وكالة مهر للأنباء - محمد مظهري: في يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلنت واشنطن عن "صفقة القرن"، التي تتضمن إقامة دولة فلسطينية في صورة "أرخبيل" تربطه جسور وأنفاق، وعاصمتها "في أجزاء من القدس الشرقية"، مع جعل مدينة القدس المحتلة عاصمة مزعومة لإسرائيل، وهو ما لاقى رفضا فلسطينيا وعربيا وإسلاميا.
هذا واعتبر المراقبون ان "صفقة القرن" الأمريكية لن توفر شيئاً الا أجواء عدائية وتحريضية ضد الفلسطينيين كما تعمق الكراهية في المنطقة.
ورغم ان هذه الصفقة لاقت ترحيبا بها من رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو الا ان المجموعات والقصائل الفلسطينية ساعرت إلى رفض هذه الخطة، معتبرةً انها لن تمر وسترمى في مزبلة التاريخ . في هذا السياق ولدراسة مختلف الاحداث التي طرأت على فلسطين خلال السنة الماضية اجرت وكالة مهر للأنباء حوارا مع الباحث والكاتب الفلسطيني ثابت العمور. فيما يلي نص الحوار:
1. اين وصل مسار ما يسمى بصفقة القرن؟ كيف وجدتم مواقف الدول الاسلامية من هذه الخطة الامريكية؟
منذ وصول ادارة دونالد ترامب الى رئاسة البيت الابيض وصفقة القرن مستمرة لم تتوقف ربما تزيد الحيثيات او تقل او تتراجع لكن الصفقة مستمرة ابتداء من اعلان القدس الشريف عاصمة لكيان الاحتلال ونقل السفارة الامريكية اليها وصولا للاعلان عن الصفقة مرورا بمؤتمر البحرين لتمويل الصفقة، وبالتالي جزء من الجرأة الامريكية في طرح هذه الصفقة بهذه الفجاجة هو نتيجة المواقف العربية، ادارة ترامب قرأت الواقع العربي وعليه قررت ان تعطي للكيان الصهيوني كل شيء طالما ان العرب ستعدون للتمويل والانفاق. جزء اساسي ورئيس من طرح الصفقة هو المواقف العربية المتخاذلة اولا والتي تطلب الود الامريكي ثانيا والتي تقترب من الكيان وتذهب علنا الى التطبيع ثالثا والتي تظن ان رضا واشنطن وارضاء تل ابيب هو احد مداخل شرعيتها رابعا.
٢. بالنسبة لاتفاقية اوسلو ماهو موقفكم؟ هل اتت اكلها وتطبق على ارض الواقع؟
اوسلو لم يكن اتفاقا وانما كان فخا، الان بعد اكثر من ربع قرن الذين راهنوا ووضعو البيض كله في سلة التسوية وسلة اوسلو انظر اين اصبحوا ماذا حصدت منظمة التحرير من اوسلو اين الاراضي والانسان والعودة والدولة بل اين رعاة السلام هم الذين انقبلوا على السلام وعلى اوسلو، اوسلو اسوء اتفاق عرفه التاريخ اتفاق الضعيف الفلسطيني الوحيد مع القوي الكيان المدعوم من كل اباطرة العالم وقواه الغربية وعلى رأسها رأس الشر الولايات المتحدة. ثم ان ما آلت اليه الامور باعلان صفقة القرن لا يمكن فصله وعزله عن اتفاق اوسلو. ولهذا التفريط الذي بدأ مع اوسلو انتهى اليوم باعلان صفقة القرن.
٣. لماذا فشلت الفصائل الفلسطينية في موضوع الوحدة؟ ما هي العقبات التي تحول دون تحقيق الوحدة الداخلية؟
الفصائل فشلت في موضوع الوحدة لانه لا يوجد ارادة سياسية حقيقية ، الفصائل لا تختلف عن مقاومة الاحتلال وهناك عشرات اللقاءات التي تمت وحدثت ووقعت لكن غياب الارادة السياسية هو ما يحول دون الوصول للوحدة الفلسطينية الحقيقية، كل طرف يريد الحفاظ على مكتسباته على حساب مكتسبات الكل الفلسطيني، النظرة الضيقة والفكر الحزبي هو ما يحول دون الوحدة الوطنية، ثم ان هناك عوامل خارجية لا يمكن عزلها واعفائها عن استمرار الانقسام، لكن الاصل في استمرار الانقسام هو غياب ارادة حرة فلسطينية، واستمرار الانقسام يضعف الجبهة الداخلية الفلسطينية بل ويستهلك من رصيد الحاضنة الشعبية للفصائل الفلسطينية، سيتوقف التاريخ مطولا والاجيال عن استمرار الانقسام طول هذه السنين، الوحدة الداخلية بحاجة لحالة ضغط شعبي لضغط الشارع ولكن هذا الشارع لم يعد يراهن على الفصائل وبالتالي لا يرى ان دعم فصيل لصالح فصيل مجدي لذلك يضع طرفي الانقسام في كفة واحدة، الاهم ان كل هذه المخاطر التي تحدق بالقضية الفلسطينية لم تفض لتحقيق الوحدة لذلك جزء مما تتعرض له القضية سببه استمرار الانقسام وهذا يعني انه لا يمكن اعفاء طرفي الانقسام مما آلت اليه الاوضاع والحالة الفلسطينية.
