وأفادت وكالة مهر للأنباء، انه تعد الصين أحد شركاء إيران الاستراتيجيين في المجالات السياسية والأمنية منذ سنوات بعيدة، وفي المجال الاقتصادي، على الرغم من أن الصين، باعتبارها أكبر منتج للسلع الأساسية في العالم، كانت دائمًا على رأس جدول التجارة مع إيران على مدار السنوات الماضية وظلت الشريك التجاري الرئيسي لإيران حتى في الفترة التي كان الحظر الامريكي في ذروته، ولكنه بالنظر إلى القدرات والتقارب السياسي الموجود بين الطرفين، هناك مجال لمزيد من تطوير التجارة بين البلدين.
اقتصاد الصين
كانت الصين، عبر التاريخ، تُعتبر دائمًا واحدة من أكبر الاقتصادات في العالم، ووفقًا للتقديرات التي تم إجراؤها في السنوات الأخيرة، فقد تحولت إلى أسرع الاقتصادات نموًا في العالم، حيث سجلت متوسط نمو سنوي قدره 10 ٪ على مدار الثلاثين عامًا الماضية، واحتلت دائمًا مرتبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم. لذلك، بالنظر إلى مقدار الناتج المحلي الإجمالي لهذا البلد، الذي احتل المركز الأول حتى في عام 2017، فإنه يحتل مكانة كبيرة في الاقتصاد الدولي وسلاسل القيمة العالمية.
ويشير أحدث الإحصاءات عن الاقتصاد الصيني أيضًا إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد تجاوز 120 تريليون يوان (17.4 تريليون دولار) في عام 2022 وأن الاقتصاد الصيني قد نما بنسبة 4.4 في المائة على الأقل هذا العام، بينما كان الناتج المحلي الإجمالي للصين في عام 2020 يعادل 100 تريليون يوان، وفي عام 2021 كان يعادل 110 تريليون يوان.
الاستثمارات الصينية
تتمتع الصين بعلاقات تجارية مباشرة وغير مباشرة مع جميع دول العالم تقريبًا وهي الشريك التجاري الأول لنحو 120 دولة، حيث تستهلك دول كثيرة البضائع الصينية.
ويشير أحدث الإحصاءات إلى أنه على الرغم من توقع حدوث هروب رأس المال بشكل كبير من هذا البلد بسبب اعتماد بعض السياسات، فقد ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين بنسبة 17.4٪ في الأشهر العشرة الأولى من عام 2022 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، حيث بلغ إلى 168.3 مليار دولار، كما زاد الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين عام 2021 بنسبة 14.9٪ مقارنة بالعام السابق.
كما بلغت استثمارات الصين في مختلف قطاعات في الدول الأخرى في عام 2022، إلى 985 مليارًا و 370 مليون يوان، بزيادة 5.2 بالمائة مقارنة بعام 2021 وبلغ الاستثمار المالي المباشر 785.94 مليار يوان، حيث نما بنسبة 7.2٪ مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.
الاستثمار الصيني في إيران
بالنظر إلى حجم الاقتصاد الصيني وإقامة علاقات جيدة بين إيران وهذا البلد، كان من المتوقع خلال السنوات الماضية أن يتماشى حجم الاستثمار الصيني في إيران مع العلاقات السياسية، وبالطبع، في هذا الصدد، وقع البلدان على وثيقة تعاون مدتها 25 عامًا بقيمة 400 مليار دولار لتعميق العلاقات التجارية، لكنه حسب رأى الخبراء، باعتبارها أن هذه الوثيقة عمرها 25 سنة، فإن 400 مليار دولار خلال 25 سنة هو رقم ضئيل ولا يعتبر رقماً كبيراً لا لإيران ولا للصين.
من ناحية أخرى، استثمر الصينيون نحو 227 مليون دولار في إيران خلال العامين الماضيين، والتي انخفضت الآن إلى نحو 185 مليون دولار. وفي هذا الصدد، يقول رئيس منظمة الاستثمار والمساعدة الفنية والاقتصادية في ايران، علي فخري، إن رقم الاستثمارات الصينية المعتمدة والسارية في إيران منذ بداية الحكومة الحالية(فترة رئاسة ابراهيم رئيسي) كان 25 مشروعًا بقيمة 185 مليون دولار، والذي يكون 21 مشروعًا منه في قطاع الصناعة ومشروعان في قطاع التعدين وواحد في قطاع الخدمات ومشروع آخر في قطاع الزراعة.
الصين، الشريك التجاري الأول لإيران
نقطة أخرى في العلاقات الاقتصادية بين إيران والصين تتعلق بقطاع التجارة غيرالنفطية؛ في هذا المجال رغم أن التوقعات أعلى من الأرقام الحالية ويقال إن قدرة البلدين التجارية تبلغ 60 مليار دولار وحتى في عام 2014 كان لديهما تبادلات تجارية تعادل 51 مليار دولار ولكن الآن انخفض معدل التبادل التجاري بين البلدين إلى النصف، ولكنه رغم ذلك لا تزال الصين تعتبر أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين لإيران؛ حيث تحتل الصين بين الشركاء التجاريين الرئيسيين لإيران مكانة عالية جدًا ولا تزال تعتبر الشريك التجاري الأول لإيران في قطاع التصدير وفي بعض السنوات في قطاع الاستيراد.
كما تم مؤخرًا افتتاح القنصلية العامة للصين في ميناء بندر عباس الايراني، والتي يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في تطوير العلاقات بين البلدين وتعميق التعاون الثنائي للصين في جنوب إيران.
من ناحية أخرى، يعتقد الخبراء الاقتصاديون أنه يمكن زيادة قوة تصدير البلاد من خلال اساليب مثل تكوين اتحادات التصدير وضمانة جزء مهم من المنتجات التي يحتاجها السوق الصيني.
25.3 مليار دولار تجارة بين إيران والصين في الـ10 الأشهر الاولى من العام الايراني الحالي
يشير آخر إحصائيات الجمارك الإيرانية إلى أن إجمالي تجارة إيران مع الصين خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الايراني الحالي يعادل 29.2 مليون طن من البضائع بقيمة 25.3 مليار دولار؛ أي أن تجارة ايران مع الصين تتقدم على تجارتها مع الإمارات بـ19.8 مليار دولار، ومع تركيا بـ11.7 مليار دولار ، والعراق بـ9 مليارات دولار، مما يجعل هذا البلد يتصدر جدول التجارة الخارجية لإيران.
وبلغت الصادرات الايرانية إلى الصين في الأشهر العشرة من هذا العام 12 مليارا و 806 ملايين دولار والاستيراد من الصين تعادل 12 مليارا و 698 مليون دولار، مما يظهر نموا بنسبة 10 و 33 في المائة على التوالي.
دور منظمة شنغهاي في تحييد العقوبات
نظرا لأهمية دور النقابات والجمعيات والاتفاقيات الدولية في تنمية التجارة، أصبحت إيران عضوا رسميا في منظمة شنغهاي للتعاون في العام الماضي. وتشكل الدول الأعضاء في هذه المنظمة ثلث سكان العالم وحاليا الهند وكازاخستان والصين وقيرغيزستان وباكستان وروسيا وطاجيكستان وأوزبكستان هم الأعضاء الرئيسيون ودول أفغانستان وبيلاروسيا ومنغوليا كأعضاء مراقبين والجمهورية أذربيجان وأرمينيا ومملكة كمبوديا ونيبال وتركيا وسريلانكا شركاء حوار لهذه المنظمة.
والنقطة الجديرة بالاهتمام حول منظمة شنغهاي هي أنه حسب الإحصائيات، في عام 2022، انخفضت حصة الدولار في التجارة الثنائية بين الصين وروسيا، من 90٪ في عام 2015 إلى 46٪ في عام 2022 ؛ كما بلغت حصة اليورو 30٪ وحصة العملات الوطنية 24٪. لذلك، يمكن أن يكون لعضوية إيران في شنغهاي تأثير كبير في تحييد العقوبات ومواجهة الأحادية الأمريكية وإزالة الدولار.
من ناحية أخرى، يعتقد الخبراء أن بالنظر إلى حصة الصين البالغة 70٪ من اقتصاد المنظمة، ومتابعة تنفيذ اتفاقية التعاون لمدة 25 عامًا بين إيران والصين من خلال إنشاء مشاريع داخل منظمة شنغهاي يمكن أن تساعد بشكل كبير في تطوير التجارة.
ولذلك، كما يؤكد الخبراء، إذا تم رفع العقوبات التي تعتبر أكبر عائق تجاري بين الصين وإيران، فيمكننا مرة أخرى أن نرى زيادة قيمة التبادلات الاقتصادية بين البلدين بشكل كبير.
ومن ناحية أخرى، انه نظرًا لمدى شركاء الصين التجاريين ورغبة مختلف الدول في تطوير العلاقات معها، فإن أهم نقطة في تجارة ايران مع الصين هي الاهتمام باحتياجات هذا البلد وضمان أمن التجارة و الاستثمار.
/انتهى/
تعليقك