وقال فيصل حسن إبراهيم مساعد الرئيس السوداني إن لجنة الأمن القومي كلفت الجيش بحماية الأماكن الإستراتيجية والممتلكات العامة والخاصة، مؤكدا أن قوات الشرطة والأمن ستتولى التعامل مع المظاهرات، حسب تعبيره.
وأضاف إبراهيم أن تجاوز الأزمات الاقتصادية الماثلة يتطلب وقتا، وأن "أعمال العنف والتخريب مرفوضة".
ومع زيادة الاضطرابات، أعلنت السلطات تعليق الدراسة في كل الجامعات وكذلك مرحلتي الأساسي والثانوي بولاية الخرطوم لأجل غير مسمى.
وبدأت المظاهرات بشكلها الصاخب الأربعاء الماضي من عطبرة بطلاب المدرسة الصناعية الذين احتجوا داخل مدرستهم على انعدام الخبز لوجبة الإفطار، فخرجوا يتلمسون طريقهم للتظاهر خارج أسوار المدرسة.
وزحف الطلاب نحو سوق المدينة من دون أن تتصدى لهم الشرطة، على غير العادة، وعندها استجمع المواطنون شتات شجاعتهم منضمين للاحتجاجات التي اتسعت بخروج المدارس.
وكانت الاحتجاجات، تواصلت السبت بأنحاء السودان، وأحرق محتجون في مدينة الرهد مبنى حزب المؤتمر الوطني الحاكم.
وفي مدينة الجزيرة أبا بولاية النيل الأبيض جنوب الخرطوم، تواصلت الاحتجاجات بعد تشييع جثماني طالبين قتلا في مظاهرات الجمعة، في حين أدت المواجهات بين المحتجين والشرطة إلى سقوط ثلاثة جرحى.
وتجددت الاحتجاجات في ضاحية الحاج يوسف شرقي الخرطوم وسط إطلاق كثيف لقنابل الغاز المدمع.
عدد القتلى؟
وارتفع عدد القتلى منذ بدء المظاهرات الاحتجاجية إلى عشرة، وفق السلطات السودانية.
غير أن زعيم حزب الأمة القومي المعارض الصادق المهدي أعلن أن عدد قتلى الاحتجاجات بلغ 22 قتيلا.
وطالب المهدي في مؤتمر صحفي بنظام جديد ينهي الأزمة السودانية ويجنب البلاد التداعيات التي شهدتها بعض دول الربيع العربي، معتبرا أن "التحركات السلمية مشروعة قانونيا، ومبررة بواقع تردي الأوضاع المعيشية".
والمهدي شغل منصب رئيس وزراء السودان، من عام 1966 إلى عام 1967 ومرة أخرى من عام 1986 إلى عام 1989، حين أطاح انقلاب قاده الرئيس الحالي عمر حسن البشي، بحكومته الأخيرة التي تم انتخابها ديمقراطيا في السودان.
كما دان زعيم حزب الأمة "القمع المسلح" من قبل القوى الأمنية، داعيا إلى "تسيير موكب جامع تشترك فيه كل القوى السياسية والمدنية بأعلى ممثليها لتقديم مذكرة للرئاسة تقدّم البديل".
وأضاف "إذا النظام تجاوب فكان بها، وإذا رفض فعليه أن يواجه غضبة الشعب، وسندعو إلى إضراب عام وبقية سيناريو الانتفاضة".
أول قرار جمهوري..
وفي أول قرار جمهوري منذ بدء الإحتجاجات، أصدر الرئيس السوداني عمر البشير السبت قرارا بتعيين العقيد أمن مبارك محمد شمت واليا على ولاية القضارف خلفا لميرغني صالح الذي لقي حتفه في حادث تحطم مروحية هذا الشهر.
كما ذكرت المصادر الحكومية، أن السلطات الأمنية أوقفت خلية بولاية الخرطوم كانت "تخطط لتنفيذ عمليات تخريبية على غرار ما حدث ببعض الولايات"، دون الإشارة إلى أعداد الموقوفين أو نوع الأعمال التي كانوا ينوون تنفيذها.
وقال البعض أن الخلية "تضم كوادر حزبية معارضة"، وأنها "تعمل بتنسيق تام مع الحركات المسلحة".
وقد أعلن تحالف "قوى الإجماع الوطني" -الذي يضم عددا من الأحزاب المعارضة مثل "الشيوعي" و"البعث العربي"- أن قوات الأمن اعتقلت 14 من قياداته في أم درمان، على رأسهم فاروق أبو عيسى ساطع الحاج ووجدي صالح وأميرة سعيد وفيصل شبو وطارق عبد المجيد.
منع صدور صحيفتي "التيار" و"الجريدة"
كما فرض جهاز الأمن والمخابرات رقابة على بعض المنابر الإعلامية، إذ منع صدور صحيفتي "التيار" و"الجريدة" الخاصتين، كما عطلت السلطات مواقع التواصل الاجتماعي، وعلقت الدراسة في جامعات الخرطوم.
وبعد قطر، أكدت البحرين، تضامن البلاد ووقوفها إلى جانب السودان، بقيادة الرئيس عمر البشير.
أسباب الاحتجاجات.. إقتصادية ام سياسية؟
ارتفع سعر الخبز في السودان، وفي الآونة الأخيرة، وترددت توقعات بارتفاعه أكثر بسبب رفع الدعم الحكومي المتوقع.
ويواجه السودان أزمة اقتصادية متصاعدة منذ العام الماضي. وتضاعفت أسعار بعض السلع وارتفع التضخم ما يقرب من 70 في المائة وانخفضت قيمة العملة المحلية.
وعانت عدة مدن من نقص كبير في توافر السلع الأساسية خلال الأسابيع الماضية، بما في ذلك العاصمة الخرطوم.
واندلعت احتجاجات قوية في يناير/ كانون الثاني بسبب ارتفاع تكلفة الغذاء، لكن السلطات نجحت في السيطرة عليها مع اعتقال قادة المعارضة والناشطين.
وفي وقت يعتقد الكثيرون بان الأزمات الإقتصادية، تقف وراء الإحتجاجات في السودان، يرى البعض بان هناك عوامل سياسية، اذ أن التطورات تزامنت مع عودة زعيم المعارضة الصادق المهدي إلى السودان ودعوته أمام آلاف من مؤيديه لانتقال ديمقراطي في تقاطع مع مطالبة حزب المؤتمر السوداني برحيل النظام وتشكيل حكومة تصريف أعمال.
محمد حسن القوجاني
تعليقك