وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: في ظل حرب الكيان الصهيوني وحلفائه على غزة، أثبت الغزّيٌون أنه لا شيء يُجبرهم على رفع راية الاستسلام.
الكيان المؤقت، وأميركا، والدول المتخاذلة معها، يريدون شريعة الغاب، سواء في فلسطين المحتلة، أو لبنان، أو اليمن، أو إيران. فهم لا يريدون أي حقيقة سوى النهب، والقتل، والرعب للشعوب.
الكيان المؤقت يقوم بسحق البشر والحجر، عبر هجوم وحشي متصاعد، وهم يقولون ذلك، والبلدان الغربية تؤيد هذه المحرقة، التي تُعد تطهيرًا عرقيًا مستمرًا منذ أكثر من 22 شهرًا.
العالم يشاهد عبر البث المباشر هذه الإبادة في غزة هاشم. ورغم كل هذا، لم تتخلَّ إيران عن القضية المركزية، قضية فلسطين، والسعي لتحريرها من رجس الاحتلال. وهي التي بنت علاقات وثيقة مع الفصائل الفلسطينية المقاومة، وقدمت لهم المساعدات على مختلف الصعد.
حول هذه العناوين وغيرها، أجرت مراسلتنا، الأستاذة وردة سعد، حوارا صحفياً مع مسؤول العلاقات اللبنانية في حركة الجهاد الإسلامي، الأستاذ محفوظ منور، وجاء نص الحوار على النحو التالي:
التصدي الإيراني للعدوان الصهيو-أميركي على الجمهورية الإسلامية شكّل علامة فارقة في إفشال المشروع الصهيوني للهيمنة على المنطقة وإدخالها في مؤامرة "السلام الإبراهيمي". هل ترى أن الانتصارات الإيرانية ستترك أثرها على مجريات الصراع في المنطقة؟ وهل ساعدت القوة الإيرانية في تعضيد الصمود الفلسطيني في مواجهة الاحتلال وحرب الإبادة؟
نستطيع أن نقول إن قدرة إيران على استيعاب الضربة الأولى، خاصة بعد استهداف القادة العسكريين من الصف الأول، كان من الممكن أن تترك ضررًا بالغًا، لولا سرعة التكليف وقيام القادة الجدد بمهامهم على أكمل وجه. هذا أفشل المخطط الرامي إلى شل الدولة بكل مؤسساتها، والسيطرة عليها من خلال أدواتهم وبعض الأطراف الإقليمية. وهذا بحد ذاته كان كفيلًا بإفشال بقية المخططات التي يُراد من خلالها السيطرة المطلقة على المنطقة. وحينها، لا أعتقد أنهم سيحتاجون إلى أي مبرر ديني أو اقتصادي، لأنهم سيفرضون أجندتهم بلا منازع.
الجميع يعلم أن ما تعرض له الكيان الصهيوني من ضربات عسكرية موجعة، لها تأثيرات على المدى المنظور، وحجم الخسائر كبير على المستويات العسكرية والاقتصادية والمعنوية. وهم يدرسون أن هذا الكيان لم يعد الدولة التي يمكن أن تفرض شروطها، باستثناء أولئك الذين رهنوا أنفسهم لأعداء الأمتين الإسلامية والعربية.
لا شك أن كل ضربة عسكرية للعدو فيها مصلحة لشعبنا ومقاومته، على الصعيد المعنوي والعملياتي، وهذا من شأنه أن يعزز مواجهة الاحتلال ويدعم المجاهدين في الميدان. مشاهدة الصواريخ الإيرانية تتساقط على كيان الاحتلال كانت محط فرح وسرور لأبناء غزة وعموم فلسطين.
حاول الرئيس الأميركي في بداية عهده أن يظهر وكأنه على خلاف مع رئيس وزراء كيان الاحتلال، إلا أنه في الفترة الأخيرة لم يُخفِ حرصه على حمايته شخصيًا من المحاكمة، عطفًا على حماية الكيان من السقوط. لماذا حصل هذا الانقلاب؟ وما حقيقة العلاقة التي تجمع بين الرجلين؟
بعض المتابعين يعتبرون أن ترامب ونتنياهو يُكملان بعضهما البعض، ولا يمكن أن يختلفا. لكنها اللعبة السياسية التي يتقنها كلٌّ منهما. شاهدنا الانقلاب الذي قام به نتنياهو على الهدنة التي تم الاتفاق عليها، ومسارعة ترامب لتحميل مسؤولية الفشل على حماس، ثم الغطاء السياسي في الأمم المتحدة، وإعادة تزويد كيان الاحتلال بالعتاد العسكري النوعي. كل ذلك يؤكد متانة العلاقة بينهما. وهذا ما جعل ترامب يتدخل فيما اعتبره متابعون تدخلًا غير مسبوق في تاريخ العلاقات الأميركية-الإسرائيلية. وهو سيفعل كل شيء لحماية شريكه المأزوم داخليًا، وعلى ضوء نتائج العدوان على غزة ولبنان وأخيرًا إيران. لا نستطيع أن نقول إنه انقلاب، ربما لمن لا يعرف طبيعة العلاقة بين الرجلين، المبنية على تحقيق المصالح. فكلٌّ منهما له مصلحة مع الآخر، وعليه نرى هذا التناغم بينهما، رغم بعض المشاهد أو الأقوال للرئيس الأميركي.
ما مدى تأثير الانتصار الإيراني في المعركة الأخيرة على معنويات الشعب الفلسطيني بشكل عام، وفصائل المقاومة، وخاصة الجهاد الإسلامي؟
لا شك أن تحقيق أي انتصار على الكيان الغاصب يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني ومقاومته. وعندما يأتي هذا الانتصار على يد الدولة الوحيدة التي تبنت الوقوف الصريح والصادق مع فلسطين وشعبها ومقاومتها، من خلال الدعم المباشر في تزويد المقاومة الفلسطينية بكل مستلزمات الصمود والمواجهة، ومساندة الشعب الفلسطيني وقضيته في المحافل الدولية، ستكون تأثيراته كبيرة.
هذا يؤكد مقولة المقاومة بأن الانتصار ممكن على هذا العدو، وأن هزيمته هي مسألة وقت ليس إلا. الانتصار الإيراني هو انتصار للمقاومة الفلسطينية بكل فصائلها، وله طعم خاص لحركة الجهاد، لأننا كنا على يقين أن ساعة المنازلة، إن وقعت، فإن إيران الإسلام لن تتردد لحظة في مواجهة العدو. ونحن نعتقد أن ساعة المنازلة الكبرى قادمة لا محالة، وحينها سيشهد العالم هزيمة هذا الكيان.
هناك أخبار متداولة عن احتمالية هدنة قريبة في غزة. ما تعليقكم على ذلك؟ وإلى أي مدى يمكن الوثوق بالأميركي والصهيوني، خاصة أنهم أساتذة في نقض العهود والمواثيق؟
الأساس بالنسبة لنا هو وقف العدوان على غزة ووقف الإبادة، ولكن وفق رؤية المقاومة. المرونة لا تعني التنازل، بل المناورة بالقدر المستطاع.
نحن ندرك أنهم لا عهود لهم. موقفنا واضح، وعلى الأطراف الوسيطة أن يكون لهم موقف. يجب ألا يخدعهم نتنياهو مرة أخرى. وأعتقد أنهم قادرون على استخدام أوراقهم الضاغطة على الكيان الصهيوني.
ترامب لديه فرصة للضغط على نتنياهو، وهو يسعى لجائزة نوبل للسلام. وأعتقد أنه قادر، إذا أراد، أن يوقف الحرب.
ما طبيعة علاقة الجهاد الإسلامي بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، خاصة أن هناك أصواتًا شاذة تحاول تشويه طبيعة هذه العلاقة في الرأي العام الإسلامي والعالمي؟
العلاقة بين حركة الجهاد الإسلامي والجمهورية الإسلامية مبنية على أخوة الإسلام، وعلى رفض الظلم والعبودية، ورفض القبول بأنصاف الحلول. عندما زار الأمين العام الشهيد فتحي الشقاقي، لمس بشكل مباشر صدقية واهتمام سماحة الإمام الخميني (رحمه الله) وقادة الثورة في إيران. أدرك أنه أمام علاقة حتمية بين ثورة منتصرة وثورة تسعى لتحقيق الانتصار. واستمرت العلاقة منذ ذلك التاريخ، وما زالت وستبقى إلى أن يتحقق النصر وتتحرر المنطقة والعالم من ضغوط وابتزاز أميركا وأداتها (إسرائيل).
كل الأصوات الشاذة لا تأثير لها في مسيرة الثورة والمقاومة. العلاقة واضحة مع إيران، والعاجزون عن تقديم الدعم للمقاومة في فلسطين لا يحق لهم الحديث.
نحن قلنا أكثر من مرة: تفضلوا وقدموا للمقاومة ما تقدمه إيران، ونحن سنقول لها: شكرًا لكل ما قدمتموه لنا من دعم. والتفتوا إلى الوضع الداخلي المعيشي لديكم.
إخواننا العرب سيتكفلون بالدعم، وإن لم يفعلوا، ولن يفعلوا، فعليهم أن يصمتوا إلى الأبد، لأننا شاهدنا صمتهم تجاه غزة، وكذلك شاهدنا فتح الطرقات ومدّ الاحتلال بكل ما يلزمه، حتى وهو يرتكب حرب الإبادة بحق أهلنا في غزة.
/انتهى/
تعليقك