وأفادت وكالة مهر للأنباء، انه بدأ العد التنازلي لعودة دونالد ترامب، الرئيس المنتخب للولايات المتحدة، إلى البيت الأبيض. وفي هذا السياق، قد تكون الأنظار في منطقة غرب آسيا موجهة بشكل رئيسي نحو كيفية تعامل طهران وواشنطن في فترة ولاية ترامب الثانية.
يشتهر ترامب في تاريخ علاقات البلدين بأنه مبتكر ومرتكب سياسة "الضغط الأقصى" ضد إيران، من خلال انسحابه من الاتفاق النووي المعروف بـ "البرجام"، وكذلك من خلال تنفيذ عملية اغتيال قائد فيلق القدس ، الشهيد قاسم سليماني. ومع ذلك، يبدو أن صناع القرار في طهران، كما تكرر على لسان رئيس الجمهورية ووزير الخارجية في الحكومة الرابعة عشر، ينتظرون عودة ترامب إلى البيت الأبيض ليقيموا سلوكه بناءً على أفعاله.
من جانبه، بدا الرئيس الجديد أكثر حذرًا في تصريحاته حول نوع النهج الذي سيعتمده تجاه طهران مقارنة بفترة رئاسته الأولى، حيث رفض حتى الرد على سؤال حول احتمال توجيه ضربة استباقية ضد المنشآت النووية الإيرانية لدعم إسرائيل.
وفي الوقت نفسه، أبدى عدد من الشخصيات البارزة في فريق ترامب الانتخابي رفضًا صريحًا لفكرة تغيير النظام السياسي في إيران، مؤكدين على ضرورة تجنب إشعال حرب جديدة في غرب آسيا.
وفي هذا السياق، بدأ الأكاديميون والدبلوماسيون في الولايات المتحدة بتقديم نصائح إلى الحكومة الأمريكية الجديدة بشأن سياستها الخارجية، حيث تكررت النصيحة بتجنب المواجهة العسكرية مع إيران، خاصة تحت الضغط الإسرائيلي.
على سبيل المثال، كتب جون كيتش، أستاذ العلوم السياسية في جامعة تكساس، في مقال نشره موقع "RealClearWorld" تحذيرًا مفاده: "قبل شهر من مراسم تنصيب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، يبدو أن الشرق الأوسط أكثر اضطرابًا من أي وقت مضى."
وأشار كيتش إلى أن الوضع في سوريا جذب معظم الاهتمام، خاصة بعد فرار بشار الأسد إلى موسكو بعد انهيار حكومته، بينما ركز الإعلام الغربي على تبعات هذه الأزمة بالنسبة لتركيا والأكراد وروسيا. وفي الوقت ذاته، شنّت إسرائيل غارات جوية واسعة ضد أهداف عسكرية في سوريا.
وقال كيتش إن السياسة الخارجية الأمريكية تجاه إيران قد تشكل تحديًا استراتيجيًا أكبر لترامب في عام 2025، حيث توجد ضغوط سياسية كبيرة داخل فريقه لدراسة شن ضربات جوية استباقية ضد البرنامج النووي الإيراني. وأشار إلى أن مؤيدي هذا النهج يستندون إلى تقديرات استخباراتية تشير إلى أن إيران قد تتجه نحو امتلاك القدرة النووية العسكرية بسبب بعض التحولات في منطقة غرب آسيا.
ولم يكن المفكرون الأمريكيون وحدهم من يتناولون احتمال مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، حيث أظهرت تقارير من "تايمز إسرائيل" أن بعض كبار المسؤولين العسكريين في الجيش الإسرائيلي يعتقدون أن الوقت مناسب للهجوم على المنشآت النووية الإيرانية.
ورغم ذلك، يواصل كيتش تحذيره من العواقب الوخيمة للتدخل العسكري الأمريكي، قائلاً: "سلبيات التدخل العسكري الأمريكي ليست قليلة، ويجب أن نأخذ في الحسبان أن مثل هذا الهجوم سيكون مكلفًا بلا شك. أي هجوم قد يؤدي إلى جر الولايات المتحدة إلى صراع أكبر وطويل الأمد."
وأضاف أن الولايات المتحدة حاليًا غير مستعدة أو مجهزة لخوض صراع متعدد المناطق. وأوضح أن آخر التقييمات تشير إلى أن واشنطن بحاجة إلى استثمارات جديدة على نطاق واسع للاستعداد لصراع محتمل مع الصين.
وأشار كيتش إلى التجارب السابقة للتدخلات العسكرية الأمريكية الفاشلة مثل العراق وأفغانستان وفيتنام، قائلاً: "عندما تتجاوز طموحاتنا قدرتنا على التنفيذ، نواجه مأزقًا كما حدث في العراق وأفغانستان."
وختامًا، أضاف كيتش أن السياسة الخارجية الأمريكية منذ 11 سبتمبر كانت باهظة التكلفة. وأكد أن ترامب يجب أن يبذل جهدًا لتجنب الحرب مع إيران، حيث سيسمح ذلك للولايات المتحدة بتركيز استراتيجيتها العسكرية على آسيا وتوفير مليارات الدولارات مع تقليص الخسائر البشرية في الحروب.
وأضاف أن استخدام الموارد بشكل ذكي ليس دليلاً على الضعف، بل هو بمثابة ترتيب أولويات وتخطيط استراتيجي يجب على الولايات المتحدة اتباعه للحفاظ على مكانتها المرموقة في القرن الواحد والعشرين.
/انتهى/
تعليقك