١٣‏/٠٧‏/٢٠٢٤، ١١:١٩ ص

في مقال بعنوان "رسالتي الى العالم الجديد"؛

الرئيس الايراني المنتخب يوضح رؤيته المستقبلية في السياسة الخارجية والعلاقات مع دول العالم

الرئيس الايراني المنتخب يوضح رؤيته المستقبلية في السياسة الخارجية والعلاقات مع دول العالم

من خلال نشر مقال في صحيفة طهران تايمز بعنوان "رسالتي إلى العالم الجديد"، أوضح الرئيس الايراني المنتخب، مسعود بزشكيان نهجه في العلاقات مع دول المنطقة، وأفريقيا، والصين، وروسيا، وأوروبا وأميركا.

وأفادت وكالة مهر للأنباء، انه كتب الرئيس الإيراني المنتخب، مسعود بزشكيان، مقالاً في صحيفة "طهران تايمز" الإيرانية، بعنوان "رسالتي إلى العالم الجديد"، تحدّث فيه عن نهجه ورؤيته المستقبلية في السياسة الخارجية والعلاقات مع دول العالم. وفيما يلي ترجمة النص الكامل للمقال:

في خضم الحرب والاضطرابات في منطقتنا، أظهر النظام السياسي الإيراني استقراراً ملحوظاً من خلال إجراء الانتخابات بطريقة تنافسية وسلمية ومنظمة، مما أدى الى دحض مزاعم بعض خبراء الشؤون الايرانية في بعض الحكومات. انّ هذا الاستقرار السياسي واسلوب اجراء الانتخابات الزاخر بالفخر يؤكد فطنة قائد الثورة الإسلامية آية الله الخامنئي، وتفاني الشعب الإيراني في الانتقال الديمقراطي للسلطة، حتى في الظروف الصعبة.

لقد ترشحت لمنصب رئاسة الجمهورية على أساس برنامج الإصلاح، وتعزيز الوحدة الوطنية، والمشاركة البناءة مع العالم، وفي نهاية المطاف حصلت على ثقة مواطني بلدي في صناديق الاقتراع، بما في ذلك الشباب والفتيات غير الراضين عن الوضع العام للأمور. إنني أقدر بشدة ثقتهم وأنا ملتزم تمامًا بتعزيز الإجماع، على المستويين المحلي والدولي، للوفاء بالوعود التي قطعتها خلال حملتي الانتخابية.

تقوم السياسة الخارجية الايرانية على مبدأ الكرامة والحكمة

وأود أن أؤكد أن إدارتي ستسترشد بالالتزام بالحفاظ على كرامة إيران الوطنية ومكانتها الدولية في جميع الظروف. تقوم السياسة الخارجية الإيرانية على مبادئ "الكرامة والحكمة والحصافة"، وتقع مسؤولية صياغة وتنفيذ سياسة الدولة هذه على عاتق الرئيس والحكومة. وأعتزم الاستفادة من كل السلطات الممنوحة لمكتبي لتحقيق هذا الهدف الشامل.

ومن هذا المنطلق، فإن إدارتي سوف تنتهج سياسة تعتمد على الفرص من خلال خلق التوازن في العلاقات مع كافة البلدان، بما يتفق مع مصالحنا الوطنية، وتنميتنا الاقتصادية، ومتطلبات السلام والأمن الإقليميين والعالميين. وبناء على ذلك، فإننا سنرحب بالجهود المخلصة لتخفيف التوترات وسنقابل حسن النية بحسن النية.

سأعطي الاولوية لتعزيز العلاقات مع جيراننا

وفي ظل إدارتي، سنعطي الأولوية لتعزيز العلاقات مع جيراننا. وسوف نؤيد إنشاء "منطقة قوية" بدلاً من منطقة تسعى فيها دولة واحدة إلى الهيمنة والسلطة على الدول الأخرى. وأعتقد اعتقادا راسخا أن الدول المجاورة والشقيقة لا ينبغي لها أن تهدر مواردها القيمة على المنافسات التآكلية، أو سباقات التسلح، أو الاحتواء غير المبرر لبعضها البعض. وبدلا من ذلك، سوف نهدف إلى خلق بيئة يمكن من خلالها تكريس مواردنا لتحقيق التقدم والتنمية في المنطقة لصالح الجميع.

