أفادت وكالة مهر للأنباء في تقرير لها عن تجربة إنتاج الأفلام الوثائقية في زمن الحرب، قدَّم حجة الإسلام "ميلاد أميني موحد"، المخرج الوثائقي الذي زار لبنان لإنتاج فيلم وثائقي بعنوان *"باروت وبيروت"*، نظرة مختلفة على حياة الناس في لبنان. ركز في عمله على الحياة اليومية للمواطنين وجهودهم في مقاومة هجمات الاحتلال الصهيوني، وشاهد مواقف وأحداثاً لفتت انتباهه خلال الرحلة.
ما الهدف من رحلتك إلى لبنان وكيف سعيت لتصوير هذه الحرب؟
دخلنا لبنان في اليوم الذي استشهد فيه السيد حسن نصر الله نتيجة هجمات الاحتلال الصهيوني. وصلنا بعد الانفجارات مباشرة، وكانت الأجواء في لبنان، خاصة في بيروت الجنوبية، مشحونة بالكامل بالحرب.
قمنا بإنتاج سلسلة وثائقية بعنوان "بارود وبيروت" خلال أسبوعين فقط. تضمنت السلسلة 11 حلقة، تناولت أبعاداً اجتماعية من أزمة الحرب بين لبنان وإسرائيل. حاولنا من خلالها تقديم 11 شخصية مختلفة واستعراض حياتهم اليومية وكيف تأثروا بالحرب.
شملت الشخصيات رجل إطفاء يعمل في جنوب بيروت، يقوم بخدمات الإغاثة بعد كل هجوم صاروخي، وسائق تاكسي تعيش عائلته في مخيمات اللاجئين بينما يضطر للعمل وسط أجواء الحرب. إحدى الحلقات تناولت قصة أم وابنتها تعيشان في مخيم للاجئين بينما كان الأب على خط المواجهة ضد الاحتلال. كما سلطنا الضوء على معلم يقدم خدمات تعليمية للاجئين في مدرسة مؤقتة.
لماذا لم ترتدِ زيك الديني خلال رحلتك؟
كنت وحدي في هذه الرحلة وكنت بحاجة إلى تسجيل المقاطع وإجراء المقابلات بنفسي. بالرغم من أن رجال الدين كانوا يتنقلون بحرية والمساجد كانت تعمل بشكل طبيعي، إلا أن ارتداء زي رجال الدين لم يكن ضرورياً ولم يكن عملياً بالنسبة لطبيعة عملي هناك.
هل حصلت على تسهيلات مثل تصريح من وكالة أنباء؟
نعم، الكثيرون يسعون للحصول على تصاريح إعلامية لأنها تسهل التنقل، خاصة في بيئة أمنية معقدة كلبنان. السلطات هناك كانت حذرة للغاية تجاه الصحفيين، حيث كانت هناك تجارب سلبية مع صحفيين من دول أخرى استخدموا صفتهم لنقل معلومات حساسة إلى جهات معادية، مثل تحديد مواقع معينة تخص حزب الله. ومع ذلك، كان التعامل مع الإيرانيين أكثر ودية واحتراماً. ولهذا السبب، مثلاً، حصل السيد محسن إسلام زاده على تصريح من وكالة "مهر".
كيف كانت علاقات الناس خلال هذه الحرب؟ وهل زادت الحرب من التباعد بينهم؟
الحرب في لبنان، بدلاً من أن تُسبب ابتعاد حزب الله وتيار التشيّع عن بقية المذاهب والناس، أدت في الواقع إلى تقارب أكبر بينهم.
خلال زياراتي للعديد من المخيمات، لاحظت أن كثيراً منها كان تحت إدارة الكنائس أو مدارس تديرها الكنائس، وقد فُتحت لاستقبال اللاجئين، الذين كانوا في غالبيتهم من الشيعة. كانوا يعيشون في هذه الأماكن بسلام وبشكل طبيعي. هذا المشهد كان دليلاً على إمكانية التعايش والعيش معاً بشكل طبيعي.
كيف كانت ردة فعل الناس تجاه إيران وتأثيرها الإعلامي؟
الاهتمام بإيران كان ملحوظاً. خطبة صلاة الجمعة التي ألقاها قائد الثورة الإسلامية كانت لها تأثير عميق. في يوم الجمعة ذاك، قمت بجولة مع صديق لي، وهو زميل إعلامي، في أحياء بيروت لرصد الأجواء. إحدى السمات المميزة لبيروت هي المقاهي التي تنتشر على الأرصفة، حيث توضع شاشات تلفاز تُعرض بثاً مباشراً وأحياناً موسيقى.
في ذلك اليوم، كان الجميع ينتظرون خطاب قائد الثورة. جميع المقاهي، المنازل، والمحلات كانت تعرض الخطبة على شاشات التلفاز. حتى أثناء البث الحي للأناشيد قبل الخطبة، كان الناس في حالة انتظار وترقب، مما أظهر أهمية الحدث بالنسبة لهم.
ذكرت ضمنياً أن البعض يذهبون إلى لبنان لمجرد التقاط الصور وإظهار أنفسهم. كيف يُتعامل معهم؟
حزب الله يتعامل بحذر مع الصحفيين الرسميين، فما بالك بمن يحاول التصوير دون تصريح. في الليلة الأخيرة قبل عودتي، شاهدت امرأة هندية في الشارع، وكانت من مشاهير التدوين (بلوغرز)، ويبدو أنها مقيمة في بيروت. كانت تقوم ببث مباشر عبر هاتفها المحمول، باستخدام حامل ثلاثي وإضاءة خفيفة، مرتدية زيّاً هندياً، وكانت تخبر متابعيها بموقعها في بيروت.
لكن خلال دقائق من البث، أتى إليها بعض الأشخاص وسألوها إن كان لديها تصريح للتصوير، فأجابت بالنفي، وقالت إنها فقط ترغب في التواصل مع جمهورها. هذا النوع من النشاط، في ظل الأوضاع الحربية، قد يسبب أضراراً أكبر مما قد يفيد جمهورها.
ما الذي ينقص الإعلام في ظل هذه الظروف؟
في الوضع الحربي، كما ذكرتم، نحتاج إلى قيادة إعلامية. غياب القائد الإعلامي يؤدي إلى حالة من الفوضى؛ إذ قد تجد 15 صحفياً يركزون على نقطة واحدة بينما هناك 14 نقطة أخرى تحدث فيها أمور هامة دون تغطية. ما لاحظته هو غياب قائد محتوى يوجه العمل الإعلامي، وهو أمر يحتاج إلى معالجة جادة.
/انتهى/
تعليقك