١٠‏/٠٩‏/٢٠٢٣، ٦:٣٦ م

تقرير خاص لمهر؛

كيف أصبح العراقييون أفضل شعب مضياف في التاريخ

كيف أصبح العراقييون أفضل شعب مضياف في التاريخ

إن أربعين هذا العام كالأعوام السابقة فقد استقبل شعب العراق ملايين الزوار من أقصى بقاع العالم بصدرٍ رحب وضيافة واسعة قَلَّ نظيرها في التاريخ، والتي كانت محط أنظار العالم وتقديرهم، وبالأخص الإيرانيين.

وأفادت وكالة مهر للأنباء، ان في كل سنة يستقبل العراق ملايين العشاق من قوميات ولغات وألوان مختلفة في أيام الأربعين، القاصدين لكربلاء المقدسة إما ركوباً أو مشياً على الأقدام، هذه المناسبة التي تزداد عظمةً سنة بعد أخرى عند إقامتها.

في العام الماضي شارك ما يقارب 21 مليون زائر في هذه المراسم، وبالنظر إلى إحصاءات هذا العام فإننا نشهد تزايداً ملحوظاً في أعداد الزائرين، لقد أعلنت الحكومة العراقية أن 25 مليون شخص شاركوا في مراسم الزيارة الأربعينية هذه العام في كربلاء المقدسة.

وخلال هذا العام شكل الزوار الإيرانيين الأكثرية من بين الذين قدموا من الخارج فإنه ما يقارب 4 مليون إيراني شارك في هذه المراسم.

كيف أصبح العراقييون أفضل شعب مضياف في التاريخ؟

وقد ارتفع أعداد زوار الأربعين هذه السنة بشكل ملحوظ، في وقتٍ كان العراق يعيش أكثر الأيام حرارةً، فقد كانت الحرارة في معظم الأماكن تصل لأكثر من أربعين درجة سلسيوس، لكن بالرغم من ذلك قطع زوار الأربعين مسافات طويلة للوصول إلى مرقد الإمام الحسين (ع) وأخيه أبي الفضل العباس.

وفي هكذا ظروف فإن جموع الزوار من أفغانستان وباكستان والهند وروسيا وكرجستان وتركيه وكوريا الجنوبية والصين برفقة زوار من الكويت والبحرين وقطر والسعودية وفلسطين وسوريا والسودان ونيجيرا قد جلب انتباه وسائل الإعلام.

كيف أصبح العراقييون أفضل شعب مضياف في التاريخ؟

عظمة الضيافة

والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن (كيف استطاع العراقيون استضافة ملايين الزوار؟) ومن أجل الإجابة عن هذا السؤال، نصور مقتطفات من كرم ضيافتهم.

وفي هذا العام أيضاً كما عليه الأعوام السابقة فإن المواكب العراقي تعمل على أن تكون بخدمة الزوار قبل عدة أسابيع من الأربعين وتسعى في أن يكون عملها أفضل من الأعوام السابقة، وعلى الرغم من وجود مواكب إيرانية في الطريق ولكن هذه المواكب هي لمساعدة العراقيين بالضيافة.

إن استضافة ملايين الزائرين من أبناء البلد الذي مزقته الحرب هي مهمة صعبة تحتاج إلى الإيمان الصادق والاستقامة، الكثير من العراقيين هم عشاق لأبي عبد الله الحسين (ع)، وعندما تقترب منهم تلتفت إلى أن بعض العاملين يقيمون هذه الضيافة من خلال إدخار أموالهم الشخصية التي اكتسبوها خلال العمل لعام كامل.

كيف أصبح العراقييون أفضل شعب مضياف في التاريخ؟

إن إخلاص العراقيين لثالث أئمة الشيعة يمكن أن تراه العين بوضوح على طول الطريق، إن أكثرهم ينصبون الخيم وبكل وجودهم يقومون بخدمة الناس ولو بمقدار رغيف من الخبر أو غسل أقدام الزائرين، ويعتبرون هذه الخدمة فخر كبير لهم.

إن استضافتهم تبدأ من وقت دخول الزائرين العراق، فإنهم يستقبلون الزوار بالابتسامة ويدلونهم طريق كربلاء، فإن كنت عطشاناً سوف يسقونك جرعة من الماء وفي مقابل مودتهم لا يردون منك إلا قول (يا حسين)، لأنهم يعلمون جيداً أن الذي يعطيهم أجر استضافة للزوار هو نفس الإمام الحسين (ع)، الحسين الذي تسكن عنده الأنفس والأرواح.

كيف أصبح العراقييون أفضل شعب مضياف في التاريخ؟

العراقيين وبغض النظر عن مستوى معيشتهم، فإنهم يرحبون بالزوار ويستضيفونهم في منازلهم لعدة أيام من أجل أن يستريحوا بعد عناء مسير طويل.

لكن المواكب على الطرق المختلفة إلى كربلاء تصور عمق هذه الضيافة، المواكب التي تنشط ليلاً ونهاراً وتقدم الطعام والمشروبات الساخنة والباردة وخدمات مثل التدليك والخياطة.

ولذلك لا نجد أي نقص في هذا الطريق لأن الشعب العراقي المضيف لهذه الملحمة العظيمة يقدم كل ما يملك في خدمة الزوار واستقبالهم.

يقول (علي يماني) واحد من أصحاب المواكب: (نحن نبدأ بفعالياتنا قبل أسبوعين من الأربعين، ومن الصباح نشرع بطهي الطعام وتوزيع الحلوى والكيك، وفي الظهيرة تقريباً نبدأ بطهي الفلافل، وفي العصر البطاطا المقلية، وفي المساء يكون عندنا بيتزا).

كيف أصبح العراقييون أفضل شعب مضياف في التاريخ؟

بعض الزوار يريدون أن يأخذوا ولو لقمة من مواكبهم. وبالطبع تتشكل طوابير طويلة عند بعض المواكب لكن لا أحد يعود خالي اليدين، ولا يوجد هنا معنى لجملة (انتهى الطعام)، وكذلك رغم الجو الحار الموجود في كربلاء إلا أنه بسبب وفرت الخيرات وبالأخص الماء الذي يوزع فإنه متوفر لدرجة أنه لا يبقى أحد عطشان أو جائع.

تشكر أهل السخاء وصناع التاريخ

الشكر والتقدير من أهل السخاء والإخلاص هو نقطة صغيرة في البحر اللامتناهي. ومع ذلك فإن الإيرانيين من كبار المسؤولين في الجمهورية الإسلامية إلى المواطنين يشيدون ويشكرون دائماً الجهود الحثيثة التي يبذلها الشعب العراقي ورجال الدولة في هذا البلد الجار والصديق.

وقد قال آية الله (السيد إبراهيم رئيسي) مؤخراً في تجمع للنخب في محافظة خراسان الجنوبية، وهو يشكر حكومة وشعب العراق على استضافتهم زوار الأربعين: "الحكومة العراقية تعاونت كثيراً في تسهيل دخول الزوار إلى أراضيها، كما أتشكر الشعب العراقي على هذه الاستضافة السخية لزوار الأربعين".

كما أعرب المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في العراق عن تقديره وشكره للشعب والمواكب والعتبات المقدسة ورجال الدولة والشخصيات الدينية والمؤسسات الحكومية والعسكرية في العراق على استضافتهم القيمة لزوار مشاية أربعين أبي عبد الله الحسين (ع).

أصدر المستشار الثقافي لبلادنا في العراق (غلام رضا أبا ذر)، رسالة على صفحته الشخصية على تويتر، موجهة إلى مختلف شرائح الشعب العراقي ورجال الدولة والقوات الأمنية في هذا البلد وكتب: "أشكر الله تعالى وفي مقابل أصحاب المواكب والأهالي والبدو والعتبات المقدسة والقوات الأمنية والحشد الشعبي ورجال الدولة في البلديات ومجالس المدن والمحافظين ورجال الدين والمقاومة وحرس الحدود وإقليم كردستان على تقديم خدمة جليلة لزوار أبي عبد الله الحسين (ع)، وأنحني تقديراً وإجلالاً.

ما هو رأي الشعب الإيراني بالشعب العراقي؟

وكما ذكرنا سابقاً بعض من مواقف أصحاب المناصب والمسؤولين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية والذي كانت تقدر جهود الحكومة والشعب العراق، فإن هذه الاستضافة الجليلة لم تغب عن أعين الشعب الإيراني.

على سبيل المثال، في المقطع أدناه، يُسأل الإيرانيون الذين ذهبوا إلى زيارة الأربعين سيرًا على الأقدام، ما رأيك في المضيفين العراقيين؟

الكل كان يتشكر شعب العراق، وقالوا أنه لا يوجد في العالم ضيافة مثلما هي في العراق.

كذلك في المستند الوثائقي الذي تناول الحديث عن مسيرة الأربعين 1402 ش ، فإن في هذا المستند الوثائقي تبرز ضيافة الشعب العراقي المميزة لزوار الإمام الحسين (ع).

وحتى مع إلقاء نظرة سريعة على الفضاء الافتراضي ومراقبة آراء المستخدمين الإيرانيين، فمن الواضح أن يتشكرون ويشيدون بضيافة العراقيين حتى أن البعض أطلق حملة للتعبير عن امتنانهم.

كيف أصبح العراقييون أفضل شعب مضياف في التاريخ؟

وانضم مستخدم آخر إلى هذه الحملة من خلال تجميع بعض الصور لضيافة العراقيين الفريدة.

كيف أصبح العراقييون أفضل شعب مضياف في التاريخ؟

وكتب مستخدم آخر على تويتر: "لقد رأيت طيبتكم في استقبال الزوار بكل ما لديكم، ويجب أن أقول، دمتم في ذمة الإمام الحسين بارك الله فيكم".

كيف أصبح العراقييون أفضل شعب مضياف في التاريخ؟

وفي النهاية لا بد من الاعتراف بأن كرم العراقيين وكرم الضيافة ليس له مثيل في التاريخ، فقد تربوا منذ الصغر على استضافة زوار أبي عبد الله، ليفتحوا أحضانهم ويحتضنوا الزوار بغض النظر عن جنسيتهم ولونهم ولغتهم.

ورغم أن وسائل الإعلام المعارضة بذلت قصارى جهدها لزرع الخلافات بين الإيرانيين والعراقيين، إلا أن هذا السهم أصاب الحجر (أو لم يصب الهدف). وحتى نضالهم الإعلامي من أجل جعل مراسم عزاء الشيعة الأكبر تظهر بشكل أقل، لم تذهب إلى أي مكان، وقد أقيمت هذه المراسم بشكل أكثر روعة مما كانت عليه في السنوات السابقة.

/انتهی/

رمز الخبر 1936693

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha