وكالة مهر للأنباء - القسم الدولي: المقاومة انتصرت في جنين... مخيم جنين يواجه حملات تطهير عرقي عسكري، تتمثل في إجلاء الآلاف لتفريغه من سكانه وترحيل ابناء الشعب الفلسطيني، الا ان الثأر لمجازر جيش الكيان الصهيوني الزائل اتى سريعاً، ومن المُؤكّد ومما لا شك فيه انها مجرد البداية...
الجميع يُدرك ويعي أن لـ"جنين" تاريخا حافلا بالملاحم والبطولات التي حطمت شوكة جيش الاحتلال وألحقت به الكثير من الخسائر، فتسريع العمل المقاوم وتطوره في جنين أذهل العدو الإسرائيلي وجعله يتحدث أكثر من مرة عن عملية عسكرية واسعة يشنها في جنين ومخيمها لمحاولة وأد المقاومة التي اربكت حساباته هناك...
وفي هذا الصدد أجرت مراسلة وكالة مهر، "وردة سعد" حواراً صحفياً مع الباحث السياسي الأستاذ "حسن حردان"، وأتى نص الحوار على الشكل التالي:
** في خرق واضح للقرار 1701 واعتداء على السيادة اللبنانية حصل اعتداء صهيوني فاضح في محيط كفرشوبا الامر الذي استدعى ردا سياسيا عسكريا قانونيا من قيادة حزب الله الى اين تتجه الامور برأيكم؟ وهل سنشهد في الايام المقبلة تصعيد في الجبهة الشمالية لتخفيف العبء عن الداخل الصهيوني وللتغطية على الاخفاقات التي مني بها في جنين؟
طالما بقي الاحتلال الصهيوني لاراض لبنانية في قرية الغجر وتلال كفرشوبا ومزارع شعبا، فإن المقاومة مستمرة وتستمد شرعيتها من استمرار الاحتلال واعتداءاته المتواصلة على الأرض والسيادة اللبنانية، وما حصل قبل أيام من إقامة سياج حديدي حول الجزء الشمالي اللبناني المحتل من بلدة الغجر ووضع كاميرات مراقبة إنما دليل ساطع على استمرار العدوانية الصهيونية وتهديداتها ومخاطرها، وخرقها للخط الأزرق واعتداء متمادي على الأرض اللبنانية...
توقيت تنفيذ كيان الاحتلال الاعتداء تزامن مع فشل عدوانه على مخيم جنين في تحقيق أهدافه وتراجع جيشه المحتل وانسحابه أمام ضراوة المقاومة الفلسطينية التي نجحت في تحطيم هيبة جيشة الاحتلال
وهذا سبب كاف لاستمرار التوتر واحتمالات تصعيد الصراع بين المقاومة وقوات الاحتلال.. على ان توقيت كيان الاحتلال لتنفيذ هذا الاعتداء الجديد تزامن مع فشل عدوانه على مخيم جنين في تحقيق أهدافه وتراجع جيشه المحتل وانسحابه أمام ضراوة المقاومة الفلسطينية التي نجحت في تحطيم هيبة جيشة الاحتلال، ومنعه من فرض سيطرته على مخيم جنين الذي بقي تحت سيطرة المقاومين..
وهذا ما ترك تداعيات سلبية على صعيد تآكل قوة الردع الصهيونية، وهيبة جيش الاحتلال، ولهذا أرادت حكومة العدو إبعاد الانظار عن هذه الهزيمة الصهيونية، من خلال اقدامها على تنفيذ الاعتداء على الأرض اللبنانية...
** بالعودة الى معادلات القوة والردع التي صارت هاجس الكيان الصهيونى بعد تآكل قدرته في هذا المجال سواء في مواجهة غزة او لبنان واليوم مع الضفة الغربية.. هل نحن فعلا امام معادلات جديدة للقوة فرضتها المقاومة؟ وماذا يعني ذلك على صعيد معركة التحرير لكامل فلسطين وازمة الكيان الوجودية؟
نعم نحن أمام تعزيز وتوسع في معادلات القوة التي تفرضها المقاومة، منذ انتصارها على جيش الاحتلال في جنوب لبنان عام ألفين، ومن ثم انتصارها في قطاع عزة عام 2005، وكذلك انتصار المقاومة التاريخي والاستراتيجي عاد 2006 خلال عدوان تموز...
واليوم توسعت دائرة معادلة الردع لتشمل مخيم جنين الذي نجحت المقاومة فيه في منع جيش الاحتلال من السيطرة على المخيم، واجبرته على التراجع والانسحاب أمام بسالة المقاومين في مواجهة القوة الصهيونية المؤللة، والمدعومة بالطيران، مما يعني تحول مخيم جنين إلى منطقة محررة في قلب الضفة الغربية بقوة المقاومة المسلحة لأول مرة منذ احتلالها عام 1967، وهذا تطور نوعي وهام على صعيد تطور وتنامي قوة المقاومة في الضفة الغربية، يؤشر إلى انها تسير على خطى المقاومة في جنوب لبنان وقطاع غزة لناحية زيادة استنزاف جيش الاحتلال، وصولا إلى اجباره على الرحيل تحت ضربات المقاومة..
** لا شك اننا امام ظاهرة جديدة للمقاومة في عموم المنطقة.. رغم ان المقاومات لم تتوقف منذ احتلال فلسطين وما قبلها في مواجهة قوى الاستعمار والصهيونية.. لكن محور المقاومة الحالي يتميز بالثبات والانجاز وفرض المعادلات لصالح الشعوب!! فما سبب ذلك؟ وما الجديد في فلسفة المقاومة ومحورها الذي يبدأ من طهران وصولا الى جنين مرورا بغزة والقدس ولبنان وسوريا والعراق واليمن؟
السبب في ثبات قوى المقاومة في المنطقة وفرضها المعادلات الردعية، إنما يعود إلى الاستراتيجية التي بنيت على أساسها المقاومات الجديدة التي استفادة من تجربة المقاومات السابقة، واستخلصت الدروس والعبر من انتكاساتها وانجازاتها، ووضعت فلسفة ورؤية جديدة قامت على بناء مقاومة وفق رؤية استراتيجية تقوم على قناعة بأنه لا يمكن تحرير الارض المحتلة الا عبر المقاومة الشعبية المسلحة، والاستفادة من إيران الثورة التي شكلت سندا قويا دعم المقاومة في توجهها لبناء مقاومة وفق هذه الرؤية التحررية..
لا سبيل لتحرير الأرض وتحقيق الكرامة واستعادة الحقوق الوطنية الا عبر المقاومة المسلحة...
واليوم مقاومة الشعب الفلسطيني في الضفة تستلهم هذه الرؤية الاستراتيجية في نهوضها وتطوير قدراتها الذاتية بعد أن جرب الشعب الفلسطيني خيارات التسوية والمساومة مع الاحتلال ووجد أن لا سبيل لتحرير الأرض وتحقيق الكرامة واستعادة الحقوق الوطنية الا عبر المقاومة المسلحة، والتي اثبت التجربة انها اقل كلفة من نهج المساومة والرهان على خيار التفاوض مع العدو.. ولهذا فإننا نشهد تنامي لقوة قوى المنطقة التي يتشكل منها محور المقاومة في المنطقة بعد الانتصارات والانجازات التي حققها في مواجهة الاحتلالين الصهيوني والامريكي وادواتهما الارهابية، في لبنان وفلسطين وقطاع غزة والعراق وسورية واليمن..
** السلطة الفلسطينية بدت في معركة جنين هزيلة وهامشية وضائعة لا تدري ماذا تفعل.. ما هو مبرر بقاء هذه السلطة بعد كل ما جرى؟ وكيف يرضى قادتها ان يكونوا شهود زور وجيش الاحتلال يدمر القرى والمدن والمخيمات؟ اليس معيبا الحديث عن تنسيق امني مع جيش يمارس اقسى درجات التوحش والابادة ضد الشعب الفلسطيني؟
من الطبيعي ان تبدو السلطة الفلسطينية هزيلة ودورها هامشي خلال معركة جنين الاخيرة، لأنها راهنت على خيار التفاوض واتفاق أوسلو المشؤوم لإقامة دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس، وتخلت عن المقاومة المسلحة، وعن الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1948 عندما اعترفت بـ "اسرائيل" ..
وكانت النتيجة انها لم تحصل على شيء وتحولت إلى أداة واستطالة للاحتلال وظيفتها ملاحقة المقاومة واعتقالهم وإرشاد الاحتلال على أماكن تواجدهم، مما عزلها شعبيا وأثار نقمة الناس ضدها... وادى الى تهميش دورها، لصالح انحياز الجماهير الفلسطينية لقوى المقاومة المسلحة..
ولهذا أصبحت قيادة السلطة تتفرج على جرائم الاحتلال، والشيء الوحيد الذي تقوم به اصدار البيانات التي تستنكر وتدين ممارسات الاحتلال التعسفية والاستيطانية، أو اتخاذ قرار مؤقت، بلا خجل، بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، كما فعلت خلال العدوان الصهيوني على مخيم جنين، وذلك لامتصاص النقمة الشعبية ضدها واحتواء المعارضة القوية داخل حركة فتح التي طالبت قيادة السلطة في اجتماعها الاخير بالانسحاب من اتفاق أوسلو...
/انتهى/
تعليقك