٠٦‏/١٢‏/٢٠٢٤، ٩:١٩ ص

عراقجي: المبادرة الإيرانية لحل الأزمة السورية تطوي مرحلة الانجاز

عراقجي: المبادرة الإيرانية لحل الأزمة السورية تطوي مرحلة الانجاز

أكد عراقجي في مقابلة مع "العربي الجديد": أجرينا محادثة مسؤولة وصريحة وبناءة وشفافة في تركيا.. هناك وجهات نظر مشتركة وخلافات في الرأي بين إيران وتركيا بشأن القضايا الإقليمية.

أفادت وكالة مهر للأنباء أنه أكد وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي أن الاستعدادات جارية لتهدئة الأوضاع في سوريا وإتاحة الفرصة لتقديم مبادرة دائمة.

وفي حين أبدى وزير الخارجية الإيرانية قلقه من احتمال انهيار مفاوضات عملية أستانا، أعلن أن الجهود جارية لتهدئة الوضع في سوريا وخلق فرصة لتقديم مبادرة دائمة لهذا البلد.

وقال وزير الخارجية الايراني في مقابلة مع العربي الجديد نقلا عن العالم إن مقدمات تهيئة فرصة لمبادرة تهدئة للوضع بسوريا تطوي مرحلة الانجاز.

وإليكم النص الكامل لمقابلة عراقجي:

* شكلت تطورات الشمال السوري محور برنامج زيارتكم إلى سورية وتركيا. كيف تقيّمون نتائج مباحثاتكم في دمشق وأنقرة بشأن هذه التطورات وسبل حلها؟

حققت المجموعات الإرهابية تقدماً في سورية، ثم أوقفها الجيش السوري والمقاومة الشعبية في بعض المناطق، ودفعاها إلى الانسحاب وتقدما في نقاط أخرى. هذا الوضع متحرك على الأرض، ويمكن أن يتبدل، والطرفان يتخذان تدابير لتغيير الواقع على الأرض لصالحهما. بالتوازي مع ذلك، يجب أن تكون هناك اتصالات سياسية بين الدول الرئيسية في المنطقة، أو حتى الدول التي تورط بعض رعاياها في هذه الأزمة، فهذه المشاورات تساعد أولاً في التعرف إلى مواقف بعضنا بعضاً لإزالة سوء الفهم، ومنعاً لوقوع حسابات خاطئة. فمن الطبيعي في أي تطور بين الدول المسلمة في المنطقة أن تشكل منافعه وارتداداته أرضية لدخولها في الموضوع. وفي التطورات الأخيرة، ينبغي أن تجري مشاورات على مستويات عالية بين إيران وسورية بسبب مشتركاتهما التاريخية ومواقفهما المشتركة المستمرة لتنسيق إجراءاتهما، بالإضافة إلى اتصالات ومشاورات بين الدول المؤثرة (في الملف السوري)، ولذلك أنا حضرت إلى تركيا أيضاً، وأجريت مباحثات مع وزير خارجيتها (هاكان فيدان). إيران وتركيا لديهما تطابق في وجهات النظر في كثير من قضايا المنطقة وخارجها، فمن الطبيعي أن تكون هناك أيضاً خلافات. وفي كلا الحالتين نتحاور، فننسّق بيننا ونتعاون بشأن ما نتفق عليه، وفي ما نختلف فيه نسعى إلى إيجاد حل عبر الحوار، وإذا لم يتوفر هذا الحل، ينبغي أن نتفهم بعضنا بعضاً جيداً منعاً لوقوع سوء فهم.

واستكمالاً للجولة، سأتواصل مع دول أخرى صاحبة نفوذ وتأثير أو لديها مصالح مشروعة ومشتركة أو مخاوف مشتركة، مثل حضور رعاياها بين المجموعات التكفيرية. في المحصلة، يحتاج العالم الإسلامي والمنطقة إلى رؤية موحدة خصوصاً بشأن قضايا مثل الإرهاب وطريقة التصدي للكيان الصهيوني الذي يعد مصدر الأزمة.

* هل ستزورون روسيا أيضاً؟

نعم أعتزم زيارة روسيا أيضاً والعراق وربما دول أخرى، ويجري العمل على ترتيب الزيارة.

* إيران أبدت أشد الردود تجاه تقدم فصائل المعارضة السورية وعبّرت عن قلقها الشديد تجاه ذلك، فهل ترون أن الجولة الدبلوماسية التي تقومون بها يمكن أن تزيل هذا القلق؟

تمدّد المجموعات الإرهابية وتعاظم قوتها في سورية لا يخدم أي بلد، وربما يضر بالدول الجارة لسورية أكثر من إيران. أعتقد أن هذه الدول الجارة، مثل تركيا والعراق والأردن، لديها مخاوف أكثر. هذه الدول تتأثر بالتطورات داخل سورية بشكل أسرع من غيرها، وإذا انتشر الإرهاب فيها فهذه الدول الثلاث بسبب حدودها الطويلة مع سورية ستواجه تهديداً، فيما منطقتنا بحاجة إلى الاستقرار والسلام. إذا لم نواظب على ذلك، فالتجربة التاريخية للسنوات الماضية تظهر أن الاستقرار الإقليمي يمكن أن يتزعزع، حيث لدينا تجربة تنظيم داعش وجرائمه وارتداداتها على دول المنطقة، وهناك احتمال كبير لظهور مجموعات مثله، وعليه فإن هناك مخاوف مشتركة من انتشار مجموعات تكفيرية إرهابية في سورية وعلينا أن نتصدى لها جميعاً.

* الفصائل السورية المعارضة أطياف متنوعة، فبينما إيران تنعتها كلها بالإرهاب، لا تتفق دول المنطقة معكم في ذلك. هل ترون كل معارض سوري لبشار الأسد إرهابياً؟

المسألة ليست معارضة السيد بشار الأسد والمعارضون والمنتقدون يمكنهم دائماً التعبير عن أرائهم بأدوات مشروعة، وعن أسباب معارضتهم، لكن ذلك يختلف عن ممارسة العمل المسلح ضد نظام حكم لديه مقعد في الأمم المتحدة ويتحمل مسؤولية الدفاع عن الأرض والبلاد. أولاً نحن نواجه جماعة تعتبرها الأمم المتحدة إرهابية، أي هيئة تحرير الشام، أي جبهة النصرة. ثم لا شك أن هناك معارضين داخل سورية، وكانت الحكومة السورية تعمل مع بعضهم، وجرت بينهم حوارات، المقصود بالإرهابيين جماعات إرهابية تلجأ للسلاح والعنف لأجل أغراضها السياسية، وقتل الأبرياء. فالأمم المتحدة أكدت طبيعة هذه المجموعات.

* ما يحصل في سورية هو نتاج بقاء الأزمة فيها بلا حلّ منذ 13 عاماً. لماذا أخفق حلفاء الطرفين في المنطقة حتى الآن في إيجاد حل لإنهاء هذه الأزمة؟

هذا ما كنا نفعله في مسار أستانة، الذي تشكل بهذه النية من قبل إيران وتركيا وروسيا، لدعم الشعب والحكومة في سورية للقيام بإصلاحات وتحقيق الهدوء والمصالحة الوطنية وقضايا مماثلة، فالدول الثلاث تعهدت بكبح جماح الفصائل المقربة منها وأنا قلق جداً من انهيار مسار أستانة، والإخفاق في تحقيق أهدافه يتسبب في انهياره فيما ليس لهذا المسار بديل سهل. بعد مشاوراتي مع نظيري التركي السيد فيدان، اتفقنا على عقد جلسة لمسار أستانة بشكل سريع وهذا يشكل خطوة جيدة.

* المعارضة من جهتها تتهم النظام السوري بأنه لم يلتزم بوقف القتال وفق مسار أستانة في مناطق خفض التصعيد، وبأنه سيطر على المناطق التي أصبحت أخيراً تحت سيطرة المعارضة. كيف ترون ذلك؟

أنظروا، نحن لا ننكر أن الحكومة السورية ارتكبت أخطاء أو ربما ترتكبها، والمعارضون أيضاً، لكن في ما يتعلق بالمجموعات الإرهابية المسلحة فطبيعتها وأهدافها واضحة. نعم، المهم أنه إذا كانت هناك مشكلة نفكر في طريقة حلّها. أعتقد أنه عندما تحدث مشكلة أسرية لا يُحضر أحد إرهابياً ليقتل شقيقه. ما يُطرح ذرائع. ولا ينبغي أن ننسى أن حلب وإدلب جزء من الجغرافيا السورية، ويجب احترام سلامة أراضيها.

* هل تعتزم إيران هذه المرة إرسال قوات إلى سورية للتصدي لهجمات المعارضة كما فعلت ذلك سابقاً؟

هذا الأمر مرهون بطلب الحكومة السورية، فإذا تقدمت بطلب لأجل ذلك، سنقوم بدراسته.

* ألم تطلب ذلك من إيران حتى الآن؟

يعمل الجيش السوري وقوى المقاومة في سورية على صدّ الهجمات ومقاومتها.

نتائج المباحثات مع تركيا

* هل حملتم في الزيارة إلى أنقرة مبادرة لمناقشتها مع تركيا ثم مع روسيا حول الأزمة الراهنة؟

نعم. نحن في بداية مرحلة المشاورات السياسية، وكذلك احتواء التصعيد، حفاظاً على أرواح الشعب السوري وفتح طريق لإرسال المساعدات لأناس يمكن أن يلحق بهم الأذى إثر هجمات الإرهابيين. ثم بالتوازي مع ذلك، سنقوم بتفعيل مسار أستانة والتذكير بمسؤولية الأمم المتحدة في الحفاظ على السلم العالمي مع التأكيد على ضرورة تكثيف العمل ضد الجماعات الإرهابية المدرجة على قائمة المنظمة، كذلك توسيع نطاق التشاور مع بقية الدول الإقليمية المهمة مثل الأردن والعراق ومصر والسعودية وقطر وغيرها، وإجراء المزيد من المشاورات مع دول لها رعايا أدخلتها جبهة النصرة وهيئة تحرير الشام أو مجموعات إرهابية أخرى إلى الأراضي السورية بطريقة غير شرعية.

هذه جملة تحضيرات لتهدئة الوضع وإيجاد إمكانية وفرصة لتقديم مبادرة لحل دائم ومتابعتها لتحقيق هذا الحل.

* هناك في طهران من يتهم تركيا بتوجيه العملية الحالية للمعارضة السورية، فما هو موقفكم الرسمي بشأن ذلك؟

تركيا كأي لاعب آخر لديها روابط ومشتركات في سورية، وفي الوقت نفسه مخاوف وهواجس. نحن دائماً في تشاور مع تركيا بشأن كيفية معالجة هذه المخاوف أو تأمين المصالح الناتجة عن تلك الروابط والمشتركات. مسار أستانة تشكل لأجل ذلك لتکون هناك آليات تحول دون أن تتطور المخاوف المتلاحقة بين الدول إلى مواجهات، ونحن نتوقع من تركيا أن تخطو في هذا المسار.

* كيف تقيّمون نتيجة مباحثاتكم مع وزير خارجية تركيا؟

أجرينا حواراً مسؤولاً وصريحاً وبناءً وشفافاً. وكما أجرينا مباحثات في الزيارة السابقة بشأن أوضاع فلسطين، فهذه المرة شملت المباحثات القضية السورية. نسعى دائماً إلى التشاور والحوار حول خلافاتنا وتعزيز التقاطع في وجهات النظر بشأن قضايا متعددة. أكدت في هذا اللقاء أنه لا ينبغي أن يتم تجاهل دور الكيان الصهيوني في خلق التوتر والاضطراب والمواجهات في المنطقة وسورية. هذا التجاهل خطأ كبير، ونحن ندعم الحكومة السورية بشكل كامل.

* تعلمون أن تركيا خلال العامين الأخيرين اقترحت مرات عدة إجراء لقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره السوري بشار الأسد، لكن دمشق رفضت ذلك ووضعت شروطاً. ما رأيكم بشأن ما يقوله البعض إنه لو كان قد تم هذا اللقاء لما حدثت التطورات الأخيرة؟

الجمهورية الإسلامية الإيرانية لطالما دعمت الحوار بين الحكومتين التركية والسورية، نحن شجعنا الطرفين على إجراء هذا الحوار. الحكومة السورية من جهتها كانت وما زالت تطلب انسحاب تركيا من أراض سورية تسيطر عليها، وهو طلب ليس غير عقلاني، أو أن تقوم تركيا بوضع جدول زمني لذلك. هذا هو الموقف السوري وبعد ذلك لم تجر حوارات بينهما، ونحن ما زلنا نرى أن الحوار بين الطرفين ضروري، ولكن الطلب السوري ليس غير منطقي. إيران على يقين بأن الحوار بين تركيا وسورية ضرورة، لكن الدخول في حوار مثمر من موقف متساو يتطلب إدراك واحترام مطلب الحكومة السورية للقبول بحق السيادة وسلامة الأراضي وهذا ليس غير منطقي.

* هناك من يقول إن إيران مارست الضغط على دمشق لرفض اللقاء مع الرئيس التركي، بينما كانت روسيا تضغط باتجاه القبول به. كيف ترد؟

لا، الموضوع عكس ذلك تماماً. نحن كنا نوصي بإجراء الحوار في أي مستوى. عادة يبدأ الحوار من مستويات متدنية إلى أن تصل إلى مستويات عليا وبين القادة، المهم أن تنشأ علاقات جيدة بين الجارين السوري والتركي اللذين تربطنا بهما علاقات جيدة. نحن أوصينا بهذا الحوار. هذا الشرط (انسحاب القوات التركية من أراض سورية) وضعته الحكومة السورية نفسها ولا يمكن اعتباره غير منطقي.

* هل الجمهورية الإسلامية الإيرانية ما زالت ترى أن سياستها منذ بداية الأزمة السورية في دعم النظام كانت خياراً صحيحاً؟

القضايا الداخلية في سورية أمر يخص سورية وشعبها، فرؤيتنا تجاه سورية تنطلق من كونها بلداً يقع على خطوط المواجهة الأمامية مع الكيان الصهيوني تأتي من منطلق المقاومة. كانت مقاربتنا أن ما حصل في سورية غالباً ما كان بتوجيه عوامل خارجية، خصوصاً الكيان الصهيوني لإخراج سورية من محور المقاومة. وإذا كان الهدف فعلاً هو التوصل إلى إصلاحات ديمقراطية، كان ينبغي التصرف بطريقة مختلفة. إلا أن الهدف الحقيقي خلف الكواليس والتي لم تعتن به كثير من دول المنطقة، هو أن هناك مؤامرة صهيونية لإخراج سورية من محور المقاومة، فدخول الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودعمها الحكومة السورية جاءا من هذا المنطلق. نحن دعمنا إجراء أي إصلاحات عادلة وسلمية. بالأساس عملية أستانة كان هدفها دعم الإصلاحات. رغم أن العملية لم تحقق تقدماً مناسباً، وهذا يشكل نقطة ضعف، لكن أساس القضية يبقى موجوداً، وهو أن هناك مؤامرة صهيونية لإخراج سورية من المقاومة.

* هناك من يعتقد أن هناك خطة إقليمية ودولية لاقتلاع أذرع إيران في المنطقة وأنه بعد لبنان وسورية سيصل الدور إلى اليمن والعراق، ما تعليقكم على ذلك؟

هؤلاء ليسوا أذرع إيران. هؤلاء جماعات مقاومة تناضل لأجل أهدافها العادلة. الشعب الفلسطيني ليس ذراع إيران. هم يناضلون لأجل تحرير أرضهم. ولبنان أيضاً الشيء نفسه، فهو ما زال يحارب لأجل تحرير أرضه. فصائل المقاومة تدخلت لأجل دعم فلسطين. اليوم مشكلة اليمن فقط غزة. أريد القول إن رؤية كثير من وسائل الإعلام الغربية والعربية بهذا الخصوص ناتجة عن عدم فهم عميق لأساس الفكر والروابط بين الدول وشعب مسلم يعاني منذ عدة عقود من احتلال أراضي الدولة الفلسطينية وقتل منظم لشعب أعزل وصمت غربي. من الخطأ القول إن إيران لها أذرع في المنطقة، ليس الأمر هكذا مطلقاً. هناك فكر يسعى للحق ويطالب به في المنطقة، نسميه نحن المقاومة للتصدي للكيان الصهيوني وهجماته وجرائمه. هؤلاء يحاربون لأجل تحرير أراضيهم ولأجل حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني ولغاية عادلة. الجمهورية الإسلامية لا تأمر هذه الحركات، ولا تربطها بها علاقات تنظيمية، بل تدعم قضيتها وتساندها وتقدم مساعدات إذا اقتضت الحاجة.

العلاقات مع السعودية

* المصالحة الإيرانية السعودية اقتربت من العامين. كيف تقيمون مستوى تقدم العلاقات؟ هل أنتم راضون عن ذلك؟

علاقاتنا ماضية إلى الأمام على مستوى جيد. فإيران والسعودية بلدان كبيران في المنطقة، وأنا على قناعة بأن السلام والاستقرار والهدوء والتقدم في المنطقة رهن السلام والاستقرار والهدوء بين البلدين والدور الذي يلعبانه. خلال العامين الماضيين، بدأنا حراكاً أراه مؤثراً، فتراجع منسوب التوترات في المنطقة إلى حد كبير، ثم تبعاً لذلك سجلت علاقات إيران مع دول الخليج الفارسي تقدماً. والمنطقة باتت في ظروف أفضل ومنطقة الخليج الفارسي أيضاً، وهذا لصالح جميع دول المنطقة، ونحن إن شاء الله سنواصل هذا المسار.

* هل تتوقعون أن تنسحب العلاقات الإيرانية السعودية إيجاباً على سياسات ترامب تجاه طهران خلال السنوات الأربع المقبلة؟

هما أمران منفصلان. علاقاتنا مع السعودية منفصلة عما يجري بيننا وبين أميركا.

الرد الإيراني على إسرائيل

* إيران تؤكد باستمرار أنها سترد حتماً وبشكل حازم على الهجوم الإسرائيلي، وقبل فترة تحدثتم عن أن تطورات المنطقة من شأنها أن تؤثر على هذا الرد، فماذا تقصدون بهذه التطورات؟ هل وقف إطلاق النار في لبنان وغزة مثلاً؟

قصدنا واضح، فما فعله الكيان الصهيوني في 26 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي كان هجوماً جديداً على الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي يحق لها الرد، ممارسةً لحقها في الدفاع المشروع باعتباره أصلاً ثابتاً معترفاً به في القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ونحن نحتفظ بحقنا في الرد. حدث هجوم على أرضنا ويجب أن نرد عليه، لكن الجمهورية الإسلامية لطالما تصرفت بحكمة وذكاء وستقوم بهذا الرد في زمان مناسب وبشكل مناسب. لكن من الطبيعي أن تؤثر تطورات المنطقة في هذا الزمان وهذا الشكل. نحن على أي حال نضع في الحسبان مصلحة المنطقة والمقاومة الفلسطينية ولبنان وسورية. في نهاية المطاف سنتخذ قراراً يحقق نفعاً أكثر لإيران والمنطقة وسننفذه.

* هل نفهم منكم أن التطورات الإقليمية تؤثر على كيفية الهجوم أو على حصول الهجوم نفسه من عدمه؟

حقنا في الرد محفوظ، لكن متى يكون الرد وكيف؟ سنأخذ في الحسبان جميع العوامل الإقليمية.

* هل تلقيتم رسالة أميركية بشأن وقف إطلاق النار في غزة؟

لا، نحن لم نتلق ذلك.

* هل تتوقعون أن ينتهي العدوان على غزة قريباً كما انتهى على لبنان؟

أعتقد أن الحرب على غزة تعتريها مشكلة وهي أن السيد (بنيامين) نتنياهو عالق في مأزق فيها، كان الهدف الرسمي لإسرائيل من دخول غزة وارتكاب كل هذه الجرائم والمذابح هو القضاء على حماس، وتحرير سجنائه، لكن اليوم حماس رغم تلقيها ضربات كثيرة باقية، ولم يُقضَ عليها ولم يُحرر المعتقلون أيضاً. فإذا دخلت إسرائيل في مفاوضات مع حماس لأجل وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن فهذا أيضاً يعني هزيمة إسرائيل. أي أنها انهزمت في تحقيق أهدافها، وأجبرت على التفاوض مع حماس التي كانت تريد القضاء عليها. مع حزب الله أيضاً حصل ذلك، ولا أحد يمكنه القول إن إسرائيل قد انتصرت في لبنان، فدخولها في التفاوض مجبرة كان بسبب خسائرها، وهذا يعني الهزيمة لإسرائيل. وعليه فإن هذه هي معضلة إسرائيل في حرب غزة، وعلى العالم أن يتدخل ويضع حدّاً لجرائم الكيان الصهيوني ورئيس وزرائه وينهي حرب الإبادة الجماعية هناك.

الملف النووي

* شهد الملف النووي أخيراً تصعيداً وصدر قرار ضد إيران في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويتوقع البعض أن تتجه أوروبا لتفعيل آلية فضّ النزاع في الاتفاق النووي لإعادة العقوبات والقرارات الأممية ضدكم. إذا قامت أوروبا بذلك، كيف سترد طهران؟

يعلم الأميركيون والأوروبيون أنفسهم أن إيران سترد، وقد أبلغناهم رسمياً وبشكل صريح بذلك. عليهم أن يقرروا ما إذا كانوا يريدون المضي نحو المواجهة أو التعاون. خيارنا هو التعاون، ودعونا السيد رافاييل غروسي (المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية)، إلى طهران قبل اجتماع مجلس المحافظين، وفتحنا مسار التعاون معه، وأظهرنا له فصلاً جديداً من التعاون، لكن الغربيين منعوا ذلك وأصدروا القرار. نحن نأمل بأن يتم إصلاح هذا المسار وأن يعودوا إلى التعاون وصولاً إلى حل تفاوضي.

* لكنكم أبديتم تشاؤماً من أن تكون المفاوضات الأخيرة مع أوروبا غير مثمرة قبل أن تبدأ، ما سرّ هذا التشاؤم؟

هناك أسباب كثيرة تدعو للتشاؤم، لكن في جميع الأحوال إذا لم يتقدم مسار التفاوض والتعاون ولم نتمكن من الوصول إلى اتفاق بعد التفاوض، وهم توجهوا نحو تفعيل آلية فض النزاع، فحينئذ سنصل إلى نقطة الأزمة.

التفاوض مع ترامب

* هل ستتفاوض طهران مع ترامب في دورته الرئاسية الثانية بعد رفض ذلك في الدورة الأولى؟

لم تتشكل الإدارة الأميركية الجديدة بعد، ولم تعلن عن مواقفها وليس واضحاً ما إذا كانت تريد معالجة أضرار الأداء السابق أم لا، وما إذا كانت لديها رغبة بالعمل من منطلق الاحترام والمسؤولية والالتزام في تقييم تدخلات الإدارات السابقة منذ انقلاب 1952 (ضد حكومة محمد مصدق)، إلى أن اتخذت بعداً معلناً بدعم (الرئيس العراقي السابق) صدام (حسين) في الحرب (في ثمانينيات القرن الماضي مع إيران). يجب أن تتضح هذه الأشياء أولاً.

حالياً لا ننوي الحوار لأنه لا توجد أرضية لمثل هذا الحوار. يجب الانتظار لمعرفة كيف سترسم الإدارة الأميركية الجديدة سياساتها وكيف تنفذها ونحن حينها سنرسم سياستنا.

/انتهى/

رمز الخبر 1951569

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha