وكالة مهر للأنباء - هبه اليوسف: انه تجمع يوم أمس عدد كبير من النقابيين والمحامين أمام قصر العدل اللبناني تنديداً بأداء القاضي بيطار، وأطلقت جهات مجهولة النار باتجاه التظاهرة والتجمع، وبدأت سيارات الاسعاف تهرع إلى منطقة الطيونة.
واتبع ذلك انتشار أمني كبير من قوى الامن الداخلي والفوج العسكري لقوة المغاوير في محيط قصر العدل، وقامت اسعافات جمعية الرسالة بنقل جريحا أصيب بالرصاص. وأرسل الجيش اللبناني تعزيزات مكثفة الى المنطقة ويعمل على اخلاء مستديرة الطيونة من المتظاهرين.
وتجدد اطلاق النار عدة مرات، واشارت وسائل اعلام لبنانية الى أن بعض القناصين المتواجدين في الموقع أطلقوا النار على المحتجين. ونوهت وسائل الاعلام هذه الى أن القوى الأمنية اللبنانية اعتقلت أحد القناصين. وأجرى الرئيس اللبناني ميشال عون اتصالات مع رئيس الحكومة ووزيري الدفاع والداخلية وقائد الجيش لمتابعة تطورات الوضع الأمني.
كما دعا رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي الجميع إلى الهدوء وعدم الانجرار وراء الفتنة.
وفي وقت سابق أعلن حزب الله وحركة أمل في بيان أن " الاعتداء على التظاهرة في الطيونة من قبل مجموعات مسلحة ومنظمة يهدف إلى جر البلد لفتنة مقصودة ".
وفي هذا الصدد أجرت وكالة مهر للأنباء حوار مع الكاتب و المحلل السياسي "ناجي أمهز" حوار حول هذا الأمر، و فيما يلي نص الحوار:
**ماهي اسباب الاحتجاجات في لبنان، وما علاقة هذه الاحتجاجات بانفجار مرفأ بيروت؟
منذ عام 2019 بدا اللبنانيين يستشعرون عمق الازمة الاقتصادية الخانقة، واتساع رقعة البطالة، وارتفاع رهيب بموجة من الشح بالسيولة حيث سجل العديد من حالات الانتحار، وفي عام 2020 استيقظ الشعب اللبناني على خبر فقدان ودائعه في البنوك اللبنانية، مما خلق حالة توتر كبيرة بين السياسيين المتهمين بالفساد والسرقة وهدر المال العام وبين الشعب، ومما زاد الوضع تعقيدا هو انفجار المرفأ في 4 اب 2020، الذي دمر تقريبا نصف العاصمة اللبنانية بيروت، متسببا بسقوط العديد من القتلى والاف الجرحى، وكان سبب الانفجار هو الإهمال الكبير لدى الطبقة السياسية التي لم تهتم يوما بمطالب الشعب او مصالحه، بل كان صراعها واقتتالها فيما بينها من اجل الحفاظ على مصالحها السياسية تحت شعارات طائفية، وهذه الالية التي انتهجتها السلطة أدت الى فقدان انهيار العملة الوطنية والثقة بينها وبين الشعب، مما بدا يمهد الى تشكيل راي عام غاضب على هذه الطبقة السياسية التي تحكم لبنان منذ ثلاثة عقود وهي المسؤولة مباشرة عن هدر فاق ال 120 مليار دولار امريكي دون حصول الشعب اللبناني على اقل مقومات الحياة.
لم يشكك الشعب اللبناني بكل قواه واطيافه وفئاته وطوائفه، ولا لمرة واحدة بنزاهة حزب الله وانه لم يتورط بالفساد، وحتى الدول الكبرى اكدت اكثر من مرة بان لا علاقة لحزب الله باي ملفات فساد مالية او سياسية
ورغم فداحة الوضع في لبنان وحالة الانهيار الكبرى التي وصل اليها، الا ان الشعب اللبناني بكل قواه واطيافه وفئاته وطوائفه، لم يشكك ولا لمرة واحدة بنزاهة حزب الله وانه لم يتورط بالفساد، وحتى الدول الكبرى اكدت اكثر من مرة بان لا علاقة لحزب الله باي ملفات فساد مالية او سياسية، ولكن بالمقابل بدا فريق لبناني بإيحاء خارجي عربي وامريكي، بشن حملات إعلامية وسياسية ممنهجة ضد حزب الله تحت عنوان انه ينتهك السيادة اللبنانية وانه يصادر القرار اللبناني بقوة السلاح، لكن غالبية الشعب اللبناني تعلم بان هذا الكلام غير دقيق، وخاصة انه لم ثيبت ولا لمرة تدخل حزب الله بالمعادلات السياسية، بل كان دائما على الحياد، ويسهل أي اتفاق تتوافق عليه القوى السياسية، كما ان الحزب اعلن عشرات المرات ان سبب عدم دخوله مباشرة بمكافحة الفساد هو الخوف من استغلال الوضع الطائفي.
وامام هذا المشهد بدا يحصل شرخ بين اللبنانيين، وخاصة عندما تقاعست السلطة السياسية عن القيام بواجباتها اتجاه تفجير المرفأ، وتأخرها بالتحقيق مع من لديهم حصانات ومحاسبتهم على مسؤولياتهم فيما يتعلق بالتقصير او الاهمال، وهذا الوضع فتح الكثير من الخيارات، حيث بدأت الدائرة تكبر بشكل مضطرد مما خلق فجوة يقال ان هناك من يستغلها من قوى داخلية وخارجية لتحميل حزب الله مسؤولية تفجير المرفأ بعد عجزهم عن توريط حزب الله بالفساد، ومع انه لم يتسرب شيء الى الاعلام او من جهات رسميا بهذا الخصوص، الا انه هذا هو الجو السائد في لبنان.
وقد دعا امين عام حزب الله السيد نصرالله اكثر من مرة الى إعادة تصويب التحقيق واعتماد معايير موحدة مع الجميع تبيانا للحقيقة، وللعدالة من اجل الضحايا، الا ان الأمور لم تتغير، مما فرض على الثنائي الشيعي التحرك سلميا احتجاجا على ما يجري بالتحقيق، وهذا المشهد الذي حصل من عمليات قنص واعتداء بالرصاص والنار على المتظاهرين يؤكد بان هناك امرا ما كان يعد بالظلام لأخذ البلد الى حرب طائفية جديدة خدمة لدول خارجية، واضعافا للمقاومة التي تقوم بحماية لبنان اجتماعيا واقتصاديا وسياديا. وللأسف الوضع تازم سريعا بسبب سقوط العشرات بين شهيد وجريح.
** مالذي يتوجب على الحكومة فعله لإنهاء وتفادي هذه الاحتجاجات؟
صرح المحلل السياسي ان الاستقالة هي الباب الوحيد لإيجاد مبرر لعقد طاولة حوار بين مختلف القوى، ووضع خطة عمل أولا لتجنيب لبنان الانزلاق الكبير، وثانيا لتامين حاجيات الشعب اللبناني، والبحث بهدوء عن الية تضمن الحقيقة والعدالة لشهداء تفجير المرفأ
لا اعتقد بان الحكومة قادرة على القيام باي عمل يحد من الانعكاسات السلبية التي حصلت، أولا لعجز الحكومة سياسيا وضعفها شعبيا، وفقدانها الغطاء الدولي، وثانيا كونها حكومة محاصصة أي ان كل فريق سيكون مرتبط بحساباته الانتخابية، وهناك من يخشى من العقوبات الدولية، لذلك ستكون خطوات الحكومة ضمن الاليات التقليدية التي تدعو الى ضبط النفس، وتكليف للجهات المعنية بالتحقيق وملاحقة المتسببين بهذا الاعتداء على المواطنين، ولكن بظل الانقسام الكبير والحاد، والتدخل الأجنبي لتأجيج الصراع ستكون كل هذه الإجراءات هي تجنيب فرط العقد الحكومي، او ربما التعطيل المؤقت الى ان يتم إيجاد مخارج كما هي العادة المتبعة في لبنان.
انا اعتقد ان الاستقالة هي الباب الوحيد لإيجاد مبرر لعقد طاولة حوار بين مختلف القوى، ووضع خطة عمل أولا لتجنيب لبنان الانزلاق الكبير، وثانيا لتامين حاجيات الشعب اللبناني الذي يعاني كثيرا، والبحث بهدوء عن الية تضمن الحقيقة والعدالة لشهداء تفجير المرفأ، بانتظار متغير إقليمي ودولي قد يساعد على النهوض بلبنان من جديد.
**ماهي الخطوات التي يجب ان تتبعها الحكومة للحد من التوطؤ السياسي على لبنان؟
هذا الامر من المستحيلات حصوله، فجميع القوى اللبنانية تقريبا مرتبطة بأجندات خارجية، منها السياسي ومنها الاقتصادي، ومنها ما هو معادي للبنان ويعمل على انهياره بالكامل، لذلك التواطؤ السياسي هو قائم ومستمر بل يتسع وينمو ويكبر على حساب الشعب اللبناني، وخاصة ان هناك دول كبرى لديها أطماع بثروة لبنان النفطية والغازية، وهذه الدول لن تسمح لاتباعها بالتوقف عن تشنيج الوضع، ومحاولة النيل من المقاومة التي تحمي لبنان، وخاصة ان هذه القوى تعرف بان حزب الله لن يسمح لاحد بان يسرق ثروة لبنان، التي هي حق للشعب اللبناني.
**كلمة ختامية لكم حول هذا الموضوع.
الكلمة الختامية اوجهها الى الجمهورية الإسلامية واشكرها باسمي وباسم الكثيرين على دعمها الدائم للبنان، وهي التي لم تبخل يوما ان كان بهدية التحرير من العدو الإسرائيلي التي قدمته للبنان مرورا بحماية الحدود من التكفيريين الإرهابيين، وما تقدمه من مساعدات غذائية وطبية والمحروقات، وهناك أيضا جانب وهو الحوار الديني التي عملت الجمهورية الإسلامية على تفعيله وهو يبقى المعبر الوحيد لابقاء هذا التواصل بين مختلف اللبنانيين والذي يحافظ على هوية لبنان بالعيش المشترك.
/انتهى/
تعليقك