١٥‏/١٠‏/٢٠٢٣، ١١:٢٧ م

د.طلال عتريس لِمِهر:

حزب الله لم يسمح للعدو بخرق معادلة قواعد الاشتباك التي كرّسها عام 2006

حزب الله لم يسمح للعدو بخرق معادلة قواعد الاشتباك التي كرّسها عام 2006

أكد أستاذ علم الاجتماع ومدير معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية "د.طلال عتريس" أن أمريكا تخاف من توسيع الحرب و تغيير موازين القوى، وهي غير مستعدة الان لهذه الحرب بظل انشغالها في روسيا.

وكالة مهر للأنباء_ القسم الدولي: لازلنا نعيش مجريات عملية "طوفان الأقصى" المباركة، التي أعلنت عنها حركة المقاومة الإسلامية حماس، السبت الماضي، وأسفرت عن مقتل أكثر من 1400 مُحتل صهيوني.

وأظهرت المقاومة الفلسطينية في هذه المعركة، قدرة عسكرية كبيرة، فاجأت العدو والصديق، وكانت العملية بمثابة زلزال كبير ضرب المنظومة الأمنية الصهيونية، وحطم أسطورته الهلامية بأنه الجيش الذي لايقهر.

ومنذ انطلاق العملية، أعلن حزب الله وقوفه إلى جانب المقاومة الفلسطينية، واتبع أسلوب المشاغلة، بعمليات نوعية على الحدود شمال فلسطين المحتلة.

والسؤال المهم الذي يبحث عن إجابته الجميع، هل سيدخل حزب الله بشكل مباشر بهذه المعركة، وماذا لو دخل، هل سندخل في حرب إقليمية تُشعل المنطقة.

لكل هذا وأكثر، أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء، الأستاذة "وردة سعد"، حواراً صحفياً مع أستاذ علم الاجتماع ومدير معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، الدكتور طلال عتريس، وجاء الحوار على الشكل:

في الايام القليلة الماضية جرت عدة حوادث عسكرية على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة.. بعضها اعلن حزب الله مسؤوليته عنها.. فما هي الرسائل والدلالات التي تحملها هذه الحوادث؟ وهل ترى انها تخرق قواعد الاشتباك والمعادلات التي اقامتها المقاومة في لبنان مع جيش الاحتلال منذ العام 2006 ؟

حزب الله منذ بداية العملية الكبرى "طوفان الاقصى" والتي حققت انجاز غير مسبوق ليس فقط في تاريخ الصراع مع العدو بل حتى في مستقبل هذا العدو، وهو الانجاز الذي وصفته الصحافة العبرية والمسؤولون الاسرائيليون على مختلف مستوياتهم بأنه الزلزال الكبير الذي لم تشهد مثله "اسرائيل" او هذا الكيان عبر عدة مراحل مر بها.

منذ البداية حزب الله كان على اعلى درجة من الاستنفار والاستعداد لمواجهة اي تطورات محتملة، الهدف الاساس كان اعلان ان حزب الله معني تمام بما يجري في فلسطين، وقال السيد هاشم صفي الدين بأننا لسنا على الحياد بهذه المعركة، واننا معنيون تماما بما يجري وبتفاصيل ما يجري، ولذلك اراد حزب الله منذ البداية ومنذ الساعات الاولى ان يشتت تركيز العدو الاسرائيلي بحيث لا يطمئن هذا العدو ان جبهة الجنوب اللبناني هادئة ومستقرة، ولهذا اضطر العدو لحشد الاف الجنود على هذه الجبهة، هذه نقطة اساسية.

اما النقطة الثانية فهي ان حزب الله لم يسمح للعدو الاسرائيلي بخرق المعادلة السابقة معادلة قواعد الاشتباك التي تكرست منذ عام 2006، اي هو لم يسمح للاسرائيلي بأي قصف سواء على المدنيين او بالاعتداء على اي شخص سواء من المقاومة او غيرها، ولهذا السبب بادرت المقاومة الى قصف مواقع في شبعا بإعتبار انها مواقع محتلة وأرض لبنانية، ورسالة موجهة بأن حزب الله جاهز للانخراط في المعركة، والاشتباكات اللاحقة التي حصلت أكدت ان الهدف مما يجري في جنوب لبنان منذ الايام الاولى ولغاية الان اولا اعلان ان حزب الله هو جزء من هذه المعركة وان لم يتخذ القرار بعد بالمشاركة الواسعة والحرب الواسعة.

والنقطة الثانية ان العدو لا يجب ان يطمئن الى ان هذه الجبهة هادئة ويتفرد هو في الحرب بغزة.

النقطة الثالثة هي تثبيت قواعد الاشتباك بحيث لا يعتقد العدو بأنه يستطيع ان يفعل بجنوب لبنان بحجة ان هناك حرب يخوضها في غزة.

الجميع بات يوجه نظره الى جبهة جنوب لبنان، وسط كم هائل من التحليلات وقدر يسير من المعلومات.. فهل ترى ان المقاومة في لبنان ستحرك قواتها في اطار المواجهة القائمة الان في غزة بين جيش الاحتلال والمقاومة الفلسطينية؟ وما هي الظروف التي ستؤدي الى تحريك قوات المقاومة في لبنان ضد كيان الاحتلال؟

لغاية الان لا تزال المواجهات في جنوب لبنان تحت استراتيجية الضبط والإشغال وتشتيت تركيز العدو، وإعلان الجهوزية والاستعداد، هذا ما يمكن ان نصف به ما يجري في جنوب لبنان... كل العالم مشغولة بموقف حزب الله، الأميركيون والأوروبيون والقوى الإقليمية الاخرى تريد ان تعرف هل سيشارك الحزب بشكل واسع في هذه المعركة ؟ لماذا يطرح هذا السؤال؟ لان الجميع يعرف ان قرار حزب الله هو قرار يمكن ان يشعل المنطقة برمتها، يمكن ان يشكل تغيير كبير في طبيعة الحرب، يمكن ان يؤدي الى انخراط قوى إقليمية كبرى في الحرب، ولهذا السبب الجميع يسأل عن موقف حزب الله، يمكن ان نستنتج من تصريحات ومواقف لقادة حزب الله ان الحزب على اتم الجهوزية للانخراط الواسع في الحرب، وهذا امر من الخيارات الموضوعة على الطاولة، ومن السيناريوهات المحتملة، لكن هكذا قرار لا يتخذ بهذه السهولة او بالاندفاع العاطفي الذي يطالب به بعض الناس، هذا قرار على اعلى مستوى في محور المقاومة وبين قيادات محور المقاومة.

والنقطة الثانية ان المقاومة في فلسطين لا تحتاج الى مثل هذا التدخل، الضربة القاسية والزلازل الذي تعرضت له القوات الاسرائيلية في "طوفان الاقصى" اثبت ان حماس بالدرجة الاولى والجهاد هي صاحبة المبادرة، ويجب ان تكون صاحبة الانتصار، لهذا حزب الله لا يرسل رسائل الاطمئنان الى الدول الكبرى المهتمة بمعرفة موقفه ويعمل لاشغال العدو الاسرائيلي على جبهة الجنوب، وهو على اتم الاستعداد لاي احتمال لكن في الوقت نفسه اعلان الحرب او الدخول الواسع في الحرب لن يختصر على جبهة الجنوب ولهذا السبب هذا القرار يحتاج الى ان يكون هناك حاجة فلسطينية لمثل هذا التدخل وهذه الحاجة غير موجودة الان، المقاومة في فلسطين لا تزال صاحبة المبادرة على الرغم من القتل الوحشي للمدنيين في غزة، اذن لغاية الان لا يبدو ان خيار توسيع الحرب على المستوى الإقليمي والدولي هو الخيار الاقوى حاليا.

المسؤولون الاميركيون صرحوا بان الحشود العسكرية التي اتوا بها الى المنطقة تستهدف منع توسع الحرب، وردع اعداء "اسرائيل" من استغلال الظروف لمهاجمتها.. فهل المقصود من ذلك حزب الله تحديدا برأيكم؟ وهل تعتقدون ان وجود حاملة طائرات اميركية سيرعب المقاومة ويردعها كما يتوخى الاميركيون ؟

الوجود العسكري في المنطقة هو لحماية اسرائيل بالدرجة الاولى، وهو لحماية الكيان الذي تبين بعد طوفان الاقصى انه لم يعد قادرا على حماية نفسه، هذه النتيجة الإستراتيجية الاولى، ووجود مثل هذه الاساطيل لا يردع حزب الله بأي شكل من الاشكال، ولا حتى يردع المقاومة في فلسطين.. نعم قد يهدف الى عدم توسيع الحرب لان الذي يقود اليوم المعارك داخل فلسطين على المستوى العسكري والسياسي هي الولايات المتحدة الاميركية لانها تريد ان تمنع نتنياهو من ان يرتكب اي حماقة قد تؤدي الى توسيع الحرب، الولايات المتحدة لا تريد توسيع الحرب لانها تخاف من توسيعها ومن تغيير موازين القوى، وهي غير مستعدة الان لهذه الحرب بظل انشغالها في روسيا وبدأنا نقرأ عن الولايات المتحدة انها لا تنصح بحرب برية، ولا حاجة لدخول بري في غزة.

حاملة الطائرات لن تغير شيئا، الولايات المتحدة كانت موجودة في العراق وخرجت مهزومة، كانت موجودة في أفغانستان وخرجت مهزومة واتت الى لبنان مطلع الثمانينات وكان جنودها موجودين على الارض وخرجوا ايضا في ليلة ليلاء، بالتالي كل هذه الاساطيل لن تغير من طبيعة المعادلة شيئا، لن تغير من الهزيمة الساحقة للكيان، ولن تغير شيئا من عزيمة المقاومة، بالعكس اذا نزل الجنود الأمريكيون على الارض تكون فرصة لقتال العدو الاصيل بدل الوكيل الذي هو "اسرائيل.

هناك حركة ديبلوماسية ناشطة بين العواصم المعنية وخصوصا في بيروت، شاركت فيها السفيرة الاميركية التي عادت على عجل من الخارج، اضافة الى سفراء فرنسا وقطر ومصر.. فهل لديكم صورة عما يجري في هذه الاتصالات؟ وما الذي طلبته السفيرة شيا من الرئيس بري تحديدا؟

حركة السفراء والديبلوماسيين هي جزء من التوجه الاميركي في المنطقة الذي يخشى من توسع الحرب ويخشى ان يكون حزب الله طرف مباشر في هذه الحرب، كل الاتصالات تريد ان تطمئن الى ان الامور تحت السيطرة وبأن الحرب لن تتوسع، وبأن الولايات المتحدة لن تتورط في هذه الحرب، ربما السفيرة الاميركية ارادت ان تحصل على اطمئنان سواء من لقاءاتها مع الرئيس بري وغيره وحتى السفراء الاخرين ارادوا ان يطمئنوا على هذه النقطة ولم يحصلوا على اي اطمئنان ولا جواب لان حزب الله لم يقدم مثل هكذا اجوبة لا الى المسؤولين اللبنانيين ولا الى اي وسيط من الوسطاء، السياسة هي سياسة الغموض البناء، وبنفس الوقت الاشتباك المحدود والاستعداد الواسع لكل الاحتمالات.
الاتصالات مع حزب الله كما سبق وقلنا وكما اشار سماحة الشيخ نعيم قاسم لم تحصل على ما تريد، معظم الاطراف تأتي لتثبت ان لها دور في هذه الظروف الإقليمية والخطيرة في الوقت نفسه، وكل طرف يريد ان يثبت انه حصل على الإجابات اللازمة ليسوقها في دوائر دولية او ما شابه ذلك.

حزب الله لم يفصح عن رأيه او عن استراتيجيته في ان يوسع الحرب او لا وكيف سيتصرف في حال توسعت؟ هذه استراتيجية عسكرية أمنية إقليمية مرتبطة بكل محور المقاومة، ودائما حزب الله بحسب التجربة والخبرة لا يكشف مثل هذه الامور، على الاخرين ان يراقبوا ويستنتجوا ويحللوا، لكن حزب الله في نفس الوقت يعمل بشكل علني وواضح في الاشتباك مع الاسرائيلي في مجالات محددة، اشغال الاسرائيلي، المحافظة على قواعد الاشتباك دون ان يرسل اي رسالة تطمين لا الى الاسرائيلي ولا الى الموفدين الدوليين او الإقليميين ليبقى الجميع في حالو عدم معرفة ما يمكن ان يفعله حزب الله وهذه مسألة اساسية في مثل هذه الحرب التي تبقى مفتوحة على كل الاحتمالات.

نعود الى الميدان في ساحة الجنوب والحدود اللبنانية مع الاراضي المحتلة، حيث عمدت سلطات الاحتلال الى ابعاد سكان المستوطنات الحدودية وحولتها الى ثكنات عسكرية.. ولكن القرى اللبنانية المقابلة ما زالت تعيش حياة طبيعية.. كيف تفسر هذه الظاهرة ؟ وما دلالاتها النفسية والعسكرية ؟

على مستوى القرى الحدودية لا يزال معظم الناس يعيشون في بيوتهم وقراهم، وبدأ موسم قطاف الزيتون وهم يذهبون الى الحقول ولا يخافون اي شيء، وهذا له علاقة بالثقة بالمقاومة ما بعد2006 وتراكم الثقة عند الناس، بحيث يشعرون بالحماية وبأن العدو لن يجرأ على قصف المدنيين هذه مسألة مهمة، وهذه هي قواعد الاشتباك التي تكرست، في حين ان الوضع المقابل عكس تماما، اليوم اليهود المستوطنين الذين يعيشون في المستوطنات بغلاف غزة لا يريدون العودة الى بيوتهم، ولن يعودوا اصلا بسبب الخوف مما حصل، وبسبب عدم الثقة في قدرة الجيش الاسرائيلي على حمايتهم، هذه هي المعادلة الجديدة.
من جهة العدو ليس هناك اي ثقة بأن الجيش يستطيع حمايتهم، بينما من جهة لبنان والجنوب اللبناني اللبنانيون يعيشون بملء الثقة لان هناك من يحميهم.
النقطة التي يمكن اضافتها بأن الكيان الاسرائيلي وبعد طوفان الاقصى لم يعد مكانا امنا للمستوطنين اليهود، يعني فكرة "اسرائيل" التي تأسست على انها المكان الامن لليهود في العالم انتهت، اصبح كل العالم أكثر امانا لليهود من "اسرائيل" وهذا يعني ان ما بعد الحرب او المفاوضات او الأسرى سيبدأ المستوطنون بمغادرة هذا الكيان، معظم هؤلاء يحملون جنسية ثانية، سيرحلون بصمت ولن يبقى اي شخص يدافع عن هذا الكيان او عن فكرة البقاء في هذا الكيان بالعكس الفكرة اليوم هي الدفاع لمغادرة هذا الكيان وبالتالي هذا من الامور التي ستعجل ليس فقط في مشروع سقوط "اسرائيل" بل في سقوط الكيان نفسه.

/انتهى/

رمز الخبر 1937646

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha