٢٥‏/١١‏/٢٠٢٥، ١٠:٠٢ ص

تحوّل إسرائيلي في مقاربة القوة

الاغتيالات الموجَّهة… انتقال في أدوات الصراع وتحوّل في معادلات الردّ

الاغتيالات الموجَّهة… انتقال في أدوات الصراع وتحوّل في معادلات الردّ

بدو أنّ تل أبيب اتّجهت نحو نمط جديد من توظيف القوة. فمع الإعلان عن وقف إطلاق النار، بدأنا نلمس عودة منظّمة لعمليات الاغتيال "المحدّدة الهدف"، كخيار تسعى القيادة الإسرائيلية من خلاله إلى الحفاظ على مستوى الردع، ومنع خصومها من التقاط الأنفاس، وإرسال رسائل مفادها أن يدها ما تزال "طويلة" رغم الإخفاقات.

وكالة مهر للأنباء: بعد نحو عامين من الانتهاكات الواسعة التي ارتكبها الكيان الصهيوني في غزة وساحات المنطقة، وما رافقَها من موجة استنكار دولي غير مسبوقة، يبدو أنّ تل أبيب اتّجهت نحو نمط جديد من توظيف القوة. فمع الإعلان عن وقف إطلاق النار، بدأنا نلمس عودة منظّمة لعمليات الاغتيال "المحدّدة الهدف"، كخيار تسعى القيادة الإسرائيلية من خلاله إلى الحفاظ على مستوى الردع، ومنع خصومها من التقاط الأنفاس، وإرسال رسائل مفادها أن يدها ما تزال "طويلة" رغم الإخفاقات الكبيرة على الأرض.

هذا التحوّل لا يمكن النظر إليه بمعزل عن الضغوط السياسية التي واجهها الاحتلال نتيجة حجم الجرائم المرتكبة في غزة، والتي أثارت ـ وللمرة الأولى منذ عقود ـ انقساماً داخلياً واضحاً داخل المجتمع الأميركي نفسه، وتنامياً في الأصوات المطالِبة بوقف الدعم غير المشروط لإسرائيل.

ترامب… المنقذ السياسي للكيان الصهيوني

في هذا السياق، شكّل دخول الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على خطّ الأزمة من خلال طرح "مبادرة السلام" نقطة انعطاف مهمّة.

فبالرغم من الطابع المسرحي للمبادرة، فإنّ وظيفتها العمليّة كانت واضحة:

منح إسرائيل فرصة للخروج من دائرة الإدانة الدولية الشديدة، وإعادة تلميع صورتها بعد التآكل غير المسبوق الذي لحق بشرعيتها الأخلاقية.

ولو استمرّت عمليات القتل بالشكل الذي كانت عليه الأشهر السابقة، لوجد المجتمع الدولي نفسه أمام لحظة مراجعة حادّة قد تصل إلى إعادة تقييم وجود الكيان ذاته على خريطة المنطقة.

المقاومة أمام مرحلة جديدة

في ظلّ هذا التبدّل في قواعد الاشتباك، تبدو فصائل المقاومة أمام مرحلة مختلفة تتطلب مقاربة أكثر مرونة وابتكاراً. فالتجربة الممتدة خلال العقود الماضية أثبتت أن الكلفة المتزايدة على المحتلّ كانت العامل الأكثر تأثيراً في ضبط سلوكه.

وعليه، فإنّ رفع ثمن الاعتداءات الإسرائيلية والأميركية ـ سياسياً وميدانياً وأمنياً ـ بات ضرورة للحفاظ على توازن الردع.

وفي هذا الإطار، لا يُستبعد أن تلجأ المقاومة إلى خيارات مؤلمة ومربكة للمحتل، شبيهة بما شهدته المنطقة مطلع الألفية الثالثة، حين استطاعت بعض العمليات النوعية أن تُحدث تحوّلات عميقة في معادلات الأمن الإسرائيلي.

خاتمة

المرحلة المقبلة ستكون مرحلة إعادة تعريف للردع في المنطقة. إسرائيل تُعيد ضبط أدواتها، لكنّ المقاومة أيضاً تمتلك القدرة والخبرة التي تُمكّنها من فرض معادلة ردٍّ جديدة، تُعيد حسابات الخصم وتمنع تحويل الاغتيالات إلى واقع اعتيادي.

وفي النهاية، يبقى ميزان الصراع مرهوناً بمدى استعداد الأطراف لتحمّل كلفة خياراتهم.

"بقلم: محمد كاظم كاظمي، محلّل في الشؤون السياسية والدولية"

رمز الخبر 1965389

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha