١٥‏/٠٧‏/٢٠٢٥، ٣:١٧ م

ماذا يجري في "السويداء"؟ خطة تل أبيب-واشنطن لاجراء خطة الكماشة ضد الشعب السوري

ماذا يجري في "السويداء"؟ خطة تل أبيب-واشنطن لاجراء خطة الكماشة ضد الشعب السوري

تشير تطورات منطقة السويداء والأحداث المتعلقة بقوات سوريا الديمقراطية الكردية إلى مشروع الكماشة الذي تنتهجه الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لقمع الشعب السوري والسيطرة عليه.

وكالة مهر للأنباء، المجموعة الدولية: في ظل استمرار الاشتباكات في مدينة السويداء وفشل جهود الوساطة لحل النزاع، ودخول قوات أمنية تابعة لنظام أبو محمد الجولاني بحجة فضّ النزاعات، والتي تتزامن مع تحريض طائفي واسع النطاق في المنطقة، يبدو أن الصراع في سوريا قد دخل مرحلة جديدة.

في حين ادّعى نظام الجولاني في الساعات الأخيرة التوصل إلى وقف إطلاق نار في المنطقة وحلّ النزاع، امتدّ الهجوم المسلح الذي شنّته العشائر البدوية في منطقة درعا في الأيام الأخيرة من الأطراف الغربية لمنطقة السويداء إلى مناطق أخرى من المحافظة، واتخذ شكلاً ممنهجاً ومتماسكاً. يأتي هذا في ظلّ انتشار قواتٍ عديدةٍ تابعةٍ لوزارة الدفاع والداخلية السورية، مُزوّدةً بأسلحةٍ ثقيلةٍ وطائراتٍ مُسيّرة، لتوسيع نفوذها في هذه المنطقة. كما تُشير هجماتُ الكيان الصهيوني على هذه المناطق إلى أن ادعاءَ حكومةِ الجولاني بوقف إطلاق النار بعيدٌ عن حقيقةِ التطوراتِ في المنطقة. هذا في حين سرعان ما انكشفَ زيفُ هذا الادعاءِ بتصريحِ الدروزِ بأنهم لن يستسلموا للقوةِ والضغط.

وأفادت مصادرُ محليةٌ في السويداء لصحيفةِ الأخبارِ أن الوضعَ في مناطقَ أخرى من المحافظة، وخاصةً طريقَ الاتصالِ مع دمشقَ عبرَ المسمية، قد أصبحَ متوتراً أيضاً، حيثُ حوصرت قرى الضواحي الغربية بشكلٍ كامل، وانقطعت المساعداتُ الطبيةُ والإنسانيةُ عن هذه المناطق، وغادرَ العديدُ من سكانِ المناطقِ المذكورةِ المنطقةَ بعدَ أضرارٍ جسيمةٍ لحقت بمنازلهم ومزارعهم نتيجةَ الهجماتِ الصاروخية.

رغم ادعاء الحكومة السورية سعيها لتهدئة الأزمة، إلا أن استخدامها الاسلحة الثقيلة يُظهر أن لواء جولاني لا يسعى لتهدئة التوترات في المنطقة والتوصل إلى حل يُرضي أهاليها. حاليًا، تتجه مدرعات جولاني نحو المناطق الحدودية، بما فيها الثعلة، وهي مناطق يُهدد سكانها بهجمات مسلحة من الجبهتين الشمالية والجنوبية الغربية. ويقول أحد سكان المنطقة إن قوات حكومة جولاني انتشرت في منطقة عسكرية قرب المطار، وبدأت بقصف مدفعي على منازل المدنيين في المنطقة.

مساعٍ أمريكية-صهيونية لتقسيم سوريا

بحسب صحيفة الأخبار، وبالنظر إلى التطورات خلف الكواليس في سوريا، وخاصة في منطقة السويداء، يبدو أن واشنطن وتل أبيب تسعيان لتقسيم سوريا من خلال استغلال الظروف الإقليمية والابتزاز الطائفي، لاستغلال هذه الورقة لصالحهما عند الحاجة.

تحاول تل أبيب توسيع نفوذها تدريجيًا في هذه المنطقة وربط الجماعات المتفرقة فيها بمصالحها الوجودية، مما يعني خلق حقل ألغام في الساحة السياسية السورية يمكن استخدامها عند الضرورة.

إن السياسة المنفتحة غير المسبوقة للولايات المتحدة تجاه سيادة الجولان، الذي كان مُدرجًا سابقًا كعنصر إرهابي على القائمة الأمريكية للحركات الإرهابية، مشروطة بعدة بنود، منها حياد سوريا في الصراعات الإقليمية، وتقديم التنازلات اللازمة لإسرائيل في احتلال أراضي الجولان في هذا البلد والانسحاب من المعادلات المستقبلية في المنطقة، بالإضافة إلى احتلال مساحات واسعة من جنوب سوريا. ويُعدّ استمرار الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية شرطًا آخر من شروط الولايات المتحدة لسياستها المنفتحة تجاه السيادة الجديدة لسوريا.

وفي هذا الصدد، بدأ الكيان الصهيوني بتعميق علاقاته مع بعض الشخصيات الدرزية بذريعة دعم الدروز في سوريا.

وقد برزت التطورات في سوريا عقب لقاءات مباشرة بين مسؤولين سوريين وصهاينة في باكو، عاصمة جمهورية أذربيجان. اجتماعاتٌ أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية حضور أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) فيها، لكن مصادر إعلامية سورية تنفي ذلك.

كما أفادت مصادر سورية بعقد اجتماعاتٍ تهدف إلى التوصل إلى اتفاقيات أمنية مع الكيان الإسرائيلي، ما يعني إعطاء الجماعات المسلحة الضوء الأخضر لمهاجمة السويداء. وتعلن مصادر إسرائيلية أنها تراقب التطورات في سوريا عن كثب، وأنها، باستثناء بعض الغارات الجوية التي استهدفت دبابات سورية، لن تتدخل ميدانياً في هذه التطورات. ويؤكد الإسرائيليون استعدادهم لدعم سكان هذه المدينة إذا طلبوا ذلك.

في حين بدأت عناصر تابعة لوزارة الدفاع السورية عمليات قتل وتدمير وحرق وسرقة ممتلكات المواطنين في السويداء، يبدو أن التوترات الطائفية قد اشتدت أيضاً بين العناصر المهاجمة.

تتوافق هذه الظروف مع المواقف الأمريكية التي تدّعي التقارب مع الحكومة السورية، في حين أن الأمريكيين تربطهم علاقة قوية بقوات سوريا الديمقراطية ويعتبرون أنفسهم داعمين لها.

في ظل هذه الظروف، وصلت قضية قوات سوريا الديمقراطية أيضًا إلى طريق مسدود، حيث تقترح هذه القوات شروطًا قائمة على فدرلة السيادة وضمان وجود قواتها كفصيل واحد.

في ظل هذه الظروف، يبدو أن صراع السويداء يتجه نحو نهاية كارثية، ويبدو إجمالًا أنه تم التوصل إلى اتفاق أمريكي-صهيوني مع حكومة الجولاني في سوريا بشأن هذه الصراعات. وإلا، فإن دخول هذا العدد الكبير من القوات السورية بعتادها الثقيل إلى هذه المنطقة لن يؤدي إلا إلى قتل الناس على نطاق واسع.

خاتمة

في ظل تقارب قوات سوريا الديمقراطية مع الولايات المتحدة، وسعي القوات الدرزية السورية لإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني، يبدو أن بناء سوريا موحدة يواجه تحديًا جوهريًا، وأن واشنطن وتل أبيب، بعيدًا عن الخطاب الإعلامي والدعاية، تواصلان سياساتهما الاستعمارية القديمة. في ظل هذه الظروف، ستواجه سوريا دائمًا خطر التفكك، وستكون هناك إمكانية لتنفيذ تفكيكها متى شاءت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني.

وهذا لا يتناقض مع ادعاء الحكومة السورية بأن الصراع في السويداء قد تم حله، لأنه بغض النظر عن إنكار الدروز لوقف إطلاق النار في سوريا، فحتى لو تم قمع هذه الصراعات ظاهريًا، فإن التوتر في هذه المنطقة سيبقى مستعرًا، ليتم استخدامه كوسيلة للضغط على حكومة البلاد إذا لزم الأمر.

/انتهى/

رمز الخبر 1960607

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha