وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: المجاعة في غزة تزداد توحشاً: استشهدت الرضيعة “زينب أبو حليب” في مستشفى ناصر جراء الجوع، زينب ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فقد كان قدرها ان تكون هذه الرضيعة من عائله أبو حليب، وهي التي استشهدت لأنه لا أحد في العالم استطاع ان يدخل لها قنينة من الحليب، زينب والكثير من الأطفال يستشهدون يومياً جراء نقص الحليب والغذاء، هذه المجاعة_ جريمة العصر_ ستبقى تلطخ جبهة الاستكبار العالمي وأمريكا والكيان المؤقت والدول الداعمة لهذا التجويع ولهذه الابادة الحاصلة في قطاع غزة، والموت الصامت على الهواء مباشرة.
ومن جهة اخرى، أثار وزير ما يسمى التراث داخل الكيان، عميخاي إلياهو، ضجةً كبيرةً بعد أن قال في مقابلةٍ مع احدى الإذاعات أن "الحكومة تُسارع إلى محو غزة، والحمد لله أننا نمحو هذا الشر. ستكون غزة بأكملها يهودية". وأضاف: "لا داعي للقلق بشأن الجوع في القطاع. لقد جُنّ جنوننا". وهو نفسه الذي دعا منذ بداية طوفان الأقصى الكيان المؤقت الى رمي قنبلة نووية على قطاع غزة.
وقد حذّر المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، من كارثة إنسانية وشيكة تهدد حياة أكثر من 40 ألف طفل رضيع، نتيجة مواصلة الاحتلال لمنع إدخال حليب الأطفال إلى القطاع منذ أكثر من 150 يوماً، في "جريمة إبادة صامتة".
حول المجاعة والابادة الجماعية في غزة، أجرت مراسلتنا الاستاذة وردة سعد، حواراً صحفياً مع الكاتب الفلسطيني، الدكتور عصام محمد سالم، من قطاع غزة رمز المقاومة والكرامة والعزه. وجاء نص الحوار على النحو التالي:
هناك أصوات متصاعدة في العالم الغربي تندد بحالة المجاعة التي وصلت إليها الأوضاع في غزة، وآخرها البيانات الأوروبية من دول فاعلة. هل يمكن أن نعلّق الآمال على هذه المواقف في ردع الوحش الصهيوني عن حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني؟ وهل المجتمع الدولي عاجز أم متخاذل عن الوقوف في وجه هذه الجريمة المروعة؟
هذه الأصوات والبيانات، جميل جدًا أن تصدر. نذكر هنا على سبيل المثال: رئيس الوزراء البريطاني تحدّث عن صور الجوع في غزة وقال إنها مروعة للغاية، لكن هذا الجوع غير مبرر إطلاقًا. صورة أخرى: 221 نائبًا بريطانيًا، بالإضافة إلى 9 أحزاب بريطانية، وقّعوا على رسالة تطلب من وزير الخارجية الاعتراف بدولة فلسطين.
من زاوية أخرى، الرئيس الفرنسي ماكرون تحدّث عن الاعتراف من قبل فرنسا بدولة فلسطين. النائب الفرنسي توماس بوراتس قال إن تحرير فلسطين كاملة أمر لا مفر منه.
صورة أخرى: رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر تقول إن حجم المعاناة في غزة والتجريد من الكرامة تجاوز كل المعايير القانونية والأخلاقية، لذلك لا بد من وقف إطلاق النار ومنع إزهاق أرواح المزيد من المدنيين.
هذه الأصوات رائعة جدًا، ولكننا نحتاج إلى تطبيقها عمليًا على أرض الواقع. مقابل هذه الأصوات، أتساءل: أين دور الدول الأوروبية من بن غفير وسموتريتش اللذين يدعوان كل دقيقة إلى القتل والإبادة وتهجير أهل غزة؟ على مرأى العالم تحدث إبادة جماعية وتهجير وقتل يومي. وبعد ذلك نقرأ في الأخبار أن رومانيا توقّع اتفاقية لشراء أنظمة دفاع جوية بقيمة 2 أو 3 مليارات دولار من إسرائيل، حسب صحيفة يديعوت.

إذًا، الدول الأوروبية تعيش في ارتباك، إن لم يكن ارتباكًا حقيقيًا، فهو ارتباك يعطينا وجهين: الوجه الإعلامي = صور وشجب وبيانات، لكن على أرض الواقع لا يوجد فرض عقوبات عملية على إسرائيل. الدول الأوروبية لم تتخذ قرارًا جريئًا بحق إسرائيل حتى هذه اللحظة، بل هي ما زالت مستمرة في الجسر الجوي والإمداد العسكري لدولة الاحتلال.
إذًا، هذا الجعير الإعلامي نحن بغنى عنه ما لم يكن عمليًا.
ننتقل للجانب الأميركي: السيناتور الديمقراطي كريس هولين يقول إن حجم الأهوال في غزة وصل إلى مستويات عالية جدًا. أيضًا السيناتور كريس مور يقول: غزة في عنق المجاعة، وترامب يتجاهل هذه الأزمة الأخلاقية، وعليه أن يضغط لإنهاء الحصار على غزة.
