وأفادت وكالة مهر للأنباء، انه في عام 2016، قدمت إيران المبادرة الإقليمية لممر الخليج الفارسي-البحر الأسود. يبدأ هذا الممر متعدد الأوجه من الخليج الفارسي وجنوب إيران ثم يمر عبر أرمينيا أو أذربيجان ويتصل بموانئ بوتي وباتومي الجورجية على البحر الأسود..
ومن هنا، تعبر سفن الرورو البحر الأسود إلى موانئ بورغاس وفارنا البلغارية. وأخيرا، يتم نقل الشحنة مرة أخرى عن طريق البر إلى اليونان والاتحاد الأوروبي. وفي السنوات القليلة الماضية، عُقدت عدة اجتماعات متخصصة بحضور الأطراف المعنية بالممر (إيران وأرمينيا وأذربيجان وجورجيا وبلغاريا واليونان)، لكن وباء فيروس كورونا عطل سيره المستقر. وفي السنوات الأخيرة، دفعت الأحداث الجيوسياسية، مثل الحرب الروسية الأوكرانية والتوترات في البحر الأحمر، الهند إلى البحث عن خيارات بديلة لإطلاق ممر النقل الهندي الأوروبي. فالهنود موجودون بالفعل في الممر الدولي بين الشمال والجنوب والممر العربي المتوسطي، مما يساعد الهند على تحقيق طرق تجارية أكثر تنوعًا إلى أوروبا والابتعاد عن قناة السويس وقضاياها. كما أن ممر الخليج الفارسي-البحر الأسود قد تم تصميمه بالتوازي مع الممر الشمالي-الجنوبي وجلب نظر الهنود، كما تم أخذ فوائده بعين الاعتبار.
من ناحية أخرى، خلال المؤتمر الدولي للعلوم السياسية الذي عقد في نيودلهي، اقترحت الحكومة الأرمينية إنشاء طريق بديل لتجارة البضائع إلى الهند. قال وزير العمل والضمان الاجتماعي في أرمينيا، ناراك ماكراتشيان: "إن الحكومة الأرمينية عازمة على المشاركة في المشاريع الإقليمية والعالمية الكبرى، مثل تطوير ممر الشمال والجنوب (INSTC)، وممر الخليج الفارسي-البحر الأسود، ومشروع ميناء تشابهار المشترك بين الهند وإيران".
إن مشروع إيران ودعمها لممر العبور الاستراتيجي هذا تم لعدة أسباب رئيسية، أحد أهم أسبابها هو تقليل اعتماد إيران على مسار تركيا للوصول إلى الاتحاد الأوروبي، وهو ما يدفع إيران نحو ممر بديل. التناقضات التي شهدتها السنوات القليلة الماضية في تفاعلات النقل بين إيران وتركيا، فضلاً عن منافسة العبور في الممر الشرقي الغربي (الممر العابر لبحر قزوين والإصرار على ممر زنغزور المزيف من أجل تغيير الجغرافيا السياسية لتركيا) وقد أدى إلغاء الإعفاء الضريبي على الوقود لسائقي شاحنات الترانزيت من قبل تركيا، والذي تم تنفيذه قبل ايام، إلى تعطيل حركة المرور اليومية لـ 300 شاحنة من حدود بازركان، كما أدى ذلك إلى خلق طابور طويل من السائقين خلف هذه الحدود بسبب التوقف منذ نحو 10 أيام ووضعهم في وضع مناخي صعب ودون التسهيلات اللازمة. ويرى خبراء جيوسياسيون أن التطورات في سوريا والقوقاز لها تأثير غير مباشر على هذا القرار الصارم وغير المبرر الذي اتخذته تركيا، ووصفوه بالحدث السياسي.
صرح الخبير الأرمني بنيامين بوغوسيان: "بما أن الحرب الباردة الجديدة تعطل العلاقات الاقتصادية والسياسية بين روسيا والغرب، فإن أي عبور واسع النطاق للبضائع من حدود روسيا وأوروبا يشكل خطورة كبيرة على شركات الخدمات اللوجستية والتأمين الدولية.
ينبغي لايران أن تركز في الوقت نفسه على الممر الدولي بين الشمال والجنوب وممر الخليج الفارسي والبحر الأسود من أجل استغلال موقعها الجغرافي وتحقيق فوائد اقتصادية. ويربط هذان الممران دول الجنوب بدول شمال أوراسيا ويسمحان لإيران بالحصول على طريقين بديلين بالإضافة إلى الطريق التركي للوصول إلى أوروبا. ويساعد هذا النهج إيران على الحفاظ على نظامها الاقتصادي والنقل في ظروف سياسية وجيوسياسية حساسة وعدم مواجهة أي مشاكل خاصة.
وقال مهدي باقري، خبير النقل، إن عقد اجتماعات متعددة الأطراف متواصلة مع الدول المستفيدة ذات نهج اقتصادي، ودمج القطاعات ذات الصلة بالنقل والعبور، بما في ذلك الجمارك والتأمين والمصرفية بالتعاون مع الدول من أجل التوفيق بين مصالح الطرفين، والانتهاء أو تعزيز روابط الاتصال لهذه الممرات من خلال احترام الأولويات وإطلاق خدمة منتظمة ومخططة من الموانئ الجنوبية للبلاد إلى موانئ جورجيا في البحر الأسود، والتي سيتم إدارتها وتشغيلها من قبل القطاع غير الحكومي، الحلول التي يمكن أن تساعد إيران على تحقيق أهداف العبور والممر الخاصة بها.
/انتهى/
تعليقك