واضاف خدام في تصريح من مقر اختفائه في باريس الى صحيفة سعودية ان الحكومة السورية تضطهد الشعب وتقمع الحريات وتنهب ثروات الشعب وتسعى من خلال علاقاتها مع ايران ان تمهد الطريق لسيطرة ايران على المنطقة.
وهنا يعرف القاصي والداني ان السيد عبدالحليم خدام حينما كان وزيرا للخارجية السورية في عقد الثمانينات من القرن الماضي هو الذي لعب دورا هاما في تعزيز العلاقات بين ايران وسوريا وهذه العلاقات لم تأت ابان حكم الرئيس السوري الحالي بشار الاسد بل بنيت على اساس مصلحة اقليمية مشتركة بين البلدين.
فكان الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد وانطلاقا من نظرته الثاقبة وقراءته لمجريات الاحداث في العالم قد ادرك بحنكته المالوفة ان الثورة الاسلامية تعتبر العمق الاستراتيجي للامة العربية وستشكل ظهيرا لنضال الامة العربية ضد الكيان الصهيوني.
ومن هذا المنطلق شكلت ايران وسوريا ولبنان محورا استراتيجيا لمواجهة المد الصهيوني واحباط محاولات بعض الانظمة العربية لاقامه علاقات مجانية مع هذا الكيان علي حساب الشعب الفلسطيني.
فكان لعبدالحليم خدام دورا هاما في تعزيز محور طهران -دمشق - بيروت وكل تصريحاته آنذاك تدل على تاكيداته على ضرورة تعزيز هذا المحور لا بل كان اكثر تحمسا من الرئيس الراحل حافظ اسد في تمتين هذه العلاقات.
فاذن جل السياسات الخارجية في سوريا صيغت باشراف السيد خدام وهو المسؤول المباشر في مد الجسور بين ايران وسوريا ولبنان وسواء كانت هذه العلاقات في مصلحة شعوب المنطقة ام لم تكن فان السيد خدام يتحمل قسطا واسعا من تبعات هذه العلاقات.
ولكن نظريا فان العلاقات بين دمشق وطهران وبيروت خدمت مصلحة الشعوب الاسلامية والعربية وبالتحديد القضية الفلسطينية ولولا هذه العلاقات لاصبح العلم الصهيوني يرفرف في سماء عواصم كل الدول العربية كما هو الحال في عمان والقاهرة.
وفيما يتعلق بالسياسة الداخليه لسوريا فقد كان السيد خدام الشخصية الثانية التي ادارت دفة الحكم في حقبة من الزمن واذا ما كان هنالك خلل في ادارة شؤون البلاد سواء من ناحية حقوق الانسان او الحريات الفردية او المتعلقة بالاقتصاد فان خدام هو الذي يجب ان يحاسب علي كل الاخطاء التي ارتكبت في الماضي اذا ما كانت هناك اخطاء.
والشعب السوري يعرف اكثر من غيره ان السيد خدام ونجليه جمال وجهاد استخدموا سلطاتهم في الثمانينات والتسعينات من القرن المنصرم وعبثوا باقتصاد البلاد وكونوا ثروة هائلة على حساب الشعب السوري.
وقد لا تمحى من ذاكرة الشعب السوري ان جمال خدام نجل السيد عبدالحليم خدام كان في عقد التسعينيات يقوم بتهريب السلع والادوية التي تنتج في سوريا ونقلها الى الخارج.
ومن خلال عملية تهريب الادوية استطاع السيد جمال خدام ان يدشن احدث مستشفى في الرياض ما زال يترأس ادارتها.
اضافة الى ذلك فان التصرفات الصبيانية التي قام بها جهاد نجل السيد خدام في دمشق اثارت استياء الاوساط الشعبية والرسمية في سوريا وبلغ الامر الى ان قامت الجهات المعنية بابلاغ الرئيس السوري الراحل بتذمر سكان دمشق من تصرفات جهاد عبدالحليم خدام الطائشة.
وبعد ان فقد السيد خدام بريقه السياسي في عهد الرئيس بشار الاسد بات يتلقى الضوء الاخضر من احدى عواصم الدول العربية التي تنظر الى الحكومة السورية بنظرة طائفية وتسعى الى اضعاف الشعب السوري وحكومته امام الكيان الصهيوني.
ودفعت هذه الدولة الغنية بالنفط والطامعة الى تعزيز نفوذها في لبنان والشرق الاوسط والساعية الى اضعاف دور سوريا دفعت اكثر من ثلاثين مليون دولار الى السيد خدام وشجعته على الانفصال من الحكومة السورية واللجوء الى فرنسا بغية تشكيل مجموعة معارضة.
وفعلا هرب السيد خدام من دمشق الى باريس حيث توسط السيد سعد الحريري نجل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري لدى السلطات الفرنسية لمنح السيد خدام حق اللجوء السياسي.
والسؤال المطروح هنا ماذا يهدف السيد خدام والذي اقترب من الثمانينيات من العمر من خلال معارضته للحكومة السورية؟.
طبعا خدام لا يمكنه ان يلعب دورا في زعزعة الاستقرار في سوريا ولا يمكنه ان يتزعم مجموعة معارضة حتى وان كانت معارضة سلمية ولا يمكنه ان يمس بالعلاقات بين سوريا وايران ولبنان لانه لا تاثير له على الساحة الداخلية والاقليمية والدولية.
فبالتالي كل تصريحات خدام تأتي في اطار استرضاء بعض الدول العربية الحاقدة على الشعبين السوري والايراني ولا تتعدى هذه التصريحات الا ان تكون مادة اعلامية وتهريجات من نوع تهريجات " غوار الطوشي " تملأ بعض الصحف العربية المعادية للشعبين الايراني والسوري وبالتالي هي لا تغني ولا تسمن.
حسن هاني زاده – خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء
تعليقك