وكالة مهر للأنباء: إنه العام العاشر من التقويم الهجري واليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة. في حرّ منطقة غدير خم، حيث أشرقت رمال الصحراء الحمراء تحت أشعة الشمس الحارقة، شهد التاريخ لحظةً توحدت فيها السماء والأرض. نفّذ نبي الرحمة، سيدنا محمد (ص)، عند عودته من حجة الوداع وحجّته الأخيرة، الأمر الإلهي: "من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه". لم تكن هذه الجملة مجرد بيان، بل أصبحت حجر الزاوية في ولاية الأمر والإمامة، نقطة تحول غيرت مجرى التاريخ.
الغدير من منظور الشيعة: يوم إكمال الدين وخاتم تثبيت ولاية الأمر
يُعدّ الغدير عند الشيعة يوم إتمام النعمة وإتمام الدين (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا). وفيه نصّب الله علي (عليه السلام) خليفةً للنبي (ص). الغدير عهد إلهي يربط بين الإيمان والولاية. وإمامة علي (عليه السلام) وأبنائه الأحد عشر المعصومين هي حلقة الوصل التي تربط الأمة برسالة النبي (ص)، حتى لا تبقى سفينة نجاة الأمة بلا بحار.
الغدير من منظور أهل السنة: احترام مكانة علي (عليه السلام) الرفيعة
وردت حادثة الغدير في المصادر السنية بمستندات عديدة. ومع أنهم لا يفسرونها على أنها تعني مباشرة إمامة علي (عليه السلام) وخلافته، إلا أنهم يُقرون بفضيلة أمير المؤمنين (عليه السلام) الفريدة في هذا اليوم.
الغدير؛ رسالة الوحدة والولاء بين الشيعة والسنة
الغدير ليس مجرد حدث تاريخي، بل رسالته حية لا تنقطع: الوفاء للعهد الإلهي. سواء كنا شيعة أو سنة، يُذكرنا هذا اليوم بأن حب أهل البيت (عليهم السلام) واتباع قيمهم كالعدل والشجاعة والتقوى والعلم هو سبيل النجاة للمسلمين وكل حر في العالم. الغدير يومٌ لتعزيز الوحدة والأخوة. قال نبي الإسلام العظيم الجليل (ص) في هذا الصدد: "إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وأهل بيتي، إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدًا". أي: إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي، لا يفترقان إلى يوم القيامة.
السلام على الغدير، يوم أمرت السماوات وخرّجت الأرض! السلام على علي (عليه السلام) الذي كان سيف عدله كالدرع، وقلبه مملوء بحب الله! والسلام على جميع المسلمين الذين حافظوا على سلسلة حب آل بيت النبي على مر التاريخ.
فلنتأمل، في ضوء الغدير، أكثر من أي وقت مضى في وحدة الأمة الإسلامية وقوتها، ولنسلك طريق الهداية بحب علي (ع) وآل بيت النبي (ص) الأطهار. شيعة وسنة، يمكننا جميعًا أن نسعى لبناء عالم يسوده العدل والروحانية، وأن نحقق الحضارة الإسلامية في ظل هذه المحبة والإيمان المشترك.
/انتهى/
تعليقك