١١‏/١٠‏/٢٠٢٥، ١٢:٢٣ ص

مسؤول فلسطيني:

وقف إطلاق النار إعلان انتصار للشعب الفلسطيني ومقاومته

وقف إطلاق النار إعلان انتصار للشعب الفلسطيني ومقاومته

أكد نائب الامين العام للجبهة الديمقراطيه لتحرير فلسطين د. علي فيصل، أن "وقف إطلاق النار وحرب الإبادة، هو انتصارٌ نتيجة الصمود الأسطوري لأهل غزة ودعم قوى المقاومة وإسناد أحرار العالم، ويمثل خطوة كبرى على طريق مواصلة النضال لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية".

وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: بعد التوصل لاتفاق بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والكيان الصهيوني الذي يقضي بتنفيذ المرحلة الاولى من خطة ترامب، علينا أن لا ننسى أهل غزة، ماذا فعل بهم هذا الكيان وأمريكا وبعض الدول المتآمرة عليهم وعلى قضيتهم، الذين قدٌموا أكثر من 67,000 الف شهيد، و170,000 جريح، وأكثر من 10,000 مفقود..

سيشهد التاريخ على هذا الشعب كيف حافظ على أرضه ولم يتركها رغم كل الضغوطات وكل الوحشية وكل الجرائم وكل الإبادة التي حصلت بحقه.
إلا أن العدو فشل في تحقيق أهدافه المعلنة، وأن المقاومة استطاعت بصمودها وتضحياتها أن تُسقط المشاريع "الإسرائيلية" والأميركية الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية وتهجير أهل غزّة.
أخيرًا تكرمت أمريكا ولم تستخدم الفيتو رقم 8 على الإبادة الحاصلة في قطاع غزّة.

عناوين متنوعة ومواضيع متعددة طرحتها، مراسلتنا، الأستاذة وردة سعد، على نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، نائب الامين العام للجبهة الديمقراطيه لتحرير فلسطين د. علي فيصل، وجاء نص الحوار على النحو التالي:

ما دلالات وقف إطلاق النار في غزة وكيف ترون اليوم التالي لغزة من حيث الإدارة؟

وقف إطلاق النار ووقف حرب الإبادة اليوم هو إعلان انتصار للشعب الفلسطيني ومقاومته، وما كان ليكون لولا هذا الصمود الأسطوري لأهلنا في قطاع غزة، ودعم قوى المقاومة على امتداد المنطقة، وأحرار العالم الذين شكلوا جبهة عالمية دعمًا للشعب الفلسطيني، ولولا أيضًا أساطيل الحرية والصمود والعزلة التي منيت بها "إسرائيل" وترامب، وفشل التهمة الفاشية الصهيونية بتحقيق أي هدف من أهدافه، ولذلك نحن نعتبر أن هذه الاتفاقية التي جرت على أساس المرحلة الأولى خطوة كبرى على طريق مواصلة الكفاح والنضال لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة؛ لأنها تتضمن عناصر رئيسية: وقف إطلاق النار، وقف حرب الإبادة، انسحاب قوات الاحتلال "الإسرائيلي"، إدخال المواد الغذائية لقطاع غزة وتبادل الأسرى الفلسطينيين. وبالتالي نحن نعيد التأكيد كجبهة ديمقراطية على ضرورة الحوار الوطني الفلسطيني الشامل بحضور الجميع للاتفاق على أمرين:
الأمر الأول هو إدارة غزة بصيغة وطنية تتشكل من شخصيات وطنية تحظى بتوافق الجميع بمرجعية منظمة التحرير الفلسطينية، والأمر الثاني هو الاتفاق على وفد فلسطيني موحد لإدارة المفاوضات حول إدارة غزة وإدارة كل العملية التفاوضية بما يمكن شعبنا من أن يمسك زمام الأمور نحو انفراج سياسي كبير ويمكنه من تقرير مصيره وبناء دولته الفلسطينية وحق عودته إلى دياره. نكرر أن هذا الإنجاز هو إنجاز وانتصار لشلالات الدماء والشهداء والجرحى والدمار الكبير والصمود والثبات على أرض غزة والضفة الغربية؛ إنها ثمرة تضحيات هذا الشعب، وهي تؤسس لمرحلة جديدة من مراحل النضال التي لن تنتهي إلا بزوال الاحتلال "الإسرائيلي". وأيضًا في هذا السياق نوجه التحية للوسطاء الإخوة في مصر والإخوة في قطر وكل الدول التي وقفت إلى جانبنا، وندعوها إلى مزيد من الدعم، خاصة تلك الدول التي التقت الرئيس الأميركي ووضعت خطوط أساس لوقف هذه الحرب ووقف عملية التهجير ووقف عمليات الضم.

عامان من المواجهة بلغ فيهما الصراع العسكري درجة غير مسبوقة في المنطقة.. ما هي أهم الدروس والعبر التي يمكن استخلاصها على مستوى المقاومة والصمود الشعبي الفلسطيني في مواجهة حرب الإبادة وسياسة القتل العشوائي التي يعتمدها جيش الاحتلال؟ هل اكتشف الفلسطينيون قوتهم الحقيقية في هذه الحرب؟

شكلت عملية طوفان الأقصى فالقًا زلزاليًا مسَّ بالصميم الاستراتيجية والعقيدة العسكرية والأمنية لدولة "إسرائيل" وجيشها وأجهزة استخباراتها، وأعادت الاعتبار لمكانة القضية الفلسطينية على مستوى شعوب المنطقة وأحرار العالم، ووضعها على سلم أولوياتنا وأعادت رسم بوصلة الأحرار لأن فلسطين هي بوصلة كل قوى التقدم والمقاومة والحرية.
وبنفس القدر شكلت ضربة موجعة للاحتلال الإسرائيلي على امتداد العامين وأوقعت خسائر بشرية كبيرة لدى الجيش الإسرائيلي من قتلى وجرحى وفارين من الخدمة؛ ما لا يقل عن ألف وخمسمائة قتيل وخمسة عشر ألف جريح، وعشرة آلاف دخلوا المصحات العقلية، وثلاثة عشر ألفًا من الجنود الفارين من الجيش بل ومن داخل الكيان بحسب اعترافهم، بالإضافة إلى مغادرة أكثر من مليون مستوطن إلى خارج الكيان، ناهيك عن الخسائر الاقتصادية الكبيرة.

وقد نجحت المعركة التي استنهضت كل قوى المقاومة على مدار عامين، وقد وضعت إسرائيل وأمريكا في خانة العزلة الداخلية والخارجية، وللمرة الأولى تكون إسرائيل تحت قوس محكمة العدل ومحكمة الجنايات الدولية ومجلس حقوق الإنسان باعتبارها دولة جرائم حرب ودولة إبادة وتطهير عرقي وتمييز عنصري. ولذلك نحن نعتقد بأن هذه المعركة، وإن كانت معركة الشعب الفلسطيني، أيضًا هي معركة المقاومة على امتداد هذه المنطقة وشعوب العالم، وهي بمثابة الرئة النقية التي تنفس منها هؤلاء الأحرار هواءً يدفع بالمقاومة نحو الأمام، وجددت خيار التمسك بالمقاومة خيارًا وحيدًا لمواجهة المخطط الأميركي-الإسرائيلي؛ مخطط الضم والحسم الذي وضعته هذه الحكومة قبل عملية طوفان الأقصى التي تقضي بتوسيع الاستيطان وترحيل أهل فلسطين إلى الأردن في إطار المشروع الوطني البديل الذي لا يمس الشعب الفلسطيني فقط بل والشعب الأردني أيضًا.

كما أنه قد بدأت بهذه الحرب من أجل استئصال وجود الشعب الفلسطيني وحقيقته وكيانه في إطار ما أطلق عليه نتنياهو اسم "دولة إسرائيل الكبرى" والتي تضم أجزاء من لبنان وسوريا والأردن والعراق والسعودية.

وهذا ما دفع نتنياهو لرفع خارطته في الأمم المتحدة عدة مرات، ولأجل أن تشكل هذه الدولة المارقة محور بناء شرق أوسط جديد بتغيير خارطة الدول ومكانتها ومكانة شعوبها بالاستيلاء عليها وعلى ثرواتها الاقتصادية، لتسيّد نفسها قوة مطلقة في هذا العالم، ولأجل أن تشكّل ارتكازًا لاستعادة دور أمريكا لحكم العالم أحاديًّا وفرض مقولة "أميركا فوق الجميع" و"القانون الأميركي فوق القانون الدولي".

إن الدرس الذي استخلصناه تاريخيًا أن الحق الفلسطيني لا يمكن أن يُستعاد إلا بالمقاومة، وما لم يؤخذ بالمقاومة سيؤخذ بالمزيد منها مستقبلاً؛ هذه المعركة تؤسس لمراحل جديدة من النضال لأننا نحن حركة تحرر وطني فلسطيني تشق طريقها بمقاومة مشروعة حتى إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس وعودة اللاجئين إلى ديارهم. لذلك نحن نمتلك القوة الحقيقية والإصرار على التمسك بوعي وثقافة المقاومة باعتبارها أنبل قضية لكل الشعوب المضطهدة لمواجهة احتلالٍ غاصب ظالم مضطهِد كهذا الاحتلال.

ولذلك نحن نصر على هذه المعادلة: مقاومة في مواجهة الاحتلال حتى زواله.

أغلب قوى المقاومة لم تكن لتراهن على الدول العربية والنظم لاتخاذ مواقف تنصر الشعب الفلسطيني.. بعد عقود من الخيبات التي تسببت بها هذه الأنظمة وجيوشها!! لكن أليس من اللافت هذا الخذلان والتخلي عن الشعب الفلسطيني في وقت تحركت فيه أنظمة غربية ومن أميركا اللاتينية وأفريقيا لمحاولة وضع حد للتوحش الصهيوني؟ بما تفسرون ذلك؟

وليكن واضحًا أن الشعب الفلسطيني اختبر بتجربته أنه لا يمكن الارتكاز إلا على صموده وعلى مقاومته والاعتماد على ذاته وعلى كل حر صادق ونبيل يقف إلى جانبه منذ 77 عامًا، أي من عمر النكبة مرورًا بالانتفاضات المتتالية ومعاركه التحررية، وآخرها معركة صمود غزة وطوفان الأقصى. ولم نكن في يوم من الأيام نراهن على النظام الرسمي العربي بل على الشعوب العربية التي نناشدها أن تتحرك كما هي شعوب أوروبا وألا تخضع للقمع الذي يمارس بحقها. وبنفس الوقت نحن نحمل النظام الرسمي العربي مسؤولية قراراته الممجوجة، وآخرها القمم العربية والقمة العربية الإسلامية التي رفضت حرب الإبادة ودعت لوقفها، والتي رفضت حرب التهجير والتجويع ودعت لرفضها، لأن حرب التهجير تمس الأمن القومي وتمس أيضًا التكوين الجغرافي والديموغرافي للأردن الشقيق وتستهدف أيضًا الأمن والاستقرار في المنطقة وشعوب العالم. نحن إن طالبنا هذه الأنظمة فلكي نحملها المسؤولية على ما تتخذه من قرارات، ولكي نضعها أمام ضميرها وضمير الإنسانية حتى توقف هذا التغول الأمريكي والاستيطاني وتقطع علاقاتها الدبلوماسية مع الاحتلال "الإسرائيلي" — أقصد بعضها — وتقفل أبواب التطبيع الذي يدعو إليه ترامب ونتنياهو لجعل "إسرائيل" دولة طبيعية في هذه المنطقة. وبنفس الوقت لرفع شأن المقاطعة الاقتصادية ومناهضة العنصرية الصهيونية وفتح الطريق أمام الحريات الديمقراطية لشعوبها كي تأخذ زمام المبادرة في الرد على استهداف سيادتها وثرواتها وحتى الدفاع عن أنظمتها ودعم الشعب الفلسطيني؛ لأن الحرب لا تستهدف فصيلًا بعينه ولا شعبًا بعينه بل شعوب المنطقة، لا بل الأمن والاستقرار فيها وصولًا إلى شعوب وأحرار العالم. ولذلك تحركت هذه الشعوب كي تدافع عن نفسها وتسقط الهيمنة الأمريكية على النظام العالمي."

يعتقد البعض أن الكيان الصهيوني استعاد زمام الردع بعد حرب الإبادة خلال السنتين الماضيتين.. بينما يرى آخرون أن العكس هو الصحيح وأن الكيان ازداد انكشافًا وضعفًا من خلال ظهور اعتماده المطلق على الدعم الخارجي ودخول الولايات المتحدة الحرب بشكل مباشر نيابة عنه أو لدعمه وإنقاذه.. فما تقديرك للموقف على هذا الصعيد؟ وهل هذا العنف المفرط دليل قوة وسيطرة؟

نحن على درجة عالية من الثقة أن إسرائيل قد دخلت مأزقها التاريخي وأن جيشها مستنزف نتيجة الخسائر التي خسرها في الضفة ولبنان واليمن ومن عدوانه على الجمهورية الإسلامية في إيران. وهو جيشٌ منهك ولا يستطيع مواصلة العدوان لسنوات، وأن الرأي العام الإسرائيلي غير قادر على أن يواجه عبء هذه الحرب بما دفعه من خسائر ومعاناة ودفع أثمانًا اقتصادية.

ولنكن على دراية كاملة أن نسبة القوى على المدى المتوسط ليست في صالح إسرائيل كونها في عزلة دولية، وهي أيضًا في مأزق مع شعوب العالم بعد أن أُسقطت السردية الإسرائيلية ورفعت عالياً الكوفية الفلسطينية.
فنحن، وبثقة العارف، نعلم أن الشعب الفلسطيني مهما قدم من تضحيات لن يتراجع وهو مصرٌّ على خيار المقاومة بأشكالها كلها، وأنه ثابت وصامد لا يزال يبدع في أرض المعركة امتدادًا لمعركة طوفان الأقصى، وأن الشعب الفلسطيني لا يتخلى عن أرضه.

كما أن شعوب العالم الإنسانية لن تتراجع عن دعمها لهذه القضية الإنسانية، كما محكمة العدل ومحكمة الجنايات.
والجوهر أيضًا أن قوى المقاومة لن توقف إسنادها لشعب فلسطين؛ وليس صحيحًا أن المقاومة قد منيت بالخسارة، نعم قد منيت بخسائر بشرية وبضربات مؤلمة ولكنها سرعان ما رمَّمت واستعادت قوَّتها وعافيتها في لبنان، وظلّت صامدة مع بيئتها.

كذلك فإن قوى الإسناد اليمنية تتألق يوميًا ولن تتراجع حتى تتوقف حرب الإبادة، كذلك الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تتراجع عن دعمها لهذه القضية، إدراكًا بأن المشروع الأميركي الصهيوني يستهدفها وجميع القوى التي قد تُعجز مشروعهم، وأنها مصدر قلق دائم لإسرائيل.

نحن نثق بالتوازنات الدولية والإقليمية الجديدة على مستوى المنطقة والعالم، ولا نستثني دور روسيا والصين التي أفشلت عدوان الأطلسي في أوكرانيا. فقد نمت أحلاف جديدة استراتيجية بين روسيا وإيران وبين روسيا وكوبا.
على هذا نقول إن قوى المقاومة الفلسطينية وقوى المقاومة الإسلامية وصمود إيران ونمو هذه التحالفات وتقدم دور الدول اللاتينية ستكون سدًّا منيعًا أمام محاولات الهيمنة الأمريكية التي ولّت، وستؤسس لعالم متعدد الأقطاب تسوده العدالة الاجتماعية والديمقراطية وحقوق الإنسان بعد أن انكشف زيف الادعاءات الأمريكية والدول الغربية والإسرائيلية.

لذلك نحن في الجبهة الديمقراطية دعونا إلى حوار وطني عاجل، يحضره الأمناء العامون لفصائل المقاومة جميعًا واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ومكتب رئاسة المجلس الوطني وشخصيات وطنية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة، لنتفق عاجلًا على هذه الصيغة وأيضًا نتفق على تشكيل وفد تفاوض موحد يدير هذه المفاوضات؛ لأن الحرب لا تستهدف فصيلاً بعينه وليست غزة لوحدها أو الضفة بل تستهدف مجمل القضية الفلسطينية والحقوق الوطنية الفلسطينية. ولنضع أيضًا إستراتيجية موحدة تضمن مواصلة المقاومة والتحركات الشعبية حتى ننهي هذا الاحتلال ونفتح الأفق أمام حق تقرير المصير، لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وضمان حق العودة؛ لأننا ندرك تمامًا أن أيضًا خلفية خطة ترامب هي تسويق مشروع دولة "إسرائيل" الكبرى من جهة ومشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يستهدف شطب القضية الفلسطينية ويستهدف القوة الداعمة لها، وأيضًا ليُفرض سيطرته وهيمنته عليها. وبالتالي نحن هنا نقول أننا أمام طيف كبير من القوة الداعمة وهي عناصر قوة لنا على امتداد هذه المنطقة وفي أمريكا اللاتينية وفي دول العالم من إيران إلى باكستان إلى دول البريكس إلى الصين إلى روسيا إلى دول أمريكا اللاتينية إلى أحرار شعوب العالم إلى جبهة التحرر العالمي إلى جبهة العدالة الدولية التي ينبغي أن نضغط جميعًا لمحاكمة "إسرائيل" وسحب الاعتراف بها والاستمرار في الاعتراف بدولة فلسطين التي نالت أكثر من 160 اعترافًا حتى نجسدها حقيقة في الميدان.

هناك مراهنات اليوم من قبل النظام العربي الرسمي على الدور الأميركي وما سمي بخطة السلام التي أعلنها الرئيس الأميركي ترامب.. ما هو الأفق السياسي الحقيقي لهذه المبادرة؟ وهل يمكنها وقف الحرب وأن تكون مدخلاً للسلام كما يروج رعاتها؟

أقول: 'من جرب المجرب كان عقله مخرب' — الولايات المتحدة الأمريكية دولة إمبريالية استعمارية تقودها طغمة رأسمالية استثمارية لا تقيم شأنًا ولا وزنًا لأي نظام أو قوة في هذا العالم، بل تقيم شأنًا لمصالحها وترتكب الحماقات العسكرية والاقتصادية بحق شعوب العالم وتعسكر العلاقات الدولية وتستخدم الحصار الاقتصادي لكل من يعارضها من دول كبرى ودول صغرى وحتى من النظام العربي الرسمي وتضعه في حالة التبعية وفي حالة الرهان عليها للحفاظ على ذاتها وعلى مصالحها. ونحن كفلسطينيين إن كنا قد تعاطينا إيجابًا مع مقترحات ترامب التي سميت خطة ترامب لأننا فعلاً أصحاب مصلحة حقيقية لوقف إطلاق النار ووقف حرب الإبادة البشرية ووقف حرب التجويع والتطهير والتهجير وفك الحصار عن شعبنا لإدخال المواد الغذائية من خلال المؤسسات الدولية، وليس من خلال مؤسسة غزة التي جُرِّمت في محكمة الجنايات الدولية، وأيضًا حرية أسرانا ونقاتل من أجل حريتهم خاصة ذوي الأحكام المؤبدة والعالية وكافة الأسرى بما فيهم القيادات، وأيضًا الإفراج عن جثامين الأسرى الفلسطينيين الموجودة في السجون من جهة، وأيضًا في مقابر ما يسمى مقابر الأرقام. ونحن ندرك خلفية خطة ترامب أنه يريد أن يؤسس شركة استعمارية استثمارية هو وشريكه بلير.. سليل وعد بلفور، من خلال تأسيس مجلس إدارة السلام وقوات استقرار التي تحفظ هذا المجلس وتسيطر على قطاع غزة. وهذه أيضًا خطوة استعمارية نواجهها بأن إدارة قطاع غزة ليست شأنًا أمريكيًا أو "إسرائيليًا" أو أطلنطيًا أو غربيًا، بل هو شأن فلسطيني خالص. نحن في الجبهة الديمقراطية وقوى المقاومة دعونا إلى تشكيل إطار فلسطيني موحّد من شخصيات وطنية فلسطينية مشهود لها بالوطنية والنزاهة لتدير قطاع غزة بمرجعية منظمة التحرير لهدف رئيسي هو منع الفصل بين غزة والضفة بل من أجل الوصل بينهما باعتبارهما مكونات من مكونات الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس، ومكونات أصيلة من أجل حق عودة اللاجئين إلى ديارهم، كما دعونا سابقًا إلى تنفيذ ما اتفقنا عليه في إعلان بكين بتشكيل حكومة وفاق وطني تدير الضفة وقطاع غزة بمرجعية أيضًا منظمة التحرير.

محور المقاومة والجمهورية الإسلامية لعبا دورًا بارزًا في هذه المواجهة التاريخية مع الصهيونية العالمية على أرض فلسطين.. وقدم أركان المحور تضحيات عظيمة يصعب قياسها.. لكن السؤال الذي يطرحه المشككون حول جدوى وفعالية هذا الدور؟ وهل استطاع أن يعوض غياب الدعم الرسمي العربي للقضية الفلسطينية؟

دعيني هنا أن أوجه التحية لقوى ومحور المقاومة التي انخرطت في الإسناد منذ اليوم الأول لمعركة طوفان الأقصى في مواجهة حرب الإبادة والاستئصال وقدمت التضحيات الجسام. قدمت قيادة كبريات في لبنان أكثر من 4,000 شهيد ومثلهم من الجرحى، وعلى رأسهم الشهيد الأكبر شهيد الأمة السيد حسن نصر الله، والشهيد الكبير السيد هاشم صفية الدين الذين قضوا شهداء على طريق القدس ومن أجل فلسطين. كما دعيني أوجه التحية لأرواح القادة في الجمهورية الإسلامية في إيران الذين قضوا شهداء دعمًا للمقاومة الفلسطينية وفي مواجهة العدوان وعلى رأسهم الفريق قاسم سليماني وثلة من رفاقه وأيضًا من قادة عسكريين وخبراء، كما نحن في ذات الوقت نوجٌه التحية لشعب اليمن وقادته الذين لا زالوا في ميدان ومعترك الدعم والإسناد بكل الأشكال والذين كانوا على مستوى الجرأة والمسؤولية، وواجهوا الأساطيل الأمريكية وبوارجها وفرضوا اتفاقًا لوقف إطلاق النار على الولايات المتحدة الأمريكية. وهذا نموذج يجب أن يستخلص منه الجميع أن أمريكا ليست كل القدرة وأن إسرائيل ليست كل القدرة. الجرأة والثبات والصمود والمواجهة لهما ترغمهما على التنازل والاستجابة لحقوق الشعوب مهما بلغت التضحيات ومهما طال الزمن. ولذلك على هؤلاء نراهن في استمرار كفاحنا ونضالنا واستمرار المواجهة لهذا التحالف الأمريكي "الإسرائيلي" الغربي، وبنفس الوقت نقول إن كل من يشكك في قوة المقاومة ومن يدعمها في الجمهورية الإسلامية في إيران ودول أمريكا اللاتينية وغيرها من الدول سيكتشف أنه مخطئ تمامًا لأن الميدان هو الحكم والأيام والليالي هي الحكم في هذا المجال. والنظام الرسمي العربي يجب أن يأخذ مثالًا من ذلك ويندفع على الأقل بمواجهة سياسية جادة ومواجهة اقتصادية جادة دعمًا للقضية الفلسطينية ودفاعًا عن نفسه وعن شعوبه وسيادته. كل التحية لكم وسنبقى سويًا إلى حين أن نهزم المشروع الأميركي الإسرائيلي ونحقق أهداف الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس وتحرير ما تبقى محتلًا من أرض الجنوب والجولان، ودرأ أي عدوان يستهدف دولنا وشعوبنا وأحرار العالم. ونحن على ثقة أننا سننتصر مهما طال الزمن لأننا حركة تحرر فيها تتواصل الأجيال جيلًا بعد جيل حتى تحقق نصرها الأكيد.

/انتهى/

رمز الخبر 1963625

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha