٢٩‏/٠١‏/٢٠٢٤، ١:٢٤ ص

دكتور بالقانون الدولي لِمِهر:

المقاومة كلٌّ لايتجزاً وعلينا الاستمرار بالمعركة القانونية إلى جانب المعركة على الأرض

المقاومة كلٌّ لايتجزاً وعلينا الاستمرار بالمعركة القانونية إلى جانب المعركة على الأرض

أكد الخبير بالقانون الدولي د.محمد يوسف، أن محكمة العدل الدولية هي أعلى هيئة قضائية مستقلة في العالم وقراراتها ملزمة التنفيذ، و سيبقى أثرها ممتداً إلى عقود، لافتاً إلى ان وجود احتمال بإدانة الاحتلال بالإبادة الجماعية سيدفع الدول الداعمة له _وخاصة بالسلاح_ لإعادة التفكير كونها ستكون شريكة بالجرم.

وكالة مهر للأنباء_ عبادة عزّت أمين: شددت محكمة العدل الدولية؛ في الجلسة التي أعلنت فيها قرارها بشأن التدابير المؤقتة التي طلبتها جنوب أفريقيا في قضيتها ضد الكيان الصهيوني المتعلقة بتطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة، على ضرورة أن يتخذ الكيان الصهيوني كل ما بوسعه لمنع جميع الأعمال التي تتضمنها المادة الثانية من اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.

وعلى وجه الخصوص الأعمال المتعلقة بقتل أعضاء من جماعة أو إلحاق أذى جسدي أو نفسي خطير بهم أو إخضاع الجماعة- عمدا- لظروف معيشية يراد بها تدميرها كليا أو جزئيا.

وقالت رئيسة المحكمة "جون دوناهيو" في الجلسة: "إن على إسرائيل ضمان عدم قيام قواتها بأي من تلك الأعمال المذكورة سابقا، وأن تتخذ إجراءات لمنع ومعاقبة المشاركة في التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية فيما يتعلق بالفلسطينيين".

قراراتٌ لاتزال حديث العالم، فبين مؤيد لها معتبراً إياها انتصاراً قانونياً تاريخياً للشعب الفلسطيني، وآخراً يرى أنها لم ترقى للمستوى المطلوب خاصة أنه لم يتم إلزام الكيان بوقف إطلاق النار، وثالثاً لا يلقي انتباهاً للمنظمات والهيئات الدولية أًصلاً _فجميعهم متواطؤن برأيه_ لاتزال جرائم الاحتلال مستمرة إلى زمان كتابة هذه السطور.

ولبحث القضية من ناحية القانون الدولي، وامتثالاً للتوجيه الإلهي "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ" اجرى مراسل وكالة مهر للأنباء، عبادة عزّت أمين، حواراً صحفياً مع الخبير في القانون الدولي، الدكتور محمد يوسف، وجاء نص الحوار على النحو التالي:

ركٌزت محكمة العدل الدولية، في قرارها المتخذ بشأن الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا بخصوص الحرب على غزة، على المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية هل لك دكتورنا الكريم أن تطلعنا على اتفاقية الإبادة الجماعية بشكل عام والمادة الثانية منها بشكل خاص؟

اتفاقية الإبادة الجماعية؛ الأمر قد يكون مثير للدهشة ومضحك قليلاً، فالذي بادر ودفع المجتمع الدولي والأمم المتحدة لإنشاء اتفاقية دولية تخص الإبادة الجماعية هو كيان الاحتلال. اتفاقية الإبادة الجماعية أوجدت عام 1948 بعد قيام الكيان الصهيوني، فالكيان الصهيوني لكي يضمن أن لاتتكرر "حادثة الهولوكوست"، كان يحث المجتمع الدولي على إنشاء اتفاقية تضمن عدم تكرار "الهولوكوست" ولكن هذه الاتفاقية تم استخدامها ضد هذا الكيان الذي جُلِبَ لأوّل مرة في التاريخ الحديث إلى محكمة العدل الدولية، ووضع في قفص الاتهام، ويحاكم بناء على اتفاقية هو من حث المجتمع الدولي عليها، كما أن مُصطلح "genocide" "الإبادة الجماعية" هو مصطلح أوجد من قبل قانوني يهودي كان من الناجين من "الهولوكوست" هو من أنشأ هذا المصطلح، والآن هذه المصطلحات وهذه الاتفاقيات تنقلب وبالاً على من جاء بها.

بالنسبة لاتفاقيات الإبادة الجماعية، وُقِعَت في عام 1948 تتضمن سلسلة من المواد التي تضمن حماية المدنيين وحماية الجماعات العرقية والإثنية والقومية من أي أعمال قد تؤدي إلى إلحاق ضرر جسدي أو إخضاعهم لظروف معيشية صعبة يرادبها تدميرهم كلياً أو جزئياً.

وهنا أشير إلى سؤال البعض: "لماذا لم يتضمن قرار المحكمة وقف إطلاق النار؟" لأنه هنا ليس من صلاحيات محكمة العدل الدولية إصدار قرار بوقف إطلاق النار، وخاصة أن الطرفين المتخاصمين هنا، المُدّعي والمُدَّعى عليه، جنوب إفريقيا والكيان الصهيوني، ليسا في حالة حرب، إنما الحرب بين فلسطين والكيان الصهيوني، لذلك لايمكن المطالبة بوقف إطلاق النار في هذه الحالة.

المحكمة كانت ذكية بالتعاطي مع هذه الحالة، فلكي تلتف على هذا الأمر؛ أن ليس لديها صلاحية بإصدار قرار بوقف إطلاق النار، قامت بالاستناد إلى المادة الثانية، والتي تعدد سلسلة من الاعمال وتعتبر أن القيام بأحد هذه الأعمال بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية، إثنية،عرقية، أو دينية هو يندرج ضمن المادة الثانية من الاتفاق

كقتل أعضاء من الجماعة

إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم لأعضاء هذه الجماعة

إخضاعهم عمداً لظروف معيشية صعبة يراد بها تدميرهم كلياً أو جزئياً

فرض تدابير تستهدف هذه الجماعة وتحول دون إنجاب الأطفال

نقل الأطفال بالقوة من مجموعة إلى مجموعة أخرى.

ولكن هنا في حالة فلسطين كان التركيز على البنود الثلاثة الاولى.

اعتبر الكثيرون أن قرار المحكمة هو انتصار للجانب الفلسطيني، وذلك لكونه أول قرار يدين الكيان الصهيوني _ ولو إدان ضمنية_ وفيه كسر لشرعية الكيان الصهيوني القانونية. كيف تقرأون القرار، وهل فعلا هو انتصار للجانب الفلسطيني؟

بداية يجب أن نعلم أن محكمة العدل الدولية، هية أعلى هيئة قضائية مستقلة في العالم، بمعنى أنه أي كلمة أو أي إدانة تصدر عن هذه الهيئة القضائية المستقلة سيبقى أثرها ممتداً إلى عقود من الزمن ولا يمكن أن ينتهي ويمكن ان يبنى عليه في المستقبل، لأن محكمة العدل الدولية هي أعلى هيئة قضائية مستقلة في العالم وقراراتها ملزمة التنفيذ وإن افتقرت في بعض الأحيان للأدوات التنفيذية ولكنها ملزمة في كافة الأحوال.

لماذا هذا القرار تاريخي؟ لأنه لأول مرة في التاريخ يوضع الكيان الصهيوني في قفص الاتهام، نعم الذي صدر هو تدابير مؤقتة ولكن هذا لايعني أن القضية انتهت، الدارسيين للقانون الدولي والمطلعين على مسار محكمة العدل الدولية , والتقاضي فيها، يعلمون أن التقاضي في محكمة العدل الدولية يستمر لسنوات عديدة ولايصدر الحكم النهائي في عدة أيام ولكن التدابير المؤقتة يمكن أن تصدر خلال أسابيع، فلذلك موضوع اتهام الكيان الصهيوني في الإبادة الجماعية هو مستمر، والمحكمة طلبت من الكيان أن يزودها بتقرير شهري حول أداءه والتزامه بالتدابير المؤقتة، ولذلك وانطلاقاً من هذه النقطة يمكن القول انه تم وضع الكيان الصهيوني في قفص الاتهام.

وأيضاً تم الإشارة إلى موضوع أنه توجد أُسُس معقولة للاعتقاد بأن الكيان الصهيوني قد يكون ارتكب الإبادة الجماعية، وتم الإشارة إلى تصريحات المسؤوليين وأيضاً إلى موضوع النية الجرمية. وجريمة الإبادة الجمعية تتكون من عنصرين، العنصر المادي وهو "الفعل الجرمي" والعنصر المعنوي وهو "النية الجرمية". العنصر المعنوي يكون هو الاصعب دائماً، لأن عبء الإثبات هو ما يواجه الحقوققيين دائماً، فأن تثبت أن الكيان الصهيوني كان لديه النية فعلاً لإبادة الفلسطينيين جزئياً أو كلياً، يحتاج جهد كبير، وهذا ما استطاع فريق جنوب إفريقيا أن يقدمه بصورة رائعة صراحةً، واستشهد بتصريحات مسؤولين الاحتلال الرسميين، والتي يتم اتخاذها على محمل الجد، واستشهدت بها المحكمة بقرارها أيضاً وهذا برأيي نقطة مُبشّرة.

ونقطة أخرى، بما أن قرارات المحكمة قرارات مُلزِمة، وبما أن قرار التدابير المؤقتة اتُخِد والتعاطي مع القضية واصدار قرار بشأن القضية لايزال مستمراً والدعوى لاتزال قائمة، وهذا يعني احتمال أن تدان "إسرائيل" بالإبادة الجماعية، هو احتمال موجود وبقوة، هذا يدفع الدول التي تدعم الاحتلال وبالذات الدول الداعمة له بالسلاح أن تعيد التفكير برأييها، لأنه في حال صدر قرار الإبادة الجماعية ضد الكيان سيكونون في قفص الاتهام معه بسبب الاشتراك الجرمي، بسبب كونهم ساهموا ودعموا في الإبادة الجماعية، هذا سيدعو داعمي الاحتلال لإعادة التفكير كثيراً قبل أن يمدوا الكيان بالسلاح. لنأخذ ألمانيا على سبيل المثال، قبل صدور القرار قالت سنلتزم بقرار المحكمة، وقرار المحكمة صدر الآن، وأعتقد أن ألمانيا في هذه المرحلة ستراجع سياساتها يشأن تصدير السلاح إلى الكيان الصهيوني.

ونقطة أخرى أيضاً موضوع مسار المحكمة الجنائية الدولية، المحكمة الجنائية الدولية كانت تتردد إلى الآن بالمضي قدماً بمحاكمة قادة الكيان الصهيوني فيما يخص جرائم الحرب التي ارتكبوها، طبعاً المحكمة الجنائية الدولية تحاكم أشخاص، ولايحق لها ان تحاكم دول وكيانات سياسية، محكمة العدل الدولية هي التي تحاكم الكيانات السياسية، ولكن قرار المحكمة الدولية سيكون له تأثير فوري يتمثل بتعزيز الإجراءات أمام المحكمة الجنائية الدولية والتي أصبحت الآن تتمتع بأساس قوي ومتين لا يقبل الجدل وعليها المضي قدماً بهذه النقطة.

طبعاً جريمة الإبادة الجماعية هي أم الجرائيم، لذلك الكيان الصهيوني يرتعد ويرتجف منها لأنه من يوسم بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية يتحول إلى كيان منبوذ وستحاول جميع الدول أن تتجب التعاطي معه وان يكون لها أي نوع من العلاقات معه.

على الجانب الآخر، استنكر البعض إحجام محكمة العدل الدولية عن إصدار قرار يلزم الكيان الصهيوني بوقف فوري لإطلاق النار رغم إقرارها الضمني بارتكاب العدو للإبادة الجماعية، كيف تعلقون على هذا الأمر، وهل ذلك من صلاحيات المحكمة؟

السبب في ذلك يرجع إلى أن كون النزاع هنا لايخص الأطراف في القضية، لايوجد نزاع مسلح بين جنوب إفريقيا والكيان الصهيوني، بل عندما طرحت جنوب إفريقيا هذه الدعوة وأحالتها لمحكمة العدل الدولية، كان بناء على المادة التاسعة في اتفاقية منع الإبادة الجماعية وتقول أنه عندما يحدث خلاف على تفسير اتفاقية الإبادة الجماعية بين بين أحد أطراف هذه الاتفاقية فيحق لهم إحالة هذه القضية إلى محكمة العدل الدولية، وبما ان الكيان الصهيوني وجنوب إفريقيا كلاهما طرف في الاتفاقية، فاستطاعوا إحالتها إلى الاتفاقية.

هناك بعض الأشخاص استشهدوا بقضية روسيا وأكرانيا وانه في حالتهم تم فرض وقف إطلاق نار، ذلك تم لكون الطرفين المتحاربين هم الأطراف الرئيسية في القضية، فأكرانية هي التي احالت القضية للمحمة، وكلاهما كان طرف في القضية، فلا يمكن إسقاط هذا المثال على قضية فلسطين، أساساً جنوب إفريقيا ووفقاً لتصريح وزيرة خارجيتها، قالت: "نحن لم نطلب في قرارنا وقف إطلاق النار، ولكن طالبنا بوقف قتل المدنيين". ولا يحدث وقف قتل المدنيين إلا بوقف إطلاق النار، برأيي كان أسلوب المحكمة وتعاطيها مع هذا الموضوع، والالتفاف على هذه العقبة كان خلّاقاً وإبداعياً لأنها استندت إلى المادة الثانية والتي تدعو لوقف قتل المدنيين ووقف تدمير الظروف المعيشية ووقف الهجمات على قطاع الولادة والاطباء ونص القرار على تشغيل المستشفيات وإيصال المساعدات الإنسانية، وهذا من الناحية العملية يتطلب الالتزام بأحكام المادة الثانية بوقف القصف وهو عملياً وقف إطلاق النار بالنهاية وإن تغير المسمى.

اعتبر بعض المحللين، أن قرار المحكمة يضفي صفة شرعية على المظاهرات في أرجاء العالم المعادية للكيان الصهيوني. كيف تعلقون على هذه التحليلات، وهل فعلا أصبح للاعتراضات العالمية صفة شرعية بعد قرار محكمة العدل الدولية؟

قبل هذا القرار أساساً، التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني، صمود المقاومة الفلسطينية على الأرض، التعاطي الإعلامي بشكل إبداعي لترويج السردية الفلسطينية هذه المرة سواءاً من المقاومة، من المقاومة من السياسيين من أبناء الشعب الفلسطيني من المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، كان بصراحة ملفتاً للانتباه وإبداعي جداً، وهذا أساساً ما دعى جميع الشعوب في أنحاء العالم إلى تبني السردية الفلسطينية بدلاً من تبنّي السردية الصهيونية الذين بنوا عليها 77 سنة ورأينا كيف استطاع مثلاً بعض الرموز مثل "العم ابو ضياء" الملتحي الذي استطاع بابتسامته وبصبره وبكلماته اللطيفة، نسف الرواية الغربية والصهيونية التي لطالما روّجت ان الشخص الملتحي والمتديين وصاحب اللباس الديني، هو الشخص الإرهابي وهو القاتل وهو المجرم، صمود اهل غزة وتكرارهم قول الحمد لله رغم ما يحل بهم من دمار وقتل وإجرام، فتح الباب للجميع على إعادة النظر بموضوع نظرتهم تجاه الإسلام، الكثيرين دخلوا في الدين الإسلامي، والكثيرين بدأوا يتبنّوا السردية الفلسطينية الكثيرين بدأوا بمراجعة نفسهم في موضوع تبني الرواية والسردية الرسمية التي تقدمها حكوماتهم بشكل عام

لذلك برأيي ما قبل قرار المحكمة أساساً، تضحيات الشعب الفلسطيني وصموده على أرضه هو الذي دعا جميع العالم العالم لتبنّي السردية الفلسطينية. وفي هذا الصدد أورد استطلاع لافت للانتباه أجرته إحدى المؤسسات الأمريكية، يقول أن اليوم 54% من الشباب الأمريكي _هذا لم يحدث في التاريخ_ لا يعتقدون فقط بحل الدولتين يعتقدون أن فلسطين يجب أن تكون حرة من البحر إلى النهر وأن هذا الكيان الصهيوني لايحق له التواجد على هذه الأرض. نحن اليوم أمام جيل جديد داعم للقضية الفلسطينية، الكيان الصهيوني في مأزق استراتيجي كبير، تخصر التأييد الشعبي والعالمي وهي مدركة لذلك، وهذا يبرر وحشيتها ومجازرها.

بالتأكيد قرار المحكمة سيعزز هذا التحرك، لأن الآن أصبح هناك قرار قانوني من اعلى هيئة قضائية مستقلة يدعم هذا التوجه، لمّح لوجود أسباب معقولة لإدانة هذا الكيان بارتكاب مجازر جماعية، يشجع الآن المحمة الجنائية الدولية لفتح مسار التحقيق، الآن أصبح هنالك أساس قانوني معقول، أيضاً هذا القرار يشجع الدول العربية والإسلامية التي تتردد بإدخال المساعدات وفتح المعابر، على إدخالها، اليوم أعلى هيئة قضائية في العالم تقول أنه يجب إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، ماذا تبقّى؟ اليوم المتردد الذي يقول هناك عقبات وأن الأمر معقد، اليوم أعلى هيئة قضائية تقول أنه إدخال المساعدات إلى قطاع غزة قرار ملزم، أدخل المساعدات ومن يعارضك قل له أنا أستند إلى قرار محكمة العدل الدولية، اليوم لايوجد حجة لأي دولة عربية أو إسلامية أو غير إسلامية، بالتبرير بأن هناك عقبات وان هناك أمور لوجستية، اليوم لايوجد أي حجة أبداً، قرار المحكمة نسف كل هذه الحجج جميعاً.

ماذا لو لم يلتزم الكيان الصهيوني بقرارات المحكمة، ما الإجراءات التي يمكن للمحكمة اتخاذها في حال استمرت أعمال الإبادة الجماعية في غزة وفشل الكيان الصهيوني بتقديم تقارير تنفي التهمة عنه؟

هذا السؤال مهم جداً، ماذا لو لم يلتزم الكيان الصهيوني بقرارات المحكمة؟

طبعاً القانون الدولي يعمل كالتالي، قرارات محكمة العدل الدولية هي قرارات مُلزمة، وفي حال لم تلتزم الدولة التي صدرت بحقها هذه القرارات يتم اللجوء إلى مجلس الأمن، وأنا مُستغرب من سرعة الإجراءات وهذا تحول كبير في تعاطي المجتمع الدولي. الامين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيرش" أهاب بالمسؤولين في الامم المتحدة إلى إحالة قرار محكمة العدل الدولية إلى مجلس الامن، وأعتقد أنه ستكون هنالك جلسة لمجلس الأمن قريباً لمناقشة قرار محكمة العدل الدولية.

في حال لم يلتزم الكيان الصهيوني بالإجرائات؛ وهو غالباً لن يلتزم، سيتم طرح الموضوع في مجلس الأمن، ومجلس الأمن هنا لديه الحرية المطلقة بالنظر في الوضع، وعلى سبيل المثال اعتبر ذلك تهديداً للأمن والسلم الدولي، يمكن ان يتحرك تحت البند السابع ويتم استخدام القوة العسكرية لإلزام الدول التي لاتطبق القانون، وهذا مستبعد بسبب وجود "الفيتو" الأمريكي والبريطاني، ولكن إحالة الموضوع إلى مجلس الأمن وقيام الامريكي والبريطاني باستخدام "الفيتو" أمر ليس بصالحهم، هم يدركون مدى خطورة هذا الوضع، يعني هذا الموضوع ليس بهذه السهولة، أن تستخدم "الفيتو" لحماية دولة قد تدان بارتكاب الإبادة الجماعية، والإبادة الجماعية هي أم الجرائم وهذا سيلاحق أمريكا وبرطانيا سواء من قبل شعوبها أو من قبل العالم لعقود من الزمن، وسيترتب عليه آثار كبيرة جداً، وسينسف جميع القيم و _بين قوسين_الأخلاق، التي يروجون لها وحقوق الإنسان التي يتغنون بها إلى الأبد، فهم مدركون لخطورة هذا الوضع. في حال لم يَصدُر عن مجلس الامن قرار يلزم الكيان الصهيوني بتنفيذ هذه القرارات ماالذي سيحدث عندها؟ يوجد في القانون الدلولي "ميكانيزم" اسمه "المسرولية الدولية المدنية" يعني أنه يترتب على المجتمع الدولي وعلى جميع الدول ان تقوم بإجراءات رادعة ضد الدول التي لاتلتزم بالقرارات الدولية أو تنتهك القانون الدولي، يعني هنا يترتب على المجتمع الدولي بشكل عام وعلى الدول بشكل خاص، أن تقطع علاقاتها مع الكيان، العلاقات الاقتصادية، الدبلوماسية، التجارية، والتسليح وجميع هذه العلاقات.

عدم الاعتراف بالوضع القائم، عدم تشجيع اتخاذ إجراءات تحد من تشجيع الكيان في الاستمرار بانتهاكه للقانون الدولي، وعدم الاعتراف بالانتهاكات التي حصلت من جانب الكيان، فهنا يترتب كما ذكرت مسؤولية على المجتمع الدولي وأعتقد أن الدول مُدرِكة لهذا الموضوع، وهذا القرار حتى ولم يلتزم به الكيان الصهيوني لن يمر مرور الكِرام وسيكون له مابعده، وسيكون لهذا القرار تبعات وآثار أخرى، ويجب البناء عليه، والاستمرار في هذه المعركة القانونية بالتوازي مع المعركة على الأرض، لأن المقاومة هية جذوة مستمرة وهي كل لايتجزأ، فاستمرارنا بالمعركة على الأرض لايعني ان نترك الساحة القانونية فارغة لهذا الكيان ويجب أن نقض مضاجعه في أي ساحة وفي أي مجال يتوفر لنا، يجب أن نضغط عليه وأن نضيق عليه، ونهايةً الرحمة للشهداء والشفاء العاجل للجرحى والنصر لأبناء شعبنا والنصر آت لامحال طال الزمان أم قصر ونحن على يقين بهذا الوعد الإلهي وما يترتب علينا كأبناء شعب فلسطيني، وأبناء هذه الأمة، أن نستمر في النضال على كافة الساحات، كل في موقعه، السياسي في موقعه والإعلامي في موقعه والقانوني في موقعه والمقاومة على الأرض وأن نُسخر جميع جهودنا وقدراتنا في سبيل تحرير هذه الأرض من المحتل الغاصب، والسلام عليكم ورحمة الله.

/انتهى/

رمز الخبر 1940803

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha