وسرد علي هاشم مدير الميادين أونلاين، حقب من تاريج العلاقات الايرانية السعودية موضحا من خلالها صراع القوى الازلي في المنطقة المتمثل بإيران والسعودية منذ زمن الشاه حتى يومنا هذا مشيراً الى الحرب الكلامية وتراشق التهم بين الطرفين منذ عقود.
وكتب هاشم إن الفترة الممتدة من الستينات وحتى اليوم رسمت معالم التوتّر الطبيعي الذي وَسَمَ السعودية وإيران، ويستمر بالتأثير عليها، بل والتأثير على الأمن والسلم الاقليميين إلى درجة أضحى فيها كل توتّر من البحر المتوسّط إلى الخليج (الفارسي)، وأحياناً ما بعد ذلك، يربط بالمواجهة السعودية الإيرانية، أو صراع المحاور الإقليمية.
واشار إلى ان اعتراف إيران (بعهد محمد رضا شاه) بإسرائيل وتطبيع العلاقة معها دفع بالعلاقة مع المملكة السعودية إلى حافّة الانهيار، تحالفات المنطقة والنظرة إلى مستقبل الخليج (الفارسي) ما بعد الانسحاب البريطاني كانتا سبباً آخر للتوتير بل وحتى للتصادم، مشاكل الحجّ على كثرتها، إسم المُسطّح المائي الذي يفصل بين الدولتين، الخليج الفارسي بتسمية الإيرانيين، والعربي بحسب الدول العربية.
ونوه الى ان العلاقة لم تخرج عن السيطرة رغم كل ما سلَف، لسبب جوهري، تحالف كل من البلدين مع الولايات المتحدة الأميركية، لا سيما منذ نهاية الستينات وحتى سقوط الشاه في العام 1979.معقباً حتى عندما قرّر الشاه عدم الالتزام بقرار المقاطعة ومتابعة عملية ضخّ النفط بعد حرب 1973 بين العرب وإسرائيل ومخالفته الملك فيصل في ذلك، توتّرت العلاقة وتدهورت لكنها لم تصل إلى مرحلة القطيعة التامة، هو الأمر عينه عندما أعلنت إيران رسمياً ضمّ جزر طنب الصغرى والكبرى وأبو موسى، ومن جهة اخرى عندما أعلنت البحرين استقلالها، في كلا الحالين لم تقطع العلاقات الدبلوماسية واستمر الحديث، بل ومراسلات الملك فيصل إلى طهران التي كان ينهيها دوماً بعبارة "حتى بين الأخوة نجد الاختلافات تنشب دائماً".
واضاف ان الخلاف حول البحرين والنزاع على الجزر في الخليج (الفارسي) تسبّبا بتوتّر في المنطقة وبحسب تقرير سرّي للسي أي إيه كُشِف عنه النقاب حديثاً فإن الشاه والملك فيصل كانا متردّدين في المباشرة في الحوار، كون كل منهما كان يخشى من أن يظهر وكأنه يتراجع أمام الآخر، لذا فإن التوتّر في المنطقة كان محكوماً بالاستمرار.
وشدد هاشم في مقاله على ان علاقة الشاه محمّد رضا شاه والملك فيصل تستحق البحث والتبحّر، فعلى قدْر ما كانت نديّة وتنافسية لا سيما في سنوات فيصل الأخيرة، بقدر ما كانت غنية وشهدت مراحل مفصلية في تاريخ المنطقة. أما كيف نشأت هذه العلاقة، فلعلّ العامل الأبرز في بنائها كان الرئيس المصري جمال عبد الناصر، الذي اشترك الملكان على اعتباره تهديداً لأمن بلديهما القومي. كان عبد الناصر سبباً في جلوس الإيرانيين والسعوديين في خندق واحد في حرب اليمن الأولى دفاعاً عن الإمام المحمّد البدر آخر ملوك السلالة المتوكلية في مواجهة الثوار.
واشار الى تبادل ادوار التقارب إيران والسعودية نحو امريكا تارة حينما كان الشاه على اهبة الوصول إلى المكتب البيضاوي حين انفرد كيسنجر بالرئيس فورد طالباً منه أن يُطمئن الشاه حول موقفهم في الشرق الأوسط، مقابل الحصول على امتيازات نفطية جديدة وتارة اخرى حين كانت علاقات الشاه بالسعودية تتراجع يوماً بعد يوم في ظلّ تقارُب سعودي عراقي. شَهِدَ العراق في تلك المرحلة صعوداً صاروخياً في ظلّ رئاسة أحمد حسن البكر، الذي كان صاحب سلطة هامشية. نائب الرئيس، صدّام حسين، كان الحاكِم الفعلي للبلاد ونجح في بناء علاقة قوية مع الأمير فهد بن عبد العزيز، وليّ العهد السعودي، استفزّت الشاه الذي تلقّى صفعة جديدة بانتخاب جيمي كارتر رئيساً للولايت المتحدة أواخر 1977 وخروج هنري كيسنجر من دائرة التأثير./انتهى/
تعليقك