وكالة مهر للأنباء - القسم الدولي: المقاومين الفلسطينيين يرسمون ملامح مستقبلنا بعيداً عن قمم التطبيع، هذا ما قال الأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي"، زياد النخالة،مؤكدا ان الشعب الفلسطيني اختار مسيرة الجهاد طريقاً للحرية وطريقاً إلى القدس وكل فلسطين.
هذه الكلمات اختصرت واقع الحياة في فلسطين المحتلة الذي يواجه شعبها ابشع انواع العدوان والاحتلال في ظل الدعم الذي يتلقاه من دول الاستكبار والدول المطبعة، فجهاد الشعب الفلسطيني لا يتوقف ابدا رغم اجراءات الاحتلال، لتظهر عمليات الاسود المنفردة في المقاومة الفلسطينية بشكل جلي وواضح فشل المنظومة الأمنية الإسرائيلية وهشاشة هذه البنية الامنية. كما ان عدوان كيان الاحتلال لن يرهب المقاومين بل جرائمه ستعطي نتائج عكسية ولن تمر دون رد انتقامي.
وفي هذا الشأن اجرت مراسلة وكالة مهر، "وردة سعد" حواراً صحفياً مع مسؤول ملف الأسرى والجرحى والشهداء في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين المحتلة الدكتور "جميل عليان"، وأتى نص الحوار على الشكل التالي:
** بعدما اعترف كيان العدو الصهيوني على لسان رئيس وزرائه، نفتالي بينت، أنهم يواجهون موجة عمليات قاتلة، كيف تنظرون الى سلسلة العمليات، وبماذا تتميز عن سابقاتها مثال انتفاضة السكاكين التي استمرت بحسب التقارير الاسرائيلية 7 اشهر ونصف، عام 2015 وأدت الى مقتل 47 صهيونياً ؟
اعتقد ان هناك فروقات كبيرة بين ما يحصل الآن من عمليات عسكرية ناجحة وارهاق للعدو الصهيوني وما بين المحطات السابقة.
بالتأكيد ما يحصل الان هو حلقة متقدمة جدا من النضال الفلسطيني، قدمنا عمليات نوعية في العقود الماضية، ولكن العمليات الحالية تتميز بالتوقيت، فبالتوقيت الذي نشعر فيه بأن العدو أصبح ضعيفاً هشاً متهالكاً او "بالمعنى الاجتماعي دخل بمرحلة الشيخوخة" يجب زيادة العمليات العسكرية حتى ينهار تماماً، وحتى ان القتال اصبح مختلفاً، اصبح على مسافة صفر، كما لاحظنا في النقب وغيرها بأن المجاهد هو سيد الموقف، وبأن الصهاينة هم من يتركون اماكنهم.
النقطة الاخرى انه نحن في مفهومنا لا يوجد مدني في كيان الاحتلال كل من عبر الى فلسطين المحتلة هو ليس مدنيا، ودمه حلال، ولكن المقاتلين يتجنبون النساء والاطفال..
النقطة الثانية؛ هي اتساع هذه العمليات لتشمل النقب الى وادي عرة والشمال وبني باراك وسط تل ابيب، بمعنى شملت العديد من الاراضي الفلسطينية المحتلة في وقت واحد اي خلال اسبوع، وتأتي في ظل هذه الهرولة الغريبة هناك مؤتمر في النقب، هناك في مؤتمرات في أكثر من دولة عربية، هناك مؤامرات على المنطقة تتم، فكان لزاماً علينا ان نكثف جهادنا ورصاصنا ضد العدو الصهيوني حتى نعمل على اجهاض هذه المؤامرات.
ونحن لا ننفي وجود الشعور لدى الفلسطيني بأنه يحقق انجازات كبيرة منذ معركة "سيف القدس" حتى الآن، وادراكه ان العدو الذي سقط بسيف القدس والذي بات غير قادر على الدفاع عن نفسه، لذلك اجدى واحرى بنا ان نواصل هذا الهجوم، بالتأكيد نحن امام مرحلة مختلفة وهناك آفاق للنصر، وكل فلسطيني متفائل بالنصر ان شاء الله.
** هل ترى ان هناك ارتباط بين سلسلة العمليات المتواصلة وبين نتائج معركة سيف القدس ؟
هناك علاقة قوية بين انتصارنا في سيف القدس وبين هذه العمليات التي لم تتوقف منذ سيف القدس سواء اكانت على المستوى الشعبي في الضفة الغربية، في القدس، في حي الجراح، في نابلس، وفي اكثر من منطقة، وحتى التظاهرات الكبيرة التي حصلت في النقب والشمال.
ايضا العمليات العسكرية في الضفة المنتشرة في جنين، في طولكرم، هذه احدى بركات سيف القدس، ونحن منذ انتصارنا في سيف القدس قلنا انه لن نهدأ حتى تحرير كامل الاراضي الفلسطينية، وهذه العمليات هي احدى حلقات النضال الفلسطيني التي لم تتوقف منذ اربعة وسبعين عاما، لكن هذه الحلقة التي يمكن ان نؤرخ لها منذ عام 2015 التي بدأت في الضفة بطعن السكاكين، وبدأها الشهيدين ضياء التلاحمي ومهند الحلبي وسميت بتلك الفترة بإنتفاضة القدس.
هذه مرحلة ممتدة من مراحل الصراع مع العدو، لكن سيف القدس كشفت هشاشة العدو، ووحدت الصف الفلسطيني، التي اخرجت كل شرائح المجتمع الفلسطيني السياسي والاجتماعي وشاركت في معركة واحدة تماما كما حصل في اللد، في يافا، في حيفا، بات هذا العامل عامل المقيمين في الاراضي المغتصبة 48 بات يشكل عاملا تهديدا استراتيجيا للعدو الصهيوني، وباتت مراكز الدراسات الان تدرس هذا التهديد.
ويقول احد القادة العسكريين "الاسرائيلين" كيف لو حصلت معارك بيننا وبين الفلسطينين من قطاع غزة ومن شمال فلسطين بمعنى المقاومة في لبنان، وانضم لها الفلسطيني الموجود في الخط الاخضر وهم تقريبا عددهم مليوني فلسطين، وهم يدركون انهم سيكونون امام واقع صعب لن يستطيعوا التعايش معه.
نحن امام مرحلة جديدة، سيف القدس عنوان كبير جدا للمنطقة وللامة العربية والاسلامية ولمحور المقاومة، وليس لفلسطين فقط، هذا انتصار لكل الشرفاء، لكل من هو في الخندق المعادي لاميركا و"اسرائيل"، سيف القدس هي حلقة من حلقات المقاومة فقد كانت: 2015 ,2014 ,2012 ,2008.
** هل بتقديركم دخلت المواجهة على أرض فلسطين مرحلة جديدة ؟ وما هي أبرز معالمها ؟
نحن نؤكد ان حقوق الفلسطينيين والعودة لن تتم الا من خلال الجهاد والمقاومة، وكل الخيارات الاخرى من تسويات وقرارات دولية وغيرها هي خطوات اليائسين والمنبطحين لن تفيد، اما الخيار الافضل فهو الجهاد ضد العدو، ومن خلال المواجهة نعمل على استنهاض الكل الفلسطيني، نعمل على استنهاض كل المنطقة العربية والاسلامية.
الان المعركة مع العدو دخلت مرحلة جديدة، كل الخيارات الاخرى جربت كإتفاق اوسلو الذي جرب لأكثر من ثلاثين عاما، كل التحالفات في المنطقة ومنتدى النقب مؤخرا، وكل اللقاءات التي حصلت بين العدو الاسرائيلي وبعض الدول العربية المطبعة، لم يحقق امنا لهذا العدو ولم يحقق شرعية له، بل شرعيته اصبحت في مهب الريح امام الآخرين.
هذه المرحلة لا تقبل المواقف الرمادية، نحن نقول انه يجب على الجميع ان يحدد دوره بالظبط اما مع فلسطين اي مع القتال والجهاد والمقاومة، واما مع خيارات اخرى وهي لا تصب في مصلحة قضيتنا، نحن نعتبر ان كل فرد وكل مؤسسة وكل تنظيم وكل زعيم يخرج من اطار الجهاد والمقاومة في وجه العدو الصهيوني فهو مع "اسرائيل" سواء اكان قاصدا لذلك او لم يقصد، نحن يجب ان نغادر المربعات البنية والمواقف الرمادية، وندخل في مربع المقاومة والمجاهدة ضد العدو الصهيوني.
** أي رسائل انطوت عليها هذه العمليات، وتحديدا عملية بني براك البطولية ؟، وكيف تنظرون الى هذا التنوع في العمليات، على مستوى ساحة التنفيذ وتعدد الاساليب وكل ساحات فلسطين ؟
من خلال هذه العمليات وحتى تلك التي حصلت في فجر اليوم الاول من شهر رمضان المبارك، من خلال هذه العمليات نقول ان الجهاد والمقاومة هي الخيار الوحيد والاوحد في التعامل مع هذا العدو.
يجب ان ندرك ان اي خيارات اخرى لن تحقق للفلسطيني ولا للامة اي حق، بل ستدفع هذا العدو للتسيد على المنطقة وعلى العربدة هناك، وبالتالي نقول يجب ان تتوحد الامة جميعا خلف الجهاد والمقاومة، وان تستنفر الامة العربية كل مقدراتها وطاقاتها وامكانياتها للقضية المركزية، ولا يوجد خيارا سوى خيار البندقية في التعامل مع العدو.
هذه العمليات تؤكد للعدو اننا سنواصل المقاومة والمواجهة، وان الخيارات الاخرى باتت بالنسبة لنا ساقطة ولا تعنينا بشيء، كل الاتفاقيات لا تعنينا بشيء، السلطة لا تعنينا بشيء، ما يعنينا هو مواصلة هذا النضال، وان فلسطين كل فلسطين هي ساحة مواجهة، سنواجه في الضفة في النقب في اراضي ال 48 وعلى الحدود ايضا من الشمال ومن الشرق ومن الجنوب، سنواجه هذا العدو بكل امكانياتنا، المعركة بعد سيف القدس باتت تتسع، باتت تتمدد، ادواتها غزيرة، وهذا يدل على ان الشعب الفلسطيني مصر على المضي بهذه الطريق.
** يلاحظ أنه كان لهذه العمليات أصداء واسعة جداً في عمق كيان العدو، وايضا في الشارع الفلسطيني والعربي والاسلامي، كيف تفسرون هذه الظاهرة ؟
طلب رئيس وزراء الكيان الصهيوني من المستوطنين حماية انفسهم، وحمل السلاح خلال تحركاتهم، هذا يعني ان الكيان المحتل فشل في حماية عصاباته، وبالتالي دخلت في مرحلة الفشل والتفكك.
كان الصهاينة يقولون انهم يخافون من ركوب الحافلات خوفا من عمليات استشهادية، اما الآن فيقولون انهم يتجنبون المشي في الشوارع، اصبح هناك خوفا، لا يقتربون من المحطات، لا يقتربون من اماكن التجمعات.
وبالتالي لا تحميهم لا الانفاق ولا الملاجىء الداخلية، هناك تفكك في الجبهة الداخلية، هناك حالة رعب صهيوني، هناك تنصل من رئيس الوزراء بتأمين الحماية لمواطنيه، هناك فشل استخباراتي، هذه الحكومة التي يترأسها بينيت ووزير دفاعه غينتس ورئيس اركانه غوخابي هم افشل فريق يعمل لدى العدو، وهذا ما يساعدنا على التأثير بهم اكبر تأثير ونستطيع من خلال العمليات الاستشهادية اضعافهم اكثر واكثر.
** هل تعتقدون أنه سيكون للعمليات في فلسطين أثر كبير على مخطط التطبيع الذي تنتهجه العديد من الانظمة العربية ؟، وكيف ؟
من طبع مع هذا العدو الصهيوني سواء في البحرين او الامارات او المغرب او حتى في السودان، هذه العلاقات بين الأنظمة والكيان لم تتوقف عبر التاريخ، وهناك انظمة عربية في الوقت الحالي تقيم علاقات في السر، هذه انظمة منهارة، انظمة مفصولة عن شعوبها، مفصولة عن تاريخ وحضارة واهداف المنطقة، هؤلاء سيختبئون بعد هذه العمليات، وشعورهم التام بأن "اسرائيل" لن تستطيع توفير الحماية لهم، وتخلي اميركا عنهم، كل هذا سيجعلهم يشعرون بالضعف.
الذين تحاموا باسرائيل مما يسمى بـ "الخطر الايراني" هم من رهنوا اموالهم وثرواتهم للعدو الصهيوني فقط من اجل حماية انفسهم وحماية افراد من العائلة الحاكمة.
هؤلاء الذين تحاموا باسرائيل مما يسمى بـ "الخطر الايراني" هم من رهنوا اموالهم وثرواتهم للعدو الصهيوني فقط من اجل حماية انفسهم وحماية افراد من العائلة الحاكمة.
التطبيع الان سيختفي، وشعوب المنطقة التي تتفاعل الان كثيرا مع القضية الفلسطينية وهذا ما رأيناه في الملاعب، في الاحتفالات، في الجامعات حتى رأيناها في الفن.
هذه الشعوب التي تحمل في قلوبها مكانة للفلسطينيين لا يمكن ان تترك مكانا للتطبيعيين، التطبيع سيختفي، وبالطبع لم تختف بعض العلاقات بين الانظمة والعدو لان هذه العلاقات قائمة على ما يسمى مشيخات وظيفية اقيمت من اجل حماية العدو الصهيوني وحماية المصالح البريطانية في ذاك الوقت، والمصالح الاميركية الان، الا ان هذه المشيخات لن يكون لها دورا في المنطقة ولا قوة وستنتهي ، ورأينا كيف ان صاروخا واحدا على الامارات اربك حسابات وقلب سياسات رأسا على عقب".
** رغم هرولة البعض للتطبيع مع كيان العدو، كيف تقيمون افاق المشهد الاقليمي والدولي وانعكاسه على مستقبل الصراع ضد العدو الصهيوني ؟
الكل يدرك بأن المشهد الدولي الحالي يمر بتغييرات ومتغيرات كثيرة، وهذه المتغيرات لن تكون لصالح القطب الواحد، ولن تكون لصالح الهيمنة والعربدة الاميركية. فاميركا التي بدات تخرج من الكثير من المناطق في العالم مذلولة كما افغانستان والعراق وسوريا، والان تفشل في اليمن، وفشلت في حصارها على ايران، وهي تريد العودة الى الاتفاق النووي كما تريد الا ان ايران تذلها اشد الذل، ايضا ما يحدث في اوكرانيا والنفوذ الاميركي الذي بدأ يهتز، ويدرك الجميع انها غير قادرة على حماية نفوذها وحماية عملائها في العالم، هذا يعني اننا امام نظام عالمي يتشكل من جديد.
قال سماحة السيد حسن نصر الله انه اذا خرجت اميركا من المنطقة لن نحتاج الى حرب لازالة إسرائيل
اضف الى ذلك ان ضعف الدعم الاميركي لـ"إسرائيل" الامر الذي سيؤدي الى انهيار "اسرائيل" من دون حرب كما قال سماحة السيد حسن نصر الله:" اذا خرجت اميركا من المنطقة لن نحتاج الى حرب لازالة إسرائيل"، وهذا ما نراه ان اميركا خرجت من العديد من الدول في الشرق الاوسط، وها هي تنهار في اوروبا الشرقية.
ايضا هناك الخلافات الاوروبية واوروبا تتفكك امام الازمة الاوكرانية، رأينا كيف المانيا خرجت عن الخط، رأينا كيف فرنسا لها اجتهادات اخرى، حتى بريطانيا، اميركا الان لا تستطيع السيطرة على القرار الاوروبي، لا تستطيع حتى السيطرة على القرار "الاسرائيلي"، نحن امام مشهد اقليمي دولي تتراجع فيه اميركا، ويتم تشكيل اقطاب جديدة، مع نظام عالمي متعدد الاقطاب، وهذا ليس في صالح "اسرائيل" ولا اميركا وبالتالي لا يصب في خانة الدول العربية المطبعة، نحن امام مشهد جديد ربما المنطقة ستتحرر من نفوذ اميركي جديد خلال السنوات القادمة؛ وهذا التحرر سيتبعه تحرر من العدو الصهيوني في منطقتنا.
نحن مؤمنون ان هذا المشهد يصب في خانة القضية الفلسطينية، وهذا يعني ان على محور المقاومة ان يضع خططه وادواته للمرحلة المقبلة، نحن على ثقة بأن محور المقاومة لديه من القيادات ما يؤهله ان يحدد خطواته المستقبلية بدقة، يجب علينا الان ان نكثف ضغطنا، وان نستخدم ادوات غير تلك التي كانت تستخدم سابقا من اجل ارهاق العدو، "إسرائيل" تخشى من المحور، تخشى من اليمن، ايران من سوريا، من العراق، علينا ان نزيد من وتيرة الضغط من هذه الاطراف التي تخشاها "اسرائيل" على سبيل المناورة، وهنا نضيف تهديدا جديدا للعدو الصهيوني، يجعلهم عاجزين عن القيام بأي شيء"./انتهى/
تعليقك