٤. كيف تقرا الحروب التي فرضت على غزة خلال العام الماضي؟ ما هي رسائل هذه الحروب؟
الحروب التي تعرضت لها غزة مؤخرا تعني ان محددات المقاومة تبدلت، وان الوقوف في السلطة وادراتها والانتقال من العمل المقاوم الى العمل السياسي الرسمي له تكلفة وله مقتضيات، لذلك وجدنا خروج حركة الجهاد الاسلامي وحدها في حرب صيحة الفجر الذي اغتال فيها الاحتلال الشهيد بهاء ابو العطا ابرز قادة سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي، وغلبت حركة حماس الوقوف على مسافة من الاشتباك والدخول للمعركة، ما كان معناه وتفسيره ان المعركة مع الجهاد الاسلامي وحدها وهذا امر لاول مرة يحدث، ولكنه استمر في الحرب الثانية التي سميت ببأس الصادقين عندما قام الاحتلال باطلاق النار على شبان شرق قطاع غزة ثم قام بالتنكيل بجثة احدهم بجرافة فردت حركة الجهاد الاسلامي بقصف كيان الاحتلال وكانت وحدها التي ردت خرجت للحرب، اما عن رسئال هذه الحروب اولها ان الاحتلال يريد نقل الانقسام من البعد السياسي الى البعد العسكري ويريد الاستفراد بالفصائل الفلسطينية كلا على حدة، ثانيا ان حسابات حركة الجهاد الاسلامي مختلفة عن حسابات اي طرف فلسطيني آخر وانها قريبة جدا في الرد وفي الخروج للمواجهة والحرب، ثالثا انه لم يعد هناك ظهير عربي داعم ومساند للمقاومة الفلسطينية وان الدول العربية تترك غزة وحدها لمواجة الاحتلال دون اي تعكيل للتطبيع وللاقتراب من الاحتلال.
٥. اين وصل مسار مسيرات العودة وهل حققت اهدافها؟
مؤخرا تقرر وقف مسيرات العودة، القرار جاء متأخرا لكنه جاء ليوقف النزيف الحاصل خاصة وان قنص الاحتلال للمتظاهرين بات يحرج المقاومة ويضعها امام تحديات فاذا لم ترد سيرى الناس انها تصمت على اعتداءات الاحتلال واذا ردت بقصف الكيان سنرى من يقول ان هذا تهور قد يقودنا الى الحرب، لكن مسيرات العودة كشكل من اشكال الثورة والنضال الفلسطيني مهمة ومطلوبة ربما كان هناك خلل في الاجراءات في ادارتها وفي توظيفها عندما تحولت من هبة شبابية الى هيئة فصائلية تديرها وتشرف عليها الفصائل، وبالتالي تحولت من نضال شعبي جماهيري الى احد اشكال المقاومة الفصائلية. مسيرات العودة جاءت في توقيت مهم ونجحت في تذكير العالم بالقضية الفلسطينية بعدما كاد العالم ان ينساها، ونجحت في التذكير بحق العودة وانه لا يسقط بالتقادم. بعض الاهداف تحققت ولكن بعضها اخفق او لم تفلح المسيرات في تحقيقه خاصة ان خطاب المسيرات كان خطاب مرتفع جدا وصور الامر وكأن المسيرات ستنتهي باعادة اللاجئين لارضيهم، وعندما تقرر وقفها تقرر فجأة دون اي انجاز، بل بدت مسيرات العودة وكأنها تهدف لابتزاز الاحتلال من اجل تقديم تسهيلات فقط. مسيرات العودة باختصار رفعت سقفها جدا وعندما بدت باتت ترضى وتقبل باية تسهيلات دون ان يرفع الحصار حتى.
تعليقك