تحت الاحتلال وقرار ترامب كما ذكرت معنوي اكثر منه مادي. أما الأخطر في القرار هو إعطاء العدو الصهيوني غطاء اميركيا لما سيقدم عليه من تهويد القدس وطرد اَهلها وسكانها .
ان ترامب ما كان ليتجرأ على ذلك لولا تصهينت الانظمة العربية وخاصة الخليجية منها، التي تعمل منذ سنوات ومن خلال الإعلام على تغيير العدو في العقل العربي من العدو الصهيوني المعروف ب"إسرائيل"الى عدو مختلق ليس بالعدو وهو الجمهورية الاسلامية في ايران، ارضاءا لسيدهم الأميركي والصهيوني، ولكن سيفشلون كما فشلوا دائما، لأن الشعوب العربية الواعية لن تقبل ابدا التطبيع مع "اسرائيل" ولم يقبل بوجود هذا الكيان كحقيقة بيننا، كما لن تقبل الهيمنة الأميركية التي تعمل الانظمة العربية لها لأنهم خدم للصهيونية والماسونية الصهيو-أميركية.
وختاماً لن ينجح الصهاينة من العرب والغربيين، بتحويل إيران التي هي داعمة الشعوب المستضعفة الى عدو، بينما يحولون العدو الصهيوني الى صديق وحليف. فعلى مر التاريخ كانت الإرادة للشعوب ولا بد للشعوب ان تنتصر وليسقط كل حكام الْخِزْي والتصهين والرجعية؛ ولن يكون شعار الشعوب الحرة الا:"النصر للمقاومة والموت لإسرائيل والشيطان الأكبر أميركا"./انتهى/.
أجرت الحوار: مريم معمارزاده
تعليقك