أصوات رائعة، لكن نحتاجها تطبيقًا عمليًا للحد من هذه الجرائم المرتكبة على مدار الساعة.
لذلك نقول: المجتمع الدولي ليس بعاجز، بل متخاذل وشريك في هذه الجرائم التي تحدث في فلسطين، وتحديدًا في قطاع غزة.
الصمت على هذه الإبادة الجماعية والمجاعة هو شراكة عملية في هذه الأحداث، ولا نستثني أحدًا.
دعونا من الصراخ الإعلامي، لأن الماكينة الإعلامية العالمية تتحكم بها الصهيونية العالمية، ولا أحد ينكر ذلك. نحن نسير بخطى حثيثة. فليتفضل الأوروبيون على أرض الواقع ويجيبونا:
-
هل أوقفوا إمداد إسرائيل بالسلاح؟
-
صفقات السلاح ما زالت تُعقد.
-
الجسر الجوي ما زال موجودًا.
-
هل سحبوا سفراءهم من داخل الكيان؟
-
هل قاموا بمقاطعة؟
فيما يخص المقاطعة الموثّقة للمشاريع الأكاديمية الإسرائيلية في أوروبا، هناك 750 حالة مقاطعة. هذا جميل، لكن مقابل كل هذه الأحداث، تأتي دولة الاحتلال بقرار من الكنيست بإقرار السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية!
أليس هذا قرارًا صفعة قوية بحق العالم أجمع؟ وعلى رأس هذا العالم: العالم العربي والإسلامي، ومن ثم الأوروبي؟
ألا يوجد أحد يقف في وجه هذا الكيان المتغطرس؟ لماذا؟ لأنه لا توجد إرادة حقيقية، إرادة عملية.
ولذلك، أنا أسمّي كل ما يحدث هو "جعير إعلامي"، لا أكثر ولا أقل.
أرى أن صورة إسرائيل في العالم هي الأسوأ في التاريخ.

مقابل هذه الصورة، تأتينا صحيفة نيويورك تايمز لتقول إنه لا دليل على أن حماس تسرق مساعدات الأمم المتحدة.
في سياق المساعدات، ما يحصل من إنزال مساعدات هو مسرحيات، تهريج، كذب، وخداع، وماكينة إعلامية لتغيير صورة إسرائيل على صعيد العالم.
الدليل على ذلك أن صحيفة هآرتس أقرت أن الجيش قتل أكثر من ألف طفل في غزة في الشهر الأخير، وأميركا ما زالت تمنح الضوء الأخضر لإسرائيل لاستمرار عملياتها العسكرية في غزة.
نحن ما نحتاجه هو الطعام والشراب. نحن لسنا جياعًا، بل "مجوعين". حاصرونا ومنعونا من الطعام فجعلوا من قضيتنا قضية إنسانية. لا! نحن قضيتنا قضية وطنية، إنسانية، مصيرية.
نحن نطالب بـ:
-
حق تقرير المصير
-
الحرية
-
دولة فلسطينية وعاصمتها القدس
-
تحقيق الشرعية الدولية التي صدرت عن هيئة الأمم المتحدة
لذلك، نحن لا نحتاج فقط إلى "جعير إعلامي" وما إلى ذلك.
أنا أقول: ما يحصل في غزة اليوم هو هندسة متعمّدة للفوضى في قطاع غزة.
هناك نحو 400 ألف طفل في مرحلة الخطر بسبب سوء التغذية.
فلا يكفينا الحديث بعبارات الشجب فقط. بل نقول: الأزمة الإنسانية في غزة وصلت إلى مستويات كارثية بسبب انهيار منظومة الخدمات الأساسية.
لذلك، وجب على الدول الأوروبية وعلى المجتمع الدولي أن يرفع الغطاء عن نفسه، وهذا التخاذل الصريح، وأن يفرض عقوبات على إسرائيل إن أرادوا حقًا وقف هذه المجازر والإبادة الجماعية في غزة.
منذ أسابيع عديدة والرئيس الأميركي يعد بالإعلان عن وقف إطلاق النار وتوقيع صفقة جزئية لتبادل الأسرى، ولكننا لا نزال نشهد المماطلة الإسرائيلية نفسها منذ سنتين تقريبًا. هل ترون أن إدارة ترامب تحوّلت إلى نسخة من إدارة بايدن يتلاعب بها نتنياهو كما يشاء؟ وهل بات ترامب عاجزًا عن تنفيذ وعوده بعد أن كان يسخر من بايدن لضعفه وتردده؟
الولايات المتحدة الأميركية ليست طرفًا محايدًا على الإطلاق، بل هي شريك كامل للاحتلال الإسرائيلي في رسم السياسات وفي صياغة المقترحات والصفقات.
وكل ذلك لا يحقق الحد الأدنى من متطلبات وقف إطلاق النار. بل إن صياغة هذه المقترحات والصفقات أصلًا لا تتضمن المساعدات، ولا تعالج القضايا المفصلية.
أقول بصريح العبارة: المفاوضات هي لعبة وابتزاز من إسرائيل وأميركا للحصول على تنازلات أكثر من حماس.
القضية ليست قضية حماس، القضية قضية وطنية، قضية مسح للهوية الوطنية.
ولذلك، نحن نقول: أيها العالم، قف بكلمة حق في وجه هذا العدو، في وجه هذا الإجرام، في وجه هذه الإبادة.
نحن نطالب، مثلنا مثل شعوب العالم، بحق تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية.
عليكم أيها العالم أن تتعلّموا من صمود المقاومة الفلسطينية، فهذا يُدرّس في الأكاديميات الأمنية والعسكرية.
نحن لا نعيش في أودية وتضاريس جبلية، قطاع غزة مساحة صغيرة جدًا وسهل ساحلي بالكامل، لكن صمود هذا الشعب على هذه الأرض، صمود المقاومة، هو امتياز وشرف لنا وشرف على جبين العالم أجمع، وخصوصًا العالم العربي والإسلامي.
ما الذي يمنع نتنياهو من وقف العدوان على غزة، وهذه الحرب البشعة التي يخوضها جيشه؟ كثيرًا ما يجري الحديث عن أسباب شخصية تخص رئيس الوزراء الإسرائيلي تعيق التوصل إلى وقف العدوان! فهل الأمر كذلك، أم أن المسألة أكثر تعقيدًا وتتعلق باستراتيجية صهيونية أوسع؟
نتنياهو جزء أصيل من المدارس الصهيونية. جميعهم، أي جميع حكام "إسرائيل"، يتطلعون أو ينتهجون منهج المدارس الصهيونية تجاه القضية الوطنية الفلسطينية. جميعهم يقولون: لا للدولة الفلسطينية، لا للقدس، و"إسرائيل" هي الدولة الكبرى، ولن يسمحوا بإقامة دولة فلسطينية.
ما هو المطلوب من أصدقاء الشعب الفلسطيني، بل من الشعوب العربية والإسلامية، لتعزيز صمود إخوانهم الفلسطينيين في هذه المعركة المصيرية؟ وإلى متى ستستمر حالة الخذلان والتقاعس من الكثير من العرب والمسلمين في نصرة إخوانهم والقيام بواجبهم لتحرير مقدسات الأمة؟
وقف العدوان لا يكون إلا بضغط دولي فاعل. وقف الإبادة الجماعية وهذه المجاعة لا يكون إلا بقرار استراتيجي فعّال من الدول الأوروبية والعالم العربي والإسلامي.
المطلوب من أصدقاء الشعب الفلسطيني، ومن الشعوب العربية، أن ينسلخوا تمامًا من حالة الخذلان والتقاعس تجاه نصرة الشعب الفلسطيني.
مطلوب منهم أن يخرجوا من بوتقة الرذيلة، من بوتقة الإمعان، من بوتقة الضعف والخوف. عليهم جميعًا أن يخرجوا بكلمة واحدة: أوقفوا المجاعة، وأوقفوا هذه الإبادة الجماعية.
عليكم أن تنتفضوا، أيها الشعب، أيها العالم، يا أحرار العالم، يا أمة العرب والمسلمين، عليكم أن تنتفضوا انتفاضة واحدة، انتفاضة جبارة ضد هذا العدو.
غريب هذا العالم! غريب هذا الانحياز الواضح!
هل نحن في القرون الوسطى أو في القرون الهمجية والنازية؟ يحصل علينا ما يحصل على مرأى العالم.
الآن، الصورة لدولة الاحتلال صورة مقيتة جدًا وسيئة جدًا، والآن بدأوا يعملون في تهريج لتغيير هذه الصورة. بدأوا يعملون من خلال إدخال بعض المساعدات، والفتات من هذه المساعدات، حتى يظهروا صورة "إسرائيل" الأحسن.

أبدًا، ما زال القتل يوميًا. ما زالت المساعدات شحيحة جدًا، لا تُشبع المئات من شعبنا الفلسطيني.
وجب على الدول العربية، وبالذات مصر، أن تفتح المعابر، وأن تتدفق المساعدات على مدار الساعة حتى نصل إلى الاكتفاء الذاتي.
أقول: على العالم الحر، إن كان أوروبيًا أو عربيًا أو مسلمًا، التحرك العاجل. لم يعد هناك وقت.
وأختم قولي: حين تُغلق حكومات العالم أفواهها، يفتح الناشطون البحر.
وخير مثال: سفينة حنظلة المتجهة لغزة لكسر الحصار، ولكن العدو الصهيوني على مرأى العالم اعتقل هذه السفينة وأهانها واحتجز ناشطيها.
عليكم، على الجميع، أن تكونوا ناشطين فاعلين، خدمةً لشعبنا، ووقوفًا للحق، ومساندةً لحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.
/انتهى/
تعليقك