١٦‏/١١‏/٢٠١٦، ١٢:٠٨ م

محاضرة للإمام موسى الصدر في ذكرى عاشوراء

الدور الزينبي في نهضة الامام الحسين (ع)

الدور الزينبي في نهضة الامام الحسين (ع)

اكد الامام المغيب السيد موسى الصدر في محاضرة القاها في ذكرى عاشوراء ، ان عقيلة بني هاشم السيدة زينب الكبرى (س) قامت بدور رئيسي في نهضة الامام الحسين (ع) ، عندما افشلت مؤامرة بني أمية في طمس حقيقة واقعة كربلاء.

وفيما يلي نص المحاضرة حسب التسجيل الصوتي ​الموجود في محفوظات مركز الإمام موسى الصدر للابحاث والدراسات في بیروت:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

مرور أيام قليلة على واقعة كربلاء لا ينسينا عِظم المصيبة والاعتبار بنتائجها. والحقيقة أن المصاب بعد الوقوع، أكثر تأثيرًا من إحساس الإنسان بالمصيبة قبل وقوع المصيبة. ثم نتائج المعركة والتضحية تبدو عادة بعد انتهاء المعركة.

في يوم عاشوراء قُتِل الإمام الحسين (س) وقتل من معه من الرجال، بل والشباب، بل وقسم من الأولاد الصغار. وما بقي حسب نقل التواريخ في الخيام وبين أهل بيت الحسين (ع) أحد إلا شخصان. الشخص الأول أو الرجل الأول هو علي بن الحسين زين العابدين (ع) وهو كان مريضًا، وكان يخيّل إلى الناس أنه في دور الاحتضار ولن يطول عمره أبدًا، ولهذا تركوه اعتمادًا على أنه سوف يموت من دون حاجة إلى القتل. وشاب ثانٍ نجا من المعركة بأعجوبة وهو الحسن المثنى ابن الإمام الحسن (ع) الذي كان جريحًا غاية الأمر وكان بين القتلى مطروحًا على الأرض من دون حراك ولا أثر للحياة. بعدما وضعت المعركة أوزارها وأرادوا أن يدفنوا الجرحى، وجدوه حيًا فطبّبوه، وبقي في الخيام وبين الأسرى. وله بعض الأحداث عند ابن زياد وعند يزيد، وفي الطريق كما يظهر من بعض كتب "المَقاتل".

أما ما عدا هذين، فقتلوا كلهم وبقي الدور الرئيسي في إنجاز مهمة الإمام الحسين (ع) على عاتق زينب (س)، التي أدت هذه الأدوار الصعبة على خير ما يمكن أن تؤدى. فهي لا شك أنها أصيبت بما أصيب به الحسين (ع) يوم عاشوراء من المصائب والأحزان، ثم أنها أصيبت أيضًا بقتل الحسين. وبعد ذلك كان لها مهمات، أولها المحافظة على عزّ الإمام الحسين وظهور الإمام الحسين بمظهر القوي لا بمظهر العاجز والضعيف والمتخوف. وكما قلت في بعض أيامنا، في ذكريات عاشوراء، الإمام الحسين مهَّد لهذا الأمر بتضحياته المتعددة لأصحابه وبتحضير زينب، بالذات وبقية النساء بشكل عام، حضّرهن لمجابهة هذه المصائب والأحداث حتى لا يظهر عليهن أبدًا أثر من آثار العجز والضعف من الندب والنحيب والنداء بالويل والثبور.

ما كانت هذه المسائل موجودة أبدًا في كربلاء، ويؤكد الإمام الحسين عليهم ذلك: يعني يوم كربلاء، كما كان يظهر على أصحاب الحسين التنافس في الموت، كما يصفهم الشاعر:

 لبسوا القلوب على الدروع كأنما             تهافتون على ذهاب الأنفس

كانوا يتسابقون إلى الموت وكأنهم ذاهبون إلى أفضل غاية وأجمل مرام. هكذا أهل بيت الحسين وأرحام الحسين (ع) كانوا يتسابقون وكل يريد أن يذهب بإصرار وإلحاح ويظهر أمام العدو بمظهر الشجاع الذي لا يبالي بالموت.

كل هذه المسائل مقصودة حتى يظهر في التاريخ، وبعد التاريخ، أنه ما هو الخط وما هو أثر الايمان وما هو معنى العز والمجد. كما أن الحسين (ع) بالذات كان يراقب هذه النقطة جدًا، لا يظهر بمظهر العاجز، لا يبكي على الأولاد، لا يبكي على القتلى، لا يُظهر العجز أمام الأعداء، أمام الحزن، أمام المصائب، وقد سمعتم الكلمة المعروفة عنه: فوالله ما رأيت مكسورًا قط قد قتل ولده وأهل بيته - في هذا التفصيل المعروف - أربط جأشًا ولا أقوى جنانًا من الحسين.

فكان يظهر على وجهه، في هذا النقل، العزيمة والقوة والإشراق في الوجه والصلابة في الموقف. بعد كل هذه المصائب. نفس الموقف، يعني موقف القوة واللامبالاة بالموت والجرح والعطش، والعدو، كان بارزًا عند النساء في جميع شؤون هذه الأيام ومصائبها.

كفانا هذا الموقف المعروف بعدما دفنت الأجساد الخبيثة، جماعة عمر بن سعد دفنوهم، وبقيت أجساد الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه مطروحة على وجه الأرض؛ بعد ذلك أرادوا أن ينقلوا وينتقلوا من كربلاء إلى الكوفة فأخذوا أهل البيت: النساء، الأمهات، والأخوات وعبروا بهن من قرب المَقاتل، يعني حاولوا أن يظهروا، وأن يبدوا ما جرى في المعركة من القتلى والمصارع عند النساء. لأي سبب؟

لنقيض السبب الذي كان يفكر به الحسين. الحسين كان يفكر أن يظهر بمظهر القوة في حياته وبعد وفاته، وهم كانوا يريدون أن يُظهروا الحسين قبل موته وبعد موته بمظهر العجز. كانوا يريدون أن يأتوا بالنساء أمام أجساد القتلى حتى يبكين وحتى يحزنّ وحتى يندبن، تشفيًا وإظهارًا لعجز الجماعة. هنا، حينما جاؤوا بالنساء والأولاد تصور الموقف الرهيب: أحضروهم وكل واحد أو كل امرأة لها أخ لها زوج لها أولاد بين القتلى ولكن لا شك أنهن كن مأمورات بمتابعة زينب، ثم زينب كانت عقيلتهن، فكنّ يُطِعْن زينب (س) في جميع الشؤون.

مشوا وراء زينب، ووصلت زينب سلام الله عليها في طليعتهم، أمام جسد الحسين المقطع، والجسد الذي لا يُرى عضو سالم فيه، والجسد مع ذلك مغطى بالسهام والسيوف والرماح والحجارة، كما يظهر. ولسنا بحاجة لأن ينقل لنا التاريخ، هذه النقاط واضحة. جاءت زينب ووقفت عند الحسين سلام الله عليه ونفضت تلك الحجارة والرماح والسيوف ثم رفعت جسد الحسين سلام الله عليه بكلتا يديها وقالت: اللهم تقبل منا هذا القربان.

تصور معنى هذه البطولة، زينب بالنسبة إليها الحسين كل شيء. ثم هذا المنظر الذي يجعل الكبار والأبطال والجبال، يجزعون أمام هذه المناظر، أما هي فأبدًا: اللهم تقبل منا هذا القربان. إعلانًا بأن هذا الموقف كان بملء إرادتنا، لم يفرض علينا، لم يقل أحد أن تأتوا وتُقتلوا، وما أحد قال لنا أن أخرجوا أنتم، ولم يطلبنا أحد لهذا الشيء. نحن بملء حريتنا جئنا إلى هذا الموقف ووقفنا هذا الموقف، وما جنيناه هو نتيجة لإرادتنا. فنحن قدمنا الحسين قربانًا لأجل دين الله، ونطلب من الله أن يتقبل هذا القربان، وغير ذلك ليس مهما أبدًا.

كما تعبر في مجلس ابن زياد عندما سألها وقال لها: كيف رأيت صنع الله بأخيك؟ قالت: والله ما رأيت إلا جميلًا، هؤلاء رجال كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم. هذا الأول وهذا الأخير.

بلا شك أنه بعد هذا الموقف من زينب، تجاه سيد المقتولين وكبيرهم وسيد الشهداء، عرفت النساء تكليفهن تجاه شهدائهن، بأنه ليس وقت النحيب والبكاء وإظهار العجز أبدًا. هنا موقف القوة وموقف الصلابة، وإعلام العالم، بأننا جئنا هنا وكنا نعرف ماذا سوف يكون. أردناها ومشيناها وسعينا لهذا الموقف بكل ارتياح، ونحن نطلب من الله أن يتقبل. وإذا أرادت المعركة المزيد من هذه الضحايا نحن مستعدون أن نقدم.

فإذًا، دور زينب سلام الله عليها، كان دور تتميم مهمة الحسين في إبراز المعركة بمظهر الكرامة والعزّ. ولهذا أنا لا أعتقد بما يقرأ وما ينقل وما يكتب من مظاهر العجز والويل والندبة والنحيب عند الحسين أو عند نساء الحسين أو عند آل بيت الحسين. لا أعتقد بهذه المسائل قطعيًا، وأرجو أن لا تقرأ هذه المسائل لأن هذه الأمور في الحقيقة تشويه لحركة الحسين (ع) وانحراف لمهمة الحسين.

الحسين ما ظهر عليه أبدًا أثر من آثار الضعف، لا عليه ولا على جماعته ولا نسائه وهذه هي المهمة الكبيرة التي أداها الحسين سلام الله عليه.

فإذًا، زينب أدت هذا الدور في نساء الحسين. ثم زينب سلام الله عليها أدت دورًا كبيرًا آخر، هذا الدور كان القضاء على مؤامرة بني أمية، لأنهم كانوا يريدون أن يقتلوا الحسين سلام الله عليه بدون أن يفهم أحد. تأكيدًا لهذا، بعدما قتل مسلم بن عقيل، وأهل الكوفة خانوا العهد ونكثوا البيعة وكانوا من جيش ابن زياد. فإذًا، الكوفة لم تكن موالية للحسين بل كانت مسرحًا لأعداء الحسين. لماذا لم يتركوا الحسين يدخل الكوفة؟ لأي سبب؟

حتى يقتل الحسين خارج الكوفة. بعثوا الحر ومعه جماعة وأوقفوا الحسين في وسط الصحراء، ثم أبعدوه عن الكوفة، وعن جميع عواصم المسلمين حتى يقتل الحسين ولا يعرف أحد. هذه كانت الخطة، ولهذا قتلوا الرجال كلهم، وقالوا على علي بن الحسين: اقتلوا هذا ولا تبقوا من أهل البيت باقية. هذه محاولاتهم كانت... وكانوا يقولون أنه في الصحراء والرمال، تأتي العواصف وتجرف الرمال وتغطي هذه الأجساد ولا أحد يعرف. ثم يزينون الأمور عند الشعب، عند الناس، عند الأمة، ويقولون: قتلنا الخوارج، والخوارج كان لهم أسوأ الأثر في نفوس الناس وفي نفوس الشعب، باعتبار أن الناس كانوا ينظرون إلى الخوارج على أن هؤلاء وسيلة للفوضى وتمزيق الأمة وخلق الفتن بين الناس. ولهذا لا يمكن أن يحب أحد الخوارج. ومتى قيل خوارج كأنما الأمر انتهى. فإذًا، الدعاية، واستعمال الإخفاء، وإبعاد المعركة عن العواصم، كانت نقاط أساسية لإخفاء قتل الحسين والانتهاء من كل شيء. ولكن من الذي أحبط هذه المؤامرات؟ زينب سلام الله عليها، لأنها بعد وقوع الواقعة نقلت الواقعة حرفيًا إلى الناس وفي أوساط العواصم الإسلامية: في الكوفة، وفي الطريق، وفي الشام، وفي كل مكان. كيف تمكنت من ذلك؟

الكوفة تعرف عليًا، الكوفة تعرف صوت علي، وأهل الكوفة أتوا ليتفرجوا على الخوارج وعلى الأسرى، دفعة واحدة يسمعون صوت علي يرتفع، لأن من هذه الفترة إلى فترة استشهاد الإمام ما مرّ أكثر من عشرين سنة، وكان كثير من الناس يعرفون وما زالوا يذكرون عليًا في ليلهم، في نهارهم، في بيوتهم. كانوا يعرفون الإمام. فإذًا، سمعوا صوت علي وأنِسوا بهذا الصوت وعرفوا أن صوت علي، منْ هذا الصوت؟ من أي مكان صدر؟ سألوا: من؟ فأجابوهم: "خارجية" واسيرة. ولها سألوها أن تحكي، إذا بها تفرغ، على رواة المقاتل، عن لسان علي (ع).

حينئذٍ انتبهوا بأن الجماعة التي قُتلت هؤلاء، هم أولادهم الذين بعثوهم حتى ينتصروا وحتى ينصروا دين الله، ذهبوا وقتلوا ابن بنت رسول الله وآل بيته، هذه نتيجة جهاد أزواجهم وإخوتهم وأولادهم!! وحينئذ بدأوا يندبون ويبكون، وزينب سلام الله عليها تتمتم وتتكلم فيهم فهدأت الأنفاس وهدأت الأجراس وسكتت الأنفاس والناس بدأوا بالبكاء والنحيب، ثم شددت في التمثيل عليهم في الخطبة المعروفة.

الحاصل أنه بمجرد دخول زينب إلى الكوفة، وبقاءها يومًا أو يومين، انكشفت العملية أمام جميع أهل الكوفة، بأن القضية هي قضية قتل الحسين، وما جرى وكيف جرى والتفاصيل وتفاصيل الاعتداء، وتفاصيل الوضع، تبينت للناس بشكل واضح.

وهكذا انتقلت زينب من بلد إلى بلد. لماذا من بلد إلى بلد؟ لأنكم تعلمون أنه في قديم الزمان لم يكن من الممكن أن تسير القافلة في الصحراء الطويلة، لأن المراكب سابقًا من الخيل والبغال، ووسائل النقل لم تكن تتحمل أن تمشي 500 كلم مثلًا في الصحراء. لذلك كانوا مضطرين أن يمروا من الخطوط التي فيها بلاد وقرى. فإذًا، الأسرى نقلوا بطريقة عامرة، يعني تنقلوا من بلد إلى بلد ومن قرية إلى قرية. ولم ينقلوهم دفعة واحدة من النجف إلى الشام.

ففي كل بلد يدخلونها، نفس المعركة تتكرر: زينب تتكلم والناس يجتمعون ويسألون: ماذا حصل؟ ومن أنتِ؟ وكيف صار الأمر؟

واستمرت هذه العملية في الانتشار حتى وصلوا إلى الشام. وفي الشام نفس الموضوع. أول خطبة ألقتها زينب سلام الله عليها في قصر يزيد كشفت كل شيء، وتبين كل شيء، حتى أن زوجة يزيد تغطت بقميصها وخرجت إلى القصر، وطالبت وأصرت وألحت على دخول زينب وأهل بيت الحسين سلام الله عليه في الحرم.

بدأت الحركة من بيت يزيد، فماذا يصنع؟ هل يقدر أن يقتل كل الناس؟ أينما كانت تحل هذه الست، كانت تنطلق وكانت تحرك الناس... وكانت تعكس العملية والقضية على الناس. فخلال فترة وجيزة، جميع العالم الإسلامي وجميع أبناء الأمة عرفوا بالقضية. وبعد معرفتهم، هنالك ذلك التحليل الذي سمعتم وبحثنا فيه أن الأمة عرفت أنها مسؤولة وأنها مقصرة وعليها أن تكفّر عن ذنبها وتتوب من معصيتها وثارت ما ثارت..صار ما صار، إلى آخر الموضوع.

فإذًا، زينب أولًا، كان عليها أن تؤدي هذا الدور المحافظ على الكرامة وعلى العز المتين بعد استشهاد الحسين (ع)، ثم تنجز مهمة الحسين فتبلغ المأساة والمعركة التي حاول بنو أمية أن يجعلوها في الصحراء، وتنقلها زينب سلام الله عليها في أوساط العالم الإسلامي.

فإذًا، نحن، وبعد مصيبة الحسين (ع) وانتهاء دوره، نقف أمام دور زينب البطولي فنحترم ونعظم هذه المرأة التي يعجز عن العمل مثلها كبار الرجال وعظماء الأبطال، ثم نقف أمام هذه التجربة الرائعة والدرس المعبّر والموجّه بأنه كما يمكن للرجل أن يكون الحسين، المرأة المسلمة أيضًا تقدر أن تكون زينبًا. إذا كان الحسين نموذجًا للأبطال وغاية لسير الرجال، فـزينب سلام الله عليها أيضًا نموذج للنساء. وكما أن الرجل المسلم يتمكن أن يكون بطلًا ومجاهدًا، المرأة المسلمة أيضًا تتمكن أن تكون بطلة ومجاهدة. إنما كل ما في الأمر، أن هذا وتلك بحاجة إلى الإيمان وإلى القوة وإلى الشعور بقرب الله حتى لا يخافوا ولا يحزنوا: ﴿ألا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾ [يونس، 62[.

ونحن أمام هذه الواقعة نقف وننتبه إلى كلمة من كلمات الحسين سلام الله عليه حينما خرج قال: لم أخرج أشرًا ولا بطرًا ولا ظالمًا ولا مفسدًا، أريد الإصلاح في أمة جدي ما استطعت، أريد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

مهمة الحسين وغاية خروج الحسين واستشهاد الحسين تتلخص في هذه الكلمة. هنا يأتي هذا السؤال، أمة جد الحسين، هل كانت في عصره فقط، انتهت؟... أو الأمة باقية؟ هل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإصلاح بين الناس كان مختصًا بأيام الحسين (ع) وانتهى؟ أو نحن أيضًا من الأمة؟

نحن أيضًا بحاجة إلى الإصلاح، نحن أيضًا بحاجة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. طبعًا، العملية مستمرة. فإذًا، نحن لا نزال نعيش في الظرف المناسب لتحقيق أهداف الحسين (ع). يعني، الحسين قتل في زمانه حتى يصلح فينا في هذا اليوم، حتى يأمر بالمعروف في هذا الظرف، وينهى عن المنكر في هذا الزمن بالذات. هذا حسب تفسيره هو، فإذا تُرك المنكر، وإذا أوتيَ بالمعروف، وإذا حصل الإصلاح بين الناس في هذا الظرف، فـالحسين بلغ غايته من الاستشهاد. وإذا تُرك المعروف وعُمل بالمنكر وشاع الفساد بين الناس، -أتسمع يا من تحزن على الحسين وتبكي على الحسين - اليوم كلما ازداد المنكر وقلّ المعروف وشاع الفساد وقلّ الإصلاح بين الناس، اليوم... اليوم فمعنى هذا أن هذا الظرف من الزمن، وهذا الجيل من الأمة قد أهدر دم الحسين في هذا الزمن بالذات. وقد ساعد في إحباط وإنهاء والقضاء على أهداف الحسين التي قُتِل من أجلها.

فإذًا، نحن اليوم وفي هذا الظرف أيضًا، ليس واجبنا تعظيم شعائر الله والاستماع إلى البكاء فحسب، بل واجبنا نصرة الحسين في أهدافه بعدما صرّح هو بها: إنني ما خرجت أشرًا ولا بطرًا. لم تكن العملية عملية انتصار على أحد أو الانكسار أمام أحد حتى نقول: انتهى وخلصنا.

لا! المهمة التي كان ينشدها الحسين قائمة في هذا اليوم، لأن الأمة باقية. فإذًا، نحن بدل أن نتمنى ونقول: يا ليتنا كنا معك فنفوز فوزًا عظيمًا، بإمكاننا اليوم أن ننصره وأن نؤيده وأن نقويه على خصمه وأن نحقق أهدافه، وهذا الشيء ممكن وبين أيدينا (واصطفلوا) أيها المؤمنون دبروا حالكم.

المعركة قائمة وموجودة، انتبهو إلى حالكم، إلى أولادكم، إلى حياتكم، إلى نسائكم، إلى تصرفاتكم، إلى واجباتكم، إلى محرماتكم واختاروا ما تشاؤون. الله سبحانه وتعالى يهدينا سواء السبيل، وغفر الله لنا ولكم والسلام عليكم./انتهى/

     

رمز الخبر 1867001

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha