مدينة "بيشابور" التاريخية تقع في شمال غربي مدينة "كازرون" الواقعة في محافظة "فارس". تبلغ مساحة هذه المدينة ب200 هكتار وإنها تبعد 23 كيلومترا من مدينة "كازرون".
بنيت هذه المدينة في عهد ثاني ملوك الإمبراطورية الساسانية واقوى ملوك هذه السلالة "شابور" الأول (241 – 272 ميلادي)، على يد معماري سوري اسمه "اسباي"، وجاء في نفس الكتيبة أن أول زيارة أجراها الملك شابور لهذه المدينة كانت في السنة الرابعة والعشرين منذ توليه الحكم في البلاد.
بغض النظر عن أن "فارس" هي مسقط رأس الإمبراطور الساساني شابور، يقول الخبراء أن هناك عدة أسباب جعلت هذه المنطقة موضع إهتمام لدى الملك شابور، ليشيد فيها هذه المدينة التي سميت على إسمه بعد تغلبه على الإمبراطور الروماني "فالبريان". طبيعة هذه المنطقة وطقسها الملائم واراضيها الخصبة وكثرة الينابيع والعقبات الطبيعية فيها هي من أهم تلك الاسباب، ذلك فضلا عن كونها متاحة و سهلة الوصول عبر الطريق الملكي.
وكانت هذه المدينة من أهم المدن لدى الإمبراطورية الساسانية، قبل أن يصاغ إهتمام القياصرة الساسانيين نحو غرب إقليمهم اي مدينة "قطيسفون".
فقدت مدينة بيشابور شوكتها بعد الفتح الإسلامي لبلاد فارس تدريجيا، إذ بات الإزدهار فيها يتوارى عن الأنظار شيئاً فشيئاً، تاركا رصيدا تاريخيا غنيا، بينماإحتلت آنذك مدينة "كازاركاه" التي تسمى حاليا بـ "كازرون" مكانة مدينة شابور ، من حيث الأهمية والإزدهار.
بيشابور هي أولى مدينة تاريخية تحظى بتاريخ مدني مكتوب حيث يسعى حالياً المسؤولون في مؤسسة التراث الثقافي الإيراني لتسجيل هذه المدينة في قائمة التراث العالمي باعتبارمكانتها في الإمبراطورية الساسانية.
هذا وصرح العضو في أحدى اللجان الثقافية في مدينة كازرون "محسن عباسبور" لمراسل وكالة مهر للأنباء، أن المسؤولين وعدوا منذ 17 سنة بإدراج بيشابور في قائمة التراث العالمي وفتح طرق سياحية نحو الآثار التاريخية فيها، لكن لازالت لم تتحقق هذه الوعود، مشيرا الى الإمكانيات والطاقات السياحية التي تمتاز بها هذه المدينة كونها تحتوي الكثير من المعالم الأثرية، لافتا الى أن المساعي والجهود التي بذلت من أجل ادراج هذه المدينة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي قد أثمرت اخيرا حيث سيتم قريباً إنضمام ملف هذه المدينة الى باقي الملفات الخاصة بالإمبراطورية الساسانية كي تسجل ضمن التراث العالمي.
وفي نفس السياق أعلن المدير العام للتراث الثقافي والصناعة اليدوية والسياحة في محافظة فارس "مصيب أميري" خلال حديثه لوكالة مهر للأنباء، عن بدء بعض الإجراءات التنفيذية من أجل فتح طرق سياحية نحو مدينة بيشابور التاريخية، قائلا أن هذه المنطقة التاريخية التي تمتاز بطبيعة جميلة ايضا، تملك حيزا واسعا في مجال السياحة لدى محافظة فارس، إذ أنها تضم ساحات تاريخية وإستراتيجية تشتمل على آثار وأبنية مهمة تتعلق بعهد الإمبراطورية الساسانية.
وأكد أميري بما أن معظم السياح الرافدين الى مدينة بيشابور لديهم معلومات حول هذه المنطقة وآثارها التاريخية من خلال المطالعة، فإن الطرق السياحية التي من المقرر إنشائها يجب أن تبنى في أرضية ملائمة ومع الإلتزام بالمعايير الهندسية، بحيث تغطي جميع المعالم والآثار التاريخية، كي تلبي مطالب السياح.
وأضاف المدير العام للسياحة في محاظة فارس: "نظرا الى توافد الكثير من السياح من داخل وخارج إيران الى هذه المجموعة التاريخية على مدار السنة وفي جميع المواسم، فدفعنا ذلك للمضي في إنشاء الطرق السياحية، وحاليا قد إنتهينا من تصميمها بحيث أصبحت هذه الطرق عملانية"، موضحا "أن الطرق السياحية هذه ستتيح زيارة جميع الآثار التاريخية الموجودة في هذه المدينة للسياح مثل؛ البرج والحصن، وقصر الملك الرومي فالبرين، وقاعة الضيافة والإحتفالات، وإيوان الفسيفساء، ومعبد آناهيتا، والأعمد ة التذكارية ، ومدرسة تتعلق بعهد الإسلامي، وجامع ، وخندق، وحمام وغيرها من التحف الأثرية"./انتهى/
تعليقك