وكالة مهر للأنباء - القسم الدولي: قدّم وزير الاعلامي اللبناني "جورج قرداحي" استقالته لرئيس الحكومة اللبنانية محاولة منه لتهدئة الخلاف الدبلماسي مع السعودية، على اثر التصريحات الاخير له بشأن الحرب على اليمن.
ويرى البعض ان استقالة الوزير اتت قبل زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للرياض على أمل أن يساعد خلال الزيارة في تخفيف حدة الأزمة التي أشعلتها تصريحات جورج قرداحي، حين انتقد دور السعودية في حرب اليمن.
وفي هذا الشأن اجرت وكالة مهر للأنباء، حواراً صحفياً مع الباحث في الشؤون الاقلیمیة والاجتماعیة الدکتور "طلال عتريسي"، واتى نص الحوار على الشكل التالي:
* استقالة وزير الاعلام اللبناني "جورج قرداحي" هل فُرضت عليه هذه الاستقالة ام انها كانت شجاعة منه لتخفيف الضغوط على الحكومة اللبنانية ولحلحلة الازمة بين لبنان والدول الخليجية وعلى رأسها السعودية ؟
الوزير جورج قرداحي لم يكن مُقتنعاً بالاستقالة، وهو رفض ان يستقيل منذ بداية الازمة قبل اكثر من شهر ورفض حتى الاعتذار لان ما قاله اولاً لا يحتمل اية اهانة مباشرة للسعودية، وقوله بان الحرب على اليمن هي "حرب العبثية"، فقد قالها قبله كثيرون؛ من وليد جنبلاط في لبنان الى امير قطر الى ممثلة السياسة الاوروبية واخرون.. وجميعهم اكدوا بان هذه الحرب هيه حربٌ عبثيةٌ.
ثانياً؛ ان الوزير قرداحي لم يقل شيئاً عندما كان وزيراً، وبالتالي ليس هناك اي تصريح يُسئ الى السعودية وهو وزير، اذاً هو يُحاسب على شئ قاله قبل الوزارة، لهذا السبب هو رفض الاعتذار ورفض الاستقالة. لكن خلال اكثر من شهر تعرّض الوزير قرداحي لضغوطات شديدة، وهو على المستوى الشخصي لم يرغب في الاستقالة.
اضف الى ذلك انه ذكر وبشكل مباشر ان قسم كبير من الضغوط من الداخل اللبناني ربطت بين الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بأزمة الوزير قرداحي، ولهذا السبب وجد نفسه في نهاية المطاف مُطّرا الى الاستقالة من دون ان يُقدّم اي اعتذار.
اذا هو اُرغم معنوياً على الاستقالة من دون ان يُقدّم اي اعتذار خصوصاً وان الرئيس الفرنسي، ماكرون، طلب هذا الأمر شخصياً من بعض القيادات السياسية في لبنان، ان يُقدّم الوزير قرداحي استقالته لكي تكون هذه ورقة يُقدمها الى السعودية، وهو يبحث مع السعوديين عن استثمارات يستفيد منها في فرنسا.
اذا الاستقالة نعم يُمكن ان تُعتبر تضحية وشجاعة، ولكن الوزير قرداحي، غير مُتأكد من ان هذا سيؤدي الى حل الازمة بين لبنان وبين المملكة السعودية، وغير واضح اذا كانت السعودية ستستجيب وستُقدّم المساعدة للبنان او ستُخفّف الضغوط عن لبنان.
* هل ترى بأن الاستقالة ستُمهّد الطريق لحل مُحتمل للخلاف الديبلوماسي بين لبنان والسعودية، وتتم اعادة العلاقات ؟، ومن هم الرابحون والخاسرون من هذه الاستقالة ؟
غير معلوم اذا كانت الاستقالة في حقيقة الامر ستُؤدّي الى انهاء الخلاف. السعوديون قالوا بشكل مباشر بعد سحب سفيرهم في لبنان، بان مشكلتهم مع لبنان تتجاوز مسألة قرداحي وان مشكلتهم مع لبنان هي في ان حزب الله الذي يُهيمن على لبنان كما يقولون.
ومشكلتهم الاكبر مع حزب الله بانهم يدعمون انصار الله في اليمن، وهذه مشكلة عميقة بالنسبة اليهم، اذاً الامر لا يتعلّق بموضوع الوزير قرداحي، هذه مسألة ظاهرية وشكلية، وتعرّض السعوديون فيها للخسارة ايضاً عندما اصروا على استقالته في بداية الامر وهو لم يستجب الى هذه الاستقالة الا بعد اكثر من شهر، بمعنى انه استقال تحت ضغوط سياسية ولأسباب سياسية وليس بسبب الطلب السعودي.
لهذا السبب خرجت السعودية خاسرة معنويا من هذه الاستقالة، وخرج جورج قرداحي مُنتصراً، مُتمثلاً بشخصية وطنية. والرئاسة الفرنسية بحثت عن منافعها "رئاسة انتهازية"، حيث فرضت استقالة وزير لبناني من اجل الحصول على استثمارات في المملكة السعودية.
* هل كانت ازمة العلاقات بين لبنان والسعودية مُقتصرة على تصريحات وزير الاعلام اللبناني "جورج قرداحي" أم انها اكبر من ذلك ؟
الازمة بين السعودية ولبنان ليست ازمة الوزير قرداحي لان الوزير قرداحي كما اشرنا لم يقل اي شئ وهو بمنصبه الوزاري، ولم يُصدر اي تصريح ضد المملكة، بل ان مشكلة السعودية هي في فشلها في حربها على اليمن، فمن خلال ما قامت به هي تريد ان تقول بأنها طرف مؤثر في الوضع في لبنان.
السعودية لم تكن تريد تشكيل حكومة في لبنان، بل انها كانت تسعى الى تشكيل حالة من الفراغ في لبنان. وتريد ان يتورّط حزب الله في الوضع الداخلي. والسعودية رفضت التسوية التي ادت الى انتخاب ميشيل عون رئيساً للجمهورية، ومنذ ذلك الوقت هي غير متوافقة مع لبنان، بل انها في السابق احتجزت رئيس الحكومة سعد الحريري واجبرته على الاستقالة.
اذاً السياسة السعودية هي سياسة لا علاقة لها بالوزير قرداحي، بل انها سياسة تبحث عن الازمات في لبنان لانها لا تريد لحزب الله ان يكون له دور اساسي في لبنان، ولا تريد الاستقرار لهذا البلد، بل انها تريد الضغط على حزب الله.
هذه التوجهات وهذه السياسات لم تصل الى اي نتيجة بالعكس تماماً فعندما تخرج السعودية بشكل كامل من لبنان فهي الخاسر الاكبر، وبخروجها تترك المجال لقوى اخرى./انتهى/
تعليقك