ونحن نتطلع إلى التعاون مع تركيا والمملكة العربية السعودية وعمان والعراق والبحرين وقطر والكويت والإمارات العربية المتحدة والمنظمات الإقليمية لتعميق علاقاتنا الاقتصادية وتعزيز العلاقات التجارية وتشجيع الاستثمار في المشاريع المشتركة ومعالجة التحديات المشتركة، وسنتحرك نحو إنشاء إطار إقليمي للحوار وبناء الثقة والتنمية. لقد ابتليت منطقتنا لفترة طويلة بالحروب، والصراعات الطائفية، والإرهاب والتطرف، وتهريب المخدرات، وندرة المياه، وأزمات اللاجئين، والتدهور البيئي، والتدخل الأجنبي. لقد حان الوقت لمعالجة هذه التحديات المشتركة لصالح الأجيال القادمة. وسيكون التعاون من أجل التنمية والرخاء الإقليميين هو المبدأ الموجه لسياستنا الخارجية.

وباعتبارنا أمم تتمتع بموارد وفيرة وتقاليد مشتركة متجذرة في التعاليم الإسلامية السلمية، يجب علينا أن نتحد ونعتمد على قوة المنطق بدلا من منطق القوة. ومن خلال الاستفادة من نفوذنا المعياري، يصبح بوسعنا أن نلعب دوراً حاسماً في النظام العالمي الناشئ في مرحلة ما بعد القطبية من خلال تعزيز السلام، وخلق بيئة هادئة تفضي إلى التنمية المستدامة، وتعزيز الحوار، وتبديد الإسلاموفوبيا. وإيران مستعدة للقيام بنصيبها العادل في هذا الصدد.

سأعمل على وقف المذبحة في غزة ومنع اتساع الحرب

في عام 1979، في أعقاب الثورة الاسلامية، قامت الجمهورية الإسلامية الايرانية المنشأة حديثاً، بدافع من احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان الأساسية، بقطع العلاقات مع نظامي الفصل العنصري، هما إسرائيل وجنوب أفريقيا. ولا تزال إسرائيل نظام فصل عنصري حتى يومنا هذا، وتضيف الآن "الإبادة الجماعية" إلى سجل شابه بالفعل الاحتلال، وجرائم الحرب، والتطهير العرقي، وبناء المستوطنات، وحيازة الأسلحة النووية، والضم غير القانوني، والعدوان على جيرانها.

وكإجراء أول، سوف تحث إدارتي الدول العربية المجاورة لنا على التعاون والاستفادة من جميع النفوذ السياسي والدبلوماسي لإعطاء الأولوية لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار في غزة بهدف وقف المذبحة ومنع اتساع نطاق الصراع. ويجب علينا بعد ذلك أن نعمل بجد لإنهاء الاحتلال الذي طال أمده والذي دمر حياة أربعة أجيال من الفلسطينيين. وفي هذا السياق، أود التأكيد على أن جميع الدول لديها واجب ملزم بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 باتخاذ التدابير اللازمة لمنع الإبادة الجماعية؛ وعدم مكافأته من خلال تطبيع العلاقات مع مرتكبيه.

لقد أدركت الدول الغربية صحة موقفنا المستمر منذ عقود تجاه الكيان الصهيوني... أود أن أغتنم هذه الفرصة لأقول لهذا الجيل الشجاع إننا نعتبر ادعاءات معاداة السامية ضد إيران بسبب موقفها المبدئي بشأن القضية الفلسطينية ليست كاذبة بشكل واضح فحسب، بل إنها أيضًا إهانة لثقافتنا ومعتقداتنا وقيمنا الأساسية. وتأكدوا من أن هذه الاتهامات سخيفة تمامًا مثل الادعاءات الظالمة بمعاداة السامية الموجهة إليكم أثناء احتجاجكم في الحرم الجامعي للدفاع عن حق الفلسطينيين في الحياة.

علاقاتنا مع روسيا والصين استراتيجية

لقد وقفت الصين وروسيا إلى جانبنا باستمرار خلال الأوقات الصعبة. ونحن نقدر بشدة هذه الصداقة. وتمثل خارطة الطريق التي مدتها 25 عاما مع الصين معلما هاما نحو إقامة "شراكة استراتيجية شاملة" ذات منفعة متبادلة، ونحن نتطلع إلى التعاون على نطاق أوسع مع بكين بينما نتقدم نحو نظام عالمي جديد. وفي عام 2023، لعبت الصين دورًا محوريًا في تسهيل تطبيع علاقاتنا مع المملكة العربية السعودية، وعرضت رؤيتها البناءة ونهجها التقدمي في الشؤون الدولية.

إن روسيا حليف استراتيجي وجار لإيران وستظل إدارتي ملتزمة بتوسيع وتعزيز تعاوننا. ونحن نسعى جاهدين من أجل السلام لشعبي روسيا وأوكرانيا، وسوف تقف حكومتي على استعداد لتقديم الدعم النشط للمبادرات الرامية إلى تحقيق هذا الهدف. وسأواصل إعطاء الأولوية للتعاون الثنائي والمتعدد الأطراف مع روسيا، وخاصة ضمن أطر مثل مجموعة البريكس، ومنظمة شنغهاي للتعاون، والاتحاد الاقتصادي الأوراسي.

وإدراكاً لحقيقة أن المشهد العالمي قد تطور إلى ما هو أبعد من الديناميكيات التقليدية، فإن حكومتي ملتزمة بتعزيز العلاقات المتبادلة المنفعة مع اللاعبين الدوليين الناشئين في الجنوب العالمي، وخاصة مع الدول الأفريقية. وسنسعى جاهدين لتعزيز جهودنا التعاونية وتعزيز شراكاتنا لتحقيق المنفعة المتبادلة لجميع المعنيين.

علاقات إيران مع أمريكا اللاتينية راسخة

إن علاقات إيران مع أمريكا اللاتينية راسخة، وسيتم الحفاظ عليها بشكل وثيق وتعميقها لتعزيز التنمية والحوار والتعاون في جميع المجالات. إن إمكانات التعاون بين إيران ودول أمريكا اللاتينية أكبر بكثير مما يتم تحقيقه حاليًا، ونحن نتطلع إلى مواصلة تعزيز علاقاتنا.

عرفت علاقات إيران مع أوروبا فترات صعود وهبوط. بعد انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) في مايو 2018، قدمت الدول الأوروبية أحد عشر التزامًا لإيران محاولة لإنقاذ الاتفاقية والتخفيف من تأثير العقوبات غير القانونية والأحادية التي فرضتها الولايات المتحدة على اقتصادنا. وتضمنت هذه الالتزامات ضمان المعاملات المصرفية الفعالة، والحماية النشطةة للشركات من العقوبات الأمريكية، وتشجيع الاستثمارات في إيران. لقد تراجعت الدول الأوروبية عن كل هذه الالتزامات، لكنها تتوقع بشكل غير معقول أن تفي إيران بجميع التزاماتها من جانب واحد بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة.

أتطلع للدخول في حوار بنّاء مع دول أوروبا

وعلى الرغم من هذه الأخطاء، فإنني أتطلع إلى الدخول في حوار بناء مع الدول الأوروبية لوضع علاقاتنا على المسار الصحيح، على أساس مبادئ الاحترام المتبادل والمساواة. ويتعين على الدول الأوروبية أن تدرك أن الإيرانيين شعب فخور ولم يعد من الممكن التغاضي عن حقوقه وكرامته. هناك العديد من مجالات التعاون التي يمكن لإيران وأوروبا استكشافها بمجرد أن تتصالح القوى الأوروبية مع هذا الواقع وتضع جانباً التفوق الأخلاقي المقترن بالأزمات المصطنعة التي ابتليت بها علاقاتنا لفترة طويلة. تشمل فرص التعاون، الاقتصاد وتكنولوجيا، وأمن الطاقة، والممرات والبيئة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات، وأزمات اللاجئين، وغيرها من المجالات، والتي يمكن متابعتها جميعها لصالح دولنا.

على امريكا ان تفهم أن إيران لم ولن تخضع للضغوطات

يتعين على الولايات المتحدة أيضاً أن تعترف بالواقع وأن تفهم، مرة واحدة وإلى الأبد، أن إيران لم ولن تخضع للضغوطات. لقد دخلنا في خطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2015 بحسن نية وقمنا بالوفاء بالتزاماتنا بالكامل. لكن الولايات المتحدة انسحبت بشكل غير قانوني من الاتفاقية بدافع الخلافات الداخلية البحتة والانتقام، مما ألحق أضرارًا بمئات المليارات من الدولارات باقتصادنا، وتسبب في معاناة وموت ودمار لا يوصف للشعب الإيراني - خاصة خلال جائحة كوفيد - من خلال فرض عقوبات أحادية تتجاوز الحدود الإقليمية.

لقد اختارت الولايات المتحدة عمداً تصعيد الأعمال العدائية ليس فقط من خلال شن حرب اقتصادية ضد إيران، بل أيضاً من خلال الانخراط في إرهاب الدولة من خلال اغتيال الجنرال الشهيد قاسم سليماني، البطل العالمي في مكافحة الإرهاب المعروف بنجاحه في إنقاذ شعوب منطقتنا من ويلات داعش. وغيرها من الجماعات الإرهابية الشرسة. واليوم، يشهد العالم العواقب الضارة لهذا الاختيار.

إن الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين لم يهدروا فرصة تاريخية لخفض وإدارة التوترات في المنطقة والعالم فحسب، بل قاموا أيضاً بتقويض اتفاق عدم الانتشار بشكل خطير، لأنها أظهرت أن تكاليف الالتزام بمبادئ عدم الانتشار يمكن أن تكون أكبر من فوائدها المحتملة. في الواقع ان الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين اساؤوا استخدام نظام حظر الانتشار النووي -خلافا لتقييمات اجهزتها الاستخبارية- بهدف فبركة أزمة تتعلق بالبرنامج النووي السلمي الإيراني، واستخدامها لممارسة الضغط المستمر على شعبنا.

في الوقت نفسه، دعموا بنشاط ودون تردد إسرائيل - نظام الفصل العنصري العدواني الذي ليس عضواً في معاهدة حظر الانتشار النووي، والذي يمتلك، وفقاً لكل الأدلة، أسلحة نووية. اريد التاكيد مرة اخرى أنّ العقيدة الدفاعية الايرانية لا تتضمّن الأسلحة النووية وادعو الولايات المتحدة للتعلّم من أخطاء الماضي واتخاذ سياسة جديدة وفقاً لذلك.

يجب أن يدرك صنّاع القرار في واشنطن أنّ السياسة التي تقوم على تحريض الدول الإقليمية ضدّ بعضها البعض لم تنجح، ولن تنجح في المستقبل ايضا، وعليهم ان يقبلوا واقع ايران ويتجنّبوا تصعيد التوترات الحالية.

وفي الختام أوكد لقد أوكل إليّ الشعب الإيراني تفويضاً قوياً لمواصلة التعامل البنّاء على الساحة الدولية مع الإصرار على حقوقنا وكرامتنا ودورنا المستحق في المنطقة والعالم. وأود أن أوجّه الدعوةً إلى كل أولئك الراغبين في الانضمام إلينا في هذا المسعى التاريخي.

/انتهى/

رمز الخبر 1946447

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha