١٩‏/٠٣‏/٢٠٢٠، ٩:٥٤ ص

حُسَين فلسطين "المثقف المشتبك"

حُسَين فلسطين "المثقف المشتبك"

كما الحسين(ع) صمدت، وبألف رجلِ كنت، أنرت بعلمك وسلاحك عقول الثائرين، وأثبت للبشرية قاطبة ان الثقافة لا تكتمل إلى بازيز السلاح، أرّقت عيش المعتدين واستشهدت كما غصن الزيتون، واقفاً متحدياً غطرسة المحتلين، فطوبى وألف طوبى لك والفوز لمن تعلم منك.

باسل الثائر في وجه الغزاة

وكالة مهر للأنباء، عبادة عزت أمين: ولد الشهيد في قرية "الولجة" في بيت لحم بتاريخ (27_1_1984) وهو مقاوم وثائر فلسطيني، ناشط ومثقف وباحث وصيدلي، تخرج من إحدى الجامعات المصرية واشتهر بكتاباته وتنظيره للثورة والمقاومة.

اشتهر باسل بثقافته الواسعة التي كرسها لمقاومة الاحتلال بكل الأشكال، "بالتدوينات والمقالات الداعمة للمقاومة ضد الاحتلال"، كما تصدّر المظاهرات الشعبية الداعمة لمقاطعة " دولة الإحتلال" والمنددة بالاستيطان.

وعمل على مشروع لتوثيق أهم مراحل الثورة الفلسطينية شفويًا، منذ ثلاثينيات القرن الماضي ضد الاحتلال البريطاني، وصولًا إلى الاحتلال "الإسرائيلي" لفلسطين.

نظم الشهيد باسل الاعرج رحلات للشباب أثناء التوثيق، فكان يسرد خلالها تاريخ المنطقة التي يزورها والمعارك الواقعة فيها والشهداء الذين قضوا حينها، حتى وصفه صديقه الصحفي حسين شجاعية بأنه الشخص المثقف "بتاريخ الأرض والمقاومة".

إعتقاله ومطاردته حتى استشهاده

في عام 2016 وصف جهاز المخابرات "الإسرائيلي" باسل بأنه أحد أبرز قادة الحراك الشبابي الفلسطيني بعدما صنّف هذا الحراك "تنظيمًا إرهابيًا"

وفي نفس العام تعرض الاعرج للاعتقال من طرف الاجهزة الامنية التابعة للسلطة الفلسطينية مع خمسة معتقلين سياسيين من رفاقه بتهمة التخطيط لعمليات مسلحة ضد "إسرائيل"،

وبعد مضي 5 أشهر من الإعتقال والتعذيب أعلن باسل ورفاقه الإضراب المفتوح عن الطعام في سجن "بيتونيا" التابع للسلطة للمطالبة بحريتهم، بسبب مماطلة المحكمة والأجهزة الأمنية في الإفراج عنهم.

وخلال فترة إضرابه أرسل باسل جملة واحدة عبر محاميه وهي وبعد

وبعد الإفراج عن باسل ورفاقه من سجون السلطة، إعتقلت  قوات الإحتلال مجدداً بعضهم إلا ان باسل بقي مُطارداً من قبل الاحتلال منذ تلك اللحظة.

وبعدها قامت قوات الاحتلال باقتحام منزل عائلته مراراً وتكراراً بحثاً عنه، وهدّدت عائلته لإجباره على تسليم نفسه، إلا أنه لم يفعل،

وفي يوم 6_مارس_2017 عثرت عليه قوات الإحتلال وحاصرت فجراً المنزل الذي كان يقطن فيه بمحيط مخيم قدورة، واشتبك الأعرج وحيداً معهم وواجه بمفرده عشرات من قوات الإحتلال واستمر الإشتباك  معهم لساعتين وأطلقوا على المنزل قذيفة من نوع "أنيرجا" أدت إلى تدمير أجزاء من المنزل، واقتحموا المنزل بعدها ليطلقوا عليه وابلاً من الرصاص عن قرب لترتقي روحه إلى السماء وتكون شاهداً إضافياً على جرائم الإحتلال.

في البداية رفضت قوات الاحتلال تسليم جثمان الشهيد، وذكرت مصادر أن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة أبلغت العائلة بأن سلطات الاحتلال تشترط للإفراج عن جثمانه، أن تقوم العائلة بنقل بيت عزائه من مكانه في قرية الولجة حيث تقطن عائلته إلى منطقة أخرى، كون الولجة تقع قرب المستوطنات.

وبعدها قام الأهالي برفع الأعلام الفلسطينية في منطقة بيت عزاء الشهيد في الولجة، رفضاً لما طلبه الاحتلال بمنع رفع الأعلام والرايات وتضامناً مع الشهيد باسل.

والجدير بالذكر ان الضابط الصهيوني تحدّث لوالد الشهيد قائلاً "قبل ما تشوف صورة الجثة عشان تتعرّف عليها لازم تكون فاهم إنها بتختلف حالياً عن صورته دائماً وممكن تكون مشوهة بفعل الرصاص والشظايا"، وبعد ان رأى والد الشهيد صورة ابنه قال للضابط: "الله يرضى عليه، عمري ما شفته أحلى من اليوم".

شهادات بحق الشهيد

في نوفمبر الماضي، أصدرت دار رئبال في القدس المحتلة الأعمال الكاملة للشهيد باسل الأعرج في كتاب من 400 صفحة يحمل عنوان ("وجدت أجوبتي".. هكذا تكلم الشهيد باسل الأعرج)، وهو عنوان أُخِذَ من وصية الشهيد.

كتابات الشهيد باسل شكّلت في مجملها بيانًا سياسيًا ثوريًا، يجمع ما بين وضوح الرؤية المبنية على البحث والتحليل وما بين الموقف السياسي والأخلاقي المتسق مع هذه الرؤية.

يقول الكاتب والباحث الفلسطيني محمد خير موسى بحق الشهيد باسل الاعرج: "أيها الشباب احفظوا هذا الاسم جيدًا (باسل الأعرج)، احملوه معكم في عقولكم وقلوبكم، ربما لم تسمعوا به من قبل لكن من الآن يجب أن يكون أيقونةً لكلّ من يتوق إلى الانخراط في عالم الثقافة.

وقال أيضاً:  "باسل المثقف العميق العنيد، وهو رائد من رواد الشباب المثقف في الضفة الغربية، والذي كان في مقدمة المظاهرات الشعبية ضد الاحتلال، رافضًا عربدة التنسيق الأمني، لذلك قضى ردحًا من الزمن في سجون السلطة".

وأشارالباحث الفلسطيني إلى كلمات المثقف المشتبك الذي اشتبك بالفعل مع الاحتلال بالسلاح، كما اشتبكت كلماته بدمه وفعل ما قال وما أقلَّ المثقّفين الذينَ يفعلونَ ما يقولون فهو الذي قال مخاطبًا الشباب المثقّف يومًا: (بدك تصير مثقف، بدك تصير مثقف مشتبك؛ ما بدك مشتبك، لا منك ولا من ثقافتك).

وأضاف موسى أيضاً: "باسل الأعرج الشهيد المثقّف المشتبك، حجّةٌ عليكم يا عناوين الثقافة التي لا اشتباك فيها، وفعلا لا منكم ولا من ثقافتكم".

وصية الشهيد

تحية العروبة والوطن والتحرير، أما بعد..

إن كنت تقرأ هذا فهذا يعني أنّي قد مت، وقد صعدت الروح إلى خالقها، وأدعو الله أن ألاقيه بقلبٍ سليم مقبل غير مدبر بإخلاص بلا ذرة رياء.

لكم من الصعب أن تكتب وصيتك، ومنذ سنين انقضت وأنا أتأمل كل وصايا الشهداء التي كتبوها، لطالما حيرتني تلك الوصايا، مختصرة سريعة مختزلة فاقدة للبلاغة ولا تشفي غليلنا في البحث عن أسئلة الشهادة.

وأنا الآن أسير إلى حتفي راضياً مقتنعاً وجدت أجوبتي، يا ويلي ما أحمقني وهل هناك أبلغ وأفصح من فعل الشهيد، وكان من المفروض أن أكتب هذا قبل شهور طويلة إلا أن ما أقعدني عن هذا هو أن هذا سؤالكم أنتم الأحياء فلماذا أجيب أنا عنكم فلتبحثوا أنتم أما نحن أهل القبور لا نبحث إلا عن رحمة الله. /انتهى/

رمز الخبر 1902911

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha