٢٣‏/٠٨‏/٢٠٢٥، ٨:٢٥ ص

ما هو أكبر خطأ تحليلي ارتكبه دونالد ترامب فيما يتعلق بإيران؟

ما هو أكبر خطأ تحليلي ارتكبه دونالد ترامب فيما يتعلق بإيران؟

كان تجاهل الفارق الجوهري بين قضية البرنامج النووي الإيراني وقضايا العراق وسوريا وليبيا أكبر خطأ تحليلي ارتكبته إدارة ترامب. وقد كان هذا الفهم الخاطئ إلى حد كبير نتيجة تأثير رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، الذي بنى هويته السياسية على معارضة برامج إيران النووية رغم أنها سليمة في ذاتها.

وكالة مهر للأنباء، قسم الشؤون الدولية: ذكر موقع "ميدل إيست مونيتور" التحليلي في تقرير بعنوان "التطور النووي الإيراني وحدود استراتيجية استخدام القوة": أخطأ دونالد ترامب والقادة الإسرائيليون تقدير طبيعة الملف النووي الإيراني بشكل جذري. لم تُحدث حملة "الضغط الأقصى"، التي تُوجت في النهاية بضربة عسكرية أمريكية-إسرائيلية مشتركة استمرت 12 يومًا، أي تأثير ملموس في تحييد القدرات النووية لطهران. بين عامي 2005 و2014، نجحت إيران في خلق واقع على الأرض لا رجعة فيه، مُطلقةً بذلك دورة من المعرفة النووية وسلسلة من الخبرات.

أعاد هذا التحول تعريف مجال الدبلوماسية وطبيعة المفاوضات. فعلى عكس العراق وسوريا وليبيا، لم تكتفِ إيران باستيراد البنية التحتية النووية وتركيبها، بل قامت أيضًا بتوطين المعرفة النووية ومأسستها من خلال إنشاء كليات للفيزياء النووية في جامعاتها، وتربية أجيال من الطلاب، وتطوير خبرات علمية وهندسية محلية. ولهذا السبب تحديدًا، اعتمدت إدارة أوباما استراتيجية احتواء، وسعت إلى إدارة القدرة النووية الإيرانية من خلال أحد أكثر أنظمة التفتيش صرامةً التي طبقتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية على الإطلاق. وشكّل هذا النهج تناقضًا صارخًا مع مبدأ إدارتي بوش وترامب، الذي شدد على تجميد البرنامج النووي الإيراني أو تفكيكه بالكامل.

كانت إسرائيل على دراية تامة بتوسع قاعدة المعرفة والبنية التحتية النووية الإيرانية. ونتيجة لذلك، شن أفراد مثل مائير داغان، الرئيس السابق للموساد، حملة تخريب سرية لتعطيل دورة المعرفة النووية الإيرانية. وتضمنت الاستراتيجية عدة مراحل، أولها تطوير فيروس ستوكسنت لإتلاف سلاسل أجهزة الطرد المركزي في مواقع التخصيب، وثانيًا، تصعيد القضية بشكل أكثر خطورة من خلال اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين. وكانت هذه هي المرة الأولى في التاريخ الحديث التي يحاول فيها تحالف من الحكومات بشكل منهجي قمع المعرفة العلمية لدولة أخرى. ومع ذلك، فإن حملة الضغط الأمريكية الإسرائيلية، على الرغم من أكثر من عقدين من المثابرة، لم تسفر إلا عن حالات تأخير قصيرة الأجل. وحتى بعد سلسلة من الضربات العسكرية واغتيال ما لا يقل عن عشر شخصيات رئيسية في البرنامج النووي الإيراني، هناك سبب وجيه للاعتقاد بأن إيران ستتمكن في النهاية من إعادة بناء قدراتها واستعادتها.

كان تجاهل الفارق الجوهري بين القضية النووية الإيرانية وقضايا العراق وسوريا وليبيا أكبر خطأ تحليلي ارتكبته إدارة ترامب. وقد تأثر هذا الفهم الخاطئ إلى حد كبير برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي بنى هويته السياسية على معارضة طموحات إيران النووية. كلما طال أمد هذه القضية، زادت قدرة نتنياهو على تصوير إيران كتهديد وجودي وتبرير استمرار دوره في السياسة الإسرائيلية. لكن الحقيقة هي أنه لم يحدث أي خلل يُذكر في القدرات النووية الإيرانية. وقد صرّح المسؤولون الإيرانيون مرارًا وتكرارًا بأنهم لن يقبلوا أبدًا أي صيغة تتضمن إغلاق قاعدة المعرفة النووية أو وقف التخصيب تمامًا.

ينبغي على صانعي السياسات الأمريكيين أيضًا إدراك أن الذاكرة الوطنية الإيرانية حساسة للغاية للضغوط الخارجية، ويمكنها بسهولة إشعال موجة قوية من المقاومة الوطنية. كان أحد العوامل الرئيسية وراء ثورة 1979 هو الانقلاب الذي دعمته وكالة المخابرات المركزية الأمريكية عام 1953 ضد رئيس الوزراء محمد مصدق، والذي أوصل إلى السلطة نظامًا اعتبره كثير من الإيرانيين خيانةً للأمة باستسلامه للمصالح الغربية المتعلقة بالنفط.

أثارت الموجة الأخيرة من الهجمات العسكرية والاغتيالات خلال عدوان الأيام الاثني عشر موجةً من المشاعر الوطنية. بالنسبة لشريحة كبيرة من الإيرانيين، لا يوجد مبرر لتدمير البنية التحتية العلمية أو قتل العلماء النوويين. بدلًا من ذلك، يرون أن الاتفاق الخاضع للإشراف والقائم على الحقوق أمرٌ قابلٌ للتحقيق ومرغوب فيه. ما لم يُصحح صانعو السياسات الأمريكيون افتراضاتهم الخاطئة حول طبيعة المسار النووي الإيراني، فلن يلوح في الأفق أي اتفاق ذي معنى.

/انتهى/

رمز الخبر 1961909

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha