وكالة مهر للأنباء - القسم الدولي: الثورة الاسلامية بعد انتصارها استطاعت تغيير الجعرافيا السياسية والتكوين الجيوسياسي للمنطقة... ويعود الفضل الى هذا التغيير الى طبيعة خطاب الثورة الاسلامية... فالحزمة الايديولوجية والمحتوى البشري الثمين الذي قدمه الامام الخميني (قدس سره الشريف) بصفته صاحب الخطاب ومؤسسه، استطاع ان يخلق نموذجاً جديداً، وتقديم مؤلفة جديدة للمنطقة وللعالم اجمع...
فمع انتصار الثورة الإسلامية أدركت شعوب المنطقة أنه من الممکن أن يقفوا في وجه الغرب والشرق وبامکانهم تغيير المعادلات، وإن الإخفاقات المتتالية للکیان الصهيوني والولايات المتحدة في المنطقة تُظهر أن الثورة الإسلامية كانت خير الهام لشعوب العالم...
نبارك للامة الاسلامية ولكل الاحرار في العالم بحلول ايام عشرة الفجر المباركة والذكرى الـ44 لانتصار الثورة الإسلامية في إيران، وبهذه المناسبة أجرت وكالة مهر حواراً صحفياً مع الكاتب والمحلل السياسي البروفسور "طراد حمادة"، واتى نص الحوار على الشكل التالي:
** كيف كانت المنطقة قبل وبعد انتصار ثورة ١٩٧٩، وكيف غيرت المعادلات الاقليمية والعالمية، وكيف اصبح فكر ونهج الثورة الاسلامية هو من يهدد اسرائيل وجوديا؟
حققت الثورة الاسلامية المباركة في ايران انتصارها واسقطت نظام الشاهنشاهي المقبور في الربع الاخير من القرن العشرين في مرحلة كان الصراع الدولي قد بلغ اوجه من خلال سباق التسلح وحرب النجوم، وتصاعد الحرب الباردة بين المعسكرين الدولي الراسمالي الامبريالي والاشتراكي الشيوعي، وكانت حركات التحرر في مرحلة قطف ثمار مقاومتها وكذلك عزيمة الشعوب في تحقيق حريتها وتقرير مصيرها...
كانت ايران دولة اقليمية في قلب الصراع الدولي لكنها فاقدة الشرعية في الحكم وتابعة للهيمنة الاستكبار الدولي وخاصة النفوذ الاميركي؛ وهي شرطي الخليج الفارسي، وتملك طاقات كبرى، لكن لا يستفيد منها الشعب الايراني... ولذلك ركز الامام الخميني "قده سره" جهاده في سبيل تحرير ايران، واقامة الجمهورية الاسلامية، مدركا الاهمية الكبرى لمكانة ايران الاقليمية والدولية، وكان يعرف ايضا ان هذه المكانة الاستراتيجية اذا ما تحقق لها حكومة اسلامية حقة ستجعل من العالم الاسلامي قوة مشاركة في ادارة شؤون العالم الذي يخضع كما ذكرنا لادارة وصراع القرنين الكبريين...
وهذا ما تحقق فعلا بانتصار الثورة الاسلامية المباركة، وقيام الجمهورية الاسلامية، ولكن ما حدث في احوال العالم من متغيرات حملت النظام الراسمالي يعلن انتصاره، وان هذا الانتصار هو نهاية التاريخ بانتصار الراسمالية وقيام الرجل الاخير وفق نظرية فرنسيس فوكوياما في معنى ان العالم الراسمالي ظهر مهديه، وان نهاية التاريخ تحققت على يديه... لكن قيام الجمهورية الاسلامية خرب هذا الحالم الراسمالي...
وقامت قوة ثالثة في العالم اعادت التوازن اليه، وجعلت من المرحلة مرحلة نهوض الاسلام، وقيام دولة التمهيد لامام العصر والزمان (محمد بن الحسن المهدي عجل الله فرجه الشريف)، ومثلت رسالة الامام الخميني الى "غوباتشوف" وماورد فيها عن احول العالم وعن خلاصه صورة عن موازين قوى جديدة اعادة ميزان القوى لصالح الشعوب الحرة، واسقاط الادارية الاحادية للنظام العالمي، ودخول الاسلام في شراكة ادارة شؤون العالم... كل ذلك على صعيد حركة التاريخ الانساني تحقق ببركة انتصار الثورة الاسلامية المباركة...
تجمعت قوى الشر العالمي بقيادة الولايات المتحدة وتحت مسميات عدة على محاربة النظام الاسلامي الجديد في ايران، وبدات بشن الحرب العدوانية بواسطة الطاغية صدام حسين، وقدمت له كل ما يشاء، وترافق ذلك مع حرب اجتياح لبنان عام 1982 واحتلال العاصمة بيروت بعد محافظتي الجنوب والبقاع الغربي...
الجمهورية الاسلامية كانت المدافع عن المقاومة وحق الشعوب في تقرير مصيرها، واستطاعت ان تثبّت قواعد النظام الاسلامي، وان تجعل ايران في مقدمة الدول العالمية على الاصعدة كافة الدستورية، والسياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والثقافية
ولذلك اعلن الامام الخميني "قده سره الشريف" يوم القدس العالمي، وشكل فيلق القدس، واطلق المقاومة الاسلامية في لبنان التي استطاعت بعد جهاد وتضحيات عظيمة ان تحرر لبنان وتهزم العدو... وسقط صدام حسين الطاغية... وبدا الاجتياح الاميركي لافغانستان والعراق بعد احداث ايلول ونشوء الارهاب التكفيري الدولي... وكانت الجمهورية الاسلامية المدافع عن المقاومة وعن حق الشعوب في تقرير مصيرها، واستطاعت ان تثبّت قواعد النظام الاسلامي، وان تجعل ايران في مقدمة الدول العالمية على الاصعدة كافة الدستورية، والسياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والثقافية، دولة الاسلام المعاصر العادلة والقوية المقتدرة...
استمرت الجمهورية الاسلامية بقيادة الولي الفقيه سماحة الامام السيد علي خامنئي (دام ظله الشريف) في بناء قوتها، وتمكين نظامها الاسلامي، والحفاظ على سيادتها ومصالحها، والتعاون مع شعوب العالم على البر والتقوي، ودعم المقاومة ضد الظلم والعدوان في كل من فلسطين، ولبنان، وسوريا، واليمن، والعراق، والبحرين، وافغانستان، وغيرها من بلدان العالم وشعوبه المظلومة... وذلك رغم كل الحروب الساخنة والناعمة، وحروب الحصار والحروب المركبة... وانشات محور المقاومة والممانعة، وقدمت الشهداء وعظيم التضحيات حتى اصبحت قبلة العالم للنجاة من الهيمنة والطغيان والانتصار لحق الشعوب في تقرير مصيرها... في دورة تمهيد لقيام دولة القسط والعدل في ظهور الامام الحجة محمد بن الحسن (عجل الله فرجه الشريف)./انتهى/
تعليقك